الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بقتل أهل الحرة وتحريق الكعبة المشرفة
فخرج البيهقي [ (1) ] من طريق يعقوب بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثني ابن فليح عن أبيه، عن أيوب بن عبد الرحمن، عن أيوب بن بشير المعافري، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج في سفر من أسفاره، فلما مرّ بحرة زهرة وقف فاسترجع فساء ذلك من معه، وظنوا أن ذلك من أمر سفرهم، فقال عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: يا رسول اللَّه! ما الّذي رأيت؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما إن ذلك ليس من سفركم هذا، قالوا: فما هو يا رسول اللَّه؟ فقال: يقتل بهذه الحرة خيار أمتي بعد أصحابي.
قال البيهقي [ (2) ] : هذا مرسل وقد روى عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- في تأويل آية من كتاب اللَّه تعالى ما يؤكده، فذكر من طريق ثور ابن يزيد عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لأتوها [ (3) ] قال: لأعطوها، يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة.
وخرج الإمام أحمد [ (4) ] من حديث شعبة بن أوس عن بلال العبسيّ، عن ميمونة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كيف أنتم إذا مرج الدين وظهرت الرغبة واختلف الإخوان، وحرق البيت العتيق؟.
وذكر محمد بن الحسن بن زبالة، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه قال:
أمطرت السماء على عهد عمر بن الخطاب فقال لأصحابه: هل لكم في هذا الماء الحديث العهد بالعرش لننزل به ونشرب منه؟ فلو جاء من مجيئه راكب
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 6/ 473، باب ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره بقتل أهل الحرة فكان كما أخبر.
[ (2) ](المرجع السابق) .
[ (3) ] الأحزاب: 14، كذا في (الأصل) ، برواية ورش عن نافع، وهي برواية حفص عن عاصم هكذا: لَآتَوْها.
[ (4) ](مسند أحمد) : 7/ 469، حديث رقم (2689) .
لتمسحنا به، فخرجوا حتى أتوا حرة واقم، وشراجها تطرد، فشربوا منها وتوضأنا فقال كعب: واللَّه يا أمير المؤمنين ليسيلن هذا الشراج بدماء الناس كما يسبل بهذا الماء! فقال عمر: دعنا من أحاديثك، قال: فدنا منه عبد اللَّه بن الزبير فقال: يا أبا الحق ومتى ذلك؟ وفي أي زمان؟ قال: إياك أن يكون ذلك على يدك.
وعن موسى بن عقبة، عن عطاء بن أبي مروان الواسطي، عن أبيه، عن كعب الأحبار قال: أفنجد في كتاب اللَّه حرة في المدينة تقتل بها مقتلة تضيء وجوههم يوم القيامة كما يضيء القمر ليلة البدر؟
وذكر من حديث زيد بن كثير عن المطلب بن عبد اللَّه، عن ابن أبي ربيعة أنه مر بعروة بن الزبير وهو يبنى قصره بالعقيق، فقال: أردت الحرث يا أبا عبد اللَّه؟ قال: لا، ولكنه ذكر لي أنه سيصيبها عذاب يعنى المدينة، فقلت: إن أصابها شيء كنت متنحيا عنها.
قال كاتبه: وكان من خبر وقعة الحرة [ (1) ] أن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان عامل المدينة ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان، بعث بوفد من أهل المدينة إلى يزيد فيهم عبد اللَّه بن حنظلة الغسيل وعبد اللَّه بن عمرو بن أبي حفص، بن المغيرة المجذومي، والمنذر بن الزبير بن العوام، فأكرمهم يزيد وأعظم جوائزهم، فلما عادوا إلى المدينة أظهروا شيم يزيد، وعابوه بشرب الخمر، وعزف القيان، واللعب بالكلاب، وخلعوه، وبايعوا عبد اللَّه بن حنظلة في سنة اثنتين وستين، فندب يزيد لحربهم مسلم بن عقبة المزني، ويسمى مسرفا، في اثنى عشر ألف، وعهد إليه إن ظهر عليهم أن يبيح المدينة، وقاتلهم بعد ما دعاهم إلى طاعة يزيد، وأجّلهم ثلاثا فلم يجيبوه، فهزمهم بعد قتال شديد، قتل فيه عبد اللَّه بن حنظلة، وعبد اللَّه بن زيد المازني، ومعقل بن سنان الأشجعي، في سبعمائة من حملة القرآن وعدة كثيرة.
قال أبو الهيثم: قتل يوم الحرة- حرة واقم نحو- من ستين ألف وخمسمائة.
[ (1) ](تاريخ الطبري) : 5/ 495 من أحداث سنة (63 هـ) .
وقال: أبو مخنف: المقتولون من وجوه قريش سبعمائة. وقال أبو جعفر الطبري: قتل من القراء سبعمائة ومن الصاحبة أربعة: عبد اللَّه بن يزيد ابن عاصم، ومعقل بن يسار، ومحمد بن عمرو بن حزم، وعبد اللَّه بن حنظلة الغسيل، وأنهب المدينة ثلاثا فانتهبت، وذلك يوم الأربعاء لثلاث أيام، افتضّ فيها ألف عذراء! وكان الّذي أدخل أهل الشام بنو حارثة من خلف الناس حينئذ، فانهزموا حينئذ، ودعا مسرف الناس إلى بيعة يزيد على انهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما يشاء، وقتل من امتنع من ذلك حتى أسرف في القتل والظلم، فسموه مسرفا لذلك، فبّحه اللَّه [ (1) ] .
وخرج الحاكم [ (2) ] من حديث يزيد بن هارون، أخبرنا ابن عون، عن خالد ابن عبد الحويرث عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الآيات خرزات منظومات في سلك، يقطع السلك فيتبع بعضها بعضا.
قال ابن الحويرث: كنا نادين بالصباح وهناك عبد اللَّه بن عمرو وكان هناك امرأة من بنى المغيرة يقال لها فاطمة، فسمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول:
ذاك يزيد بن معاوية، فقالت: أكذاك يا عبد اللَّه بن عمرو، تجده مكتوبا في الكتاب؟ قال: لا أجده باسمه، ولكن أجد رجلا من شجرة معاوية يسفك الدماء، ويستحل الأموال، وينقض هذا البيت حجرا حجرا، فإن كان ذلك وأنا حي، وإلا فاذكريني، قال: وكان منزلها على أبي قبيس [ (3) ] فلما كان زمن الحجاج وابن الزبير ورأت البيت ينقض، قالت: رحم اللَّه عبد اللَّه بن عمرو قد كان حدثنا بهذا.
قال كاتبه إنما أحرق البيت في حصار أيام يزيد بن معاوية، وقال الليث:
رمى الحجاج البيت بالنار فأحرقه، فجاءت سحابة فأمطرت على البيت لم
[ (1) ](تاريخ الطبري) : 5/ 495، من أحداث سنة (63 هـ) .
[ (2) ](المستدرك) : 4/ 520- 521، كتاب الفتن والملاحم، حديث رقم (8461) ، وسكت عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) .
[ (3) ] أبو قبيس: اسم جبل.