الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفِعْل، وَشُبْهَةٌ فِي الْمَحَل، وَشُبْهَةُ الْعَقْدِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى النَّوْعَيْنِ الأَْوَّلَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الثَّالِثِ.
1 -
الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْل:
16 -
وَتُسَمَّى أَيْضًا: شُبْهَةُ الْمُشَابَهَةِ، وَشُبْهَةُ الاِشْتِبَاهِ.
وَهِيَ: أَنْ يُظَنَّ غَيْرُ الدَّلِيل دَلِيلاً. فَتَتَحَقَّقَ فِي حَقِّ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَقَطْ، أَيْ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحِل وَالْحُرْمَةُ، وَلَا دَلِيل فِي السَّمْعِ يُفِيدُ الْحِل بَل ظَنُّ غَيْرِ الدَّلِيل دَلِيلاً، فَلَا بُدَّ مِنَ الظَّنِّ، وَإِلَاّ فَلَا شُبْهَةَ أَصْلاً، لِفَرْضِ أَنْ لَا دَلِيل أَصْلاً لِتَثْبُتَ الشُّبْهَةُ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظَنُّهُ ثَابِتًا لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ أَصْلاً، وَلَيْسَتْ بِشُبْهَةٍ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَشْتَبِهْ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ قَال: إِنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ حُدَّ.
ثُمَّ إِنَّ شُبْهَةَ الْفِعْل تَكُونُ فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ: ثَلَاثَةٍ مِنْهَا فِي الزَّوْجَاتِ، وَخَمْسَةٍ فِي الْجَوَارِي.
فَمَوَاضِعُ الزَّوْجَاتِ: مَا لَوْ وَطِئَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ وَطِئَ مُطَلَّقَتَهُ الْبَائِنَ فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، أَوِ الْمُخْتَلِعَةَ.
وَمَوَاضِعُ الْجَوَارِي: هِيَ وَطْءُ جَارِيَةِ الأَْبِ أَوِ الأُْمِّ أَوِ الْجَدِّ أَوِ الْجَدَّةِ وَإِنْ عَلَوْا، وَوَطْءُ جَارِيَةِ الزَّوْجَةِ، وَوَطْءُ أُمِّ وَلَدِهِ الَّتِي أَعْتَقَهَا وَهِيَ فِي
الاِسْتِبْرَاءِ، وَالْعَبْدُ يَطَأُ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ، وَالْمُرْتَهِنُ يَطَأُ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ عِنْدَهُ، وَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ.
فَالْوَاطِئُ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ إِذَا ظَنَّ الْحِل يُعْذَرُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ الْوَطْءَ حَصَل فِي مَوْضِعِ الاِشْتِبَاهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَقَال: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِل لِي، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى دَعْوَاهُ وَيُحَدُّ. وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْل وَإِنِ ادَّعَاهُ؛ لأَِنَّ الْفِعْل تَمَحَّضَ زِنًى لِفَرْضِ أَنْ لَا شُبْهَةَ مِلْكٍ هُنَا، إِلَاّ أَنَّ الْحَدَّ سَقَطَ لِظَنِّهِ الْمَحَل، فَضْلاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرٌ رَاجِعٌ إِلَى الْوَاطِئِ لَا إِلَى الْمَحَل، فَكَأَنَّ الْمَحَل لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ حِلٍّ، فَلَا يَثْبُتُ نَسَبٌ بِهَذَا الْوَطْءِ، وَكَذَا لَا تَثْبُتُ بِهِ عِدَّةٌ؛ لأَِنَّهُ لَا عِدَّةَ مِنَ الزَّانِي.
وَقِيل: إِنَّ هَذَا غَيْرُ مُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ، فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهَا؛ لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي شُبْهَةِ الْعَقْدِ، فَيَكْفِي ذَلِكَ لإِِثْبَاتِ النَّسَبِ. وَأُلْحِقَتْ بِهَا الْمُطَلَّقَةُ بِعِوَضٍ، وَالْمُخْتَلِعَةُ.
وَثُبُوتُ النَّسَبِ هُنَا لَيْسَ بِاعْتِبَارِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ، بَل بِاعْتِبَارِ الْعُلُوقِ السَّابِقِ عَلَى الطَّلَاقِ. وَلِذَا ذَكَرُوا أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ إِلَى أَقَل مِنْ سَنَتَيْنِ، وَلَا يَثْبُتُ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ. وَيَجِبُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْل مَهْرُ الْمِثْل.