المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر ما قيل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم - إمتاع الأسماع - جـ ١٤

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع عشر]

- ‌وأما إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب بما حدث به نفسه يوم الفتح من عوده إلى المحاربة وبما قاله لهند

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بمجيء عكرمة بن أبي جهل مؤمنا قبل قدومه فكان كذلك

- ‌وأما تيقن صفوان بن أمية نبوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إنجاز اللَّه تعالى وعده لرسوله صلى الله عليه وسلم بدخول الناس في دين اللَّه أفواجا بعد فتح مكة

- ‌وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن العزى قد يئست أن تعبد بأرض العرب فلم تعبد بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم بحمد اللَّه تبارك وتعالى

- ‌وأما كفاية اللَّه تعالى أمر الّذي أراد قتله قريب أوطاس

- ‌وأما كفاية اللَّه تعالى له كيد شيبة بن عثمان بن أبي طلحة يوم حنين وهدايته إلى الإسلام بدعائه وإخباره صلى الله عليه وسلم شيبة بما هم به

- ‌وأما إعلام اللَّه- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم بما قاله عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر لأهل الحصن بالطائف

- ‌وأما تسبيح سارية مصلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالطائف

- ‌وأما إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم على رجل يقوم على حصن الطائف

- ‌وأما إجابة دعائه صلى الله عليه وسلم في هداية ثقيف ومجيئهم إليه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن ذي الخويصرة بأنه وأصحابه يمرقون من الدين فكان كما أخبر

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفيّ بأن قومه يقتلونه فكان كذلك

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم على حارثة بن عمرو

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- بما قال المنافقون في مسيرهم إلى تبوك

- ‌وأما إخباره لأبى ذر [الغفاريّ] بأنهم يخرجون من المدينة فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بأنه يموت وحده فكان كما قال

- ‌وأما خرصه صلى الله عليه وسلم حديقة المرأة وإخباره بهبوب ريح شديدة فكان كما قال

- ‌وأما صلاته صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك على معاوية بن معاوية وقد مات بالمدينة

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين بعثه إلى أكيدر بدومة الجندل بأنه يجده يصيد البقر فوجده كما قال

- ‌وأما أكل طائفة من سبع ثمرات غير مرة حتى شبعوا- وهم بتبوك مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإذا هي لم تنقص

- ‌وأما دعاؤه صلى الله عليه وسلم لذي البجادين أن يحرم اللَّه تعالى دمه على الكفار فمات حتف أنفه مع عزمه على القتل في سبيل اللَّه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم [بطلوع] وفد عبد القيس [قبل قدومهم]

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عديّ بن حاتم بأمور فرآها عديّ بعد ذلك كما أخبر

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بقدوم أهل اليمن

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالى دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم في قدوم معاوية بن حيدة بن معاوية بن حيدة ابن قشير بن كعب القشيري [ (1) ]

- ‌وأما شهادة الأساقفة للمصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه النبي الّذي كانوا ينتظرونه وامتناع من أراد ملاعنته من ذلك

- ‌وأما تيقن عبد اللَّه بن سلام رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رسالته

- ‌وأما معرفة الحبر من أحبار اليهود بإصابة الرسول صلى الله عليه وسلم في جوابه عما سأله وصدقه في نبوته

- ‌وأما معرفة عصابة من اليهود إصابة مقالته صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما معرفة اليهوديّين صدقه صلى الله عليه وسلم في نبوته

- ‌وأما اعتراف اليهود بنبوته صلى الله عليه وسلم إذ جاءوه يسألوه عن حد الزاني وشهادة ابن صوريا على يهود

- ‌وأما اعتراف اليهودي بصفته صلى الله عليه وسلم في التوراة

- ‌وأما دعاؤه صلى الله عليه وسلم اليهود إلى تمني الموت وإخبارهم أنهم لا يتمنوه أبدا فصدق قوله، ولن يتمنوا الموت

- ‌وأما اعتراف نفر من اليهود بموافقة سورة يوسف- عليه السلام ما في التوراة

- ‌وأما تصديق يهودي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في إخباره بأسماء النجوم [التي سجدت] ليوسف عليه السلام في منامه

- ‌وأما هلاك من خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بهلاك المشرك الّذي سال عن كيفية اللَّه- تعالى

- ‌وأما هلاك من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وإخباره بأن رسله إليه لا تدركه فكان كذلك

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم رجلا بما يحدث به نفسه وما يؤول إليه أمره

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم امرأة صامت بما كان منها في صومها

- ‌وأما استغناء أبي سعيد الخدريّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه ببركة اقتدائه في التعفف بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم وابصة الأسدي بما جاء يسأله عنه قبل أن يسأله

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم رجلين عن ما أتيا يسألانه عنه قبل أن يسألاه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم رجالا من أهل الكتاب عن ذي القرنين قبل أن يسألوه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بما دفن مع أبي رغال

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن أمر السفينة

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بإسلام أبي الدرداء عند ما أقبل

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بحال من نحر نفسه

- ‌وأما إشارته صلى الله عليه وسلم إلى ما صار إليه أمر ماعز بن مالك الأسلمي

- ‌وأما إخباره [صلى الله عليه وسلم] رجلا قال في نفسه شعرا بما قال في نفسه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم لأبي شهم بما كان منه

- ‌وأما إطلاعه صلى الله عليه وسلم على شاة دعي لأكلها وهو يأكلها أنها أخذت بغير حق

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بوقعة ذي قار في يوم الوقعة وأن نصرة العرب على فارس كانت به [ (1) ]

- ‌وأما إخباره بمعاونة القبط المسلمين فكان كما أخبر

- ‌وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في قتل نفر من المسلمين ظلما بعذراء [ (1) ] من أرض الشام [فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم] [ (2) ]

- ‌وأما ظهور صدقه فيمن قتل عمرو بن الحمق بن الكاهن ابن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو ابن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعي الكعبي [ (1) ]

- ‌وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في إشارته إلى كيف يموت سمرة بن جندب [ (1) ] رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه

- ‌وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في موت عبد اللَّه بن سلام [ (1) ] على الإسلام من غير أن ينال الشهادة [فكان كما أخبر- توفى على الإسلام في أول أيام معاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وأربعين

- ‌وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في إخباره لرافع بن خديج [ابن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن زيد ابن جشم الأنصاري، النجاري، الخزرجي] بالشهادة

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بهلاك أمته على يد أغيلمة من قريش فكان منذ ولّي يزيد بن معاوية

- ‌وأما ظهور صدقه صلى الله عليه وسلم في أن قيس بن خرشة القيسي لا يضره بشر

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بقتل أهل الحرة وتحريق الكعبة المشرفة

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بذهاب بصر عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه فكان كذلك، وعمى قبل موته

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم زيد بن أرقم بالعمى فكان كذلك

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم من يأتى بعده من الكذابين [وإشارته إلى من يكون] منهم من ثقيف فكان كما أخبر

- ‌أما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن الحطم بن هند الكبريّ فكان كما أخبر

- ‌وأما ظهور صدقة صلى الله عليه وسلم في إخباره بغلبة الروم وفارس بعد ما غلبت منها

- ‌وأما إعلامه صلى الله عليه وسلم بالفتن [ (1) ] قبل كونها

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بإتمام اللَّه تعالى أمره وإظهار دينه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بما يفتح اللَّه تعالى لأمّته من الفتوح بعده

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بقيام الخلفاء بعد بأمر أمته

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم عن مدة الخلافة بعده ثم يكون ملكا فكان كما أخبر

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم باختيار اللَّه تعالى والمؤمنين خلافة أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكانت كما أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما رؤيته صلى الله عليه وسلم في منامه مدتي خلافة أبي بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فكان كما رأى لأن رؤياه وحي

- ‌وأما إشارته [ (1) ] صلى الله عليه وسلم إلى ما وقع في الفتنة في آخر عهد عثمان ثم في أيام علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم لجماعة فيهم عمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- أن فيهم شهيدان فاستشهدا كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بأن عمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير شهداء فكان كذلك وقتلوا شهداء رضوان اللَّه عليهم

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بأنه شهيد وما كان من ذلك

- ‌وأما إنذار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بارتداد قوم ممن آمن عن إيمانهم فكان كما أنذر وارتدت العرب بعد وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌قال المؤلف عفي اللَّه تبارك وتعالى عنه

- ‌فأما قيام مذجح بأمر الأسود العنسيّ

- ‌وأما قيام حنيفة بأمر مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب ابن الحارث بن عبد الحارث بن عدي بن حنيفة يكنى أبا ثمامة وقيل أبو هارون [ (2) ]

- ‌وأما قيام بني أسد بما كان من أمر طليحة

- ‌وأما ردة عيينة بن حصن الفزاري

- ‌وأما ردة قرة بن هبيرة بن مسلمة القشيري في غطفان

- ‌وأما ردة بني يربوع قوم مالك بن نويرة ابن حمزة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة ابن يربوع بن حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم

- ‌وأما سجاح بنت الحارث بن سويد ابن عقفان التميمية

- ‌وأما ردة الأشعث بن قيس بن معديكرب

- ‌وأما الحكم بن ضبيعة أخو بني قيس بن ثعلبة

- ‌وأما ردة جبلة بن أبي المنذر بن الأيهم بن الحارث

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بسوء عاقبة الرجّال بن عنفوة فشهد لمسيلمة وقاتل معه حتى قتل

- ‌وأما أن لعنته صلى الله عليه وسلم أدركت الملوك الأربعة وأختهم

- ‌وخرجه أيضا من حديث زهران بن معاوية

- ‌وخرجه الحاكم [ (1) ] من حديث ابن وهب

- ‌وأما إجابة اللَّه تعالي دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم في مجيء ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد ابن ثعلبة بن يربوع بن الدؤل بن حنيفة الحنفي [ (1) ]

- ‌وقال سيف عن طلحة بن الأعلم

- ‌وخرج البخاري من حديث الليث

- ‌وخرج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] من حديث الليث قال:

- ‌وأما إنذاره صلى الله عليه وسلم بما كان بعده من محاربة أصحابه وقتل بعضهم بعضا

- ‌وأما إخباره عليه الصلاة والسلام فاطمة الزهراء- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- بأنها أول أهل بيته لحوقا به فكان كذلك

- ‌فصل في ذكر غنم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر حمى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر ديك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث

- ‌فصل في ذكر مآكل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وشئونه فيها

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم على مائدة وسفرة

- ‌وأما قصعته صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما خبزه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما ائتدامه بالخلّ

- ‌وأما أكله القثاء

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الدّباء

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم السمن والأقط

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الحيس [ (1) ]

- ‌وأما حبّه صلى الله عليه وسلم الثريد

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم اللحم

- ‌وأما أكله عليه السلام القلقاس

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم القديد

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم المنّ [ (1) ]

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الجبن

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الشواء [ (1) ]

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الدجاج

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الحبارى [ (2) ]

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الخبيص

- ‌وأما أكله صلى الله عليه وسلم الهريسة والطفشل

- ‌فصل في ذكر أنه كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دار ينزل بها للوفود، ويقال لها اليوم: دار الضيافة

- ‌فصل في ذكر من كان يلي أمر الوفود على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإجازته الوفد [ (1) ]

- ‌ذكر ما كان صلى الله عليه وسلم يجيز به الوفود

- ‌فصل في ذكر ضيف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر من استعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الحج

- ‌أول من ابتدع النسيء [ (1) ]

- ‌فصل في ذكر الذين عادوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما الذين تنتهي إليهم عداوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ومن أعداء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما المنافقون وكانوا من الخزرج والأوس

- ‌والمنافقون من الخزرج

- ‌والمنافقون من الأوس

- ‌طرد المنافقين من المسجد [ (1) ]

- ‌وأما اليهود

- ‌فمن بني النضير

- ‌ومن بني قينقاع

- ‌ومن بني قريظة

- ‌ومن بني حارثة

- ‌ومن بني عبد الأشهل

- ‌ومن بني ثعلبة بن الفطيون

- ‌ومن بني قينقاع أيضا

- ‌ومن بني قريظة أيضا

- ‌فصل في ذكر من سب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو آذاه أو تنقصه أو وقع فيه

- ‌فصل في الحجة في إيجاب قتل من سبه أو عابه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في حكم الذميّ إذا صرح بسب النبي صلى الله عليه وسلم أو عرّض أو استخفّ بقدره

- ‌فصل في ميراث من قتل في سب النبي صلى الله عليه وسلم وغسله والصلاة عليه

- ‌فصل في حكم من سب اللَّه تعالى وملائكته وأنبياءه وكتبه وآل النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وصحبه

- ‌فصل في ذكر مرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ووفاته

- ‌ذكر نعي النبي صلى الله عليه وسلم وإنذاره بذلك قبل موته عليه السلام

- ‌وأما نعيه نفسه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها بأنه عارضه جبريل عليه الصلاة والسلام القرآن مرتين

- ‌وأما إخباره صلى الله عليه وسلم بما خيره اللَّه تعالى بين الدنيا والآخرة

- ‌ذكر مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته عليه السلام

- ‌ذكر إرادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتابا لأصحابه وقد اشتد به الوجع

- ‌ذكر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين اشتد به الوجع أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يصلي بالناس

- ‌ذكر آخر صلاة صلاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، وأول صلاة أمر أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يصليها بالناس، والصلاة التي حضرها حين وجد من نفسه خفة، وصلاة أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بهم فيما بينهما أياما

- ‌فصل فيما جاء في آخر صلاة صلاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس، من أولها إلى آخرها، وأول صلاة أمر أبا بكر الصديق أن يصليها بالناس، والصلاة التي حضرها صلى الله عليه وسلم حين وجد من نفسه خفة، وصلاة أبي بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بهم فيما

- ‌ذكر تقرير النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في آخر صلاة صلاها بالناس في حياته،وإشارته صلى الله عليه وسلم إليهم قائما بها خلفه وارتضائه صلى الله عليه وسلم صنعهم وذلك في صلاة الفجر يوم الاثنين، وهو اليوم الّذي توفّي

- ‌فصل في ذكر ما قيل في وصية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما حفظ عنه صلى الله عليه وسلم في مرض موته من الأحكام والوصايا ونحو ذلك حتى توفاه اللَّه- تبارك وتعالى

- ‌ذكر ما نزل به صلى الله عليه وسلم من شدة الوجع

- ‌ذكر إخراجه صلى الله عليه وسلم في مرضه مالا كان عنده وعتقه أرقّاءه

- ‌ذكر تأميره صلى الله عليه وسلم في مرضه أسامة بن زيد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه

- ‌ذكر وثوب الأسود العنسيّ قبيل وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر وثوب مسيلمة في بني حنيفة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حي

- ‌ذكر خروج طليحة في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر مبلغ عمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌وأما سنه صلى الله عليه وسلم حين توفي

- ‌ذكر ما نزل من المصيبة بالصحابة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- لوفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وما حل بالمسلمين عامة من عظم الرزيّه بفقده صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر ما سجّي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وثيابه التي قبض فيها

- ‌فصل في ذكر ما جاء في غسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فيما جاء في كفن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما جاء في الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما جاء في مواراة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في لحده حيث دفن، وما فرش تحته، ومن واراه

- ‌ذكر قول المغيرة بن شعبة: إنه آخر الناس عهدا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في ذكر نبذة مما رثي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (1) ]

- ‌ذكر ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ما جاء في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وما ظهر من قبره، مما هو من أعلام نبوته [وفضيلة من زاره، وسلم عليه، وكيف يسلم ويدعو] [ (2) ]

- ‌فصل فيما يلزم من دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من الأدب سوى ما قدمناه وفضله وفضل الصلاة فيه وفي مسجد مكة، وذكر قبره ومنبره، وفضل سكنى المدينة ومكة

- ‌حسن الخاتمة

الفصل: ‌فصل في ذكر ما قيل في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌فصل في ذكر ما قيل في وصية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

اعلم أن الناس اختلفوا في وصية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أمته من بعده، فذهبت الروافض إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أنه الخليفة بعده، وقالت الزيدية أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: لم ينصّ النبي صلى الله عليه وسلم على عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- لكنه كان أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأحقهم بالأمر، ثم اختلفوا فقالت الجارودية: إن الصحابة، ظلموه وكفروا من خالفه من الصحابة وقالت طائفة: إنه يتبرع من حقه لأبي بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فتولتها، ولم تعاديهما، بل قالت بإمامتها وعمدتهم، لأبي بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما-، فتولتها ولم تعاديهما بل قالت بإمامتهما وعمدتهم في الاحتجاج لأقوالهم أحاديث مكذوبة موضوعة لا معنى لتسويد الأوراق بها.

هذه مسألة أصولية: وهي إذا واحد يخبر بتوفر الدواعي على نقله ويعلم استحالة خفائه، كما إذا أخبر بقتل خطيب على المنبر يوم الجمعة في بلد، كبير ولم يتقلد غيره فالذي قالته الأمة من أهل السنة إنه كاذب قطعا، ومن هذا نعلم بالقطع كذب من ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ على إمامة إمام معين بعده بحضرة ملأ من الناس وسكتوا عن نقله إلا آحادا منهم، وخالف الرافضة في أصل هذه المسألة توصلا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ على إمامة عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- جمع يحصل منهم التواتر فكتموه إلا أفرادا نادرة.

وذهب جمهور أهل السنة إلى أن الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا بعينه ولم يوص إلى أحد بعينه في أمر أمته، قائما به على الخلافة بما ذكرنا من أمر الصلاة، وقالت طائفة: بل نصّ صلى الله عليه وسلم على استخلاف أبى بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بعده على الأمة، واحتج الجمهور على أنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، بما خرجه البخاري في كتاب الأحكام في باب الاستخلاف من حديث سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-

ص: 477

قال: قيل لعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، أبو بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني، رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه فقال: راغب وراهب، ووددت أني نجوت منها كفافا لا لي ولا عليّ، لا أتحملها حيا وميتا [ (1) ] .

وخرجه مسلم من حديث أبى أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك اللَّه خيرا، فقال: راغب وراهب، فقال: استخلف، فقال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: لا أتحمل أمركم حيا وميتا لوددت أن حظّي منها الكفاف، لا عليّ ولا لي، فإن استخلف فقد استخلف من هو خير مني، يعني أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني، رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال عبد اللَّه: فعرفت أنه حين ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه غير مستخلف [ (2) ] .

وخرج من طريق عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهريّ قال: أخبرني سالم عن ابن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: دخلت على حفصة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقالت: أعلمك أن أباك غير مستخلف؟ قال، قلت، ما كان ليفعل، قالت: إنه فاعل، قال: فحلفت أنى أكلمه في ذلك، فسكتّ حتى غدوت ولم أكلمه، قال: فكنت كأنما أحمل بيميني جبلا حتى رجعت فنحلت عليه فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف، وإنه لو كان لك راعى إبل أو راعى غنم ثم جاءك وتركها، أرأيت إن ضيع؟

فرعاية الناس أشد، قال فوافقه قولي، فوضع رأسه ساعة، ثم رفعه إليّ فقال: إن اللَّه عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قد

[ (1) ](فتح الباري) : 13/ 255، باب الاستخلاف، حديث رقم (7218)، والاستخلاف: أي تعيين الخليفة عند موته خليفة بعده، أو يعين جماعة ليتخيروا منهم واحدا.

[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 11/ 446 كتاب الإمارة، باب (2) الاستخلاف وتركه حديث رقم (11) .

ص: 478

استخلف قال: فو اللَّه ما هو إلا أن ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدا، وأنه غير مستخلف [ (1) ] .

خرج البيهقيّ من طريق أبي داود الجفري عن سفيان الثوري عن الأسود ابن قيس عن عمرو بن سفيان، قال: لما ظهر عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- على الناس يوم الجمل قال: أيها الناس، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأى أن نستخلف أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فأقام واستقام حتى مضى لسبيله، ثم إن أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- رأى من الرأي أن يستخلف عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه، ثم إن أقواما طلبوا هذه الدنيا، فكانت أمور يفضي اللَّه تعالى فيها [ (2) ] .

وخرج من طريق شبابه بن سوار، قال: حدثنا شعيب بن ميمون عن حسين بن عبد الرحمن عن الشعبيّ عن أبي وائل قال: قيل لعلي بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: ألا تستخلف علينا؟ قال: ما استخلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأستخلف، ولكن إن يرد اللَّه تعالى بالناس خيرا فليجمعهم بعدي على خيرهم، كما جمعهم نبيهم صلى الله عليه وسلم على خيرهم [ (3) ] .

قال البيهقيّ: شاهده في الحديث الثابت عن علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فذكر ما

خرّجه البخاري من طريق الزهريّ قال: أخبرنى عبد اللَّه بن كعب بن مالك الأنصاريّ، وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، قال: إن عبد اللَّه بن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أخبره أن عليّ بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- خرج من عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في وجعه الّذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن! كيف أصبح رسول اللَّه

[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 11/ 447- 448، كتاب الإمارة، باب (2) الاستخلاف وتركه، حديث رقم (12) .

[ (2) ](دلائل البيهقي) : 7/ 223، باب ما يستدل به على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا بعينه، ولم يوص إلى أحد بعينه في أمر أمته، وإنما نبه على الخلافة بما ذكرنا من أمر الصلاة.

[ (3) ](المرجع السابق) .

ص: 479

صلى اللَّه عليه وسلم قال: أصبح بحمد اللَّه تعالى بارئا، فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال له: أنت واللَّه بعد ثلاث عبد العصا، وإني واللَّه لأرى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوفى من وجعه هذا، إني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنسأله في هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه، فأوصى بنا، فقال على- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إنا واللَّه لئن سألناه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمنعناها، لا يعطيناها الناس بعده أبدا.

وروى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري عن عبد اللَّه ابن كعب بن مالك عن عبد اللَّه بن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- من عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه يوم قبض فيه، فذكر الحديث. إلا أنه لم يذكر ما قال: العصا وزاد في آخره: فتوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من ذلك اليوم.

وخرج عبد الرزاق، قال أنبأنا معمر عن الزهري قال: أخبرني كعب بن مالك عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: خرج العباس وعلي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- من عند النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي ملت فيه، فلقيهما رجل فقال: كيف أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يا أبا حسن؟ فقال أصبح بارئا، فقال العباس لعلي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- أنت بعد ثلاث:

عبد العصا، قال: ثم خلا به فقال: فإنه يخيل إليّ أن أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، وأني خائف ألا يقوم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من وجعه هذا، فاذهب بنا إليه فلنسأله فإن كان هذا الأمر فينا علمناه، وإن لم يكن إلينا أمرناه أن يستوصى بنا، قال: فقال علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: أرأيت إن جئناه فسألناه فلم يعطوناها؟ أترى الناس يعطوناها؟ واللَّه لا أسألها إياه أبدا.

قال عبد الرزاق: فكان معمر يقول لنا: أيهما كان أصوب عندكم رأيا؟

فنقول: العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فيأبى، ثم قال: لو أن عليا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- سأله عنها فأعطاه إياها، فمنعه الناس

ص: 480

كانوا قد كفروا.

قال عبد الرزاق فحدثت به ابن عيينة فقال: الشعبي: لو أن عليا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- سأله عنها، كان خيرا له من ماله وولده.

وقال عبدان، عن أبي حمزة عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، هو الشعبي، قال العباس لعلي بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حين مرض النبي صلى الله عليه وسلم: إني أكاد أعرف في وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الموت، فانطلق بنا إليه نسأله من يستخلف، فإن يستخلف منا فذلك، وإلا أوصى بنا.

قال: فقال علي للعباس كلمة فيها جفاء، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال العباس لعلي: أبسط يدك فلنبايعك. قال: فقبض يده، فقال عامر: لو أن عليّا أطاع العباس في أحد الرأيين، كان خيرا له من حمر النعم.

قال سيف: عن سعيد بن عبد اللَّه، عن أبيه قال: قلت لابن العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: ما كان صنع العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى حين خالف عليه علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-

فقال: كلم نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك فقام في الناس فقال: أوصيكم يا أهل بيتي وعترتي خيرا، أو أوصيكم بهم خيرا فإنّهم لحمي وفصيلتي، احفظوا منهم ما تحفظون في ما بينكم.

يا أيها الناس! إن اللَّه بعثني لأخرجكم من عبادة العباد الى عبادته، ومن دين الشرك إلى دينه، فاعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئا فإن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم وإن كان رقيقا، ألا إن أكرمكم عند اللَّه أتقاكم ثلاثا، فلا تضلوا عن الحق.

وخرج مسلم من حديث الأعمش عن أبي وائل عن مسروق، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: مثله سواء.

وخرج البخاري في أول كتاب الوصايا من حديث المالك بن مغول، حدثنا طلحة بن مصرف قال: سألت عبد اللَّه بن أبي أوفى- رضي اللَّه تبارك

ص: 481

وتعالى عنهما-: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى؟ فقال: لا، فقلت: كيف كتب على الناس الوصية وأمر بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب اللَّه [ (1) ] ذكره في آخر المغازي، وخرجه مسلم أيضا.

وخرج البخاري ومسلم [ (2) ] من حديث ابن عون الأسود بن يزيد وقد ذكروا عند عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أن عليا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان وصيا، فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري؟ أو قالت حجري- فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري: فما شعرت أنه مات فمتى أوصي إليه؟ لفظهما فيه قريب من السواء، ذكره البخاري في أول كتاب الوصايا وفي آخر المغازي.

وخرج البيهقي [ (3) ] من طريق عبد اللَّه بن رجاء قال: أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أرقم بن شرحيل، قال: سافرت مع ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- من المدينة فسألته: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أوصى؟ فقال:

إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الّذي مات فيه، كان في بيت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فرفع رأسه، فقال: ادعوا لي عليا، فقالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: ألا ندعوا لك أبا بكر يا رسول اللَّه؟

فقال: ادعوه قالت حفصة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: ألا تدعو عمر يا رسول اللَّه؟ قال صلى الله عليه وسلم: ادعوه، قالت أم الفضل: ألا تدعو العباس عمك يا رسول

[ (1) ](فتح الباري) : 5/ 4448، كتاب الوصايا، باب (1) الوصايا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «وصية مكتوبة عنده» وقال اللَّه عز وجل كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ* فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (البقرة: 181- 182) حديث رقم (2740) .

[ (2) ] باب (84) مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وقوله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ* ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.

[ (3) ] باب (18) الوصاة بكتاب اللَّه عز وجل، حديث رقم (5022) ، والمراد بالوصية بكتاب اللَّه تعالى حفظه حسا ومعنى، فيكرم ويصان، ولا يسافر به إلى أرض العدو، ويتبع ما فيه، فيعمل بأوامره، ويتجنب نواهيه، ويداوم على تلاوته وتعلمه، وتعليمه، ونحو ذلك. (فتح الباري) .

ص: 482

اللَّه؟ قال: ادعوه فلما حضروا رفع رأسه فلم يتكلم. فقال عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: قوموا بنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإنه لو كانت له إلينا حاجة ذكرها، حتى فعل ثلاث مرات، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ليصلّ بالناس أبو بكر، فذكر الحديث في الصلاة. وقال في آخر الحديث: فمات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يوص. [ (1) ]

وخرج البخاري من حديث الأعمش قال حدثني أبي قال: خطبنا على- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- على منبر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة فقال واللَّه ما عندنا من كتاب يقرأه إلا كتاب اللَّه تعالى وما في هذه الصحيفة، فنشرها: فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها: المدينة حرم إلى كذا، فمن أحدث فيها فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللَّه منه صرفا ولا عدلا، وإذا فيه: ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين.

لا يقبل اللَّه منه صرفا ولا عدلا وإذا فيها: من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين لا يقبل اللَّه منه صرفا ولا عدلا ذكره في كتاب الاعتصام [ (2) ] بالكتاب والسنة، في باب ما ذكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين والبدع، وفي كتاب الجزية والموادعة في باب ذمة المسلمين [ (3) ] . وفي كتاب فضائل المدينة، في باب حرم المدينة [ (4) ] وخرجه مسلم [ (3) ] وأبو داود [ (4) ] .

وخرج البيهقيّ من طريق هدبة قال: حدثنا همام عن قتادة، عن أبي حسان قال: إن عليا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كان يأمر بالأمر، فيقال: قد فعلنا كذا وكذا، فيقول: صدق اللَّه ورسوله، فقيل له: أشيء عهده إليك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما عهد إليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا خاصة دون الناس إلا شيئا سمعته منه في صحيفة في قراب سيفي، قال: فلم نزل به حتى أخرج الصحيفة، فإذا فيها: من أحدث أو آوى محدثا فعليه لعنة اللَّه

[ (1) ] حديث رقم (2741) .

[ (2) ] حديث رقم (4459) .

[ (3) ](دلائل البيهقي) : 7/ 226- 227.

[ (4) ](فتح الباري) : 13/ 341- 342، حديث رقم (7300) .

ص: 483

والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، وإذا فيها: إن إبراهيم حرّم مكة، [ (1) ] وإني أحرم المدينة ما بين حرّتيها وحماها، لا يختلا خلاها، ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمنشد أشاد بها [ (2) ] ، يعني من منشد ولا يقطع شجرها إلا أن يعلف رجل بعيرا، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، وإذا فيها المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم [ (3) ][ (4) ] ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده [ (5) ] .

ومن طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة قال: لم يوص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث: للرهابيين بجادّ مائة واسق من خيبر، وللداريين بجاد مائة وسق وللشانئين بجاد مائه وسق من خيبر، وللأشعريين بجاد مائة وسق من خيبر.

وأوصى صلى الله عليه وسلم بتنفيذ بعث أسامة بن زيد- رضي اللَّه تبارك وتعالى وأوصى صلى الله عليه وسلم أن لا يترك بجزيرة العرب دينان [ (6) ] .

وروى حماد بن عمرو النصيبي عن السديّ بن خالد، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا عليّ أوصيك بوصية فاحفظها. وذكر حديثا طويلا

في الرغائب والآداب، وهو حديث موضوع، فإن حماد بن عمرو هذا ممن يكذب ويضع الحديث. [ (7) ]

[ (1) ](المرجع السابق) : 6/ 3336، حديث رقم (3172) .

[ (2) ](المرجع السابق) : 4/ 100/ 101، حديث رقم (1870) .

[ (3) ] أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب فصائل المدينة، حديث رقم (1370) .

[ (4) ] سيأتي تخريجه وشرحه إن شاء اللَّه تعالى بعد قليل.

[ (5) ](دلائل البيهقي) : 7/ 228، وأخرجه أبو داود في (السنن) : 2/ 529، كتاب المناسك، باب (99) في تحريم المدينة، حديث رقم (2034) ، (2035) .

[ (6) ](دلائل البيهقي) : 7/ 230.

[ (7) ](دلائل البيهقي) : 7/ 229، ثم قال: وهو حديث موضوع وقد شرطت في أول الكتاب ألا أخرج في هذا الكتاب حديثا أعلمه موضوعا.

ص: 484

وقال سيف: عن مبشر بن المفضل [ (1) ] . عن أبيه قال جاء أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه ائذن لي فلأمرضك وأكون الّذي أقوم عليك. فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! إني لم أحمل أزواجي وبناتي وأهل بيتي عليّ حين ازدادت مصيبتي عليهم عظما، وقد وقع أجرك علي اللَّه اجمع لي الأربعين يا أبا بكر، الذين سبقوا الناس إلى هذا الدين، وادع عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- معهم. ففعل، وكان ذلك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بخمس عشرة ليلة فخلص بهم ودعا لهم، وعهد عهده وهم شهود وهي آخر وصية أوصى بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وخرج الحارث بن أبي أسامة من طريق محمد بن سعد، قال: أخبرني محمد بن عمر يعني الواقدي قال: حدثني عبد اللَّه بن جعفر بن عون عن ابن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: نعي لنا نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته بشهر، بأبي هو وأمي ونفسي له الفداء، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- وتشوّف لنا فقال:

مرحبا بكم وحياكم اللَّه بالسلام [ (2) ] .

وخرجه البيهقي من طريق سلام بن سليمان المدائني، حدثنا سلام بن سليم الطويل، عن عبد الملك بن عبد الرحمن بن الحسن الغزي عن الأشعث بن طليق

[ (1) ] هو بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشيّ، مولاهم أبو إسماعيل البصري. ترجمته في (تهذيب التهذيب) : 1/ 402، ترجمة رقم (844) .

[ (2) ]

(طبقات ابن سعد) : 2/ 265- 257، ذكر ما أوصى به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي مات فيه، ثم قال: رحمكم اللَّه، حفظكم اللَّه، جبركم اللَّه، رزقكم اللَّه، رفعكم اللَّه، نفعكم اللَّه أداكم اللَّه، وقاكم اللَّه! أوصيكم بتقوى اللَّه، وأوصى اللَّه بكم أستخلفه عليكم، وأحذركم اللَّه إني لكم منه نذير مبين، ألا تعلوا على اللَّه في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

القصص: 83.

وقال: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟ الزمر: 60، قلنا: يا رسول اللَّه، متى أجلك؟

قال: دنا الفراق والمنقلب إلى اللَّه وإلى جنة المأوى، وإلى سدرة المنهي، وإلى الرفيق الأعلى، والكأس الأوفى، والحظ والعيش المهنى

(المرجع السابق) .

ص: 485

عن مرة عن شراحيل، عن عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لما ثقل رسول صلى الله عليه وسلم اجتمعنا في بيت أمنا عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فلما نظر إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدمعت عيناه، ثم قال لنا: قد دنا الفراق ونعى إلينا نفسه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: مرحبا بكم حياكم اللَّه، هداكم اللَّه فذكره [ (1) ] وقال: إسناده ضعيف بمرة. [ (2) ]

وقال الواقدي: حدثني عبد اللَّه بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- نعى لنا نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته بشهر، بأبي هو وأمي، نفسي له الفداء.

وقال سيف: عن المستنير بن يزيد النخعي عن أرطاة بن أبى أرطاة بن أبي أرطاة النخعي عن الحارث بن مرة الجهنيّ قال: رأيت عنده رقا مكتوبا فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ نعى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته بشهر، ثم جمعنا بعد ذلك بخمس عشرة ليلة في بيت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- ونحن أربعون ببشرى اللَّه تعالى، فحمد اللَّه تعالى وأثنى عليه، ثم قال: اتقوا اللَّه فإن تقوى اللَّه خير ما تواصي به عباد اللَّه وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ومن حيث لا يأمل ولا يرجو وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً فارضوا بقضاء اللَّه، فإن الأمر أمره، وسلموا الأمر إليه فإن القليل يتبع الكثير، ألا فليسلم القليل للكثير

[ (1) ](دلائل البيهقي) : 7/ 231- 232، باب ذكر الحديث الّذي روي عن ابن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه. النبي صلى الله عليه وسلم في نعيه نفسه إلى أصحابه، وما أوصاهم به، وإسناده ضعيف بمرة.

[ (2) ] هو مرة بن شراحيل الهمراني السكسكي، أبو إسماعيل، الكوفي، المعروف بمرة الطيب، ومرة الخيرة، لقب بذلك لعبادته.

وروى عن أبي بكر وعمر وعلي وأبي ذر وحذيفة وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وزيد بن

ص: 486

رفعكم اللَّه، نفعكم اللَّه، هداكم اللَّه، رزقكم اللَّه، سلمكم اللَّه، قبلكم اللَّه.

أوصيكم بتقوى اللَّه عز وجل وألجئكم إلى اللَّه، وأؤدي إليكم عنه، إني لكم منه نذير مبين، وأستخلفه عليكم، فاتقوا اللَّه، ولا تعالوا على اللَّه في عباده، وبلاده، والعاقبة للمتقين.

وقال: أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ وإن هذا آخر ما أخلص بكم وتخلصون بي، اسمع يا أبا بكر، أقول لكم، ثم اعمل على ذلك وأنت تعلم أنه كذلك، إن دعائي آت لكم على كل ما أشتهي، إلا ما رددت عنه من بأس بينكم، واختلاف كلمتكم، والمؤمنون شهود اللَّه في الأرض فالحسن ما حسنوا، أو القبيح ما قبحوا، من نظر أمر نفسه عند اختلاف الأمة يكف لسانه، واستبرأ قلبه، ولزم الجماعة، فآثرها على الفرقة، فإن يد اللَّه تعالى على الجماعة، والقليل تبع للكثير، فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه أدنى الأجل؟

فقال صلى الله عليه وسلم دنا الأجل وتدلى، فقال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: ليهنئك

[ () ] أرقم، وعلقمة بن قيس، وغيرهم.

وعنه إسماعيل بن أبي خالد، وإسماعيل السدي، وحصين بن عبد الرحمن، وزبيد اليمامي، وأبو السعد سعيد بن محمد، والصباح بن محمد، وطلحة بن مصرف، والشعبي، وعطاء بن السائب، وعمرو بن مرة، وفرقد السنجي، وموسى بن أبي عائشة، وغيرهم.

قال إسحاق بن منصور: عن ابن معين ثقة، وقال سكن بن محمد العابد، عن الحارث الغنوي: سجد مرة الهمرانى حتى أكل التراب وجهه.

وقال ابن سعد: توفى زمن الحجاج بعد الجماجم، وكذا قال أبو حاتم في تاريخ وفاته. وقال غيره:

توفى سنة ست وسبعين، وهو قول ابن حبان في (الثقات) ، وكان يصلى كل يوم ستمائة ركعة.

وقال العجليّ: تابعي ثقة، وكان يصلي في اليوم والليلة خمسمائة ركعة.

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لم يدرك عمر. وقال هو وأبو زرعة: روايته عن عمر مرسلة، وقال أبو بكر البزار: روايته عن أبي بكر مرسلة، ولم يدركه. وقال ابن منك في (تاريخه) : أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه (تهذيب التهذيب) : 10/ 80، ترجمة رقم (159) .

ص: 487

يا نبي اللَّه، ما عند اللَّه، فليت شعرى عني منقلبا، فقال: إلى اللَّه بسدرة المنتهى ثم الى جنة المأوى، والعرض الأعلى، والكأس الأوفى، في الرفيق الأعلى، والحظ والعيش المهني.

فقال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يا نبي اللَّه من يلي غسلك؟ قال رجال من أهل بيتي [الأدنى فالأدنى][ (1) ] فقال ففيم نكفنك؟ قال: في ثيابي [هذه إن][ (1) ] شئتم أو حلة يمانية أو في ثياب مصر.

قال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكيف الصلاة عليك؟ فبكى وبكى الناس، فقال: مهلا غفر اللَّه لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا في بيتي هذا على شفة [ (2) ] شفير قبري، ثم اخرجوا عني ساعة فإن أولى من يصلي عليّ اللَّه تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ثم يأذن للملائكة في الصلاة على فأول من يدخل عليّ من خلق اللَّه تعالى ويصلي علي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت مع جنود كثيرة، ثم الملائكة بأجمعها، ثم أنتم فادخلوا عليّ أفواجا، وزمرة، وسلموا تسليما ولا تؤذوني بتزكية، ولا صيحة، ولا رنة، وليبتدئ بالصلاة عليّ رجال [ (3) ] أهل بيتي ثم النساء ثم الصبيان.

قال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فمن يدخلك قبرك؟ قال إن من أهل بيتي الأدنى فالأدنى، مع ملائكة كثير لا ترونهم وهم يرونكم، قوموا فأدوا عليّ إلى من بعدي، فقلت: من حدثك هذا؟ فقال: عبد اللَّه بن مسعود- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وإنما ذكرت هذا الحديث من طريق سيف لأن لأن سياقته أتم من سياقة الجماعة.

واحتج من ذهب إلي أنه نص على استخلاف أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بعده على الأمة نصا جليا بوجوه: قال أبو محمد بن حزم منها: إطباق الأمة المهاجرون والأنصار على أن سموه خليفة رسول اللَّه

[ (1) ] زيادة للسياق من (ابن سعد) : 2/ 257.

[ (2) ] زيادة للسياق.

[ (3) ] ما بين الحاصرتين سياقه مضطرب في (خ) واستدركناه من (ابن سعد) .

ص: 488

معنى الخليفة في اللغة الّذي يستخلفه المرء، ومحال أن يبعثوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضروريين:

أحدهما: أنه لم يستحق هذا الاسم في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد كان استخلفه على الصلاة.

والثاني: أن كل من استخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في حياته كعليّ بن أبى طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في في غزوة الخندق، وكعثمان بن عفان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أو غيره في غزوة الرقاع، وغيرهم ممن استخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزواته، كعتاب بن أسيد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وسائر من استخلف على البلاد لم يستحق أحد منهم بلا خلاف من أحد من الأمة أن يسمى خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لصح بالضرورة التي لا يحيد عنها، إطلاقه بعده على الأمة الممتنع أن يجمعوا على ذلك وهو صلى الله عليه وسلم لم يستخلفه نصا، ولو لم يكن هاهنا إلا استخلافه إياه على الصلاة ما كان أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أولى بهذه التسمية من سائر من ذكرنا.

قال أبو محمد: وهذا برهان ضروري يعارض به جميع الخصوم، وأيضا

فإن الرواية قد أصبحت بأن امراة قالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا رسول اللَّه! أرأيت إن رجعت ولم أجدك- كأنما تريد الموت- قال: فأتي أبا بكر.

قال المؤلف: أبو محمد بن حزم يسير إلى ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، من حديث إبراهيم بن سعد قال: أخبرنى أبى عن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: أتت النبي امرأة فكلمته في شيء، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول اللَّه! أرأيت إن جئت فلم أجدك- كأنها تريد الموت- وقال مسلم أي كأنها تعنى الموت قال صلى الله عليه وسلم إن لم تجديني فأتي أبا بكر.

ذكره البخاري في كتاب الأحكام [ (1) ] وذكره مسلم في المناقب [ (2) ]

[ (1) ](فتح الباري) : 13/ 255 كتاب الأحكام، باب (51) الاستخلاف حديث رقم (7220) .

[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 163، كتاب فضائل الصحابة باب (1) من فضائل أبي بكر الصديق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه حديث رقم (2386) .

ص: 489

قال أبو محمد: وهذا نص على الاستخلاف لأبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى.

وأيضا

فذكر ما خرجه البخاري: حدثنا يحيي بن يحيي قال: أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال: سمعت القاسم بن محمد قال: قالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها: وا رأساه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك.

فقالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- وا ثكلياه واللَّه إني لأظنك تحب موتى، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا وا رأساه، لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون، أو يتمني، المتمنون ثم قلت: يأبى اللَّه ويدفع المؤمنون، أو يدفع اللَّه ويأبى المؤمنون ذكره في كتاب المرضى [ (1) ]، في باب قول المريض: إني وجع أو وا رأساه أو اشتد بي الوجع.

وخرج مسلم في المناقب [ (2) ] من حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: قالت قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعى لي أبا بكر أباك، وأخاك، حتى أكتب كتابا فإنّي أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى اللَّه والمؤمنون إلا أبا بكر.

وخرج أبو داود الطيالسي من حديث عبد العزيز بن رافع عن ابن أبي مليكة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي مات فيه: ادعى لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبى بكر كتابا لا يختلف عليه أحد بعدي، ثم قال: دعيه، معاذ اللَّه أن يختلف المؤمنون في أبي بكر.

قال أبو محمد: فهذا نص في استخلافه أبا بكر- رضي اللَّه تبارك

[ (1) ](فتح الباري) : 10/ 152، حديث رقم (5666) .

[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 15/ 163، 164 حديث رقم (2387) .

ص: 490

وتعالى عنه- على ولاية الأمة بعده ولو أن يستخير من التدليس والغش، الأمر الّذي لو ظفر به خصومنا إذا طعنوا عندنا من طريق النقل ونعوذ باللَّه من الاحتجاج بما لا يصح، وقد أغنى اللَّه تعالى أمتي بالزاهدين عن الإقناع وهذا الّذي ذكرنا لا يعارض بنقل موقوف على من دون النبي صلى الله عليه وسلم كالذي روى من قول عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: ألا استخلف، فقال لم يستخلف من هو خير مني، فمن المحال أن يغار من إجماع جميع الصحابة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- على أن أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ومثله عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها، مما لو صح كان له وجه من أيهما زاد عن كتاب بذلك، أو ما أشبهه، وفي نص القرآن الكريم دليل واضح وبرهان على وجوب الطاعة بخلافة أبى بكر وعمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- وهو أن اللَّه تعالى قال مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم في الأعراب:

فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا [ (1) ] وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بثلاث، وهي الغزاة التي تخلف فيها الثلاثة المعتذرون الذين تاب اللَّه عليهم في سورة براءة، ولم يغزو صلى الله عليه وسلم بعد تبوك إلى أن مات.

وقال تعالى في مكان آخر: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ [ (2) ] فبين تعالى أن الأعراب لا يغزون مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد تبوك أبدا، ثم عطف تعالى منعه إياهم من الغزو مع رسول، فقال تعالى: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً [ (3) ] .

[ (1) ] التوبة: 83.

[ (2) ] الفتح: 15.

[ (3) ] الفتح: 16.

ص: 491

فأخبرهم تعالى أنهم سيدعوهم غير النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون، ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك الأجر الحسن، ووعدهم على عصيانه بالعذاب الأليم وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى قتال قوم يسلمون إلا أبو بكر، ثم عمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم-، فإن هؤلاء دعوهم إلى قتال: من بدا للعرب والفرس والروم ووجوب طاعة أبي وعمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- بنصّ القرآن الّذي لا يحتمل تأويلا.

وزاد: قد وجبت طاعتهم فرضا، فقد صحت إمامتهم وخلافتهم، وليس هذا بموجب تقليدهم بغير ما أمر اللَّه تعالى فيه بطاعتهم من سائر ما أفتوا فيه باجتهادهما، إذ ليس يجب طاعة الإمام إلا فيما نصّه اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقط، لا فيما لا نصّ فيه، ولا أوجبوهم- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- قط طاعتهم فرضا في غير، ذلك فارتفع الإشكال.

وأيضا فهذا إجماع من الأمة كلها إذ ليس أحد إلا وخالف بعض فتاويه هؤلاء الثلاثة، فصح إجماع الأمة على ما ذكرناه.

ص: 492