الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلَاةِ عَلَى السَّجَّادَةِ؛ لأَِنَّ الصَّلَاةَ تَكُونُ عَلَيْهَا لَا إِلَيْهَا (1) .
سُتْرَةُ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِلْمَأْمُومِينَ:
11 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ تَكْفِي الْمَأْمُومِينَ سَوَاءٌ أَصَلَّوْا خَلْفَهُ أَمْ بِجَانِبَيْهِ. فَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتَّخِذَ سُتْرَةً (2) . وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالأَْبْطُحِ إِلَى عَنَزَةٍ رُكِزَتْ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ. (3)
وَاخْتَلَفُوا: هَل سُتْرَةُ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ هِيَ سُتْرَةٌ لَهُ خَاصَّةً وَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، فَفِي أَكْثَرِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ
(1) مراقي الفلاح والطحطاوي عليها ص 201، ومغني المحتاج 1 / 200، نهاية المحتاج 2 / 50، والدسوقي 1 / 246 وما بعدها، والقليوبي 1 / 192، وشرح منتهى الإرادات 1 / 202 وما بعدها.
(2)
مراقي الفلاح ص 201، وابن عابدين 1 / 428، والدسوقي 1 / 245، وكشاف القناع 1 / 383، 384، وشرح منتهى الإرادات 1 / 202، 203.
(3)
حديث: " صلى بالأبطح إلى عنزة ركزت له ولم يكن للقوم سترة ". ورد عن أبي جحيفة قال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة - الظهر ركعتين والعصر ركعتين - تمر بين يديه المرأة والحمار ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 573 - ط السلفية) ومسلم (1 / 361 - ط الحلبي) . وقال العيني في البناية (2 / 439 - ط دار الفكر) : (قوله: ولم يكن للقوم سترة، ليس هذا في الحديث) . والعنزة: عصا أقصر من الرمح ولها زج أي حديدة في أسفلها.
لِمَنْ خَلْفَهُ. وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ (1) . قَال بَعْضُهُمْ: الْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَقَال آخَرُونَ: الْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَلَهُ ثَمَرَةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الإِْمَامُ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا نُقِل عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ يُمْتَنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الإِْمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ؛ لأَِنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ فِيهِمَا، وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَالصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ لأَِنَّهُ قَدْ حَال بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَهُوَ الصَّفُّ الأَْوَّل، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ سُتْرَةَ الإِْمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ كَمَا يَقُول عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرُهُ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الأَْوَّل وَالإِْمَامِ لِوُجُودِ الْحَائِل وَهُوَ الإِْمَامُ. قَال الدُّسُوقِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْل مَالِكٍ (2) .
الْمُرُورُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ:
12 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُرُورَ وَرَاءَ السُّتْرَةِ لَا يَضُرُّ، وَأَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَيَأْثَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ
(1) الشرح الصغير للدردير 1 / 334، والطحطاوي ص 201، وكشاف القناع 1 / 383، 384.
(2)
الدسوقي 1 / 245، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 1 / 334، 335، والحطاب 1 / 533، 535، وانظر المغني 2 / 237، 238.
يَدَيْهِ. (1)
وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي آثِمٌ وَلَوْ لَمْ يُصَل إِلَى سُتْرَةٍ (2) . وَذَلِكَ إِذَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقُرْبِ. قَال بَعْضُهُمْ: ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَل (3) . أَوْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ (4) . وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا مَشَى إِلَيْهِ، وَدَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا تُبْطِل صَلَاتَهِ (5) . وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُرُورُ مِنْ مَوْضِعِ قَدَمِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ قَدْرُ مَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى الْمَارِّ لَوْ صَلَّى بِخُشُوعٍ، أَيْ رَامِيًا بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ (6) .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ الإِْثْمَ بِمَا إِذَا مَرَّ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي مَنْ كَانَتْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ أَيْ سَعَةُ الْمُرُورِ بَعِيدًا عَنْ حَرِيمِ الْمُصَلِّي، وَإِلَاّ فَلَا إِثْمَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَنْ يَطُوفُ
(1) حديث: " لو يعلم المار بين يدي المصلي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 584 - ط السلفية) ومسلم (1 / 363 - ط الحلبي) من حديث أبي جهيم، وقوله:" من الإثم " ورد في إحدى [روايات] البخاري كما قال ابن حجر في شرحه (1 / 585) .
(2)
ابن عابدين 1 / 428، وجواهر الإكليل 1 / 50، والمغني 2 / 245، 253.
(3)
مغني المحتاج 1 / 200، 201، وكشاف القناع 1 / 383، ونهاية المحتاج 2 / 53.
(4)
جواهر الإكليل 1 / 50، وابن عابدين 1 / 426، نهاية المحتاج 2 / 53.
(5)
المغني 2 / 254.
(6)
ابن عابدين 1 / 426.
بِالْبَيْتِ وَقَالُوا: يَأْثَمُ مُصَلٍّ تَعَرَّضَ بِصَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ فِي مَحَلٍّ يَظُنُّ بِهِ الْمُرُورَ، وَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ (1) .
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هُنَا صُوَرًا أَرْبَعًا:
الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْمُرُورِ بَيْنِ يَدَيِ الْمُصَلِّي وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَلِّي لِذَلِكَ فَيَخْتَصُّ الْمَارُّ بِالإِْثْمِ إِنْ مَرَّ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ وَالْمَارُّ لَيْسَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنِ الْمُرُورِ، فَيَخْتَصُّ الْمُصَلِّي بِالإِْثْمِ دُونَ الْمَارِّ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَعَرَّضَ الْمُصَلِّي لِلْمُرُورِ وَيَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ، فَيَأْثَمَانِ مَعًا، أَمَّا الْمُصَلِّي فَلِتَعَرُّضِهِ، وَأَمَّا الْمَارُّ فَلِمُرُورِهِ مَعَ إِمْكَانِ أَنْ لَا يَفْعَل.
الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ الْمُصَلِّي وَلَا يَكُونَ لِلْمَارِّ مَنْدُوحَةٌ، فَلَا يَأْثَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (2) .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ (3) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَارُّ سَبِيلاً آخَرَ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ الْمُصَلِّي بِصَلَاتِهِ فِي الْمَكَانِ، وَإِلَاّ كَأَنْ وَقَفَ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَوِ اسْتَتَرَ بِسُتْرَةٍ فِي مَكَانٍ مَغْصُوبٍ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ. وَلَوْ صَلَّى بِلَا سُتْرَةٍ، أَوْ تَبَاعَدَ عَنْهَا،
(1) الشرح الصغير 1 / 336، 337، والدسوقي 1 / 246.
(2)
ابن عابدين 1 / 427.
(3)
الشرح الصغير 1 / 337.