الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنها- قال: اشتري لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حلة حبرة ليكفن فيها بتسعة دنانير ونصف، ثم بدا لهم أن يتركوها فابتاعها عبد اللَّه بن أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- وهو يومئذ مجروح جرح بالطائف وقد كاد الجرح أن يبرأ، وهو قد دمل عليه بعد، فلما كان في خلافة أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- التأم الجرح فحضره الموت فقال لما تكفنوني فيها فلو كان فيها خير لكفن فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة: فبيعه بعد ذلك باليمن وكفن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب سحولية قال ابن زياد كل ثوب أبيض فهو سحولي.
قال سيف: عن محمد بن عبيد اللَّه بإسناده قال: فغسلوه ثم كفن في برد واحد يماني وربطتين، ثم كفن فيهما.
وقال: عن محمد بن عبيد بن عطاء قال في رسالته: فيما بلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم كفن؟ فقال: كفن في ثوبين غسيلين كذلك كنت أسمعهم يذكرون، وزعم أن كذلك كفن أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في ثوبين غسيلين، لم يذكر بردا. قال: سبق عن سعيد بن عبد اللَّه عن بن أبي ملكية عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: بعث إلينا عبد الرحمن بثوبين فأردنا أن نكفنه فيهما ثم ترك لقوله صلى الله عليه وسلم بياض أو كرسف اليمن، يكفن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثوبين أبيضين غسيلين.
ذكر ما جاء في الصلاة على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قال ابن عبد البر: أمّا صلاة الناس عليه أفرادا، مجتمع عليه عند أهل السير وجماعة أهل النقل ما يختلفون فيه.
وقال الواقدي: كان السرير ألواحا، وأما العمودان فإنّهما أحدثا، وكانوا يقولون في السرير: إنه كان لأم مسلمة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أو لأم حبيبة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، فاشتراه الإسحاقيون موالي معاوية بأربعة آلاف درهم، والألواح غرب.
حدثني عباس بن سهل عن أبيه عن جده، قال: لما أدرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أكفانه وضع على سريره، ثم وضع شفير حفرته، ثم كان الناس يدخلون عليه رفقا رفقا لا يؤمهم أحد.
حدثني محمد عن الزهري عن عروة عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى
عنها- وابن أبي سبرة عن عباس بن عبد اللَّه بن عبد المطلب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قالا: أول من صلي عليه العباس بن عبد المطلب وبنوه، ثم خرجوا، ثم دخل عليه المهاجرون، ثم الأنصار رفقا رفقا، فلما انقضى الناس دخل عليه الصبيان صفوفا، ثم النساء. حدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قالا: أول من صلي عليه العباس بن عبد المطلب وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل عليه المهاجرون ثم الأنصار رفقا رفقا، فلما انقضى الناس دخل عليه الصبيان صفوفا، ثم النساء.
حدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن أمه قال: كنت فيمن دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو على سريره فكنا صفوفا ندعوا ونصلي ولقد رأينا أزواجه وقد وضعن الجلابيب عن رءوسهن في صدروهن، ونساء الأنصار يعزين الوجوه، قد بحت حناجرهن من الصباح.
حدثني بن أبي سبرة عن عباس بن عبد اللَّه بن معبد عن عكرمة عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قالا: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم موضوعا على سريره من حين زاغت الشمس من يوم الاثنين إلى أن زاغت الشمس يوم الثلاثاء، فصلى الناس عليه وسريره على شفير قبره، فلما أرادوا أن يغيروه نحو السرير قبل رجليه فأدخل من هناك، ودخل في حفرته العباس بن عبد المطلب والفضل بن عباس وقثم بن العباس وعليّ وشقران- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم-.
وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق، قال: حدثني السحيم بن عبد اللَّه ابن عبيد اللَّه بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- قال: لما مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام أرسالا، حتى فرغوا، ثم أدخل النساء فصلين عليه، ثم أدخل الصبيان فصلوا عليه، ثم أدخل العبيد فصلوا عليه أرسالا لم يؤمهم أحد.
وقال البيهقي: قال الواقدي حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم قال:
وجدت كتابا بخط أبي فيه: أنا لما كفن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار وقدر ما يسع البيت، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، وسلم المهاجرون والأنصار، كما سلم أبو بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- ثم صفوا صفوفا لم يؤمهم عليه أحد فقال
أبو بكر وعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- وهما في الصف الأول:
حياك اللَّه يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
اللَّهمّ إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ونصح الأمة، وجاهد في سبيل اللَّه حتى أعز اللَّه تبارك وتعالى دينه، وتمت كلمته وحده لا شريك له وأنزل معه ما جمع بيننا وبينه، حتى يعرفه بنا ويعرفنا به، فإنه كان بالمؤمنين رحيما لا يبتغى للإيمان بدلا ولا يشترى به ثمنا أبدا، فيقول الناس آمين آمين، ويخرجون ويدخل آخرون، حتى صلى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان.
وقال ابن عائد. حدثنا الوليد قال: أخبرني من سمع إسماعيل بن أميه يتحدث عن سعيد بن المسيب قال: إن المسلمين لما أرادوا الصلاة على نبيهم اجتمع رأيهم على أنه الإمام ولا إمام عليه، فدخل أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكبر عليه أربعا، ثم دخل عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكبر أربعا، ثم دخل عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فكبر أربعا، ثم دخل طلحة بن عبيد اللَّه والزبير بن العوام- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- ثم تتابعا الناس أرسالا يكبرون عليه ولا إمام لهم عليه.
حدثنا الوليد بن محمد عن ابن شهاب الزهري قال: وضعوه صلى الله عليه وسلم في البيت فدخل الناس عليه أفواجا: الرجال، والنساء، والصبيان، يصلون عليه، ثم يخرجون لا يؤمهم عليه إمام.
حدثنا الوليد بن مسلم قال: وحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال: إن علي بن أبي طالب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- أشار عليهم بذلك فقبلوه من قوله.
وقال سيف: عن محمد بن عبيد اللَّه عن عطاء وابن أبي مليكة كلاهما عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قال: ثم صلوا عليه وأدنو الناس أرسالا وهو في البيت، فجعلوا يصلون حوله على غير إمام ثم يستغفرون ويصلون ويسلمون لا يعجلهم أحد، ويدخل قوم ويخرج آخرون عامة يوم وليلة وعن سعيد بن عبد اللَّه عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: ما امتنعوا من الصلاة عليه في غير حين صلاة إلى الليل.
وعن أبي سلام عن ابن محريز قال: إن معاذ بن جبل- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: أوصى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالصلاة حتى يصلي، وذلك آخر ما وصى عليه وتكلم به الصلاة وصيته اللَّه ووصية الرسول، فاحفظوا وصية اللَّه ووصية الرسول يحببكم اللَّه إلى خلقه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا هجرتموني
فأمسكوا عني، فإنّ أول الخلق يصلي عليّ جبريل، والملائكة عليهم الصلاة والسلام بأسرها، ثم مسلمي الإنس والجن، فصلوا علي أفواجا، وليبدأ أفواجكم العباس عمي ثم الأفواج علي الولاء الأول فالأول،
فدخل العباس بن عبد المطلب وسائر بني هاشم، وفيهم أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- فلما فرغ الرجال جاءت النساء، فلما فرغن جاء الصبيان، فلم ير الناس بعد صلاة النساء على الجنازة ناسا، وكان الآخر من الأمر هو الناسخ للأول.
وعن محمد بن إسحاق قال: حدثني [
…
] [ (1) ] عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أنها قالت: فترك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقية يوم الاثنين وليلة الثلاثاء، وغسل يوم الثلاثاء.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: توفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وغسل يوم الاثنين، ودفن ليلة الثلاثاء في جوف الليل، ومات أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ليلة الثلاثاء، وصلي عليه في المسجد ودفن ليلته، وصلي عليه عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وعن يحي بن سعيد بن عمرة عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- مثل ذلك، وقالت: ما علمنا بدفنه الا بأصوات المساحي [ (2) ] بالليل.
[ (1) ] غير واضح بالأصل، ولم أجده في ما بين يدي من كتب السيرة، وسيرد ما يغني عنه.
[ (2) ] المساحي: جمع مسحاة، وهي المجرفة من الحديد، والميم زائدة، لأنه من السحو، وهو الكشف والإزالة.
(لسان العرب) : 2/ 598.