الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خروج طليحة في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
هو طليحة بن خويلد بن نوفل بن نصلة بن الأشتر بن حجوان ابن فقعس بن طريف بن عر بن عمرو بن معين بن الحارث بن ثعلبة بن دوقا بن راشد بن خزيمة بن دركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو الجبال الأسدي ذو النون كان يعدل بألف فارس.
كان قد تنبأ في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فوجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور عاملا على بني أسد وأمرهم بالقيام على من ارتد، فضعف أمر طليحة حتى لم يبق إلا أخذه، فضربه بسيف، فلم يصنع فيه شيئا، فظهر بين الناس أن السلاح لا يعمل فيه، فكثر جمعه. ومات النبي صلى الله عليه وسلم، وهم على ذلك، فكان طلحة يقول: إن جبرائيل يأتيني، وسجع للناس الأكاذيب، وكان يأمرهم بترك السجود في الصلاة ويقول: إن اللَّه لا يصنع بتعفر وجوهكم وتقبح أدباركم شيئا، اذكروا اللَّه أعفة قياما، إلى غير ذلك، وتبعه كثير من العرب عصبية، فلهذا كان أكثر أتباعه من أسد وغطفان وطيِّئ. فسارت فزارة وغطفان إلى جنوب طيبة، وأقامت طيِّئ على حدود أراضيهم وأسد بسميراء، واجتمعت عبس وثعلبة بن سعد ومرة بالأبرق من الرَّبَذَة، واجتمع إليهم ناس من بني كنانة، فلم تحملهم البلاد فافترقوا فرقتين، أقامت فرقة بالأبرق، وسارت فرقة إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بأخيه حبال، فكان عليهم وعلى من معهم من الدئل وليث ومدلج، وأرسلوا إلى المدينة يبذلون الصلاة ويمنعون الزكاة، فقال أبو بكر: واللَّه لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه. وكان عقل الصدقة على أهل الصدقة وردهم، فرجع وفدهم، فأخبروهم بقلة من في المدينة وأطمعوهم فيها.
وجعل أبو بكر بعد مسير الوفد على أنقاب المدينة عليا وطلحة والزبير وابن مسعود، وألزم أهل المدينة بحضور المسجد خوف الغارة من العدو لقربهم، فما لبثوا إلا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل وخلفوا بعضهم بذي حسي ليكونوا لهم ردءا، فوافوا ليلا الأنقاب وعليها المقاتلة فمنعوهم، وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر، فخرج إلى أهل المسجد على النواضح، فردوا العدو واتبعوهم حتى بلغوا ذا حسي، فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها وفيها الحبال، ثم دهدهوها على الأرض، فنفرت إبل المسلمين وهم عليها ورجعت بهم إلى المدينة ولم يصرع مسلم.
وظن الكفار بالمسلمين الوهن، وبعثوا إلى أهل ذي القصة بالخبر، فقدموا عليهم، وبات أبو بكر يعبي الناس، وخرج على تعبية يمشي وعلي ميمنته النعمان بن مقرن وعلى ميسرته عبد اللَّه بن مقرن وعلى أهل الساقة سويد بن مقرن. فما طلع الفجر إلا وهم والعدو على صعيد واحد، فما شعروا بالمسلمين حتى وضعوا فيهم السيوف، فما ذر قرن الشمس حتى ولوهم الأدبار وغلبوهم على عامة ظهرهم وقتل رجال، واتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة وكان أول الفتح، ووضع بها النعمان بن مقرن في عدد، ورجع إلى المدينة، فذل له المشركون. فوثب بنو عبس وذبيان على من فيهم من المسلمين فقتلوهم فحلف أبو بكر ليقتلن في المشركين بمن قتلوا من المسلمين وزيادة، وازداد المسلمون قوة وثباتا.
وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على صدقة الناس، بهم صفوان والزبرقان بن بدر وعدي بن حاتم، وذلك لتمام ستين يوما من مخرج أسامة، وقدم أسامة بعد ذلك بأيام، وقيل: كانت غزوته وعوده في أربعين يوما.
فلما قدم أسامة استخلفه أبو بكر على المدينة وجنده معه ليستريحوا ويريحوا ظهرهم، ثم خرج فيمن كان معه، فناشده المسلمون ليقيم، فأبي وقال:
لأواسينكم بنفسي. وسار إلى ذي حسي وذي القصة حتى نزل بالأبرق فقاتل من به، فهزم اللَّه المشركين وأخذ الخطبة أسيرا، فطارت عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر بالأبرق أياما، وغلب على بني ذبيان وبلادهم وحماها لدواب المسلمين وصدقاتهم.
ولما انهزم عبس وذبيان رجعوا إلى طليحة وهو ببزاخة، وكان رحل من سميراء إليها، فأقام عليها، وعاد أبو بكر إلى المدينة. فلما استراح أسامة وجنده، وكان قد جاءهم صدقات كثيرة تفضل عليها، قطع أبو بكر البعوث وعقد الألوية، فعقد أحد عشر لواء، عقد لواء لخالد بن الوليد وأمره بطليحة ابن خويلد فإذا فرغ سار إلى مالك بن نويرة بالبطاح إن أقام له، وعقد لعكرمة ابن أبي جهل وأمره بمسيلمة، وعقد للمهاجر بن أبي أمية وأمره بجنود العنسيّ ومعونة الأبناء على قيس بن مكشوح، ثم يمضي إلى كندة بحضرموت، وعقد لخالد بن سعيد وبعثه إلى مشارف الشام، وعقد لعمرو بن العاص وأرسله إلى قضاعة، وعقد لحذيفة بن محصن الغلفاني وأمره بأهل دبا، وعقد لعرفجة بن هرثمة وأمره بمهرة وأمرهم أن يجتمعا وكل واحد منهما على صاحبه في عمله.
وبعث شرحبيل بن حسنة في أثر عكرمة بن أبي جهل وقال: إذا فرغ من
اليمامة فالحق بقضاعة وأنت على خيلك تقاتل أهل الردة. وعقد لمعن بن حاجز وأمره ببني سليم ومن معهم من هوازن، وعقد لسويد بن مقرن وأمره بتهامة باليمن، وعقد للعلاء بن الحضرميّ وأمره بالبحرين، ففصلت الأمراء من ذي القصة ولحق بكل أير جنده، وعهد إلى كل أمير وكتب إلى جميع المرتدين نسخة واحدة يأمرهم بمراجعة الإسلام ويحذرهم، وسير الكتب إليهم مع رسله.
ولما انهزمت عبس وذبيان ورجعوا إلى طليحة ببزاخة أرسل إلى جديلة والغوث من طيِّئ يأمرهم باللحاق به، فتعجل إليه بعضهم وأمروا قومهم بالحاق بهم، فقدموا على طليحة.
وكان أبو بكر بعث عدي بن حاتم قبل خالد إلى طيئ وأتبعه خالدا وأمره ان يبدأ بطئ ومنهم يسير إلى بزاخة ثم يثلث بالبطاح ولا يبرح إذا فرغ من قوم حتى يأذن له. وأظهر أبو بكر للناس أنه خارج إلى خيبر بجيش حتى يلاقي خالدا، يرهب العدو بذلك.
وقدم عدي علي طيئ فدعاهم وخوفهم، فأجابوه قالوا له: استقبل الجيش فأخره عنا حتى نستخرج من عند طليحة منا لئلا يقتلهم. فاستقبل عدي خالدا وأخبره بالخبر، فتأخر خالد، وأرسلت طيئ إلى إخوانهم عند طليحة فلحقوا بهم، فعادت طيئ إلي خالد بإسلامهم، ورحل خالد يريد جديلة، فاستمهله عدي عنهم، ولحق بهم عدي يدعوهم إلى الإسلام، فأجابوه، فعاد إلى خالد بإسلامهم، ولحق بالمسلمين ألف راكب منهم، وكان خير مولود في أرض طيئ وأعظمه بركة عليهم.
وأرسل خالد بن الوليد عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم الأنصاري طليعة، فلقيهما حبال أخو طليحة فقتلاه، فبلغ خبره طليحة فخرج هو وأخوه سلمة، فقتل طليحة عكاشة وقتل أخوه ثابتا ورجعا.
وأقبل خالد بالناس فرأوا عكاشة وثابتا قتيلين، فجزع لذلك المسلمون، وانصرف بهم خالد نحو طيئ، فقالت له طيئ: نحن نكفيك قيسا، فإن بني أسد حلفاؤنا. فقال: قاتلوا أي الطائفتين شئتم. فقال عدي بن حاتم: لو نزل هذا على الذين [هم] أسرتي الأدنى فالأدنى لجاهدتهم عليه، واللَّه لا أمتنع عن جهاد بني أسد لحلفهم. فقال له خالد: إن جهاد الفريقين جهاد، لا تخالف رأي أصحابك وامض بهم إلى القوم الذين هم لقتالهم أنشط، ثم تعبى لقتالهم، ثم سار حتى التقيا على بزاخة، وبنو عامر قريبا يتربصون على من
تكون الدائرة قال: فاقتتل الناس على بزاخة.
وكان عيينة بن حصن مع طليحة في سبعمائة من بني فزارة، فقاتلوا قتالا شديدا وطليحة متلفف في كسائه يتنبأ لهم، فلما اشتدت الحرب كرّ عيينة على طليحة وقال له: هل جاءك جبرائيل بعد؟ قال: لا فرجع فقاتل، ثم كر على طليحة فقال له: لا أبا لك! أجاءك جبرائيل؟ قال: لا. فقال عيينة: حتى متى؟ قد واللَّه بلغ منا! ثم رجع فقاتل قتالا شديدا ثم كر على طليحة فقال: هل جاءك جبرائيل؟ قال: نعم. قال: فماذا قال لك؟ قال:
قال لي: إن لك رحى كرحاه، وحديثا لا تنساه. فقال عيينة: قد علم اللَّه أنه سيكون حديث لا تنساه، انصرفوا يا بني فزارة فإنه كذاب، فانصرفوا وانهزم الناس.
وكان طليحة قد أعد فرسه وراحلته لامرأته النوار، فلما غشوه ركب فرسه وحمل امرأته ثم نجا بها وقال: يا معشر فزارة من استطاع أن يفعل هكذا وينجو بامرأته فليفعل. ثم انهزم فلحق بالشام، ثم نزل على كلب فأسلم حين بلغه أن أسدا وغطفان قد أسلموا، ولم يزل مقيما في كلب حتى مات أبو بكر.
وكان خرج معتمرا [في إمارة أبي بكر] ومر بجنبات المدينة، فقيل لأبي بكر: هذا طليحة! فقال: ما أصنع به؟ قد أسلم! ثم أتي عمر فبايعه حين استخلف. فقال له: أنت قاتل عكاشة وثابت؟ واللَّه لا أحبك أبدا! فقال: يا أمير المؤمنين ما يهمك من رجلين أكرمهما اللَّه بيدي ولم يهني بأيديهما! فبايعه عمر وقال له: ما بقي من كهانتك؟ فقال: نفخة أو نفختان [بالكير] . ثم رجع إلى قومه فأقام عندهم حتى خرج إلى العراق.
ولما انهزم الناس عن طليحة أسر عيينة بن حصن، فقدم به على أبي بكر فكان صبيان المدينة يقولون له وهو مكتوف: يا عدو اللَّه أكفرت بعد إيمانك؟
فيقول: واللَّه ما آمنت باللَّه طرفة عين. فتجاوز عنه أبو بكر وحقن دمه.
وأخذ من أصحاب طليحة رجل كان عالما به، فسأله خالد عما كان يقول، فقال: إن مما أتي به: والحمام واليمام، والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق والشام.
قال: ولم يؤخذ منهم سبي لأنهم كانوا قد أحرزوا حريمهم، فلما انهزموا أقروا بالإسلام خشيه على عيالاتهم، فآمنهم [ (1) ] .
[ (1) ] عامة هذا الفصل مطموس في (الأصل) أو مضطرب السياق، فأثبتناه من (الكامل في التاريخ) لابن الأثير:
2/ 343- 349.
وخرج البيهقي من طريق محمد بن يوسف الغمرياني، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال: قال لي أبو بكر أي يوم توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قلت: يوم الاثنين، قال: إني أرجو أن أموت فيه، فمات فيه.
ومن طريق خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، وفتح مكة يوم الاثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الإثنين:
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. وتوفي يوم الاثنين.
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، قال: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر بن درستويه، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، عن يحيى بن عبد اللَّه بن بكير، قال حدثنا ابن لهيعة عن خالد، عن حنش، عن ابن عباس فذكره بنحوه، زاد: ودخل المدينة يوم الإثنين، ولم يذكر قوله: ونبي يوم الإثنين قلت: وقد خولف في قوله الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، قال عمر بن الخطاب:
نزل يوم الجمعة، يوم عرفة، وكذلك قال عمار بن أبي عمار عن ابن عباس.
ومن طريق يعقوب بن سفيان قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: وحدثنا يعقوب، حدثنا إبراهيم بن المنذر، عن ابن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قالا:
اشتد برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الوجع، فأرسلت عائشة إلى أبي بكر، وأرسلت حفصة إلى عمر، وأرسلت فاطمة إلى علي، ولم يجتمعوا حتى توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على صدر عائشة، وفي يومها يوم الاثنين. زاد إبراهيم: حين زاغت الشمس بهذا ربيع الأول.
ومن طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر، وبدأه وجعه عند وليدة له، يقال لها ريحانة، كانت من سبي اليهود، وكان أول يوم مرض فيه يوم السبت، وكانت وفاته اليوم العاشر، يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، لتمام عشر سنين من مقدمه المدينة.
ومن طريق الواقدي: قال حدثنا أبو معشر عن محمد بن قيس، قال:
اشتكى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة في بيت زينب بنت جحش شكوى شديدة، واجتمع عنده نساؤه كلهن، اشتكى ثلاثة عشر يوما وتوفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة.
قال الواقدي: حدثنا سعيد بن عبد اللَّه بن أبي الأبيض عن المقبري، عن عبد اللَّه بن رافع، عن أم سلمة، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدئ في بيت ميمونة زوجته.
ومن طريق عبد اللَّه بن جعفر، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا أحمد بن يونس، عن أبى معشر، عن محمد بن قيس، قال:
أشتكى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر يوما، فكان إذا وجد خفة صلى، وإذا ثقل، صلى أبو بكر.
ومن طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، قال: توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، اليوم الّذي قدم فيه المدينة مهاجرا، فاستكمل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في هجرته عشر سنين كوامل [ (1) ] .
وقال الرافعي وعاش صلى الله عليه وسلم بعدها يعني حجة الوداع ثمانين يوما وقيل ويوما وقال النووي في (الروضة) : وتوفى صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحوة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وقال أبو الفتح محمد بن سيد الناس في (سيرته) :
والجمهور على أنه توفي صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من ربيع الأول يوم الاثنين. وقال أبو الربيع ابن سالم وهذا لا يصح وقد جرى فيه من الغلط على العلماء ما علينا إثباته وقد تقدمه السهيليّ الى بيانه لأن حجة الوداع كانت وقفتها يوم الجمعة بالاتفاق فلا يستقيم أن يكون يوم الإثنين ثانى عشر ربيع الأول سواء تمت الشهور أو نقصت أم تم بعضها.
قال الطبري: توفي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين من ليلتين مضتا من ربيع الأول.
وقال أبو بكر الخوارزمي: في أول يوم منه، وبيان قول أبى الربيع أن الأشهر الثلاث التي بقيت من عمره صلى الله عليه وسلم إذا كانت تامة كان الثاني عشر من ربيع الأول وإنما هو الأحد فإنه يكون أول ذي الحجة الخميس، وآخره يوم الجمعة، وأول المحرم يوم السبت، وآخره الأحد، وأول صفر الإثنين، وآخره الثلاثاء، وأول ربيع الأربعاء، فحينئذ الثاني عشر الأحد، وإن نقص شهران فتم شهر كان أول ربيع الإثنين، وثاني عشر الجمعة، وإن نقص الأشهر الثلاث كان أول ربيع الأحد، والثاني عشر الخميس.
وقد اعترض في (المهمات) على صاحب (الروضة) وغلط فيما قال بهذا
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 7/ 233- 235.
الاعتراض ولم ينسبه إلى قائله لقد أجيب عن هذا الاعتراض بأن التاريخ إنما يقع برؤية الأهلة والأهلة، تختلف بحسب المطالع وكل قطر يؤرخون ويحولون برؤيتهم ولا يعتبرون برؤية من بعد عنهم في التاريخ وسائر الأحكام.
وأهل مكة رأوا هلال ذي الحجة ليلة الخميس، ووقفوا يوم الجمعة، وأهل المدينة يجوز أنهم رأوه ليلة الجمعة، لأن مطلعهم مختلف عن أهل مكة، فإذا تمت الشهور كان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت وأول المحرم الأحد وأخره الاثنين وأول سفر الثلاثاء، وآخره الأربعاء، وأول ربيع يوم الخميس، فيكون ثانى عشر الاثنين.
قول الرافعي رحمه الله: إنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد حجته ثمانين يوما، يقتضي أن وفاته أول يوم من ربيع الأول، وقد ذهب اليه طائفه كما تقدم.
وقال محمد بن عابد في (مغازيه) حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير انه حدثهم عن محمد بن السيد الكلبي عن أبى صلح بن العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- أن اللَّه عز وجل أنزل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو واقف صلى الله عليه وسلم بعرفة قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [ (1) ] فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام وإنه إنما عاش صلى الله عليه وسلم بعدها ثمانين يوما حتى قبضه اللَّه تعالى وقوله يوما بعد الثمانين يقضى وفاته لليلتين مضتا من ربيع الأول.
قال سيف في كتاب (الردة) : عن محمد بن عبيد اللَّه عن الحكم عن [مقسم] عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: فلما قضي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حجته أو نفر نزل الحصبة ثم ارتجل منها حتى قدم المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وتوفى صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لعشر خلون من ربيع الأول وقال عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- مثله إلا أن ابن العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: في أول الأيام مضينا منه وقالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- بعد ما مضي منه واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
[ (1) ] المائدة: 3.