الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. وخرّجه أبو داود [ (1) ] وسياقة البخاريّ أتم.
وأما تصديق اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن العزى قد يئست أن تعبد بأرض العرب فلم تعبد بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم بحمد اللَّه تبارك وتعالى
فقال الواقدي [ (2) ] : حدثني عبد اللَّه بن يزيد، عن سعيد بن عمرو الهذلي قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان، فبث السرايا في كل وجه، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاص في مائتين، قبل يلملم [ (3) ] ، فخرج خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة، وبعث خالد بن الوليد في ثلاثين فارسا من أصحابه [إلى]
[ (1) ](سنن أبي داود) : 1/ 393- 394، كتاب الصلاة، باب (61) من أحق بالإمامة، حديث رقم (585) ، وقد اختلف الناس في إمامة الصبي غير البالغ إذا عقل الصلاة، فمن أجاز ذلك:
الحسن وإسحاق بن راهويه، وقال الشافعيّ: يؤم الصبي غير المحتلم إذا عقل الصلاة إلا في الجمعة، وكره الصلاة خلف الغلام قبل أن يحتلم: عطاء والشعبيّ ومالك والثوريّ والأوزاعيّ، وعليه ذهب أصحاب الرأي وكان أحمد بن حنبل يضعف أمر عمرو بن سلمة.
وقال مرة: دعه ليس بشيء بيّن، وقال الزهريّ: إذا اضطروا إليه أمهم قال الخطيبي، وفي جواز صلاة عمرو بن سلمة لقومه دليل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل، لأن صلاة النبي نافلة. (معالم السنن) .
وأخرجه النسائي في الإمامة، باب (11) إمامة الغلام قبل أن يحتلم، حديث رقم (788)، قال الإمام السندي في (حاشيته على سنن النسائي) : وفيه دليل على إمامة الصبيّ للمكلفين، ومن لا يقول به يحمل الحديث على أنه كان بلا علم من النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلا حجة فيه، واللَّه- تعالى- أعلم.
[ (2) ](مغازي الواقدي) : 3/ 783- 784، شأن هدم العزى.
[ (3) ] يلملم: موضع على ليلتين من مكة، وقيل: هو جبل من الطائف على ليلتين.
[العزى] انتهى إليها فهدمها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدمت العزى؟ قال:
نعم يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئا؟ قال: لا، قال:
فإنك لم تهدمها، فارجع إليها فاهدمها، فرجع خالد وهو متغيظ، فلما انتهى إليها جرد سيفه، فخرجت امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس، فجعل السادن يصيح بها، قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري، فجعل يصيح:
أيا عزّ شدى شدة لا تكذّبي
…
على خالد ألقى القناع وشمّري
أيا عزّ إن لم تقتلي المرء خالدا
…
فبوئي بذنب عاجل أو تنصري
يا عزّ كفرانك لا سبحانك
…
إني وجدت اللَّه قد أهانك
قال: وأقبل خالد بالسيف وهو يقول:
كفرانك لا سبحانك
…
إني وجدت اللَّه قل أهانك
فضربها بالسيف فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم تلك العزّى وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا، ثم قال خالد: أي رسول اللَّه، الحمد للَّه الّذي أكرمنا بك وأنقذنا من الهلكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي العزى بحترة [ (1) ] مائة من الإبل والغنم، فيذبحها للعزى ويقيم عندها ثلاثا، ثم ينصرف إلينا مسرورا، فنظرت إلى ما مات عليه أبي، ذلك الرأي الّذي كان يعاش في فضله، كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر، ولا يضر ولا ينفع؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأمر إلى اللَّه فمن يسره للهدى تيسّر ومن يسره للضلالة كان فيها.
وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان، وكان سادنها أفلح ابن النضر الشيبانيّ من بني سليم، فلما حضرته الوفاة دخل عليه وهو حزين، فقال له أبو لهب: ما لي أراك حزينا؟ قال: أخاف أن تضيع العزى من بعدي، قال له أبو لهب: لا تحزن، فأنا أقوم عليها بعدك، فجعل كل من لقي قال: إن تظهر العزى كنت قد اتخدت يدا عندها بقيامي عليها، وإن يظهر محمد على العزى- ولا أراه يظهر- يا ابن أخي، فأنزل اللَّه- تعالى-:
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ويقال: إنه قال هذا في اللات.
[ (1) ] الحترة بكسر الحاء: العطية اليسيرة.
وخرّج البيهقيّ [ (1) ] من طريق أحمد بن عليّ بن المثنى، قال: حدثنا أبو كريب، عن محمد بن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى، فأتاها خالد بن الوليد، وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات [ (2) ] ، وهدم البيت الّذي كان عليها،
ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: ارجع فإنك لم تصنع شيئا، فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها، أمعنوا في الجبل وهم يقولون: يا عزى خبليه [ (3) ] ، يا عزى عوريه، وإلا فموتي برغم، قال: فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: تلك العزى.
وخرّج البيهقيّ [ (4) ] من حديث مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكنه في التحريش بينهم.
ومن حديث وكيع [ (5) ] عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن التحريش [ (6) ] .
[ (1) ](دلائل البيهقيّ) : 5/ 77، باب ما جاء في بعثة خالد بن الوليد إلى نخلة كانت بها العزى، وما ظهر في ذلك من الآثار.
[ (2) ] السمرات: الشجرات.
[ (3) ] من الخبال، وهو النقصان والهلاك.
[ (4) ](المرجع السابق) : 6/ 363، باب ما جاء في إخباره صلى الله عليه وسلم بأن المسلمين لا يعبدون الشيطان في جزيرة العرب، يريد أصحابه فمن بعدهم فكان كما قال: ثم كان كما أخبر به من التحريش بينهم في آخر أيامه.
[ (5) ](المرجع السابق) .
[ (6) ] أي أنه يسعى بينهم في الخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب المنافقين، باب (16) تحريش الشيطان وبعث سراياه لفتنة الناس، حديث رقم (65) .