الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فرجف بهم فقال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أثبت أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان، وقد تقدم هذا الحديث بطرقه في ذكر تحرك الجبل لأجله وسكونه بأمره [ (1) ] .
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن عمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير شهداء فكان كذلك وقتلوا شهداء رضوان اللَّه عليهم
فخرج مسلم [ (2) ] والترمذي [ (3) ] من حديث سهيل أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. وقد تقدم بطرقه.
وأما إخباره صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بأنه شهيد وما كان من ذلك
فخرج عبد الرزاق [ (4) ] من حديث معمر، عن الزهري، عن ثابت بن قيس ابن شماس قال لما نزلت: لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ قال: يا نبي اللَّه لقد خشيت أن أكون قد هلكت نهانا اللَّه أن نرفع أصواتنا فوق صوتك،
[ (1) ](سنن الترمذي) : 5/ 583، كتاب المناقب، باب (19) في مناقب عثمان بن عفان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (3697) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 16/ 199، كتاب فضائل الصحابة، باب (6) فضائل طلحة والزبير رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، حديث رقم (50) .
[ (3) ](سنن الترمذي) : 5/ 582، كتاب المناقب، باب (19) في مناقب عثمان بن عفان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (3696) .
[ (4) ](تفسير ابن كثير) : 4/ 220- 221، تفسير سورة الحجرات.
وأنا امرؤ جهير الصوت. ونهى اللَّه المرء أن يحمد بما لم يفعل، وأجدني أحب الحمد. ونهى اللَّه عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا ثابت ألا ترضي أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟ فعاش حميدا، وقتل يوم مسيلمة.
وخرجه الحاكم [ (1) ] في (المستدرك) من حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي، عن ابن شهاب قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن ثابت الأنصاري، عن أبيه أن ثابت بن قيس قال: قلت يا رسول اللَّه لقد خشيت أن أكون قد هلكت، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: نهانا اللَّه أن نحب أن نحمد بما لم نفعل، وأجدني أحب الحمد ونهانا عن الخيلاء، وأجدني أحب الجمال، ونهانا ان نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا جهير الصوت فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا ثابت ألا ترضي أنت تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟. قال: بلي يا رسول اللَّه. قال: فعاش حميدا، وقتل شهيدا يوم مسيلمة الكذاب. قال الحاكم:
صحيح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه بهذه السياقة إنما أخرج مسلم وحده حديث حماد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس قال: لما أنزلت لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [ (2) ] جاء ثابت بن قيس وذكر الحديث مختصرا.
قال المؤلف: وخرجه الطبراني في الأوسط، عن أحمد بن محمد بن محمد بن حمزة، عن أبيه، عن جده، عن الأوزاعي، عن الزهري قال:
حدثني ابن ثابت الأنصاري قال: قلت يا رسول اللَّه فذكر الحديث بمعناه وخرج الحاكم [ (3) ] من حديث موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن ثابت، عن أنس أن ثابت بن قيس. جاء يوم اليمامة، وقد تحنط ولبس أكفانه، وقد انهزم أصحابه
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 260، كتاب معرفة الصحابة حديث رقم (5034) وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) صحيح على شرط البخاري ومسلم.
[ (2) ](الحجرات) : 2.
[ (3) ](المستدرك) : 38260 كتاب معرفة الصحاب، باب (31) حديث رقم (5034) وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وقال: اللَّهمّ إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء، فبئس ما عودتم أقرانكم خلوا بيننا وبين أقراننا ساعة، ثم حمل فقاتل ساعة فقتل وكانت درعه قد سرقت فرآه رجل فيما يرى النائم. فقال: إن درعي في قدر تحت أكاف بمكان كذا وكذا وأوصي بوصايا فطلب الدرع فوجد حيث قال فأنفذوا وصيته وفيها قصة عجيبة،
فذكرها من طريق عطاء الخراساني قال: لما قدمت المدينة فأتيت ابنة ثابت بن قيس بن شماس فذكرت قصة أبيها قالت:
لما أنزل اللَّه على رسوله صلى الله عليه وسلم لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ [ (1) ] الآية وآية وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [ (2) ] جلس أبي في بيته يبكي ففقده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسأله عن أمره فقال: إني امرؤ جهير الصوت، وأخاف أن يكون قد حبط عملي، فقال: بل تعيش حميدا وتموت شهيدا ويدخلك اللَّه الجنة بسلام
فلما كان يوم اليمامة مع خالد بن الوليد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- استشهد فرآه رجل من المسلمين في منامه فقال: إني لما قتلت انتزع درعي رجل من المسلمين وخبأه في أقصي العسكر وهو عنده وقد أكب على الدرع برمة وجعل على البرمة رجلا فأتت الأمير فأخبره وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه وإذا أتيت المدينة فأت قفل لخليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن علي من الدين كذا وكذا وغلامي فلان من رقيقي عتيق، وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه.
قال: فأتاه. فأخبره الخبر فوجد الأمر على ما أخبره، وأتى أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فأخبره فأنفذ وصيته، فلا نعلم أحدا بعد ما مات أنفذ وصيته غير ثابت بن قيس بن شماس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-[ (3) ] .
وقال الحافظ أبو عمرو النمري، وروى هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد قال:
حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن عامر قال: حدثني عطاء الخراساني، قال حدثتني ابنة ثابت بن قيس بن شماس قالت: لما نزلت:
[ (1) ] سبق تخريجه.
[ (2) ] الحديد: 3.
[ (3) ](المستدرك) : 3/ 261، كتاب معرفة الصحابة باب (31) حديث رقم (5036) ، وسكت عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) .
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الآية دخل أبوها بيته وأغلق علي بابه ففقده النبي صلى الله عليه وسلم وأرسل إليه يسأله، فأخبره، فقال: أنا رجل شديد الصوت أخاف أن يكون قد حبط عملي، قال: لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير.
قال: ثم أنزل اللَّه تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [ (1) ] فأغلق عليه بابه وطفق يبكي، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم إليه فأخبر، وقال: يا رسول اللَّه إني أحب الجمال، وأحب أن أسود قومي، فقال: لست منهم بل تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة
قالت: فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة، فلما التقوا انكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم حفز كل واحد منهما حفزة، فثبتا فقاتلا حتى قتلا، وعلي ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين. فأخذها، فبين رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت في منامه فقال له إني أوصيك بوصية:
فإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، ومنزله في أقصي الناس، وعند خباية فرس يسترني في طوله، وقد كفى على الدرع برمة، وفوق البرمة رجل، فأت خالد فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها.
وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعنى أبا بكر فقل له: إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق. فأتى الرجل خالد- رضي اللَّه وتبارك عنه- فأخبره فبعث إلي الدرع فأتى بها. وحدث أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- برؤياه فأجاز وصيته قال: ولا نعلم أحد أجيزت وصيته بعد موته غير ثاب بن قيس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال المؤلف رحمه الله: الرجل الّذي زار ثابت بن قيس في منامه هو بلال بن رباح مؤذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ (1) ] لقمان: 18.