الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخَذَ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ النِّصَابَ، أَوْ أَدْخَل يَدَهُ فَأَخَذَ دُونَ شَقٍّ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ يُعْتَبَرُ حِرْزًا لِكُل مَا يَلْبَسُهُ أَوْ يَحْمِلُهُ مِنْ نُقُودٍ وَغَيْرِهَا. وَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَل يَدَهُ فِي الْكُمِّ أَوْ فِي الْجَيْبِ فَأَخَذَ مِنْ غَيْرِ شَقٍّ، أَوْ شَقَّ غَيْرَهُمَا مِثْل الصُّرَّةِ، فَلَا يُطَبَّقُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَةِ؛ لِعَدَمِ اكْتِمَال الأَْخْذِ مِنَ الْحِرْزِ (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(نَشْلٍ) .
ز -
النَّهْبُ:
8 -
نَهَبَ الشَّيْءَ نَهْبًا: أَخَذَهُ قَهْرًا. وَالنَّهْبُ: الْغَارَةُ وَالْغَنِيمَةُ وَالشَّيْءُ الْمَنْهُوبُ وَهُوَ الْغَلَبَةُ عَلَى الْمَال وَالْقَهْرُ. قَال الأَْزْهَرِيُّ: وَالنَّهْبُ مَا انْتُهِبَ مِنَ الْمَال بِلَا عِوَضٍ، يُقَال: أَنْهَبَ فُلَانٌ مَالَهُ: إِذَا أَبَاحَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَكُونُ نَهْبًا حَتَّى تَنْتَهِبَهُ الْجَمَاعَةُ، فَيَأْخُذُ كُل وَاحِدٍ شَيْئًا، وَهِيَ النُّهْبَةُ (2) .
وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّهْبِ وَالسَّرِقَةِ يَعُودُ إِلَى شِبْهِ الْخُفْيَةِ، وَهُوَ لَا يَتَوَافَرُ فِي النَّهْبِ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ (3) .
(1) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص 182، أحكام القرآن للقرطبي 6 / 170، المغني 8 / 256، والمبسوط 9 / 161، فتح القدير 5 / 391، بدائع الصنائع 7 / 76.
(2)
لسان العرب، المصباح المنير، المعجم الوسيط، والزاهر ص 431.
(3)
حديث: " ليس على خائن ولا منتهب ولا. . . ". تقدم تخريجه ف / 2.
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (نَهْبٍ) .
أَرْكَانُ السَّرِقَةِ:
9 -
لِلسَّرِقَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: السَّارِقُ، وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ، وَالْمَال الْمَسْرُوقُ، وَالأَْخْذُ خُفْيَةً.
الرُّكْنُ الأَْوَّل: السَّارِقُ:
10 -
يَجِبُ - لإِِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَةِ - أَنْ تَتَوَافَرَ فِي السَّارِقِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا، وَأَنْ يَقْصِدَ فِعْل السَّرِقَةِ، وَأَلَاّ يَكُونَ مُضْطَرًّا إِلَى الأَْخْذِ، وَأَنْ تَنْتَفِيَ الْجُزْئِيَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَأَلَاّ تَكُونَ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ مَا أَخَذَ.
الشَّرْطُ الأَْوَّل: التَّكْلِيفُ:
11 -
لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِلَاّ إِذَا كَانَ مُكَلَّفًا، أَوْ بَالِغًا عَاقِلاً (1) .
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (تَكْلِيفٍ) .
أ - وَيُعْتَبَرُ الشَّخْصُ بَالِغًا إِذَا تَوَافَرَتْ فِيهِ إِحْدَى عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ.
يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (بُلُوغٍ) .
أَمَّا مَنْ كَانَ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِقَوْل
(1) ابن عابدين 3 / 265، وبداية المجتهد 2 / 437، الأحكام السلطانية للماوردي ص 228، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 268.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ (1) . وَلِذَا قَال ابْنُ حَجَرٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاِحْتِلَامَ فِي الرِّجَال وَالنِّسَاءِ يَلْزَمُ بِهِ الْعِبَادَاتُ وَالْحُدُودُ وَسَائِرُ الأَْحْكَامِ (2) .
ب - وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَقْل لإِِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى السَّارِقِ، إِذْ أَنَّهُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ (3)، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل. هَذَا إِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ مُطْبَقًا، فَأَمَّا إِنْ كَانَ غَيْرَ مُطْبَقٍ وَجَبَ الْحَدُّ إِنْ سَرَقَ فِي حَال الإِْفَاقَةِ، وَلَا يَجِبُ إِنْ سَرَقَ فِي حَال الْجُنُونِ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(جُنُونٍ) .
ج - وَقَدْ أَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ الْمَعْتُوهَ بِالْمَجْنُونِ؛ لأَِنَّ الْعَتَهَ نَوْعُ جُنُونٍ فَيَمْنَعُ أَدَاءَ الْحُقُوقِ (4) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (عَتَهٍ) .
(1) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يكبر ". أخرجه أبو داود (4 / 558 - تحقيق عزت عبيد الدعاس) والحاكم (2 / 59 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(2)
فتح الباري 5 / 277. وانظر: بدائع الصنائع 7 / 67، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 332، 344، ونهاية المحتاج 7 / 421، وكشاف القناع 6 / 129.
(3)
نفس المراجع السابقة.
(4)
ابن عابدين 2 / 426 - 427، والموسوعة الفقهية 16 / 99 ف 3.
د - وَلَا يَجِبُ إِقَامَةُ الْحَدِّ إِذَا صَدَرَتِ السَّرِقَةُ مِنَ النَّائِمِ (1)، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (نَوْمٍ) .
هـ - كَذَلِكَ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا سَرَقَ حَال إِغْمَائِهِ (2) . انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (إِغْمَاءٍ) .
و أَمَّا مَنْ يَسْرِقُ وَهُوَ سَكْرَانُ (3)، فَقَدِ اخْتَلَفَتْ فِي حُكْمِهِ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ:
فَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنَّ عَقْلَهُ غَيْرُ حَاضِرٍ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مُطْلَقًا إِلَاّ حَدَّ السُّكْرِ. سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَعَدِّيًا بِسُكْرِهِ أَمْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ بِهِ (4) . غَيْرَ أَنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ: إِذَا كَانَ السَّكْرَانُ قَدْ تَعَدَّى بِسُكْرِهِ، فَإِنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ يُقَامُ عَلَيْهِ، سَدًّا لِلذَّرَائِعِ، حَتَّى لَا يَقْصِدَ مَنْ يُرِيدُ ارْتِكَابَ جَرِيمَةٍ إِلَى الشُّرْبِ دَرْءًا لإِِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِالسُّكْرِ فَيَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِقِيَامِ عُذْرِهِ وَانْتِفَاءِ قَصْدِهِ (5) .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (سُكْرٍ) .
(1) بدائع الصنائع 7 / 67، وشرح منتهى الإرادات 3 / 336.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص 228، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 260.
(3)
انظر في تعريف السكر: الموسوعة الفقهية 16 / 100 ف 5.
(4)
المهذب 2 / 277، والمغني 8 / 195.
(5)
حاشية ابن عابدين 3 / 192، والخرشي 8 / 101، والمهذب 2 / 78 و278، والمغني 8 / 195.