الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب - وَالْحَاجَةُ أَقَل مِنَ الضَّرُورَةِ، فَهِيَ كُل حَالَةٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حَرَجٌ شَدِيدٌ وَضِيقٌ بَيِّنٌ، وَلِذَا فَإِنَّهَا تَصْلُحُ شُبْهَةً لِدَرْءِ الْحَدِّ، وَلَكِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الضَّمَانَ وَالتَّعْزِيرَ.
مِنْ أَجْل ذَلِكَ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِالسَّرِقَةِ عَامَ الْمَجَاعَةِ (1)، وَفِي ذَلِكَ يَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ:" وَهَذِهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنِ الْمُحْتَاجِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الشُّبَهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي مُغَالَبَةِ صَاحِبِ الْمَال عَلَى أَخْذِ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ. وَعَامُ الْمَجَاعَةِ يَكْثُرُ فِيهِ الْمَحَاوِيجُ وَالْمُضْطَرُّونَ، وَلَا يَتَمَيَّزُ الْمُسْتَغْنِي مِنْهُمْ وَالسَّارِقُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ غَيْرِهِ، فَاشْتَبَهَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَدُرِئَ "(2) .
وَقَدْ حَدَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِقْدَارَ الَّذِي يَكْفِي حَاجَةَ الْمُضْطَرِّ بِقَوْلِهِ: كُل وَلَا تَحْمِل، وَاشْرَبْ وَلَا تَحْمِل (3) ، وَذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ
(1) الفتاوى الهندية 2 / 176، والقليوبي وعميرة 4 / 162، والمغني 9 / 4.
(2)
إعلام الموقعين 3 / 23.
(3)
حديث: " كل ولا تحمل، واشرب ولا تحمل ". أخرجه ابن ماجه (2 / 773 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة، وضعفه البوصيري في الزوائد 3 / 39 ط دار العربية.
سَأَل أَرَأَيْتَ إِنِ احْتَجَّنَا إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؟
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: انْتِفَاءُ الْقَرَابَةِ بَيْنَ السَّارِقِ وَالْمَسْرُوقِ مِنْهُ:
15 -
قَدْ يَكُونُ السَّارِقُ أَصْلاً لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، كَمَا قَدْ يَكُونُ فَرْعًا لَهُ، وَقَدْ تَقُومُ بَيْنَهُمَا صِلَةُ قَرَابَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ تَرْبِطُ بَيْنَهُمَا رَابِطَةُ الزَّوْجِيَّةِ، وَحُكْمُ إِقَامَةِ الْحَدِّ يَخْتَلِفُ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْحَالَاتِ:
أ - سَرِقَةُ الأَْصْل مِنَ الْفَرْعِ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْوَالِدِ مِنْ مَال وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَل؛ لأَِنَّ لِلسَّارِقِ شُبْهَةَ حَقٍّ فِي مَال الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَدُرِئَ الْحَدُّ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ جَاءَ يَشْتَكِي أَبَاهُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالَهُ: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (1) ، وَاللَاّمُ هُنَا لِلإِْبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ. فَإِنَّ مَال الْوَلَدِ لَهُ، وَزَكَاتَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ (2) .
ب - سَرِقَةُ الْفَرْعِ مِنَ الأَْصْل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْوَلَدِ مِنْ مَال أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا،
(1) حديث: " أنت ومالك لأبيك ". أخرجه ابن ماجه (2 / 769 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله. وقال البوصيري في " الزوائد ": إسناده صحيح، ورجاله ثقات على شرط البخاري.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 70، وبداية المجتهد 2 / 490، والقليوبي وعميرة 4 / 188، وكشاف القناع 6 / 114، ونيل الأوطار 6 / 14 - 15.
لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ فِي مَال وَالِدِهِ؛ وَلأَِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ، وَلَهُ حَقُّ دُخُول بَيْتِهِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا شُبُهَاتٌ تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي عَلَاقَةِ الاِبْنِ بِأَبِيهِ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ حَدَّ السَّرِقَةِ، وَلِذَلِكَ يُوجِبُونَ إِقَامَةَ الْحَدِّ فِي سَرِقَةِ الْفُرُوعِ مِنَ الأُْصُول (1) .
ج - سَرِقَةُ الأَْقَارِبِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ سَرِقَةَ الأَْقَارِبِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ لَيْسَتْ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنِ السَّارِقِ، وَلِهَذَا أَوْجَبُوا الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَال أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ أَوْ عَمِّهِ أَوْ عَمَّتِهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ خَالَتِهِ، أَوِ ابْنِ أَوْ بِنْتِ أَحَدِهِمْ، أَوْ أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَوِ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ، أَوِ ابْنِ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتِهَا أَوْ أُمِّهَا، حَيْثُ لَا يُبَاحُ الاِطِّلَاعُ عَلَى الْحِرْزِ، وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ بَعْضِ هَؤُلَاءِ لِلْبَعْضِ الآْخَرِ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، كَالأَْخِ وَالأُْخْتِ وَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَال وَالْخَالَةِ؛ لأَِنَّ دُخُول بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ دُونَ إِذْنٍ عَادَةً يُعْتَبَرُ شُبْهَةً تُسْقِطُ الْحَدَّ؛ وَلأَِنَّ
(1) فتح القدير 4 / 238، والفتاوى الهندية 2 / 181، والخرشي على خليل 8 / 96، والدسوقي 4 / 337، وشرح الزرقاني 8 / 98، والمدونة 6 / 276، ومغني المحتاج 4 / 162، والمهذب 2 / 166، ونهاية المحتاج 7 / 23، وشرح منتهى الإرادات 3 / 371، وكشاف القناع 6 / 114، والمغني 10 / 286.
قَطْعَ أَحَدِهِمْ بِسَبَبِ سَرِقَتِهِ مِنَ الآْخَرِ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ وَهُوَ حَرَامٌ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ: مَا أَفْضَى إِلَى الْحَرَامِ فَهُوَ حَرَامٌ. أَمَّا مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ كَابْنِ الْعَمِّ أَوْ بِنْتِ الْعَمِّ، وَابْنِ الْعَمَّةِ أَوْ بِنْتِ الْعَمَّةِ، وَابْنِ الْخَال أَوْ بِنْتِ الْخَال، وَابْنِ الْخَالَةِ أَوْ بِنْتِ الْخَالَةِ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ لأَِنَّهُمْ لَا يَدْخُل بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَادَةً، فَالْحِرْزُ كَامِلٌ فِي حَقِّهِمْ. وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي سَرِقَةِ الْمَحَارِمِ غَيْرِ ذَوِي الرَّحِمِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ كَالأُْمِّ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالأُْخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى السَّارِقِ، أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَلَا يَرَى أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَال أُمِّهِ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ؛ لأَِنَّهُ يَدْخُل بَيْتَهَا دُونَ إِذْنٍ عَادَةً، فَلَمْ يَكْتَمِل الْحِرْزُ (1) .
د - السَّرِقَةُ بَيْنَ الأَْزْوَاجِ: اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ إِذَا سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ مَال الآْخَرِ وَكَانَتِ السَّرِقَةُ مِنْ حِرْزٍ قَدِ اشْتَرَكَا فِي سُكْنَاهُ، لاِخْتِلَال شَرْطِ الْحِرْزِ، وَلِلاِنْبِسَاطِ بَيْنَهُمَا فِي الأَْمْوَال عَادَةً؛ وَلأَِنَّ بَيْنَهُمَا سَبَبًا يُوجِبُ التَّوَارُثَ بِغَيْرِ حَجْبٍ (2) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 75، والفتاوى الهندية 2 / 181، وفتح القدير 4 / 239.
(2)
بدائع الصنائع 5 / 75، والشرح الكبير للدردير 4 / 340، والزرقاني 8 / 98، والقليوبي وعميرة 4 / 188، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 268، وكشاف القناع 6 / 114، ورحمة الأمة ص 144.
16 -
أَمَّا إِذَا كَانَتِ السَّرِقَةُ مِنْ حِرْزٍ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي سُكْنَاهُ، أَوِ اشْتَرَكَا فِي سُكْنَاهُ وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا مَنَعَ مِنَ الآْخَرِ مَالاً أَوْ حَجَبَهُ عَنْهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ السَّرِقَةِ مِنْهُ: فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الرَّاجِحَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الاِنْبِسَاطِ فِي الأَْمْوَال عَادَةً وَدَلَالَةً، وَقِيَاسًا عَلَى الأُْصُول وَالْفُرُوعِ لأَِنَّ بَيْنَهُمَا سَبَبًا يُوجِبُ التَّوَارُثَ مِنْ غَيْرِ حَجْبٍ (1) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ الْحَدَّ عَلَى السَّارِقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِعُمُومِ آيَةِ السَّرِقَةِ؛ لأَِنَّ الْحِرْزَ هُنَا تَامٌّ، وَرُبَّمَا لَا يَبْسُطُ أَحَدُهُمَا لِلآْخَرِ فِي مَالِهِ، فَأَشْبَهَ سَرِقَةَ الأَْجْنَبِيِّ.
وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ: وُجُوبُ قَطْعِ الزَّوْجِ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال زَوْجَتِهِ مَا هُوَ مُحْرَزٌ عَنْهُ وَلَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ إِذَا سَرَقَتْ مِنْ مَال زَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ مُحْرَزًا عَنْهَا، لأَِنَّ الزَّوْجَةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا، فَصَارَ لَهَا شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ، بِخِلَافِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 75، وفتح القدير 4 / 239 - 240، والفتاوى الهندية 2 / 181، والمدونة الكبرى 16 / 76 - 77، وشرح الزرقاني 8 / 100، وبداية المجتهد 2 / 377، والقليوبي وعميرة 4 / 188، ومغني المحتاج 4 / 162، ونهاية المحتاج 7 / 424، ومختصر المزني بهامش الأم 5 / 172، والمهذب 2 / 281، وشرح منتهى الإرادات 3 / 371، والمغني 10 / 287.
الزَّوْجِ فَلَا تَقُومُ بِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهَا الْمُحْرَزِ عَنْهُ.
17 -
هَذَا هُوَ حُكْمُ السَّرِقَةِ بَيْنَ الأَْزْوَاجِ مَا دَامَتِ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً. فَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ صَارَا أَجْنَبِيَّيْنِ وَوَجَبَ قَطْعُ السَّارِقِ. أَمَّا السَّرِقَةُ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَتَأْخُذُ حُكْمَ السَّرِقَةِ بَيْنَ الأَْزْوَاجِ؛ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْعِدَّةُ. فَإِنْ وَقَعَتِ السَّرِقَةُ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ مِنَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أُقِيمَ الْحَدُّ، عَلَى رَأْيِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لاِنْتِهَاءِ الزَّوْجِيَّةِ. وَلَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَذْهَبُ إِلَى عَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى أَيٍّ مِنْهُمَا بِسَرِقَةِ مَال الآْخَرِ؛ لِبَقَاءِ الْحَبْسِ فِي الْعِدَّةِ وَوُجُوبِ السُّكْنَى، فَبَقِيَ أَثَرُ النِّكَاحِ، فَأَوْرَثَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ قِيَامَ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ السَّرِقَةِ لَا أَثَرَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ؛ لأَِنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ. وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ إِلَاّ الْحَنَفِيَّةُ، فَعِنْدَهُمْ: لَوْ سَرَقَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْل أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الزَّوَاجَ مَانِعٌ طَرَأَ عَلَى الْحَدِّ، وَالْمَانِعُ الطَّارِئُ لَهُ حُكْمُ الْمَانِعِ الْمُقَارِنِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْحَدِّ وَقَبْل تَنْفِيذِهِ؛ لأَِنَّ الإِْمْضَاءَ فِي الْحُدُودِ مِنْ تَمَامِ الْقَضَاءِ، فَكَانَتِ الشُّبْهَةُ مَانِعَةً مِنَ الإِْمْضَاءِ (1) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 76، فتح القدير 4 / 240، والفتاوى الهندية 2 / 182.