الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وثوب الأسود العنسيّ قبيل وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
وهو: عيهلة بن كعب بن عوف بن صعب بن مالك بن عباس واسمه زيد ابن مالك، وهو مذجح بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
قال الدولابي: وكان معه شيطانان: سحيق وشفيق، يخبرانه بكل شيء، وأعلماه بموت باذان فخرج من ساعته فغلب علي صنعاء.
وقال سيف: عن أبي مويهبة مولى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: رجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد ما قضى حجة التمام فتحلل وضرب على الناس بعثا وأمر عليهم أسامه بن زيد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- وأمره أن يوطئ إبل الزيت من مشارق الشام بالأردن [ (1) ] ، فقال المنافقون في ذلك، وردّ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم:
إنه لخليق لها أي حقيق بالإمارة، ولئن قلتم فيه، لقد قلتم في أبيه من قبله وإن كان لخليقا، وطارت الأخبار بتحليل السير بالنبيّ صلى الله عليه وسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتكى، فوثب الأسود باليمن، ومسيلمة باليمامة، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم الخبر عنهما، ثم وثب طلحة في بلاد بني أسد بعد ما أفاق النبي صلى الله عليه وسلم ثم اشتكى في المحرم وجعه الّذي توفاه اللَّه تعالى فيه.
وقال: حدثناه هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمر أسامة بن زيد وضرب البعث على عامة أهل المدينة بعد ما أمره أن يسير حتى يوطئ بهم إبل الزيت، ويحلل به السير، فطار في الآفاق أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى، فوثب الأسود باليمن، ومسيلمة باليمامة، ثم إن طلحة وثب بعد ما أفاق النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ما جاء الخبر عن الأسود ومسيلمة، ثم إنه اشتكى وجعه الّذي توفاه اللَّه تعالى فيه في عقب المحرم.
قال سيف: حدثنا سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري، عن
[ () ](4)(مغازي الواقدي) : 3/ 1125.
[ (1) ] لم أجد هذا الموضع فيما عندي من معاجم البلدان.
القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: أول ردة كانت ردة الأسود، واسمه عيهلة بن كعب، وكان يقال له ذو الخمار، ويقال ذو الحمار- بالحاء المهملة- لأنه مر به حمار [ (1) ] فخر علي وجهه فقام الأسود يتحدث ولم يقم الحمار حتى تكلم إليه.
قال سيف: ومسيلمة واسمه ثمامة بن قيس، وكان يقال له: رحمان، بأن الّذي يأتيه رحمان، وطليحة بن خويلد ويقال له: ذو النون، فإن الّذي يأتيه ذو النون، يقال: حدثني المسير بن يزيد النخعي، عن عروة بن عرية عن الضحاك بن فيروز الديلمي، عن أبيه قال: إن أول ردة كانت في الإسلام ردة كانت باليمن، على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على يدي ذي الخمار عيهلة بن كعب، وهو الأسود في عامة مذجح بعد حجة الوداع، وكان الأسود كاهنا، شعباذا، وكان يريهم الأعاجيب، وسبي قلوب من سمع منطقه.
وقال ابن أبي خثيمة: وأنكر نبوءته فقال: لا أكلمك ولكن أسأل ربي يكلمك وأمسك فاه، فسمع الرجل متكلما يقول: سل عما بدا لك، وراجعه بكلام.
وقال سيف: وكان أول ما خرج أن خرج كهف حنان وهي كانت داره وبها ولده ونساؤه، فكاتبته مذجح وواعدته بحران، فوثبوا بها وأخرجوا عمرو ابن حزم، وخالد بن سعيد بن العاص، فأنزلوه منزلهما.
ووثب قيس بن عبد يغوث علي فروة بن مسيك وهو على مراد، فأخلاه ونزل منزله فلم يلبث عيهلة بنجران أن سار إلى صنعاء فأخذها، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من فعله ونزوله صنعاء، وكان أول حين وقع به عنه من قبل فروة بن مسيك، فلحق بفروة من تم إسلامه من مذجح ولم يكاتب الأسود صلى الله عليه وسلم ولم يرسل إليه لأنه لم يكن معه أحد يساعيه وضوى له ملك اليمن.
قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: لما اشتكى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ارتاب من شاء اللَّه فلم يقم منهم أحد على دينه إلا الأسود العنسيّ،
[ (1) ] غير واضحة بالأصل.
ومسيلمة، فإنّهما كفرا وادعيا النبوة، وكفر من اتبعهما، فلما بلغا النبي صلى الله عليه وسلم خبرهما، قام في الناس فقال: أيها الناس، إني قد كنت أريت ليلة القدر فأنسيتها وأريت في ذراعي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما، فطارا، فأولتهما هذين الكذابين: صاحب اليمامة، وصاحب صنعاء، ولن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يزعم أنه نبي.
وعن محمد بن إسحاق عن عبيد اللَّه بن أبي بكر، قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يوما وهو يخطب على المنبر وقد تكلم في زمانه قبل إن يقبض مسيلمة وادعى النبوة والأسود بن كعب العنسيّ باليمن، وادعى النبوة، وكان يقال له في الجاهلية ذو الخمار: يا أيها الناس إني قد أريت ليلة القدر ثم انتزعت مني ورأيت في يدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما، فطارا، فأولتهما هذين الكذابين: صاحب اليمامة، وصاحب صنعاء، ولن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يزعم أنه نبي.
فقد كان غلظ أمر الأسود واستكنف، وبايعه أهل اليمن إلا أن قوما قليلا خالفوا عليه.
قال المؤلف: وقد خرج البخاري ومسلم طرفا من ذلك، فخرج البخاري في كتاب المغازي في وفد بني حنيفة من حديث عبد الرزاق عن معمر بن همام أنه سمع أبا هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وخرج مسلم أيضا من طريق عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة. عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال:
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم أتيت خزائن الأرض. قال البخاري: في كفي سوارين من ذهب فكبرا عليّ فأوحي إلي أن انفخهما، فنفختهما، فذهبا، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما: صاحب صنعاء، وصاحب اليمامة [ (1) ] .
وخرج البخاري في التعبير من حديث عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن
[ (1) ](فتح الباري) : 8/ 112، كتاب المغازي، باب (71) وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال، حديث رقم (4375) .
همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض فوضع في يدي سواران من ذهب فكبرا علي
…
الحديث إلى آخره. وترجم عليه باب النفخ في المنام [ (1) ] .
وقال ابن أبي خثيمة: بعث الأسود إلى أبي مسلم عبد اللَّه بن أيوب الخولانيّ. فأتاه فقال: أشهد أني رسول اللَّه، قال: ما أسمع، قال: أشهد أن محمدا رسول اللَّه، قال: نعم فردد ذلك مرارا، فأوقد له نارا عظيمة وألقاه فيها فلم يضره، فنفاه، فأتى المدينة.
وقال سيف: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: حاربهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرسل والكتب فأرسل إلى نفر من الأبناء رسولا وكتب إليهم أن تحاولوا الأسود وأمرهم أن يتخذوا رجالا قد سماهم لهم ممن حولهم من حمير وهمذان وأرسل إلى أولئك النفر من حمير وهمذان أن يتخذوهم. وأرسل إلى ثمامة بن أثال ومن يسمع عليه، أن تحاولوا مسلمة، وأمره أن يتخذوا رجالا قد سماهم ممن والاه من تميم وقيس، وأرسل إلي أولئك النفر من تميم وقيس أن يتخذوه وأرسل إلي عون وورقاء بن نوفل، وإلى سنان وقضاعة أن تحاولوا طليحة وأمرهم أن يتخذوا رجالا قد سماهم لهم من تميم وقيس، وأرسل إلي أولئك النفر من تميم وقيس أن يتخذوهم، ففعلوا، وانقطعت سبل المرتدة، وطعنوا في نقصان، وأغفلهم فاستغفلوا في أنفسهم فأصيب الأسود في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بيوم أو بليلة وكذا مسيلمة، وطلحة.
قال: حدثنا الضحاك بن يربوع عن أبيه عن ماهان، قال: قال ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قاتل النبي صلى الله عليه وسلم الأسود وطليحة ومسيلمة وأشياعهم بالرسل فلم يشغله.
قال سيف: عن طلحة بن الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس- رضي اللَّه
[ (1) ](المرجع السابق) 12/ 523، حديث رقم (7036) ، (7037) .
تبارك وتعالى عنهما-: أول من اعترض على العنسيّ وكابره عامر بن شهر الهمذاني في ناحية، وفيروز ودادوبه في ناحيتهما ثم تتابع الذين كتب إليهم على ما أمروا به.
وقال سيف: عن سهل بن يوسف عن أبيه عن عبيد بن صخر قال: بينما نحن بالجد قد أفتاهم على ما ينبغي وكتبنا بينهم الكتب إذ جاءنا كتاب من الأسود: أيها المتوردون علينا أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا ووفروا ما جمعتم، فنحن أولى به، أنتم على ما كنتم عليه، فقلنا للرسول من أين جئت؟ قال من كهف حنان، ثم كان وجهه إلى نجران حتى أخذها لمحرجه فتابعه عوام مذجح، فبينا نحن ننظر في أمرنا ونحن جميعا إذا نبيا فقيل:
هذا الأسود يشعوب، وقد خرج إليه شهر بن باولم وذلك لعشرين ليلة من منحمة فبينا نحن ننتظر الخبر على من تكون الدبرة، إذ أتانا به قبل شهر، أن هرم الأبناء، وغلب على صنعاء، لخمس وعشرين ليلة من منحمه، خرج معاذ ابن جبل- رضي اللَّه تبارك وتعالى هاربا حتى يمر بأبي موسي الأشعري- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وهو يحارب فافتتحا حضرموت، فأما معاذ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فإنه نزل في السكون، وأما أبو موسي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فإنه نزل السكون، وأما أبو موسى- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فإنه نزل في السكاسك مما يلي المقود والمفازة، بينهم وبين مأرب وبجاد سائر من اليمن إلى الظاهر بن أبي هالة إلا عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاص، فإنّهما رجعا إلى المدينة، والظاهر بن أبي هالة في بلاد جبال صنعاء وغلب الأسود على ما بين مهد مفازة حضرموت إلي عمل الطائف إلى البحرين قبل عدن، وطافت عليه اليمن وعك بتهامة حضرموت.
وجعل يستطير استطارة الحريق، وكان معه سبعمائة فارس سوى الركبان وكان قواده: قيس بن عبد يغوث المراديّ، معاوية فلان الحبيّ، يزيد بن محرم ويزيد بن حصن الحاري، ويزيد بن الأفكل الأزدي، ابنا مليكة، واستغلظ أمره، ودانت له سواحل من السواحل، والسرجة، والحردة، والخدرة، وعدن ثم صنعاء، إلى عمل الطائف إلي الأحنة، وغلب، وعامله المسلمون بالبعير،
وعامله أهل الردة بالكفر والرجوع عن الإسلام وكان خليفته في مذجح عمرو بن معديكرب، وأسند أمر الناس الى نفر، فأما أمر جنده فآل إلى قيس ابن عبد يغوث وأسند أمور الآباء إلى فيروز ودادويه، فلما أنجز في الأرض استخلف مقيس بن عبد يغوث وفيروز ودادويه وأخذ امرأة شهر بن باذام، وهي ابنة عم فيروز فبينما نحن كذلك بحضرموت، ولا نأمن أن يسير إلينا الأسود، أو يبعث إلينا جيشا، أو يخرج بحضرموت، خارج يدعي بمثل ما ادعى به الأسود فنحن على ظهر، يروح معاذ بن جبل- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إلى بني بكرة، حي من السكون إلى امرأة يقال لها رملة فحدبوا عليها لصهره وكان معاذ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بها معجبا فإن كان ليقول فيما يدعو اللَّه تعالى: اللَّهمّ ابعثني يوم القيامة مع السكون، إذ جاء كتب النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يبعث الرجّال لمحاربته أو محاولته يعني الأسود، وأن يبلغ كل من رجا عنده شيئا من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فقام مقامه معاذ بن جبل- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بالذي أمرته فعرفنا القوة ووثقنا بالبعير.
قال سيف: عن أبي القاسم، عن العلاء بن زياد عن أبي عمر قال: أتى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من السماء، الليلة التي قتل فيها الأسود العنسيّ، فخرج ليسرنا، فقال صلى الله عليه وسلم: قتل العنسيّ البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين.