الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زِيَارَةُ الْقُبُورِ
حُكْمُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ:
1 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ تُنْدَبُ لِلرِّجَال زِيَارَةُ الْقُبُورِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالآْخِرَةِ، (1) وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْبَقِيعِ لِزِيَارَةِ الْمَوْتَى وَيَقُول: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ. وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: أَسْأَل اللَّهَ لِي وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ. (2)
أَمَّا النِّسَاءُ، فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ تُكْرَهُ زِيَارَتُهُنَّ لِلْقُبُورِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ (3) . وَلأَِنَّ النِّسَاءَ فِيهِنَّ رِقَّةُ قَلْبٍ، وَكَثْرَةُ جَزَعٍ، وَقِلَّةُ احْتِمَالٍ لِلْمَصَائِبِ، وَهَذَا مَظِنَّةٌ
(1) حديث: " إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور. . . " أخرجه مسلم (2 / 672 - ط الحلبي) وأحمد (3 / 355 - ط الحلبي) واللفظ له.
(2)
حديث: " خروجه صلى الله عليه وسلم إلى البقيع ". أخرجه مسلم (2 / 669، 671 - ط الحلبي) .
(3)
حديث: " لعن الله زورات القبور ". أخرجه الترمذي (3 / 362 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن صحيح.
لِطَلَبِ بُكَائِهِنَّ، وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِنَّ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ - إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلنِّسَاءِ زِيَارَةُ الْقُبُورِ كَمَا يُنْدَبُ لِلرِّجَال، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ (1) الْحَدِيثُ.
وَقَال الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِتَجْدِيدِ الْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّدْبِ وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ فَلَا تَجُوزُ، وَعَلَيْهِ حُمِل حَدِيثُ لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ. وَإِنْ كَانَ لِلاِعْتِبَارِ وَالتَّرَحُّمِ مِنْ غَيْرِ بُكَاءٍ، وَالتَّبَرُّكِ بِزِيَارَةِ قُبُورِ الصَّالِحِينَ فَلَا بَأْسَ - إِذَا كُنَّ عَجَائِزَ - وَيُكْرَهُ إِذَا كُنَّ شَوَابَّ، كَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُكْرَهُ زِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلنِّسَاءِ، لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا (2) فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُنَّ مُحَرَّمٌ، حَرُمَتْ زِيَارَتُهُنَّ الْقُبُورَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَل قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ.
قَالُوا: وَإِنِ اجْتَازَتِ امْرَأَةٌ بِقَبْرٍ فِي طَرِيقِهَا فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ وَدَعَتْ لَهُ فَحَسَنٌ؛ لأَِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ لِذَلِكَ.
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْكَرَاهَةِ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُنَّ زِيَارَتُهُ، وَكَذَا قُبُورُ الأَْنْبِيَاءِ غَيْرِهِ
(1) حديث: " إني كنت نهيتكم. . . " تقدم تخريجه ف / 1.
(2)
حديث: " نهينا عن اتباع الجنائز. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 144 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 646 ط عيسى الحلبي) من حديث أم عطية.