الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل فيما جاء في آخر صلاة صلاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس، من أولها إلى آخرها، وأول صلاة أمر أبا بكر الصديق أن يصليها بالناس، والصلاة التي حضرها صلى الله عليه وسلم حين وجد من نفسه خفة، وصلاة أبي بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه بهم فيما
بينهما أياما
قال البيهقيّ: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، وأبو القاسم الحسن بن محمد ابن حبيب من أصله قالا: حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الصفار إملاء، قال: حدثنا عبيد بن شريك، قال: حدثنا يحيى بن عبد اللَّه بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- عن أم الفضل بنت الحارث، أنها قالت:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب ب وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً [ (1) ]
ما صلى لنا بعدها، حتى قبضه اللَّه، قال البيهقيّ: رواه البخاريّ في الصحيح عن ابن بكير.
وأخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، قال: حدثنا يوسف بن بهلول، قال:
حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس، عن أم الفضل، قالت: خرج إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه، فصلى بنا المغرب فقرأ ب وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فما صلى بعدها حتى لقي اللَّه تبارك وتعالى.
قال البيهقي: وإنما أرادت واللَّه- تبارك وتعالى عنه أعلم- بالناس مبتدأ بها، فإنما توفي صلى الله عليه وسلم نهارا. [ (2) ]
[ (1) ] المرسلات: 1.
[ (2) ](دلائل البيهقي) : 7/ 190.
قال البيهقي: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زائدة بن قدامة، قال: حدثنا موسي بن أبي عائشة، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، قال: دخلت على عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقلت: ألا تحدثيني عن مرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلي ثقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى بالناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول اللَّه فقال صلى الله عليه وسلم ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول اللَّه، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب. قالت: فعلنا، فاغتسل ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول اللَّه فقال: ضعوا لي ماء في المخضب. قالت ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، وهم ينتظرونك، والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء قالت: فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يصلى الناس، فقالت: فأتاه الرسول فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس فقالت: فأتاه الرسول فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس. فقالت: فأتاه الرسول فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلى بالناس. فقال أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس، فقال له عمر: أنت أحق بذلك مني قالت:
فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة، فخرج بين رجلين أحدهما العباس، لصلاة الظهر، وأبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه يصلي بالناس. قالت: فما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر، وقال لهما: أجلسانى إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قالت: فجعل أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يصلي وهو قائم بصلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة بصلاة أبى بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. قال عبيد اللَّه: فدخلت على عبد اللَّه بن عباس، فقلت: ألا أعرض
عليك ما حدثتني عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- عن مرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: هات، فعرضت عليه حديثها. فما أنكر منه شيئا، غير أنه قال:، سمّت لك الرجل الآخر الّذي كان مع العباس؟ قال: لا. قلت: هو عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- رواه البخاري ومسلم في الصحيح، عن أحمد بن يونس.
قال البيهقيّ: وفي هذه الرواية الصحيحة، أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم في تلك الصلاة، وعلّق أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- صلاته بصلاته.
وكذلك رواه الأسود بن يزيد، وابن أختها عروة بن الزبير، وكذلك رواه الأرقم بن شرحبيل، عن عبد اللَّه بن عباس.
وقد أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلويّ، قال: أخبرنا أبو حامد ابن الشرقيّ، قال حدثنا إبراهيم بن عبد اللَّه، قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: حدثنا شعبة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: قالت: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مرضه الّذي مات فيه خلف أبى بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قاعدا وكذلك روى عن الأسود، عن عائشة في إحدى الرواتين عن الأعمش.
قال البيهقيّ: أخبرنا أبو الحسن بن الفضل بن القطّان ببغداد، قال:
أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر درستويه، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال:
حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر. وكذلك روى حميد، عن أنس بن مالك، ويونس عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قال البيهقيّ: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد المقرئ، قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: أخبرنا أبو الربيع قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، قال: وأخبرنا حميد عن أنس بن مالك، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج وأبو بكر يصلي بالناس، فجلس إلى جنبه وهو في بردة قد خالف بين طرفيها، فصلى بصلاته.
وأخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد، قال:
حدثنا عبيد بن شريك، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي مريم، قال: حدثنا محمد ابن جعفر، قال: أخبرنا حميد، أنه سمع أنسا يقول: آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد، ملتحفا به خلف أبى بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كذا قاله محمد بن جعفر بن أبي كثير. ورواه سليمان بن بلال عن حميد عن ثابت البنانيّ، عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وكذلك قاله يحيى بن أيوب عن حميد.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسي بن الفضل، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا حميد الطويل، عن ثابت البنانيّ، حدثه عن أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في ثوب واحد، برد مخالفا بين طرفيه. فلما أراد أن يقوم قال: ادع لي أسامه بن زيد، فجاء فأسند ظهره إلي نحره. فكانت آخر صلاة صلاها.
وفي هذا دلالة على هذه الصلاة، هي التي صلاها خلف أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كانت صلاة الصبح. فإنّها آخر صلاة صلاها، وهي التي دعا أسامة بن زيد حين فرغ منها، فأوصاه في مسيره بما ذكره أهل المغازي.
قال البيهقي: فالذي تدل عليه هذه الروايات مع ما تقدم، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلي خلفه في تلك الأيام التي كان يصلي بالناس مرة، وصلى أبو بكر خلفه مرة وعلى هذا حملها الشافعيّ- رحمه الله في مغازي موسى بن عقبة وغيره، بيان الصلاة التي صلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعضها خلف أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وهي صلاة الصبح من يوم الاثنين.
وفيما روينا عن عبيد اللَّه عن عائشة، وابن عباس بيان الصلاة التي صلاها أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- خلفه بعد ما افتتحها بالناس وهي صلاة الظهر من يوم السبت، أو الأحد فلا يتنافيان [ (1) ] واللَّه تعالى أعلم. [ (2) ]
[ (1) ](دلائل البيهقي) : 7/ 179- 183.
[ (2) ] زيادة للسياق.