الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لربنا حامدون، ولما ظعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الطائف قيل: يا رسول اللَّه ادع اللَّه على ثقيف فقال: اللَّهمّ اهد ثقيفا وائت بهم [ (1) ] .
وقال ابن إسحاق [ (2) ] : حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر بن حزم وعبد اللَّه بن المكرم عمن أدركوا من أهل العلم، قالوا: حاصر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ثلاثين ليلة أو قريبا من ذلك، ثم انصرفوا عنهم ولم يؤذن فيهم، فقدم المدينة فجاءه وفدهم في رمضان فأسلموا.
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن ذي الخويصرة بأنه وأصحابه يمرقون من الدين فكان كما أخبر
يروي قتيبة بن سعيد وأبو خيثمة وإسحاق بن إبراهيم الحنظليّ وعثمان ابن أبي شيبة قالوا جميعا: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه يعني ابن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قالوا: لما كان يوم حنين آثر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ناسا في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناسا من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: واللَّه إن هذه القسمة ما عدل فيها، وما أريد بها وجه اللَّه! قال: فقلت: واللَّه لأخبرن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتيته فأخبرته بما قال الرجل، فتغيّر وجهه حتى صار كالصرف، قال: فمن يعدل إذا لم يعدل اللَّه
[ (1) ](سيرة ابن هشام) : 5/ 156، أبو بكر يفسر رؤيا رسول اللَّه وفيها: فإن ثقيفا قوم مناكير وما.. أثبتناه من الواقدي.
[ (2) ] في (المرجع السابق) : «فحصرهم بضعا وعشرين ليلة، قال ابن هشام: سبع عشرة ليلة» .
ورسوله؟ ثم قال: يرحم اللَّه موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر، قال:
فقلت: لا جرم، لا أرفع إليه بعد هذا حديثا [ (1) ] .
لفظ أبي خيثمة: وقال إسحاق مثل ذلك إلا أنه قال: وآثر ناسا من أشراف العرب، وقال: أو ما أريد به وجه اللَّه، وحديث قتيبة وعثمان على لفظ أبي خيثمة إلا أنهما قالا: أو ما أريد به وجه اللَّه- تعالى-، رواه البخاريّ [ (2) ] ، في (الصحيح عن قتيبة) ، ورواه مسلم [ (3) ] ، عن أبي خيثمة وإسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة، وذكر الواقدي أن المتكلم بهذا معتب ابن قشير العمري [ (4) ] .
وقال يحيى بن بكير ومحمد بن رمح: حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: أتى رجل بالجعرانة النبي صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس، فقال: يا محمد: اعدل، فقال:
ويلك! ومن يعدل إذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: دعني يا رسول اللَّه فأقتل هذا المنافق، قال صلى الله عليه وسلم: معاذ اللَّه أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 5/ 184- 185، باب اعتراض من اعترض من أهل النفاق في قسمة النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم عن خروج أشباه له يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، وإخباره صلى الله عليه وسلم عن آيتهم وما ظهر في ذلك من علامات النبوة.
[ (2) ](فتح الباري) : 309، كتاب فرض الخمس، باب (19) ما كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، حديث رقم (3150) .
[ (3) ](مسلم بشرح النوويّ) : 7/ 164، كتاب الزكاة، باب (46) إعطاء المؤلفة قلوبهم، حديث رقم (140) .
[ (4) ](مغازي الواقديّ) : 3/ 949.
وأصحابه يقرءون القرآن، لا يجاوز خناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية، لفظ حديث ابن رمح، خرّجه عنه مسلم [ (1) ] .
وقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق قال: حدثني أبو عبيدة بن محمد ابن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل قال: خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي، فلقينا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- يطوف بالكعبة معلقا نعليه في يده، فقلنا له: هل حضرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعنده ذو الخويصرة التميمي يكلمه؟ قال:
نعم، ثم حدثنا فقال: أتى ذو الخويصرة التميمي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يقسم المقاسم بحنين، فقال: يا محمد! قد رأيت ما صنعت قال: وكيف رأيت؟
قال: ما رأيتك عدلت، فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فقال عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: يا رسول اللَّه ألا أقوم إليه فأضرب عنقه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: دعه عنك، فإنه سيكون لهذا شيعة يتعمقون في الدين حتى يمرقوا كما يمرق السهم من الرمية تنظر في النصل فلا تجد شيئا، وتنظر في القدح فلا تجد شيئا، ثم تنظر في الفوق فلا تجد شيئا، سبق الفرث والدم [ (2) ] .
وروي بشر بن شعيب بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الزهريّ قال:
أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا سعيد الخدريّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: بينا نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة- رجل من بني تميم- فقال: يا رسول اللَّه! اعدل، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟ وقد خبت وخسرت إن لم أعدل.
قال عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: يا رسول اللَّه ائذن لي فيه أضرب عنقه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم، صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن، لا
[ (1) ](مسلم بشرح النوويّ) : 7/ 165، كتاب الزكاة، باب (47) ذكر الخوارج وصفاتهم، حديث رقم (142) .
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 5/ 186- 187.
يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافة فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء، ثم في قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس.
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قاتلهم وأنا معه، وأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتي به، حتى نظرت إليه على نعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الّذي نعت [ (1) ] .
خرّجه البخاريّ عن أبي اليمان، عن شعيب، وأخرجاه من وجه آخر عن الزهريّ، فأخبر صلى الله عليه وسلم بخروج قوم فيهم رجل مخدّج اليد، عند افتراق يكون بين المسلمين، وأنه يقتلهم أولى الطائفتين بالحق فكان كذلك، وخرجوا حين وقعت الفرقة بين أهل العراق وأهل الشام، وقتلهم أولى الطائفتين بالحق، وهو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، ووجدوا المخدّج كما وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكان ذلك علم من أعلام النبوة ظهر بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (2) ] ، وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء اللَّه تعالى.
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 5/ 187- 188، والرصاف: مدخل النصل من السهم، النضي:
السهم بلا نصل ولا ريش، القذذ: ريش السهم، سبق الفرث والدم: أي أن السهم قد جاوز هما ولم يعلق فيه منهما شيء، تدردر: تضطرب.
[ (2) ](فتح الباري) : 6/ 766، كتاب المناقب، باب (25) علامات النبوة في الإسلام حديث رقم (3610) ، وأخرجه في كتاب الأدب، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، وفي كتاب استتابة المرتدين، عن محمد بن المثنى.
وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الزكاة، باب (47) ذكر الخوارج وصفاتهم، حديث رقم (148) .