الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأمرني مالك فكتبت بأن يقتل وتضرب عنقه، فكتبت، ثم قلت: يا أبا عبد اللَّه واكتب: ثم يحرق بالنار، فقال: إنه لحقيق بذلك، وما أولاده به كتبته بيدي بين يديه فما أنكره ولا عابه ونفذت الصحيفة بذلك، فقتل وحرق.
وأفتي عبيد اللَّه بن يحيي وابن لبابة في جماعة من سلف أصحابنا الأندلسيين بقتل نصرانية استهلت بنفي الربوبية ونبوة عيسى للَّه وتكذيب محمد في النبوة وبقبول إسلامها ودرء القتل عنها به، قال غير واحد من المتأخرين منهم القابسي وابن الكاتب وقال أبو القاسم بن الجلاب في كتابه:
من سب اللَّه ورسوله من مسلم أو كافر قتل ولا يستتاب.
وحكي القاضي أبو محمد في الذمي يسب ثم يسلم روايتين في درء، القتل عنه بإسلامه، وقال ابن سحنون: وحد القذف وشبهه من حقوق العباد لا يسقطه عن الذمي إسلامه وانما يسقط عنه بإسلامه حدود اللَّه، فأما حد القذف فحق للعباد كان ذلك لنبي أو غيره، فأوجب على الذميّ إذا قذف النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم حد القذف ولكن انظر ماذا يجب عليه، هل حد القذف في حق النبي صلى الله عليه وسلم وهو القتل لزيادة حرمة النبي صلى الله عليه وسلم على غيره؟ أم هل يسقط القتل بإسلامه ويحد ثمانين؟ فتأمله.
فصل في ميراث من قتل في سب النبي صلى الله عليه وسلم وغسله والصلاة عليه
اختلف العلماء في ميراث من قتل بسب النبي صلى الله عليه وسلم فذهب سحنون إلي أنه لجماعة المسلمين من قبل أن شتم النبي صلى الله عليه وسلم كفر يشبه كفر الزنديق.
وقال أصبغ: ميراثه لورثته من المسلمين ان كان مستسرا بذلك. وإن كان مظهرا له مستهلا به، فميراثه للمسلمين، ويقتل على كل حال ولا يستتاب.
قال أبو الحسن القابسي: إن قتل وهو منكر للشهادة عليه فالحكم في ميراثه على ما أظهر من إقراره يعني لورثته والقتل حد ثبت عليه ليس من الميراث في شيء وكذلك لو أقر بالسب وأظهر التوبة لقتل إذ هو حده وحكمه في ميراثه،
وسائر أحكامه حكم الإسلام، ولو أقر بالسب وتمادى عليه وأبى التوبة منه فقتل على ذلك كان كافرا، وميراثه للمسلمين، ولا يغسل، ولا يصلّى عليه، ولا يكفن وتستر عورته ويوارى كما يفعل بالكفار.
وقول الشيخ أبى الحسن في المجاهر المتمادي بين لا يمكن الخلاف فيه لأنه كافر، مرتد، غير تائب، ولا مقلع، وهو مثل قول أصبغ وكذلك في كتاب ابن سحنون في الزنديق: يتمادى على قوله، ومثله لابن القاسم في (العتبية) ولجماعة من أصحاب مالك في كتاب ابن حبيب فيمن أعلن كفره مثله قال ابن القاسم: وحكمه حكم المرتد، لا ترثه ورثته من المسلمين، ولا من أهل الدين الّذي ارتد إليه، ولا يجوز وصاياه، ولا عتقه، وقاله أصبغ، قبل ذلك أو مات عليه.
وقال أبو محمد بن أبى زيد وإنما يختلف في ميراث الزنديق الّذي يستهل بالتوبة فلا تقبل منه، فأما المتمادي فلا خلاف أنه لا يورث.
وقال أبو محمد فيمن سب اللَّه تعالى ثم مات ولم تعدل عليه بينة أو لم تقبل إنه يصلّى عليه وروى أصبغ عن ابن القاسم في كتاب ابن حبيب فيمن كذب برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو أعلن دينا مما يفارق به الإسلام إن ميراثه للمسلمين وقال بقول مالك إن ميراث المرتد للمسلمين ولا ترثه ورثته ربيعة والشافعيّ وأبو ثور وابن ليلى واختلف فيه عن أحمد.
وقال على بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وابن مسعود، وابن المسيب، والحسن، والشعبي، وعمر بن عبد العزيز، والحكم والأوزاعي، والليث وإسحق، وأبو حنيفة: يرث ورثته من المسلمين.
وقيل: ذلك فيما كسبه قبل ارتداده، وما كسبه في الارتداد فللمسلمين.
وتفصيل أبي الحسن في باقي جوابه حسن بين، وهو على رأى أصبغ، وخلاف قول سحنون، واختلافهما على قولي مالك في ميراث الزنديق، فمرة ورثه ورثته من المسلمين قامت عليه بذلك بينة فأنكرها، أو اعترف بذلك وأظهر التوبة، وقاله أصبغ، ومحمد بن مسلمة، وغير واحد من أصحابه لأنه مظهر للإسلام بإنكاره أو توبته، وحكمه حكم المنافقين الذين كانوا على عهد