الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالُوا: إِذَا قَرَأَ (ص) مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ اسْتُحِبَّ أَنْ يَسْجُدَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَإِنْ قَرَأَهَا فِي الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَلَاّ يَسْجُدَ، فَإِنْ خَالَفَ وَسَجَدَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلاً لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ سَجَدَهَا عَامِدًا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الأَْصَحِّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، لأَِنَّهَا سَجْدَةُ شُكْرٍ، فَبَطَلَتْ بِهَا الصَّلَاةُ كَالسُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ: لَا تَبْطُل لأَِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالتِّلَاوَةِ فَهِيَ كَسَائِرِ سَجَدَاتِ التِّلَاوَةِ، وَلَوْ سَجَدَ إِمَامُهُ فِي (ص) لِكَوْنِهِ يَعْتَقِدُهَا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا: لَا يُتَابِعُهُ بَل إِنْ شَاءَ نَوَى مُفَارَقَتَهُ لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ، وَإِنْ شَاءَ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا كَمَا لَوْ قَامَ إِلَى خَامِسَةٍ، فَإِنِ انْتَظَرَهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ لأَِنَّ الْمَأْمُومَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي: لَا يُتَابِعُهُ أَيْضًا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْمُفَارَقَةِ وَالاِنْتِظَارِ، فَإِنِ انْتَظَرَهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ إِمَامَهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ جَاهِلاً، وَإِنَّ لِسُجُودِ السَّهْوِ تَوَجُّهًا عَلَيْهِمَا فَإِذَا أَخَل بِهِ الإِْمَامُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ، وَالثَّالِثُ: يُتَابِعُهُ فِي سُجُودِهِ فِي (ص) لِتَأَكُّدِ مُتَابَعَةِ الإِْمَامِ.
وَمُقَابِل الْمَنْصُوصِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ سَجْدَةَ (ص) سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ مِنْ عَزَائِمِ
السُّجُودِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ، يَسْجُدُ مَنْ تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا (1) وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ أَبُو مُوسَى وَأَبُو سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا. (2)
وَيُنْظَرُ حُكْمُ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آيَةِ السَّجْدَةِ فِي سُورَةِ (ص) فِي بَحْثِ: (سُجُودِ الشُّكْرِ) .
3 -
سَجَدَاتُ الْمُفَصَّل:
10 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ فِي الْمُفَصَّل ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ - الْمُفَصَّل مِنْ أَوَّل سُورَةِ (ق) إِلَى آخِرِ الْمُصْحَفِ - أَحَدُهَا فِي آخِرِ النَّجْمِ، وَالثَّانِيَةُ فِي الآْيَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ سُورَةِ الاِنْشِقَاقِ، وَالثَّالِثَةُ فِي آخِرِ سُورَةِ الْعَلَقِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّل. (3) وَلِمَا رَوَى
(1) المجموع 4 / 60 - 61، نهاية المحتاج 2 / 88، المغني 1 / 618.
(2)
حديث أبي سعيد وابن عباس تقدم تخريجهما آنفًا. وأما حديث أبي موسى فأورده ابن الهمام في فتح القدير (1 / 381 - ط بولاق) وعزاه إلى مسند أبي حنيفة للحارثي.
(3)
حديث عمرو بن العاص: " أن رسول الله أقرأه خمس عشرة سجدة ". أخرجه أبو داود (2 / 120 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وضعفه عبد الحق الأشبيلي وابن القطان، كذا في التلخيص لابن حجر (2 / 9 - ط شركة الطباعة الفنية) .
أَبُو رَافِعٍ قَال: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ فَقَال: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَزَال أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ (1) . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: سَجَدْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (2) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ بِهَا، وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَاّ سَجَدَ. (3) وَلأَِنَّ آيَةَ سُورَةِ النَّجْمِ:{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} وَآيَةَ آخِرِ سُورَةِ الْعَلَقِ: {كَلَاّ لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} وَكِلْتَا الآْيَتَيْنِ أَمْرٌ بِالسُّجُودِ. (4)
وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّل، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: قَرَأْتُ عَلَى
(1) حديث أبي رافع: " صليت خلف أبي هريرة العتمة ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 559 - ط السلفية) ومسلم (1 / 407 - ط الحلبي) .
(2)
حديث أبي هريرة: " سجدنا مع رسول الله في (إذا السماء انشقت) " أخرجه مسلم (1 / 406 - ط الحلبي) .
(3)
حديث عبد الله بن مسعود: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 553 - ط السلفية) ومسلم (1 / 405 - ط الحلبي) .
(4)
مجموع 4 / 62 - 63، بدائع الصنائع 1 / 193، والمغني 1 / 617.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ (1) وَبِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَالَا: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّل سَجْدَةٌ، وَبِمَا أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَال: سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُفَصَّل شَيْءٌ: الأَْعْرَافِ، وَالرَّعْدِ، وَالنَّحْل، وَبَنِي إِسْرَائِيل، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجِّ، وَسَجْدَةَ الْفُرْقَانِ، وَسُورَةِ النَّمْل، وَالسَّجْدَةِ، وَفِي ص وَسَجْدَةِ الْحَوَامِيمِ، (2) وَلِعَمَل أَهْل الْمَدِينَةِ لِعَدَمِ سُجُودِ فُقَهَائِهَا وَقُرَّائِهَا فِي النَّجْمِ وَالاِنْشِقَاقِ (3) .
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي ثَانِيَةِ الْحَجِّ أَوْ فِي سَجَدَاتِ الْمُفَصَّل لَمْ تَبْطُل صَلَاتُهُ لِلْخِلَافِ فِيهَا، وَقِيل: تَبْطُل صَلَاتُهُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِمَنْ يَسْجُدُهَا فَيَسْجُدُ مَعَهُ، فَإِنْ تَرَكَ اتِّبَاعَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ سَجَدَ دُونَ إِمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَنَقَل الزَّرْقَانِيُّ اتِّجَاهَاتِ الْمَالِكِيَّةِ فِي اعْتِبَارِ
(1) حديث زيد بن ثابت: " قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 554 - ط السلفية) ومسلم (1 / 406 - ط الحلبي) .
(2)
حديث أبي الدرداء: " سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ". أخرجه ابن ماجه (1 / 335 - ط الحلبي) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 201 - ط دار الجنان) .
(3)
تفسير القرطبي 7 / 357، جواهر الإكليل 1 / 71، والدسوقي 1 / 308.