الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى جَوَازِهِ؛ لأَِنَّهَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَالْفِسْقُ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ. (1)
رَدُّ شَهَادَةِ الْمُسَاحَقَةِ:
9 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبُول شَهَادَةِ الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ عَدْلاً، فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْفَاسِقِ. وَلَمَّا كَانَ فِعْل السِّحَاقِ مُفَسِّقًا وَمُسْقِطًا لِلْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَل شَهَادَةُ الْمُسَاحَقَةِ. وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الْفُقَهَاءُ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ بِالسِّحَاقِ إِلَاّ أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَوَاعِدِهِمُ الْعَامَّةِ فِي قَبُول الشَّهَادَةِ وَرَدِّهَا. (2)
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 238، حاشية الدسوقي 1 / 213، نهاية المحتاج 6 / 194، تحفة المحتاج 7 / 200، مغني المحتاج 3 / 132، القليوبي وعميرة 3 / 211، حاشية الجمل 4 / 124، شرح روض الطالب 3 / 111، كشاف القناع 5 / 15.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 377 وما بعدها، حاشية الدسوقي 4 / 165 وما بعدها، قليوبي وعميرة 4 / 318 وما بعدها، كشاف القناع 6 / 418 وما بعدها.
سَحْبٌ
.
التَّعْرِيفُ:
1 -
السَّحْبُ فِي اللُّغَةِ: جَرُّكَ الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِ الأَْرْضِ كَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِ.
وَالسَّحْبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنْ يُعْطَى النَّقَاءُ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ أَيَّامِ الْحَيْضِ حُكْمَ الْحَيْضِ، قَال الشِّرْوَانِيُّ: وَإِنَّمَا سَمَّوْهُ بِذَلِكَ لأَِنَّنَا سَحَبْنَا الْحُكْمَ بِالْحَيْضِ عَلَى النَّقَاءِ فَجَعَلْنَا الْكُل حَيْضًا (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 -
سَبَقَ أَنَّ السَّحْبَ يُرَادُ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى النَّقَاءِ الْمُتَخَلِّل فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْقَوْل الرَّاجِحِ إِلَى أَنَّ أَيَّامَ الدَّمِ وَأَيَّامَ النَّقَاءِ كِلَاهُمَا حَيْضٌ بِشَرْطِ إِحَاطَةِ الدَّمِ لِطَرَفَيِ النَّقَاءِ الْمُتَخَلِّل.
(1) لسان العرب والقاموس المحيط والمصباح المنير مادة: (سحب) وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج 1 / 385.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ وَهُمَا: أَنْ لَا يُجَاوِزَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَنْ لَا تَنْقُصَ الدِّمَاءُ عَنْ أَقَل الْحَيْضِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلِهِمُ الثَّانِي وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ أَيَّامَ الدَّمِ حَيْضٌ، وَأَيَّامَ النَّقَاءِ طُهْرٌ، وَتُلَفَّقُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ حَيْضَهَا. وَيُطْلِقُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذَا الْقَوْل (التَّلْفِيقَ) أَوِ (اللَّقْطَ)(1) . وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ تَلْفِيقٍ (13 / 286) .
3 -
كَمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَقَطُّعِ دَمِ الْحَيْضِ وَمُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى الْقَوْل بِالسَّحْبِ. فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ حَيْضُهَا عَشْرَةُ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّل مَا تَرَى الدَّمَ، أَمَّا الْمُعْتَادَةُ فَإِنَّ عَادَتَهَا الْمَعْرُوفَةَ فِي الْحَيْضِ حَيْضٌ، وَعَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ طُهْرٌ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ لِذَاتِ التَّقَطُّعِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ:
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 192 دار إحياء التراث العربي، مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 78 دار سعادات 1325 هـ، الفتاوى الهندية 1 / 36 المطبعة الأميرية 1310 هـ، الكافي 1 / 186 الرياض 1978 م، حاشية الدسوقي 1 / 168 وما بعدها دار الفكر، الخرشي على مختصر خليل 1 / 204 المطبعة العامرة 1316 هـ، مغني المحتاج 1 / 119 دار إحياء التراث العربي، المجموع 2 / 501 المكتبة السلفية - المدينة المنورة، المبدع 1 / 285 المكتب الإسلامي 1980 م، الروض المربع 1 / 36 المطبعة السلفية 1380 هـ القاهرة، كشاف القناع 1 / 204 عالم الكتب 1983 م.
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونُ مُمَيَّزَةً بِأَنْ تَرَى يَوْمًا وَلَيْلَةً دَمًا أَسْوَدَ، ثُمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً نَقَاءً، ثُمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَسْوَدَ، ثُمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً نَقَاءً، وَكَذَا مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ وَرَابِعَةٌ وَخَامِسَةٌ ثُمَّ تَرَى بَعْدَ هَذِهِ الْعَشَرَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً دَمًا أَحْمَرَ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً نَقَاءً، ثُمَّ مَرَّةً ثَانِيَةً وَثَالِثَةً، وَتُجَاوِزُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُتَقَطِّعًا كَذَلِكَ، أَوْ مُتَّصِلاً دَمًا أَحْمَرَ. فَهَذِهِ الْمُمَيَّزَةُ تُرَدُّ إِلَى التَّمْيِيزِ فَيَكُونُ الْعَاشِرُ فَمَا بَعْدَهُ طُهْرًا. وَالتِّسْعَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ عَلَى قَوْل السَّحْبِ الرَّاجِحِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُل مَعَهَا الْعَاشِرُ؛ لأَِنَّ النَّقَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ حَيْضًا عَلَى قَوْل السَّحْبِ إِذَا كَانَ بَيْنَ دَمَيِ الْحَيْضِ. وَهَذَا يَجْرِي فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ الْمُمَيَّزَةِ.
الْحَال الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ ذَاتُ التَّقَطُّعِ مُعْتَادَةً غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ وَهِيَ حَافِظَةٌ لِعَادَتِهَا، وَكَانَتْ عَادَتُهَا أَيَّامَهَا مُتَّصِلَةً لَا تَقَطُّعَ فِيهَا فَتُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا. فَيَكُونُ كُل دَمٍ يَقَعُ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ مَعَ النَّقَاءِ الْمُتَخَلِّل بَيْنَ الدَّمَيْنِ يَكُونُ جَمِيعُهُ حَيْضًا. فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا مِنْ أَوَّل كُل شَهْرٍ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَتَقَطَّعَ دَمُهَا يَوْمًا وَيَوْمًا وَجَاوَزَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَحَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الأُْولَى دَمًا وَنَقَاءً.
الْحَال الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأَةً لَا تَمْيِيزَ لَهَا. وَفِيهَا قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى أَقَل الْحَيْضِ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَالثَّانِي أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى غَالِبِ الْحَيْضِ وَهُوَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ. وَإِنْ رَدَدْنَاهَا إِلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَحَيْضُهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ سَوَاءٌ سَحَبْنَا أَوْ لَقَطْنَا.