الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي عُنُقِ السَّارِقِ، رَدْعًا لِلنَّاسِ، اسْتِنَادًا إِلَى مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ (1) . وَقَدْ حَدَّدَ الشَّافِعِيَّةُ مُدَّةَ التَّعْلِيقِ بِسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يُحَدِّدُوا مُدَّةَ التَّعْلِيقِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْيَدِ لَا يُسَنُّ، بَل يُتْرَكُ الأَْمْرُ لِلإِْمَامِ، إِنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً فَعَلَهُ، وَإِلَاّ فَلَا (2) . وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَالِكِيَّةُ شَيْئًا عَنْ تَعْلِيقِ الْيَدِ.
4 - تَكَرُّرُ الْقَطْعِ بِتَكَرُّرِ السَّرِقَةِ:
تَدَاخُل الْحَدِّ:
69 -
مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ الَّتِي اسْتَقَرَّتْ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلَامِيِّ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِ: أَنَّ مَبْنَى الْحُدُودِ عَلَى التَّدَاخُل، إِذَا اتَّحَدَ مُوجِبُهَا وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْحَدِّ حَقٌّ لآِدَمِيٍّ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: إِذَا تَكَرَّرَتِ السَّرِقَةُ، قَبْل إِقَامَةِ الْحَدِّ، وَكَانَتْ فِي كُل مَرَّةٍ تُوجِبُ الْقَطْعَ، قُطِعَ السَّارِقُ لِجَمِيعِهَا قَطْعًا وَاحِدًا؛ لأَِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ فَيَتَدَاخَل بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ؛ وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الرَّدْعُ
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسارق فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه ". أخرجه النسائي (8 / 92 - ط. المكتبة التجارية) من حديث فضالة بن عبيد، ثم ذكر تضعيف أحد رواته.
(2)
ابن عابدين 3 / 285، ابن نجيم 5 / 66، أسنى المطالب 4 / 153، المهذب 2 / 301، كشاف القناع 6 / 119، المغني 10 / 267.
وَالزَّجْرُ، وَذَلِكَ يَحْصُل بِإِقَامَةِ الْحَدِّ الْوَاحِدِ (1) .
السَّرِقَةُ بَعْدَ الْقَطْعِ:
70 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ السَّارِقِ، إِذَا قُطِعَتْ يَمِينُهُ ثُمَّ عَادَ لِلسَّرِقَةِ، عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ إِلَى أَنَّ: مَنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ فِي السَّرِقَةِ الأُْولَى، ثُمَّ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ، إِذْ لَا قَطْعَ إِلَاّ فِي السَّرِقَةِ الأُْولَى. لِقَوْل اللَّهِ تبارك وتعالى:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (2) أَيِ الْيَدَ الْيُمْنَى، كَمَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأََمَرَ بِقَطْعِ الرِّجْل {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (3)
وَذَهَبَ رَبِيعَةُ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ: مَنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ فِي السَّرِقَةِ الأُْولَى، ثُمَّ سَرَقَ مَرَّةً ثَانِيَةً، تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ إِلَى السَّرِقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، بَل يُعَزَّرُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَطْعِ الأَْيْدِي، وَهِيَ تَشْمَل الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، وَإِدْخَال الأَْرْجُل فِي الْقَطْعِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ (4) .
(1) المبسوط 9 / 177، شرح الزرقاني 8 / 108، نهاية المحتاج 7 / 467، المغني والشرح الكبير 10 / 268.
(2)
سورة المائدة / 38.
(3)
سورة مريم / 64.
(4)
) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 613، المحلى 11 / 354، المغني 10 / 265، فتح الباري 15 / 105 - 106.