الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
خرج البخاري ومسلم من حديث هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، قالت: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه: أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ استبطاء ليوم عائشة، فلما كان يومي قبضه اللَّه بين سحري ونحري. ودفن في بيتي [ (1) ] .
وقال مسلم [ (2) ] : ليتفقد أين أنا اليوم؟ ولم يقل في آخره: ودفن في بيتي.
وخرج البخاري [ (3) ] من حديث أبي عوانة، عن هلال، عن عروة بن الزبير، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي لم يقم منه: لعن اللَّه اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. لولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي- أو خشي- أن يتخذ مسجدا
وقال البخاري: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه: لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدم، ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك حتى قال لهم عروة: لا واللَّه، ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-[ (4) ] .
[ (1) ](فتح الباري) : 3/ 326، كتاب الجنائز، باب (96) ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فَأَقْبَرَهُ أقبرت الرجل: إذا جعلت له قبرا. وقبرته: ودفنته كِفاتاً يكونون فيها أحياء، ويدفنون فيه أمواتا، حديث رقم (1389) .
[ (2) ] سبق تخريجه.
[ (3) ](المرجع قبل السابق) : حديث رقم (1390) .
[ (4) ](المرجع السابق) حديث رقم (1391)، قوله: لما سقط عليهم الحائط أي حائط حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الحموي عنهم: والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال:
أخبرني أبي قال: كان الناس يصلون إلي القبر فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحد، فلما هدم بدت قدم بساق وركبة ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز. وروى الآجري من طريق مالك بن مغول عن رجاء بن حيوة قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز- وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن اهدمها ووسع بها المسجد، فقعد
وخرج أبو داود من حديث إسماعيل بن إسماعيل بن أبي فديك قال:
أخبرني عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم قال: دخلت على عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقلت: يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فكشفت.
وخرجه القاسم بن أصبغ من طريق يعقوب قال: أخبرني عمرو بن عثمان ابن هانئ فذكره وزاد في آخره: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقدم، وأبو بكر عند رأسه، وعمر عند رجليه، رأسه عند رجلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (1) ] .
[ () ] عمر في ناحية، ثم أمر بهدمها، فما رأيته باكيا أكثر من يومئذ. ثم بناه كما أراد. فلما أن بنى البيت على القبر وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الرمل الّذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له: أصلحك اللَّه، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلا أن يصلحها، ورجوت أنه يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم- يعني مولاه- قم فأصلحها. قال رجاء: وكان قبر أبى بكر عند وسط النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر خلف أبي بكر رأسه عند وسطه. وهذا ظاهره يخالف حديث القاسم، فان أمكن الجميع وإلا فحديث القاسم أصح. وأما ما أخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن عائشة «أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره» فسنده ضعيف، ويمكن تأويله. واللَّه أعلم.
قوله: (وعن هشام) هو بالإسناد المذكور، وقد أخرجه المصنف في الاعتصام من وجه آخر عن هشام وأخرجه الإسماعيلي من طريق عبدة عن هشام وزاد فيه «وكان في بيتها موضع قبر» .
قوله: لا أزكي بضم أوله وفتح الكاف على البناء للمجهول، أي لا يثني علي بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل وأنا في نفس الزمن يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قولها لعمر كنت أريده لنفسي فكأن اجتهادها في ذلك تغير أو لما قالت ذلك لعمر كان قل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل فاستحيت بعد ذلك أن تدفن هناك وقد قال عنها عمار بن ياسر وهو أحد من حاربها يومئذ:
إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، وهو كما قال رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين.
[ (1) ](سنن أبي داود) 3/ 549، 55، كتاب الجنائز، باب (72) في تسوية القبر، حديث رقم (3220)(فكشفت لي) أي لأجلي أو لرؤيتي (لا مشرفة) أي مرتفعة غاية الارتفاع، وقيل أو عالية أكثر من شبر (ولا لاطئة) بالهمزة والياء أي مستوية على وجه الأرض، يقال لطأ بالأرض أي لصق بها (مبطوحة) صفة لقبور.
أي مسواة مبسوطة على الأرض. قال القاري: وفيه أنها تكون حينئذ بمعنى لاطئة وتقدم نفيها والصواب أن معناها ملقاة فيها البطحاء. قال في النهاية: بطح المكان تسويته وبطح المسجد ألقى فيه البطحاء وهو الحصى
وقال البيهقي: وفي رواية أن عبد اللَّه قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقدما
[ () ] الصغار (ببطحاء العرصة) أي رمل العرصة وهي موضع. قال الطيبي: العرصة جمعها عرصات وهي كل موضع واسع لا بناء فيه والبطحاء مسيل واسع فيه دقاق الحصى والمراد بها هنا الحصى لإضافتها إلى العرصة (الحمراء) صفة للبطحاء أو العرصة.
قال الطيبي أي كشفت لي عن ثلاثة قبور لا مرتفعة ولا منخفضة لاصقة بالأرض مبسوطة مسواة، والبطح أن يجعل ما ارتفع من الأرض مسطحا حتى يسوى ويذهب التفاوت كذا في المرقاة. قال السيد جمال الدين:
والأولى أن يقال معناه ألقى فيها بطحاء العرصة الحمراء انتهى. وأخرج أبو بكر النجاد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره من الأرض شبرا وطين بطين أحمر من العرصة انتهى.
وأخرج الحاكم من هذا الوجه وزاد «ورأيت قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقدما وأبو بكر بين كتفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وفي الباب عن صالح بن أبي صالح عند أبي داود في المراسيل قال «رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم شبرا أو نحو شبر وعن هيثم بن بسطام المديني عن أبي بكر الآجري في كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال «رأيت قبره صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من أربع أصابع، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه.
وأخرج البخاري في (صحيحه) عن سفيان التمار «أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما» انتهى أي مرتفعا. قال في القاموس: التسنيم ضد التسطيح وقال سطحه كمنعه بسطه. وقد اختلف أهل العلم في الأفضل من التسنيم والتسطيح بعد الاتفاق على جواز الكل فذهب الشافعيّ وبعض أصحابه إلى أن التسطيح أفضل واستدلوا برواية القاسم بن محمد وما وافقها، قالوا: وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنم بل كل في أول الأمر مسطحا ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة وبهذا يجمع بين الروايات، ويرجح التسطيح أمره صلى الله عليه وسلم عليا أن لا يدع قبرا مشرفا إلا سواه.
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية وادعى القاضي حسين اتفاق أصحاب الشافعيّ عليه ونقله القاضي عياض عن أكثر العلماء أن التسنيم أفضل وتمسكوا بقول سفيان التمار.
قال الشوكاني: والأرجح أن الأفضل التسطيح واللَّه أعلم. وحديث القاسم سكت عنه المنذري (قال أبو علي) هو اللؤلؤي راوي السنن (عند رأسه) أي النبي صلى الله عليه وسلم (عن رجليه) أي النبي صلى الله عليه وسلم (رأسه) أي عمر وهذه صفة القبور الثلاثة وجدت في بعض النسخ الصحيحة واللَّه أعلم.
وأبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ورأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الرواية تدل على أن قبورهم مسطحة لأن الحصباء لا تثبت إلا على المسطح [ (1) ] .
وقال سيف: عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما فرغ من الصلاة تناولوه حتى وضعوه ثم نصبوا اللبن وحثوا وسفوا التراب، فلما دفن أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حفر له دونه إلى الباب وجعل رأسه بحيال حقوي النبي صلى الله عليه وسلم ورجلاه إلى جنب الحائط وألحد له، ونصب له اللبن نصبا، فلما دفن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- حفر له بحيال قبر النبي صلى الله عليه وسلم من دون قبر أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- إلى الباب، وكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- متجاورين وكان قبر أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في وسط من قبر النبي صلى الله عليه وسلم وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وكان رأس أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بحيال حقوي النبي صلى الله عليه وسلم وستره عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ورجلاه إلى جانب الحائط. قال: فما فضل عن النبي صلى الله عليه وسلم قطعته عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- بحائط، فكانت تدخل تلك الفصلة يوم الجمعة محتجبة. قالت: كنت أدخل وفيه بعلي في غير حجاب، فأما إذ دخله عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فإنه لا يحل لي أن أدخله إلا محتجبة.
وخرج الحاكم من طريق الحميدي حدثنا سفيان قال: سمعت يحيى بن سعيد يحدث عن سعيد بن المسيب قال: قالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- رأيت كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي فسألت أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال: يا عائشة، إن تصدق رؤياك يدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، فلما قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ودفن قال لي أبي أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: يا عائشة، هذا خيرا أقمارك وهو أحدها، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين [ (2) ] .
وخرج أيضا من طريق عمر بن سعيد الأبحّ، عن ابن أبي عروبة عن
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 7/ 263، 264.
[ (2) ](المستدرك) : 3/ 63، كتاب المغازي والسرايا باب (30) حديث رقم (4401) وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم: وقد كتبنا من حديث أنس. قلت: ثم ساقه مرفوعا من تعبيره عليه السلام. وقال: على شرط البخاري ومسلم. قلت: هو من رواية عمر بن حماد بن سعيد الأبحّ، أحد الضعفاء، تفرد به عنه موسى بن عبد اللَّه السلمي، لا أدري من هو؟!