الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَسَحَّرَ وَالْفَجْرُ طَالِعٌ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ عَمَلاً بِغَالِبِ الرَّأْيِ وَفِيهِ الاِحْتِيَاطُ، وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، هَذَا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَل وَالْفَجْرُ طَالِعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (1) .
5 -
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الأَْكْل وَالشُّرْبَ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مَكْرُوهٌ. وَنَقَل الْكَاسَانِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَهَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِذَا شَكَّ فَلَا يَأْكُل، وَإِنْ أَكَل فَقَدْ أَسَاءَ، لِمَا وَرَدَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُل مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ (2) وَالَّذِي يَأْكُل مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ يَحُومُ حَوْل الْحِمَى فَيُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، فَكَانَ بِالأَْكْل مُعَرِّضًا صَوْمَهُ لِلْفَسَادِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ (3) .
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ أَكَل مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، إِلَاّ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ الأَْكْل كَانَ قَبْل الْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الأَْصْل بَقَاءَ اللَّيْل، وَهَذَا
(1) الفتاوى الهندية 1 / 200، وفتح القدير 2 / 93.
(2)
حديث: " من وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 126 - ط السلفية) من حديث النعمان بن بشير.
(3)
بدائع الصنائع 2 / 105، والدسوقي 1 / 526.
بِالنِّسْبَةِ لِصَوْمِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي النَّفْل فَلَا قَضَاءَ فِيهِ اتِّفَاقًا، لأَِنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ مِنَ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيمَنْ أَكَل شَاكًّا فِي الْفَجْرِ اتِّفَاقًا، وَمَنْ أَكَل مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْل ثُمَّ طَرَأَ الشَّكُّ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا حُرْمَةٍ، وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْفِطْرِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِلْقَاءُ مَا فِي فَمِهِ (1) .
وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَ: (صَوْمٍ)
السَّحُورُ بِالتَّحَرِّي وَغَيْرِهِ:
6 -
لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مُطَالَعَةُ الْفَجْرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ لَا بَأْسَ بِهِ، إِذَا كَانَ الرَّجُل مِمَّنْ لَا يُخْفَى عَلَيْهِ مِثْل ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْفَى عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَدَعَ الأَْكْل، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِصَوْتِ الطَّبْل السِّحْرِيِّ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ كُل جَانِبٍ وَفِي جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ صَوْتًا وَاحِدًا فَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَحْتَاطُ وَلَا يَأْكُل، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِدَ بِصِيَاحِ الدِّيكِ فَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ قَدْ جَرَّبَهُ مِرَارًا، وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصِيبُ الْوَقْتَ (2) .
(1) الدسوقي 1 / 526، والفواكه الدواني 1 / 355، وكفاية الطالب 1 / 338 ط مصطفى الحلبي، وحاشية العدوي 1 / 390، ط دار المعرفة، بيروت، لبنان.
(2)
الفتاوى الهندية 1 / 195.