الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفْصِيلٌ: إِنْ كَانَ النُّقْصَانُ فِي عَيْنِ الْمَسْرُوقِ بِأَنْ هَلَكَ بَعْضُهُ فِي يَدِ السَّارِقِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهَذَا النَّقْصِ؛ لأَِنَّ هَلَاكَ الْكُل لَا يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، فَهَلَاكُ الْبَعْضِ أَوْلَى بِأَلَاّ يَمْنَعَ مِنْ إِقَامَتِهِ، وَلِذَلِكَ تُطَبَّقُ قَاعِدَةُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ وَقْتَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ. أَمَّا إِنْ كَانَ سَبَبُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ إِلَى تَغَيُّرِ سِعْرِهِ، فَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَتَانِ: رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرَجَّحَهَا الطَّحَاوِيُّ، أَنَّ الاِعْتِبَارَ لَقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ وَقْتَ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْحِرْزِ، فَتُطَبَّقُ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ: أَنَّ الاِعْتِبَارَ بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ، وَقْتَ الإِْخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ وَوَقْتَ الْحُكْمِ مَعًا، فَإِذَا تَغَيَّرَتِ الأَْسْعَارُ، بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قَبْل الْحُكْمِ، فَلَا يُقَامُ الْحَدُّ؛ لأَِنَّهُ لَا دَخْل لِلسَّارِقِ فِي ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّ النَّقْصَ عِنْدَ الْحُكْمِ يُورِثُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ.
وَإِذَا وَقَعَتِ السَّرِقَةُ فِي مَكَانٍ، وَضُبِطَ الْمَسْرُوقُ فِي مَكَانٍ آخَرَ، كَانَتِ الْعِبْرَةُ - فِي رَأْيٍ - بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ فِي مَحَل السَّرِقَةِ، وَفِي رَأْيٍ آخَرَ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي مَحَل ضَبْطِهِ (1) .
3 - اخْتِلَافُ الْمُقَوِّمِينَ فِي تَحْدِيدِ قِيمَةِ الْمَسْرُوقِ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي
(1) بدائع الصنائع 7 / 79.
تَحْدِيدِ قِيمَةِ الْمَسْرُوقِ، فَقَدَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدَّرَهَا الْبَعْضُ الآْخَرُ بِأَقَل مِنْ عَشْرَةٍ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ تَكُونُ بِالأَْقَل؛ لأَِنَّ هَذَا الاِخْتِلَافَ يُورِثُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه هَمَّ بِقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ، فَقَال لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه: إِنَّ مَا سَرَقَهُ لَا يُسَاوِي نِصَابًا، فَدَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ (1) .
4 - عِلْمُ السَّارِقِ بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ:
ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الاِكْتِفَاءِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ، مَا دَامَتْ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ تَبْلُغُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ السَّارِقُ يَعْتَقِدُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَل مِنْ ذَلِكَ، بِأَنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ النِّصَابَ، فَوَجَدَ فِي جَيْبِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
وَذَهَبَ الْبَعْضُ الآْخَرُ إِلَى اشْتِرَاطِ عِلْمِ السَّارِقِ بِقِيمَةِ الْمَسْرُوقِ، بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فِي جَيْبِ الثَّوْبِ نِصَابًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ فَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّهُ قَصَدَ سَرِقَةَ الثَّوْبِ وَحْدَهُ وَهُوَ لَا يَبْلُغُ النِّصَابَ. بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ جِرَابًا أَوْ صُنْدُوقًا، وَكَانَ بِهِ مَالٌ كَثِيرٌ لَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَتَهُ، فَلَا خِلَافَ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ قَصَدَ الْمَظْرُوفَ لَا الظَّرْفَ (2) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 77 - 79.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 79 - 80.