الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّتْرِ:
أ -
سَتْرُ عُيُوبِ الْمُؤْمِنِ:
2 -
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ أَوْ ذَنْبٍ أَوْ فُجُورٍ لِمُؤْمِنٍ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالشَّرِّ وَالأَْذَى وَلَمْ يُشْتَهَرْ بِالْفَسَادِ، وَلَمْ يَكُنْ دَاعِيًا إِلَيْهِ، كَأَنْ يَشْرَبَ مُسْكِرًا أَوْ يَزْنِيَ أَوْ يَفْجُرَ مُتَخَوِّفًا مُتَخَفِّيًا غَيْرَ مُتَهَتِّكٍ وَلَا مُجَاهِرٍ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتُرَهُ، وَلَا يَكْشِفَهُ لِلْعَامَّةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، وَلَا لِلْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِ الْحَاكِمِ، لِلأَْحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى سَتْرِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِ وَالْحَذَرِ مِنْ تَتَبُّعِ زَلَاّتِهِ، وَمِنْ هَذِهِ الأَْحَادِيثِ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي رِوَايَةٍ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ (1) " وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. (2)
وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ
(1) حديث: " من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة " وفي رواية: " ستره الله في. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 97 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1996 - ط الحلبي) في حديث ابن عمر. والرواية الأخرى أخرجها الترمذي (5 / 195 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(2)
حديث: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ". أخرجه أبو داود (4 / 540 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة: وضعف المنذري أحد رواته، ونقل عن ابن عدي أنه استنكر الحديث بهذا الإسناد. وقال: روي هذا الحديث من أوجه أخرى، ليس منها شيء يثبت. كذا في مختصر السنن (6 / 213 - نشر دار المعرفة) .
الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ. (1)
وَلأَِنَّ كَشْفَ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ، وَالْعُيُوبِ وَالتَّحَدُّثَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى غِيبَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَإِشَاعَةٍ لِلْفَاحِشَةِ.
قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ الْعُصَاةَ، فَإِنَّ ظُهُورَ مَعَاصِيهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْل الإِْسْلَامِ، وَأَوْلَى الأُْمُورِ سَتْرُ الْعُيُوبِ. قَال الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ: الْمُؤْمِنُ يَسْتُرُ وَيَنْصَحُ، وَالْفَاجِرُ يَهْتِكُ وَيُعَيِّرُ.
أَمَّا مَنْ عُرِفَ بِالأَْذَى وَالْفَسَادِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْفِسْقِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِمَا يَرْتَكِبُ، وَلَا يَكْتَرِثُ لِمَا يُقَال عَنْهُ فَيُنْدَبُ كَشْفُ حَالِهِ لِلنَّاسِ وَإِشَاعَةُ أَمْرِهِ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَتَوَقَّوْهُ وَيَحْذَرُوا شَرَّهُ، بَل تُرْفَعُ قِصَّتُهُ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مَفْسَدَةً أَكْبَرَ؛ لأَِنَّ السَّتْرَ عَلَى هَذَا يُطْمِعُهُ فِي الإِْيذَاءِ وَالْفَسَادِ وَانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ وَجَسَارَةِ غَيْرِهِ عَلَى مِثْل فِعْلِهِ. فَإِنِ اشْتَدَّ فِسْقُهُ وَلَمْ يَرْتَدِعْ مِنَ النَّاسِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَسْتُرَ عَلَيْهِ بَل يَرْفَعَ إِلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ حَتَّى يُؤَدِّبَهُ وَيُقِيمَ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِهِ شَرْعًا مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ مَا لَمْ يَخْشَ مَفْسَدَةً أَكْبَرَ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ وَقَعَتْ فِي الْمَاضِي
(1) حديث: " من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ". أخرجه ابن ماجه (2 / 850 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 70 - ط دار الجنان) .