الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمنافقون من الخزرج
هم: عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول، وسلول بنت الحارث الخزاعية، أمه [وبها يعرف]، وقيل: بل هي جدته وهو عبد اللَّه بن أبي بن مالك بن الحارث ابن عبيد اللَّه بن مالك بن سالم الجبليّ بن غنم بن عوف بن الخزرج وهو ابن رأس المنافقين القائل لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ [ (1) ] ، وقد تقدمت عدة من أخباره في المريسيع وغيرها
وروى الدارقطنيّ قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مر على جماعة فيهم عبد اللَّه بن أبي فسلم عليهم، ثم ولي، فقال:
لقد عثا ابن أبي كبشة في هذه البلاد، فسمعها ابنه عبد اللَّه فاستأذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أن يأتيه برأس أبيه فقال صلى الله عليه وسلم: ولكن برّ أباك، وأبو مالك جد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة [ (2) ] وهو القائل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد ندب الناس إلى غزوة تبوك وذكر بنو
[ (1) ] المنافقون: 8، قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيي بن آدم ويحيي بن أبي بكير قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم، وقال أبو بكير عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد اللَّه بن أبي بن سلول يقول لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول اللَّه، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحدثته، فأرسل إلى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول وأصحابه فحلفوا باللَّه ما قالوا، فكذبني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصدقه فأصابني همّ لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت،
فقال عمي: ما أردت إلا أن كذب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومقتك؟ قال: حتى أنزل اللَّه إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قال: فبعث إليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقرأها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليّ ثم قال: إن اللَّه قد صدقك. (تفسير ابن كثير) : 4/ 396، (البحر المحيط) : 10/ 184،
حيث قال: ولما سمع عبد اللَّه، ولد عبد اللَّه بن أبيّ هذه الآية، جاء إلى أبيه فقال: أنت واللَّه يا أبت الذليل، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العزيز، فلما دنا من المدينة جرد السيف عليه ومنعه الدخول حتى يأذن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان فيما قال: وراءك لا تدخلها حتى تقول: رسول اللَّه الأعز وأنا الأذل، فلم يزل حبيسا في يده حتى أذن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتخليته. وفي هذا الحديث أنه قال لأبيه: لئن لم تشهد للَّه ولرسوله بالعزة لأضربن عنقك، قال: أفاعل أنت؟ قال: نعم، فقال: أشهد أن العزة للَّه ولرسوله وللمؤمنين.
[ (2) ] ابن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد، وأمه هند بنت سهل من جهينة ثم من بني الربعة، وأخوه لأمه معاذ بن جبل، شهد عبد اللَّه بدرا وأحدا وكان أبوه الجد بن قيس يكنى أبا وهب، وكان قد أظهر الإسلام وغزا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوات، وكان منافقا وفيه نزل حين غزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، تبوك: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا. وليس لعبد اللَّه بن الجد عقب والعقب لأخيه محمد بن الجد بن القيس.
الأصفر-: ائذن لي ولا تفتني ببنات الأصفر، وقال [ (1) ] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لبني سلمة: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: الجدين ابن قيس إلا أن فيه بخلا، قال: وأي داء أدوى من البخل بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور.
وذكر الواقدي بإسناده من طريق أسيد بن أبي أسيد عن أبي قتادة الأنصاري- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لما نزلنا علي الحديبيّة، والماء قليل، سمعت الجد بن قيس يقول: ما كان خروجنا إلي هؤلاء القوم بشيء؟
أنموت من العش من آخرنا؟ فقلت: لا تقل هذا. يا أبا عبد اللَّه، فلم خرجت؟
قال: خرجت مع قومي، قلت: فلم تخرج معتمرا؟ قال: لا واللَّه، ما أحرمت؟ قال أبو قتادة ولا نويت العمرة؟ قال: لا! فلما دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرجل فنزل بالسهم، وتوضأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الدلو ومج فاه فيه، ثم رده في البئر، فجاشت البئر بالرواء. قال أبو قتادة: فرأيت الجد مادا رجليه على شفير البئر في الماء، فقلت أبا عبد اللَّه: أين ما قلت؟ قال: إنما كنت أمزح معك، لا تذكر لمحمد مما قلت شيئا. قال أبو قتادة: وقد كنت ذكرته قبل ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الجد وقال: بقينا مع صبيان من قومنا لا يعرفون لنا شرفا ولا سنا، لبطن الأرض اليوم خير من ظهرها! قال أبو قتادة: وقد كنت ذكرت قوله صلى الله عليه وسلم،
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ابنه خير منه.
قال أبو قتادة: فلقيني نفر من قومي فجعلوا يؤنبونني ويلومونني حين رفعت مقالته إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت لهم: بئس القوم أنتم! ويحكم» عن الجد بن قيس تذبون؟ قالوا:
نعم، كبيرنا وسيدنا. فقلت: قد واللَّه طرح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سؤدده عن بني سلمة، وسوّد علينا بشر بن البراء بن معرور، وهدمنا المنامات التي كانت على باب الجد، وبنيناها على باب بشر بن البراء، فهو سيدنا إلى يوم القيامة.
[ () ](طبقات ابن سعد) : 3/ 571، (الإصابة) : 1/ 468، ترجمة رقم (1112) .
ويقال: إنه مات في خلافة عثمان، وفي حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبيّة على ألا نفر كلنا إلا الجد بن قيس اختبأ تحت بطن ناقته. وفي حديث أبي قتادة عنه ما هو أسمج من هذا. وقد قيل: إنه تاب، فحسنت توبته. واللَّه أعلم (الاستيعاب) : 1/ 266- 268، ترجمة رقم (247) .
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 242، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (49650) . وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط مسلم.
قال أبو قتادة: فلما دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى البيعة فر الجد بن قيس فدخل تحت بطن البعير، فخرجت أعدو، وأخذت بيد رجل كان يكلمني، فأخرجناه من تحت بطن البعير، فقلت: ويحك! ما أدخلك هاهنا؟ أفرارا مما نزل به روح القدس؟ قال: لا، ولكني رعبت وسمعت الهيعة [ (1) ] . قال الرجل: لا نضحت عنك [ (2) ] أبدا، وما فيك خير.
فلما مرض الجد بن قيس ونزل به الموت لزم أبو قتادة بيته فلم يخرج حتى مات ودفن، فقيل له في ذلك فقال: واللَّه ما كنت لأصلي عليه وقد سمعته يقول يوم الحديبيّة كذا وكذا، وقال في غزوة تبوك كذا وكذا، واستحييت من قومي يرونني خارجا ولا أشهده. ويقال: خرج أبو قتادة إلى ماله بالواديين فكان فيه حتى دفن، ومات الجد في خلافة عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-[ (3) ] .
ومرارة بن [ (4) ] الربيع وهو الّذي ضرب بيده على عاتق عبد اللَّه بن أبيّ، ثم قال: تمطي، والنعيم لنا من بعده كائن نقتل الواحد المفرد، فيكون الناس عامة بقتله مطمئنين، بدعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال له: ويحك ما حملك على أن تقول الّذي قلت؟ فقال: يا رسول اللَّه إن كنت قلت شيئا من ذلك إنك لعالم به، وما قلت شيئا من ذلك [ (5) ] .
وعبد اللَّه بن عيينة وهو الّذي قال لأصحابه: اشهدوا هذه الليلة تسلموا الدهر كله، فو اللَّه ما لكم أمر دون أن تقتلوا هذا الرجل، فدعاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ويحك ما كان ينفعك من قتلي لو أني قتلت، فقال عدو اللَّه: يا نبي، اللَّه! واللَّه لا تزال بخير ما أعطاك اللَّه النصر على عدوك، إنما نحن باللَّه وبك فتركه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [ (6) ] .
[ (1) ] الهيعة: الصوت تفزع منه وتخافه من عدوّ.
[ (2) ] نضح عنه: ذبّ ودفع.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 2/ 590- 591.
[ (4) ] مرارة بن ربيعة. ويقال: ابن ربيع العمري الأنصاري. من بني عمرو بن عوف، شهد بدرا، وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وتاب اللَّه عليهم، ونزل القرآن في شأنهم (الاستيعاب) :
3/ 1382، ترجمة رقم (2361)، (الإصابة) : 6/ 65، ترجمة رقم (7870) ،
[ (5) ](دلائل البيهقي) : 5/ 259.
[ (6) ](المرجع السابق) : 5/ 258.