الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَنَابِلَةُ: تَخْتَلِفُ، فَتَارَةً تَكُونُ ذِرَاعًا وَتَارَةً تَكُونُ دُونَهُ (1) .
وَأَمَّا قَدْرُهَا فِي الْغِلَظِ فَلَمْ يُحَدِّدْهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَقَدْ تَكُونُ غَلِيظَةً كَالْحَائِطِ وَالْبَعِيرِ، أَوْ رَقِيقَةً كَالسَّهْمِ، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى إِلَى حَرْبَةٍ وَإِلَى بَعِيرٍ (2) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ بِأَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ بِغِلَظِ الأُْصْبُعِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ لأَِنَّ مَا دُونَهُ رُبَّمَا لَا يَظْهَرُ لِلنَّاظِرِ فَلَا يَحْصُل الْمَقْصُودُ مِنْهَا (3) . لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: جَعَل فِي الْبَدَائِعِ بَيَانَ الْغِلَظِ قَوْلاً ضَعِيفًا، وَأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْعُرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (4) . وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: يُجْزِئُ مِنَ السُّتْرَةِ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْل وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ. (5)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ غِلَظُهَا غِلَظَ رُمْحٍ عَلَى الأَْقَل، فَلَا يَكْفِي أَدَقُّ مِنْهُ، وَنُقِل عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَال: لَا بَأْسَ أَنْ تَكُونَ السُّتْرَةُ
(1) شرح منتهى الإرادات 1 / 202.
(2)
مغني المحتاج 1 / 200، وكشاف القناع 1 / 382.
(3)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201، وابن عابدين 1 / 428.
(4)
الرد المحتار على الدر المختار 1 / 428.
(5)
حديث: " يجزئ من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ". أخرجه ابن عدي في " الكامل "(6 / 2254 - ط دار الفكر) وفي إسناده راو ضعيف، ذكره الذهبي في الميزان (4 / 11 - ط الحلبي) وذكر من منكراته هذا الحديث
دُونَ مُؤَخَّرَةِ الرَّحْل فِي الطُّول وَدُونَ الرُّمْحِ فِي الْغِلَظِ (1) .
كَيْفِيَّةُ نَصْبِ أَوْ وَضْعِ السُّتْرَةِ:
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي السُّتْرَةِ أَنْ تُنْصَبَ أَوْ تُغْرَزَ أَمَامَ الْمُصَلِّي، وَتُجْعَل عَلَى جِهَةِ أَحَدِ حَاجِبَيْهِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ غَرْزُهَا مُمْكِنًا، وَإِلَاّ بِأَنْ كَانَتِ الأَْرْضُ صُلْبَةً مَثَلاً، فَهَل يَكْفِي وَضْعُ السُّتْرَةِ أَمَامَ الْمُصَلِّي طُولاً أَوْ عَرْضًا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُلْقِي مَا مَعَهُ مِنْ عَصًا أَوْ غَيْرِهَا طُولاً، كَأَنَّهُ غَرَزَ ثُمَّ سَقَطَ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَنْصِبُهُ فَلْيَخُطَّ خَطًّا بِالْعُرْضِ مِثْل الْهِلَال، أَوْ يَجْعَلُهُ طُولاً بِمَنْزِلَةِ الْخَشَبَةِ الْمَغْرُوزَةِ أَمَامَهُ (2) . فَيَصِيرُ شِبْهَ ظِل الْعَصَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (3) .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، يَقُول الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: إِذَا عَجَزَ عَنْ غَيْرِهِ فَلْيَخُطَّ أَمَامَهُ خَطًّا طُولاً (4) . وَفِي حَاشِيَةِ الْجَمَل: هَذَا هُوَ الأَْكْمَل وَيَحْصُل أَصْل السُّنَّةِ بِجَعْلِهِ عَرْضًا (5) .
(1) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 201.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 50، الحطاب مع المواق 1 / 532، 533.
(3)
نفس المرجع السابق.
(4)
مغني المحتاج 1 / 200.
(5)
حاشية الجمل 1 / 436، وانظر نهاية المحتاج 2 / 50.