الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَوْنُ الْمَوْطُوءَةِ امْرَأَةً:
24 -
اشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي حَدِّ الزِّنَى أَنْ تَكُونَ الْمَوْطُوءَةُ امْرَأَةً. فَلَا حَدَّ عِنْدَهُ فِيمَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُسْجَنُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ، وَلَوِ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ قَتَلَهُ الإِْمَامُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مِحْصَنٍ سِيَاسَةً. أَمَّا الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ شَرْعًا فَلَيْسَ حُكْمًا لَهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِزِنًى وَلَا فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حَدٌّ.
وَلَمْ يَشْتَرِطْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ هَذَا الشَّرْطَ، فَذَهَبَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ الزِّنَى عَلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ جَلْدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ، وَرَجْمًا إِنْ أُحْصِنَ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُمَا يُرْجَمَانِ حَدًّا أُحْصِنَا أَمْ لَا. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْفَاعِل. أَمَّا الْمَفْعُول بِهِ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ؛ لأَِنَّ الْمَحَل لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إِحْصَانٌ. (1)
(1) شرح فتح القدير 5 / 43، والكفاية على الهداية بذيل الفتح 5 / 43 وما بعدها دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 3 / 155، دار إحياء التراث العربي، وحاشية الدسوقي 4 / 314 - 320 دار الفكر، مغني المحتاج 4 / 144 دار إحياء التراث العربي، كشاف القناع 6 / 94 عالم الكتب 1983 م.
وَطْءُ الْبَهِيمَةِ:
25 -
ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ أَتَى بَهِيمَةً لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَال: مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ (1) . وَمِثْل هَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَاّ عَنْ تَوْقِيفٍ، وَلأَِنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَأْبَاهُ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى زَجْرٍ بِحَدٍّ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ: إِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَى وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ آخَرُ: بِأَنَّهُ يُقْتَل مُطْلَقًا مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ.
وَمِثْل وَطْءِ الْبَهِيمَةِ مَا لَوْ مَكَّنَتِ امْرَأَةٌ حَيَوَانًا مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى وَطِئَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بَل تُعَزَّرُ.
وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ) أَنَّهُ لَا تُقْتَل الْبَهِيمَةُ، وَإِذَا قُتِلَتْ فَإِنَّهَا يَجُوزُ أَكْلُهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَمَنَعَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَكْلَهَا. وَقَالَا: تُذْبَحُ وَتُحْرَقُ. وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا حَيَّةً وَمَيِّتَةً.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْبَهِيمَةَ تُقْتَل سَوَاءٌ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَأْكُولَةً أَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ. وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا قَال: مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ
(1) أثر ابن عباس: " من أتى بهيمة فلا حد عليه " أخرجه ابن أبي شيبة (10 / 5 - ط الدار السلفية - بمبي) .