الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُذْرِ مِنْ جَانِبِهَا لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْحَدِّ مِنْ جَانِبِهِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئَهَا. (1)
3 -
أَنْ يَكُونَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْفِعْل عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ:
13 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ شَرْطٌ فِي حَدِّ الزِّنَى. فَإِنْ كَانَ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْفِعْل غَيْرَ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِ الزِّنَى لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِْسْلَامِ أَوْ بُعْدِهِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا لَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ دَارِ الإِْسْلَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ. وَلِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلاً زَنَى بِالْيَمَنِ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " إِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الزِّنَى فَاجْلِدُوهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ فَعَلِّمُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ عَذَرَ رَجُلاً زَنَى بِالشَّامِ وَادَّعَى الْجَهْل بِتَحْرِيمِ الزِّنَى. وَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا عَذَرَا جَارِيَةً زَنَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةً وَادَّعَتْ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ
(1) بدائع الصنائع 7 / 34 دار الكتاب العربي 1982 م، حاشية ابن عابدين 3 / 156، 157 دار إحياء التراث العربي، شرح فتح القدير 5 / 50 دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي 4 / 314، 315، دار الفكر، شرح روض الطالب 4 / 128 المكتبة الإسلامية، كشاف القناع 6 / 98 عالم الكتب 1983 م، مطالب أولي النهى 6 / 186 ط المكتب الإسلامي 1961 م.
التَّحْرِيمَ. وَلأَِنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بَعْدَ الْعِلْمِ.
وَقَدْ أَوْضَحَ ابْنُ عَابِدِينَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَا تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل بِالتَّحْرِيمِ إِلَاّ مِمَّنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ أَمَارَةُ ذَلِكَ، بِأَنْ نَشَأَ وَحْدَهُ فِي شَاهِقٍ، أَوْ بَيْنَ قَوْمٍ جُهَّالٍ مِثْلِهِ لَا يَعْلَمُونَ تَحْرِيمَهُ، أَوْ يَعْتَقِدُونَ إِبَاحَتَهُ، إِذْ لَا يُنْكَرُ وُجُودُ ذَلِكَ. فَمَنْ زَنَى وَهُوَ كَذَلِكَ فِي فَوْرِ دُخُولِهِ دَارَنَا لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَا يُحَدُّ، إِذِ التَّكْلِيفُ بِالأَْحْكَامِ فَرْعُ الْعِلْمِ بِهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَل قَوْل مَنِ اشْتَرَطَ الْعِلْمَ بِالتَّحْرِيمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ نَقْل الإِْجْمَاعِ بِخِلَافِ مَنْ نَشَأَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي دَارِ أَهْل الْحَرْبِ الْمُعْتَقِدِينَ حُرْمَتَهُ، ثُمَّ دَخَل دَارَنَا فَإِنَّهُ إِذَا زَنَى يُحَدُّ وَلَا يُقْبَل اعْتِذَارُهُ بِالْجَهْل.
وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِجَهْل الْعُقُوبَةِ إِذَا عُلِمَ التَّحْرِيمُ، (1) لِحَدِيثِ مَاعِزٍ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَجْمِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَال فِي أَثْنَاءِ رَجْمِهِ رُدُّونِي إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي غَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ قَاتِلِي. (2)
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 142، دار إحياء التراث العربي، شرح فتح القدير 5 / 39، دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي 4 / 316 دار الفكر، مغني المحتاج 4 / 146 دار إحياء التراث العربي، كشاف القناع 6 / 97 عالم الكتب 1983 م.
(2)
حديث ماعز في قصة رجمه وقوله: " ردوني. . . " أخرجه أبو داود (4 / 576 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث جابر بن عبد الله وإسناده حسن.