الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما المنافقون وكانوا من الخزرج والأوس
قال ابن سيده: النفاق الدخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر مشتق من نافق اليربوع، إسلامية، وقد نافق منافقه ونفاقا [ (1) ] .
قال اللَّه تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ [ (2) ] فدل على أن المنافقين شر من كفر به، وأولادهم عقبة، وأبعدهم من الإثابة إليه، لأنه شرط عليهم في التوبة والإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم، ثم شرط الإخلاص، لأن النفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب، ثم قال: فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [ (3) ] ولم يقل: فأولئك هم المؤمنون، ثم قال:
وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً [ (4) ] ولم يقل: وسوف يؤتيهم اللَّه بعضها لهم وإعراضا عنهم وحيدا، فالكلام عن ذكرهم، وقال تعالى يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ [ (5) ] فدل على خبثهم واستشرافهم بكل ما عرف من هرج علي الإسلام وأهله.
خرج مسلم من حديث محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن قتادة، عن أبي نضرة، عن قيس بن عباد قال: قلنا لعمار: رأيت قتالكم أرأيا رأيتموه فإن الرأي يخطئ ويصيب، أو عهدا عهده إليكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما عهد إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة، وقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن في أمتي- قال شعبة وأحسبه قال حدثني حذيفة- وقال غندر: أراه
[ (1) ] وقد تكرر في الحديث ذكر النفاق وما تصرف منه اسما وفعلا، وهو اسم إسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الّذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفا. (لسان العرب) :
10/ 359.
[ (2) ] النساء: 145- 146.
[ (3) ] النساء: 146.
[ (4) ] النساء: 146.
[ (5) ] المنافقون: 4، وهؤلاء فريق كانوا يقولون في حق النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤذيه إذا بلغه. وقد عد من هؤلاء المنافقين، القائلين ذلك: الجلاس بن سويد، قبل توبته، ونبتل بن لحارث، وعتاب بن قشير، ووديعة بن ثابت، فمنهم من قل: إن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير، وقال بعضهم: نقول فيه ما شئنا ثم نذهب إليه ونحلف له أنا ما قلنا، فيقيل قولنا. (تفسير التحرير والتنوير) 6/ 241، تفسير سورة التوبة.
قال في أمتي اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها، حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم [ (1) ] .
وخرج من حديث الوليد بن جميع، حدثنا أبو الطفيل قال: كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون من الناس، فقال: أنشدك باللَّه كم كان أصحاب العقبة؟ قال: فقال له القوم: أخبره إذا سألك، قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد باللَّه أن اثني عشر منهم حرب للَّه ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا علمنا بما أراد القوم، وقد كان في حرة فمشى فقال: إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد فوجد قوما قد سبقوه فلعنهم يومئذ [ (2) ] .
وقال الواقدي: حدثني يونس بن محمد، عن يعقوب بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، أنه قال له: هل كان الناس يعرفون أهل النفاق فيهم؟
فقال: نعم واللَّه، وإن كان الرجل ليعرفه من أبيه وأخيه وبني عمه- سمعت جدك قتادة بن النعمان يقول: تبعنا في دارنا قوم منا منافقون [ (3) ] .
وللبيهقي من حديث سفيان عن سلمة، عن عياض بن عياض، عن أبي، عن أبي مسعود قال: خطبنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطبة، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: إن فيكم منافقين، فمن سميت فليقم، ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان قم يا فلان، حتى سمي ستة وثلاثين رجلا، ثم قال: إن فيكم أو منكم فاتقوا اللَّه، قال: فمر عمر على رجل ممن سمى مقنع قد كان يعرفه- قال مالك:
قال: فحدثه بما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: بعدا لك سائر اليوم [ (4) ] .
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 17/ 130، كتاب صفات المنافقين باب (50) ، حديث رقم (100) .
[ (2) ](المرجع السابق) : الحديث الّذي يلي الحديث السابق بدون رقم.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 3/ 1009.
[ (4) ](مسند أحمد) : 6/ 367 من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري، حديث رقم (21843) .