الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إجابة اللَّه تعالي دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم في مجيء ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد ابن ثعلبة بن يربوع بن الدؤل بن حنيفة الحنفي [ (1) ]
[ (1) ]
أبو أمامة اليمامي، حديثه في البخاري من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل بني حنيفة: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد ان لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه.
وأخرجه أيضا مطولا، ورواه ابن إسحاق في المغازي، عن سعيد المقبري مطولا، وأوله:
ثمامة كان عرض لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأراد قتله، فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ربه أن يمكنه منه، فلما أسلم قدم مكة معتمرا، فقال: والّذي نفسي بيده، لا تأتيكم حبة من اليمامة- وكانت ريف أهل مكة- حتى يأذن فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وذكر أيضا ابن إسحاق أن ثمامة ثبت على إسلامه لما ارتد أهل ليمامة، وارتحل هو ومن أطاعه من قومه، فلحقوا بالعلاء الحضرميّ، فقاتل معه المرتدين من أهل البحرين، فلما ظفروا اشتري ثمامة حلة كانت لكبيرهم فرآها عليه ناس من بني قيس بن ثعلبة، فظنوا أنه هو الّذي قتله وسلبه فقتلوه.
وروى ابن منك من طريق علباء بن أحمد عن عكرمة، عن ابن عباس قصة إسلام ثمامة ورجوعه إلى اليمامة ومنعه عن قريش المبرة، ونزول قوله تعالي: وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ [المؤمنون: 76] وإسناده حسن.
وله مقام في الردة، وفي الإنكار علي بني حنيفة أبيات، منها:
أهم بترك القول ثم يردني
…
إلي القول إنعام النبي محمد
شكرت له فكي من الغل بعد ما
…
رأيت خيالا من حسام مهند
وكان ثمامة حين أسلم قال: يا رسول اللَّه، واللَّه لقد قدمت عليك وما علي وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، ولا دين أبغضن إلي دينك، ولا بلد أبغض إلي من بلدك، وما أصبح على وجه الأرض وجه أحبّ إلى من وجهك، ولا دين أحبّ من دينك، ولا بلد أحب إلي من بلدك.
فقال سيف: عن طلحة، عن عكرمة قال: كان من حديث ثمامة بن أثال وسبب إسلامه أن ثمامة كان يتعرض لرسل النبي صلى الله عليه وسلم يخيف طريقهم، وكان المنذر بن ساوي والي قبائل ممن حولهم، فأخذه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فهم بقتله فخلصه عامر بن مسلمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللَّهمّ أمكني ثمامة بغير عهد ولا عقد.
فلما كان الحج خرج ثمامة حاجا. وخرج رجل من مكة يريد النبي صلى الله عليه وسلم فضل ثمامة، فلما دنا من المدينة لقيه ذلك الرجل فتساءلا، فأخذه الرجل، فقال ثمامة: الحمد للَّه إذ رماني بخليل ولم يرمني برفيق، ما أبالي متى بت، فانتهي به إلي المدينة، فأتي به إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أبالى ميتي بت، فانتهي به إلي المدينة، فأتي به إلي النبي فقال: أنت سيد أهل اليمامة يا
[ () ] وقال محمد بن إسحاق: ارتد أهل اليمامة عن الإسلام غير ثمامة بن أثال ومن اتبعه من قومه، فكان مقيما باليمامة ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه، ويقول: إياكم وأمرا مظلما لا نور فقيه، وإنه لشقاء كتبه اللَّه عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاء من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة.
فلما عصوه ورأى انهم قد اتفقوا على اتباع مسيلمة، عزم على مفارقتهم، ومر العلاء بن الحضري ومن تبعه على جانب اليمامة، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني واللَّه ما أرى أن أقيم مع هؤلاء مع ما قد أحدثوا، وإن اللَّه تعالي لضاربهم ببلية لا يقومون بها ولا يقعدون، وما نرى أن نتخلف عن هؤلاء وهم مسلمون، وقد عرفنا الّذي يريدون، وقد مروا بنا قريب، ولا أرى إلا الخروج إليهم، فمن أراد الخروج منكم فليخرج ممدا العلاء بن الحضرميّ، ومعه أصحابه من المسلمين، فكأن ذلك قد فت في أعضاد عدوهم حين بلغهم مدد
دعانا إلي ترك الديانة والهدي
…
مسيلمة الكذاب إذ جاء يسجع
فيا عجبا من معشر قد تتابعوا
…
له في سبيل الغي والغي أشنع
في أبيات كثيرة ذكرها ابن إسحاق في الردة، وفي آخرها:
وفي البعد دار قد أضل أهلها
…
هدى واجتماع كل ذلك مهيع
(سيرة ابن هشام) : 6/ 51- 52، (الاستيعاب) : 1/ 213- 216، ترجمة رقم (277)، (الإصابة) : 1/ 410- 412، ترجمة رقم (962)، (جمهرة أنساب العرب) : 312، (الفتوح) لابن أعثم: 1/ 29 وما بعدها.