الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ " لَمَّا بُشِّرَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ خَرَّ سَاجِدًا (1) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَالنَّخَعِيُّ عَلَى مَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّ السُّجُودَ لِلشُّكْرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
قَال الْبُنَانِيُّ: وَجْهُ الْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ عَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ قِيل لِمَالِكٍ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ سَجَدَ فِي فَتْحِ الْيَمَامَةِ شُكْرًا، قَال: مَا سَمِعْتُ ذَلِكَ، وَأَرَى أَنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ فَمَا سَمِعْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ سَجَدَ. (2)
وَاحْتَجَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ لأَِصْحَابِ هَذَا الْقَوْل بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَكَا إِلَيْهِ رَجُلٌ الْقَحْطَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا، فَسُقُوا فِي الْحَال وَدَامَ الْمَطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُْخْرَى، فَقَال رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُل فَادْعُ اللَّهَ يَرْفَعْهُ عَنَّا، فَدَعَا فَرَفَعَهُ فِي الْحَال (3) قَال: فَلَمْ يَسْجُدِ
(1) روضة الطالبين 1 / 324، دمشق، المكتب الإسلامي، والمغني لابن قدامة 1 / 627 ط 3 القاهرة، دار المنار، 1367 هـ، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 308 ط عيسى الحلبي، والزرقاني على خليل والبناني بهامشه 1 / 274، والفتاوى الهندية 1 / 135 ط بولاق، وكشاف القناع 1 / 449، 450 الرياض مكتبة النصر الحديثة. وحديث كعب بن مالك رضي الله عنه. أخرجه البخاري (الفتح 8 / 115 - 116 - ط السلفية) ومسلم (4 / 2126 ط الحلبي) .
(2)
البناني على الزرقاني 1 / 274
(3)
حديث: " شكا إليه رجل القحط وهو يخطب. . . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 509 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 612 - 613 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك.
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِتَجَدُّدِ نِعْمَةِ الْمَطَرِ أَوَّلاً، وَلَا لِرَفْعِ نِقْمَتِهِ آخِرًا.
وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ نِعْمَةٍ، فَإِنْ كَلَّفَهُ لَزِمَ الْحَرَجُ. (1)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي حُكْمِ سُجُودِ الشُّكْرِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ، لِمَا وَرَدَ مِنَ الأَْحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ.
وَقَدْ أَفَادَ الزَّرْقَانِيُّ - عَلَى الْقَوْل بِمَشْرُوعِيَّتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْل غَيْرُ مَطْلُوبٍ، أَيْ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ فَقَطْ.
وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ سُجُودَ الشُّكْرِ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ نَصُّ مَالِكٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عِنْدَهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ.
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ الْكَرَاهَةُ، إِلَاّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِمَا يَدُل عَلَى أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، فَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: سَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا عِبْرَةَ بِهَا، وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا، وَتَرْكُهَا أَوْلَى. (2) .
(1) المجموع للنووي 4 / 70.
(2)
روضة الطالبين للنووي 1 / 324، والمغني 1 / 628، كشاف القناع 1 / 449، والمطالب 1 / 589، الفتاوى الهندية 1 / 135.