الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (47): مسُّ الذكر ينقض الوضوء
.
وقال أبو حنيفة: لا ينقض.
لنا تسعة أحاديث:
291 -
الحديث الأوَل: قال أحمد: ثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن بُسرة بنت صفوان أن النَّبيَ صلى الله عليه وسلم قال: "من مسَّ ذكره فلا يصلِّي حتَّى يتوضَّأ"(1).
هذا إسنادٌ لا مطعن فيه.
قال التِّرمذيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ (2).
وقال البخاريُّ: هو أصحُ شيءٍ في هذا الباب (3).
292 -
الحديث الثَاني: قال أحمد: وثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدَثني محمَّد بن مسلم الزهريَّ عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهنيَّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مسَّ فرجه فليتوضأ"(4).
293 -
الحديث الثَّالث: قال أحمد: وثنا عبد الجبار بن محمَّد الخطَابي ثنا بقية ثنا محمَّد بن الوليد الزُّبيديُّ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " أيما رجل مسَّ فرجه فليتوضَّأ، وأيُّما امرأة مست فرجها فلتتوضَّأ "(5).
(1)"المسند": (6/ 406 - 407).
(2)
"الجامع": (1/ 125 - رقم: 82) وفيه: (هذا حديث حسن صحيح).
(3)
"الجامع" للترمذي: (1/ 126 - رقم: 84).
(4)
"المسند": (5/ 194).
(5)
"المسند": (2/ 223) ولفظه: (من مس ذكر فليتوضأ، وأيما امرأة
…
). وفي هامش الأصل: (حـ: هذا لفظ الدارقطني جعله لفظ أحمد) ا. هـ انظر: "سنن الدارقطني": (1/ 147).
294 -
الحديث الرَابع: قال الدارَقُطنيى: ثنا محمَّد بن [مخلد](1) ثنا عثمان بن معبد بن نوح ثنا إسحاق بن محمد الفرويَّ ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مسَّ ذكره فليتوضأ وضوءه للصَّلاة"(2).
295 -
الحديث الخامس: قال الدَّارَقُطنِي (3): وثنا [](4) عثمان بن أحمد الدَقَاق ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفليُّ عن سعيد بن أبي سعيد المقبُريِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتَّى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصَّلاة"(5).
296 -
الحديث السَادس: قال الدَارَقُطَّني: وثنا محمد بن مخلد ثنا حمزة ابن العبَّاس المروزيُّ ثنا عتيق بن يعقوب حدَثني عبد الرَحمن بن عبد الله بن عمر ابن حفص العُمريَّ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) في الأصل: (خالد)، والتصويب من (ب) و"التحقيق" و"سنن الدارقطني".
(2)
"سنن الدارقطني": (1/ 147).
وفي هامش الأصل: (حـ: ورواه ابن عدي عن ابن صاعد عن عثمان بن معبد، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر) ا. هـ
انظر: "الكامل": (4/ 142 - رقم: 976) في ترجمة عبد الله بن عمر العمري.
وفي هامش آخر: (قال ابن عدي: وأنا أبو يعلى الموصلي وعلي بن سعيد بن بشير الرازي قالا: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة ثم قام فتوضَّأ وأعادها، فقلنا يا رسول الله، هل كان من حدث يوجب الوضوء؟ قال: "لا، إلا أني مسست ذكري") ا. هـ
انظر: "الكامل": (4/ 217 - رقم: 1024) في ترجمة عبد الله بن أبي جعفر الرازي.
(3)
في هامش الأصل: (رواه أحمد) ا. هـ
انظر: "المسند": (2/ 333).
(4)
أقحمت في الأصل: (محمد بن) فحذفناها.
(5)
"سنن الدارقطني": (1/ 147).
قال: " ويل للذين يمسون فروجهم، ثُم يصلون ولا يتوضَّؤون". قالت عائشة: بأبي وأمِّي هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال:" إذا مسَّت إحداكن فرجها فلتتوضأ للصَّلاة"(1).
297 -
الحديث السَّابع: أنبأنا محمَّد بن، عبد الباقي أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكيُّ عن عبد العزيز بن جعفر ثنا أحمد ثنا محمَّد بن عوف ثنا مروان ثنا الهيثم ابن جميل (2) ثنا الأوزاعيُ ثنا العلاء بن الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مسَّ ذكره فليتوضَّأ".
298 -
الحديث الثَامن: قال ابن ماجه: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميُ ثنا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرَحمن (3) عن محمَّد بن عبد الرَحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مسَّ أحدكم ذكره فعليه الوضوء"(4).
299 -
الحديث التَّاسع: قال ابن ماجه: ثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد السَّلام بن حرب عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرَّحمن بن عبدِ القاريّ عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مسَّ فرجه فليتوضأ"(5).
(1)"سنن الدارقطني": (1/ 147 - 148).
وفي هامش الأصل حاشية لم يظهر السطر الأول منها، ونص ما ظهر منها: (.... بن أبي عبد الله صاحب الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم في الصلاة فمس ذكره فليتوضأ".
قال شيخنا أبو الحجاج: رواته ثقات، وفي سماع يحيى من عروة نظرٌ) ا. هـ
(2)
في هامش الأصل: (الهيثم حافظٌ له مناكير) ا. هـ
(3)
(عن عقبة بن عبد الرحمن) سقط من "التحقيق".
(4)
"سنن ابن ماجه": (1/ 162 - رقم: 480).
(5)
"سنن ابن ماجه": (1/ 162 - رقم: 482).
قال الخصم: كلُّ هذه الأحاديث مطعونٌ فيها:
أمَّا الأول فقالوا: لم يسمعه (1) عروة من بُسرة، إنَّما سمعه من مروان (2):
300 -
فروى الترمذيَّ: ثنا إسحاق بن منصور أنا أبو أسامة عن هشام ابن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسرة عن النَبيِّ صلى الله عليه وسلم بذلك (3).
310 -
وروى أحمد: ثنا إسماعيل بن عليَّة ثنا عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت عروة بن الزبير يحدث أبي قال: ذاكرني مروان مسَّ الذَكر، فقلت: ليس فيه الوضوء. فقال: فإن بسرة بنت صفوان تحدث فيه. فأرسل إليها رسولاً، فذكر الرَسول أنَّها تحدث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من مسَّ ذكره فليتوضأ"(4).
(1) في (ب): (لم يسمع).
(2)
في هامش الأصل: (بسرة هي خالة مروان) ا. هـ
(3)
"الجامع": (1/ 129 - رقم: 83 - طبعة الشيخ أحمد شاكر).
(تنبيه) ذكر الأستاذ الفاضل بشار بن عواد هذا الحديث في الحاشية من طبعته لـ "جامع الترمذي": (1/ 125 - رقم: 83) وذكر أنه يعتقد أن هذا الإسناد ليس من الترمذي، واستند في ذلك إلى أن الحافظ المزي لم يذكر هذا الإسناد في "تحفة الأشراف"- ولا استدركه عليه الحافظان: العراقي وابن حجر-، وأنه في "تهذيب الكمال" لم يرمز لرواية إسحاق بن منصور عن أبي أسامة برمز الترمذي، ثم قال:(مما يدل على أن هذا السند لم يكن في النسخ العتيقة الأصيلة التي كانت عنده من الترمذي، وأيضاً فإن هذا الحديث في بعض النسخ المتأخرة دون بعض) ا. هـ
وهنا ننبه القارئ إلى أن الأستاذ بشار- وفقه الله- توسع كثيراً في حذف الكثير من كلام الترمذي الثابت عنه في بعض النسخ الخطية لكتابه وفي نقل العلماء المتقدمين على الحافظ المزي، كتوسع العلامة الشيخ أحمد بن محمد شاكر- رحمه الله في إدخال كثير من الزيادات المقحمة من النساخ في كلام الإمام الترمذي، فلينتبه لهذا.
(4)
"المسند": (6/ 406).
وقال إبراهيم الحربيُّ: حديث بُسرة يرويه شرطيٌّ عن شرطيٍّ عن امرأة (1).
وذكر الدَارَقُطْنِيُ أنَ عليَّ بن المديني قال: أرسل مروان شرطيَّاً إلى بُسرة حتَّى ردَّ إليه جوابها (2).
وذكروا عن يحيى بن معين أنَّه قال: ثلاثة أحاديث لا تصحُ: حديث مسِّ الذَّكر، و"لا نكاح إلا بوليٍّ" و"كل مسكرٍ حرامٌ"(3).
وأمَا الحديث الثَاني: فإنَّ مالكاً قد قدح في ابن إسحاق.
وأمَا الثَالث: فإنَ بقيَة كان مدلِّساً عن الضُعفاء، فلا يوثق بحديثه؛ ثمَّ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرسلٌ، والمراسيل ليست بحجَةٍ.
وأمَا الرَابع والتاسع: ففيهما إسحاق الفرويَّ، قال النَّسائيُ: ليس بثقةٍ (4).
وفي الرَّابع: عبد الله بن عمر، وقد ضعَّفه يحيى (5)، وقال النَسائيُ: ليس بالقوي (6). وقال ابن حِبَّان: غلب عليه التَعبُد فغفل عن الحفظ،
(1) ذكره أيضاً الحافظ مغلطاي في "شرح سنن ابن ماجه": (1/ 410) ونسبه إلى كتاب "العلل" للحربي.
(2)
ورد ذلك عنه في مناظرة مشهورة بينه وبين ابن معين، وسيوردها المنقِّح بطولها:(ص: 274 - 275).
(3)
انظر ما يأتي في كلام المنقِّح: (ص: 270 - 271).
(4)
انظر ما يأتي في كلام المنقِّح: (ص: 271).
(5)
نقله البخاري في "التاريخ الكبير": (5/ 145 - رقم: 441) والترمذي في "جامعه": (1/ 155، 214، 386؛ 4/ 54 - الأرقام: 113، 172، 347، 2185) عن يحيى ابن سعيد القطان.
ونقله عبد الله بن أحمد في "العلل": (2/ 605 - رقم: 3877) عن يحيى بن معين.
(6)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 140 - رقم: 325).
فوقعت المناكير في روايته، فلمَّا فحش خطؤه استحقَّ التَّرك (1).
وأمَّا الخامس: ففيه يزيد بن عبد الملك، قال أحمد: عنده مناكير (2).
وقال يحيى (3) والدَارَقُطْنِيُ (4): ضعيفٌ. وقال أبو حاتم الرَازيَّ: منكر الحديث جدا (5). وقال النَسائي: متروك الحديث (6).
وأمَا السَادس: ففيه عبد الرَّحمن العمريَّ، قال أحمد: ليس يساوي حديثه شيئاً، خرقناه، كان كذَّاباً (7). وقال يحيى: ليس بشيءٍ (8). وقال أبو حاتم اْلرَازيَّ: متروك الحديث، كان يكذب (9). وقال النَساْئُي (10). وأبو زرعة (11) والدَارَقُطْنِيُ (12): متروكٌ.
وأمَّا السَابع: فقال التَّرمذيُّ: قال البخاريَّ: مكحول لم يسمع من عنبسة. قال: وكأنَّه لم ير هذا الحديث صحيحاً (13).
(1)"المجروحون": (2/ 7) باختلاف يسير.
(2)
"التاريخ الكبير" للبخاري: (8/ 348 - رقم: 3274)؛ "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (9/ 279 - رقم: 1171).
(3)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (9/ 279 - رقم: 1171) من رواية ابن أبي خيثمة.
(4)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 399 - رقم: 592).
(5)
"الجرح والتعديل" لابنه: (9/ 279 - رقم: 1171).
(6)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 246 - رقم: 645).
(7)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 46، 3/ 98 - رقمي: 1508، 4364).
(8)
"سؤالات ابن الجنيد": (ص: 354 - رقم: 330)، وفي رواية ابن محرز:(1/ 61 - رقم: 94): (كذاب ليس بشيء).
(9)
"الجرح والتعديل" لابنه: (5/ 253 - رقم: 1202).
(10)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 148 - رقم: 356).
(11)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (5/ 253 - رقم: 1202).
(12)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 271 - رقم: 332).
(13)
"الجامع": (1/ 127 - رقم: 84).
وقد ذكر محمَّد بن سعد أن العلماء ضعَّفوا مكحولاً (1).
وأمَّا الثَامن: فقال البخاريَّ: إنَما روى عقبة عن ابن ثوبان هذا الحديث مرسلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وقال بعضهم: عن جابر، ولا يصحُ (2).
وأمَّا التَاسع: ففيه إسحاق الفرويُّ (3)، وقد سبق جرحه (4).
والجواب:
أمَا الحديث الأوَل: فقد حكم بصحته الترمذيَّ (5)، وإسناده صحيحٌ، ومن الممكن أن يقال: إن عروة حين سمعه عن بُسرة لم يكن سمعه منها، ثمَّ سمعه منها، يدلُ على هذا: أنَّ الدَارَقُطْنِيُ روى في "كتابه" عن عروة، قال بعد أن حدَثه مروان: فسألت بُسرة بعد ذلك فصدَّقته (6).
وأمَّا ابن إسحاق: فقد وثَقه يحيى (7)، وقال شعبة: هو
(1)"الطبقات الكبرى": (7/ 454) وفيه: (وقال غيره من أهل العلم- كذا-: كان مكحول من أهل كابل، وكانت فيه لكنة، وكان يقول بالقدر، وكان ضعيفاً في حديثه وروايته) ا. هـ ولم يتبين لنا على من يعود الضمير في قوله (غيره من أهل العلم).
(2)
"التاريخ الكبير": (6/ 435 - 436 - رقم: 2903).
(3)
في (ب): (الهروي) خطأ.
(4)
(ص: 264).
(5)
"الجامع": (1/ 125 - رقم: 82).
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 146).
(7)
"التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 77 - رقم: 181) فيه: (ثقة).
وجاء في "التاريخ" برواية الدوري: (3/ 225 - رقم: 1047): (محمد بن إسحاق ثقة، ولكنه ليس بحجة) ا. هـ ويبين مراد ابن معين ما نقله عنه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه": (1/ 460 - رقم: 1172) قال: (قلت ليحيى بن معين وذكرت له الحجة، فقلت له: محمد بن إسحاق منهم؟ فقال: كان ثقة، إنما الحجة عبيد الله بن عمر ومالك بن أنس والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز) ا. هـ
وفي موضع آخر: (1/ 462 - رقم: 1180): (فقلت ليحيى بن معين: فلو قال رجل: إن محمد بن إسحاق كان حجة، كان مصيباً؟ قال: لا، ولكنه كان ثقة) ا. هـ
صدوق (1)
وبقيَة: قد أخرج عنه مسلمٌ في "صحيحه"(2).
وما زال العلماء يحتجُون بحديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه، وإذا كان جدُه عبد الله لم يكن الحديث مرسلاً، لأنَه قد سمع شعيبٌ منه، ثمَّ المراسيل عندنا حجَّة.
وأمَا عبد الله بن عمر: فقد قال يحيى- في روايةٍ -: ليس به بأس (3).
ويمكن أن نطالب بسبب التَّضعيف في حقِّ الكلِّ، فإنَّ [المحدِّثين](4) يضعِّفون بما ليس [بتضعيفٍ](5) عند الفقهاء.
وما حكوه عن الحربيِّ فبعيدٌ، لأنَ قوله:(عن امرأة) يدلُ على وهنٍ وليس في الصّحابيات مغمز.
وكذلك ما حكوا عن يحيى، فإنَه لا يثبت، وقد كان مذهبه: انتقاض الوضوء بمسِّ الذَّكر، وكان يحتجُ بحديث بُسرة- كذلك رواه الدَارَقُطْنِيُ عنه (6) -، وروى عنه عبد الملك الميمونيُ أنَّه قال: إنَّما يطعن في حديث بُسرة
(1)"العلل" برواية عبد الله بن أحمد: (3/ 214، 369 - رقمي: 4924، 5621)؛ " تقدمة الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم: (ص: 152).
(2)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 99 - رقم: 170).
(3)
" من كلام ابن معين في الرجال " برواية ابن طهمان: (ص: 56، 63 رقمي: 115، 149).
(4)
في الأصل: (المحدثون)، والتصويب من (ب) و"التحقيق".
(5)
في الأصل و (ب): (بضعيف) والمثبت من "التحقيق".
(6)
انظر ما يأتي (ص: 274 - 275).
من لا يذهب إليه (1)!
والاعتماد من هذه الأحاديث على حديث بُسرة.
ز: حديث بُسرة: رواه أيضاً: أبو داود (2) وابن ماجه (3) والنَّسائيُ (4) وأبو حاتم ابن حِبَّان في "صحيحه"(5).
وقال النَسائيُ: هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث.
وقال الإمام أحمد: قال شعبة: لم يسمع هشام حديث أبيه في مسِّ الذَّكر. قال يحيى (6): فسألت هشاماً، فقال:(أخبرني أبي)(7).
ورواه ابن أبي فديك عن ربيعة بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسرة
…
فذكر الحديث، قال عروة: فسألت بُسرة فصدَّقته.
فقد صحَّ سماع عروة من بُسرة، وسماع هشام من أبيه.
وقال الشافعيُ: قد روينا [قولنا](8) عن غير بُسرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، والذي يعيب علينا الرِّواية عن بُسرة يروي عن عائشة بنت عجرد وأمِّ خداش وعِدَةٌ من النساء لسن بمعروفات في العامَّة، ويحتجُ بروايتهن، ويضعِّف بُسرة
(1) لم نقف عليه، ونقل ابن عبد البر في "التمهيد":(17/ 192) عن مضر بن محمد عن يحيى ابن معين تصحيح حديث بسرة، وانظر:"الإمام" لابن دقيق: (2/ 302 - 304).
(2)
"سنن أبي داود": (1/ 235 - 236 - رقم: 183).
(3)
"سنن ابن ماجه": (1/ 161 - رقم: 479).
(4)
"سنن النسائي": (1/ 101، 216 - الأرقام: 163 - 164، 444 - 447).
(5)
"الإحسان" لابن بلبان: (3/ 396 - رقم: 1112).
(6)
هو ابن سعيد، وهو الواسطة بين الإمام أحمد وشعبة.
(7)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 579 - رقم: 3745).
(8)
زيادة من (ب) و"المعرفة".
مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم! وقد حُدِّث بهذا في دار المهاجرين والأنصار- وهم متوافرون- ولم يدفعه منهم أحدٌ، بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها، منهم: عروة بن الزبير، وقد دفع وأنكر الوضوء من مسِّ الذَّكر قبل أن يسمع الخبر، فلمَّا علم أنَّ بُسرة روته قال به وترك قوله، وسمعها ابن عمر تحدِّث به فلم يزل يتوضَأ من مسِّ الذَّكر حتَّى.
مات، وهذه طريقة الفقه (1) والعلم (2).
وقال عبد الرَحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن حديثِ رواه عبد الرَزاق وأبو قُرَة موسى بن طارق عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة عن بُسرة وزيد بن خالد عن النَبيِّ صلى الله عليه وسلم في مسَّ الذَّكر.
قال أبي: أخشى أن يكون ابن جريج أخذا هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى، لأنَّ أبا جعفر ثنا قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول: جاءني ابن جريجٍ بكتبٍ مثل هذا- خفض يده اليسرى ورفع يده اليمنى مقدار بضعة عشر جزءً-، فقال: أروي هذا عنك؟ قال: نعم (3).
وقال أيضاً: سألت أبي عن حديثٍ رواه حسن الحُلوانيُ عن عبد الصَّمد ابن عبد الوارث عن أبيه عن حسين العلَّم عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النَبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " من مسَّ ذكره فليتوضَّأ".
ورواه شعيب بن إسحاق عن هشام عن يحيى عن عروة عن عائشة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: "من مسَ ذكره في الصَلاة فليتوضَّأ".
(1) في مطبوعة "المعرفة": (أهل الفقه).
(2)
"المعرفة" للبيهقي: (1/ 225 - رقم: 195)
(3)
"العلل": (1/ 32 - 33 - رقم: 62).
قال أبي: هذا حديثٌ ضعيفٌ، لم يسمعه يحيى من الزهري، وأدخل بينهم رجلاً ليس بالمشهور، ولا أعلم أحداً روى عنه إلا يحيى، وإنَّما يرويه الزُّهريَّ عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بُسرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولو أنَ عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهما أحداً! وهذا يدلُ على وهن الحديث (1).
وقال أيضاً: سألت أبي عن حديثٍ رواه الوليد بن مسلم عن عبد الرَحمن ابن نمر اليحصبيّ عن الزهريّ عن عروة عن مروان عن بُسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يأمر بالوضوء من مسِّ الذَّكر، والمرأة مثل ذلك.
فقال أبي: هذا حديثٌ وهم فيه في موضعين: أحدهما: أنَّ الزهريَّ يرويه عن عبد الله بن أبي بكر، وليس في الحديث ذكر المرأة.
قلت لأبي: فحديث أمِّ حبيبة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في من مسَّ ذكره فليتوضَّأ؟
قال: روى ابن لهيعة في هذا الحديث ما يوهن هذا الحديث، أو تدلُ روايته أنَّ مكحولاً أدخل بينه وبين عنبسة رجلاً (2).
وروى أبو بكر الرَازيُّ عن أبي الحسن الكرخيّ عن أبي عون الفرائضي قال: سمعت عبَّاساً الدُوريَّ قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ثلاثة أحاديث لا تصح عن النَبيّ صلى الله عليه وسلم: "كلُّ مسكرٍ حرامٌ"، و"لا نكاح إلا بوليّ"، و"من مسَ ذكره فليتوضأ". قال العبَّاس: فذكرته لأحمد فقال: يصحُ في مسِّ الذَّكر.: حديث مكحول عن عنبسة. قال: فجئت إلى يحيى فذكرت ذلك له، فقال: مكحول لم ير عنبسة (3).
(1)"العلل": (1/ 36 - رقم: 74).
(2)
"العلل": (1/ 38 - 39 - رقم: 81).
(3)
أشار النووي في " المجموع ": (2/ 42) ومغلطاي في "شرح سنن ابن ماجه": (1/ 410) إلى كلام ابن معين الأوَّل، ولم يسوقاه بهذه السياقة التامة، ونسبه مغلطاي إلى كتاب الدبوسي =
وقد روي نحو هذا عن يحيى من وجهٍ آخر، وفي صحته نظرٌ.
وحديث زيد بن خالد: غلط فيه ابن إسحاق، وصوابه:(عن بسرة) بدل: زيد (1).
وحديث عمرو بن شعيب كن أبيه عن جده: إسناده قويٌّ، لكن قد اختلف فيه على عمرو.
وحديث ابن عمر: في إسناده إسحاق بن محمَّد الفرويَّ، وهو غير إسحاق بن عبد الله بن أبي فَروة الذي في حديث أبي أيُّوب، وظنّهما المؤلِّف واحداً، وهو وهمٌ.
فأمَّا إسحاق بن محمَّد: فروى عنه البخاريَّ في "صحيحه"(2)، ووهَّاه أبو داود (3)، وقال النسائيُ: ليس بثقةٍ (4). وقال أبو حاتم: كان صدوقاً،
=وهو حنفي- والإسناد الذي ساقه ابن عبد الهادي مسلسل بالأحناف أيضاً.
وخرَّج ابن عبد البر من رواية مضر بن محمد عن ابن معين خبراً فيه تصحيح ابن معين لحديث بُسرة، وفيه أيضاً سؤاله لأحمد، فانظره في "التمهيد":(17/ 192)، وانظر أيضاً "الإمام" لابن دقيق:(2/ 302 - 304)، و"التلخيص" لابن حجر:(1/ 132).
(1)
قال يعقوب الفسوي في "المعرفة": (2/ 27 - 28): (وسمعت بعض ولد جويرية بن أسماء وكان ملازماً لعلي قال: قال علي [هو ابن المديني]: لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين: نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا نعس أحدكم يوم الجمعة
…
"، والزهري عن عروة عن زيد بن خالد: " إذا مس أحدكم فرجه
…
"، هذين لم يروهما عن أحد والباقين يقول: ذكر فلان، ولكن هذا فيه حدثنا) ا. هـ
(2)
"التعديل والتجريح" للباجي: (1/ 377 - رقم: 82)؛ " هدي الساري " لابن حجر: (ص: 389).
(3)
"الميزان" للذهبي: (1/ 199 - رقم: 785)، وساق نصَّ كلام أبي داود الحافظُ ابن حجر في "التهذيب":(1/ 217 - رقم: 466) عن رواية الآجري، ولم نقف عليه في ما طبع من "سؤالات الآجري".
(4)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 56 - رقم: 49).
ولكن ذهب بصره فربَّما لقِّن، وكتبه صحيحة (1). ووثَّقه ابن حِبَّان (2).
وأمَا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروه: فهو متروكٌ باتفاقهم، وقد اتهمه بعضهم.
وأمَّا حديث أبي هريرة: فقد ذكر عبد الحقِّ الحافظ (3) الأزديُّ المغربيُّ - في كتاب " الأحكام " له- عن أبي عمر ابن عبد البِّر: أنَّ أصبغ بن الفرج رواه عن ابن القاسم عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك جميعاً عن سعيد بن أبي سعيد، قال: فصحَّ الحديث بنقل العدل عن العدل على ما قال ابن السَّكن، إلا أنَّ أحمد بن حنبل (4) كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم، وخالفه يحيى بن معين (5) فقال: هو ثقة (6).
302 -
أخبرنا بالحديث الحافظ أبو الحجَّاج: أنا ابن الدَّرجيّ أخبرتنا عفيفة بنت أحمد إجازةً أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله أنا ابن ريذَه أنا الطَّبرانيُّ ثنا أحمد بن عبد الله بن العبَّاس الطائيُّ البغداديُّ ثنا أحمد بن سعيد الهمدانيُّ ثنا أصبغ بن الفرج ثنا عبد الرَّحمن بن القاسم عن نافع بن أبي نعيم ويزيد ابن عبد الملك النوفليِّ عن سعيد المقبريَّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجابٌ فقد وجب عليه
(1)"الجرح والتعديل" لابنه: (2/ 233 - رقم: 820).
(2)
"الثقات": (8/ 114 - 115) وقال: (يغرب ويتفرد).
(3)
كذا بالأصل، وفي (ب):(الحافظ عبد الحق).
(4)
في "الجرح والتعديل": (8/ 456 - رقم: 2089) من رواية أبي طالب قال: (سألت أحمد بن حنبل عن نافع بن عبد الرحمن، قال: كان يؤخذ عنه القراءة، وليس في الحديث بشيء) ا. هـ
(5)
هو في "التاريخ" برواية الدوري: (3/ 172 - رقم: 761).
(6)
" الأحكام الوسطى": (1/ 140)، وكلام ابن عبد البر في "الاستذكار":(1/ 291 - رقم: 38) الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج، وانظر:"التمهيد": (17/ 195).
الوضوء".
وقال الطَّبرانيُ: لم يروه عن نافع إلا عبد الرَحمن بن القاسم الفقيه المصريَّ، ولا عن عبد الرَحمن إلا أصبغ، تفرَّد به أحمد بن سعيد (1).
ورواه أبو حاتم ابن حِبَّان في "صحيحه"(2) والحاكم وصححه (3).
وأمَّا حديث أمِّ حبيبة: فرواه ابن ماجه (4).
وروي عن الإمام أحمد أَنه قال: حديث أم حبيبة حديثٌ صحيحٌ (5).
وكذلك قال أبو زرعة الرَازيَّ فيما حكى عنه التِّرمذيَّ (6).
وأمَا حديث جابر: فرواه أبو بكر الأثرم أيضاً، ولفظه:" من مسَّ ذكره فليتوضأ "(7).
وخطَأ أبو حاتم الرَازيَّ من وصله، وقال: النَّاس يروونه عن ابن ثوبان
(1) هو في " المعجم الصغير ": (1/ 42 - 43 - رقم: 103).
(2)
"الإحسان" لابن بلبان: (3/ 401 - رقم: 1118).
(3)
"المستدرك": (1/ 138).
(4)
"سنن ابن ماجه": (1/ 162 - رقم: 481).
(5)
ذكر ذلك أيضاً ابن السكن- فيما نقله عنه ابن عبد البر في " الاستذكار ": (1/ 290 - رقم: 38) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج-، وابن قدامة في "المغني":(1/ 241 - 242)، والمجد في "المنتقى":(1/ 199 - مع النيل)، وشيخ الإسلام في " شرح العمدة ":(1/ 306)، ونسبه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" إلى "العلل" للخلال:(1/ 133).
وجاء عن الإمام أحمد- رحمه الله أنه قال عن حديث أم حبيبة: (حديث حسن الإسناد) كما في " الاستذكار " لابن عبد البر: (1/ 290 - رقم: 38) الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.
وفي "التمهيد": (17/ 191): (كان أحمد
…
يقول
…
: في مس الذكر
…
حديث حسن ثابت، وهو حديث أم حبيبة) ا. هـ
(6)
"الجامع": (1/ 126 - رقم: 84).
(7)
ومن طريقه خرجه ابن عبد البر في "التمهيد": (17/ 193).
عن النَبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلَا، لا يذكرون جابراً (1).
وقال الشافعيُ: سمعت غير واحدٍ من الحفَاظ يروونه لا يذكرون جابراً (2).
303 -
وقد روي عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن عليٍّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: "من مسَّ فرجه فليتوضَّأ".
رواه الطَبرانيُ وصحَحه (3)، وهو حديثٌ غريبٌ، وفي إسناده حمَّاد بن محمَّد الحنفيُ وأيُوب بن عتبة وهما ضعيفان.
وممن قال بنقض الوضوء من مسَّ الذكر: عمر وابن عمر وابن عبَّاس وأنس، حكاه عنهم أحمد.
وسعد بن أبي وقَاص وأبو هريرة، حكاه الخطَّابي عنهما (4).
وزيد بن خالد الجهنيُ والبراء بن عازب وجابر بن عبد الله، حكاه ابن عبد البِّر عنهم (5).
وروي عن عائشة.
وقال البيهقيُ: أنا أبو عبد الله الحافظ حدَثني أبو بكر محمد بن عبد الله الجراحيُ العدل الحافظ بمرو ثنا عبد الله بن يحيى القاضي السَّرخسيُ ثنا رجاء بن مُرجَّى الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وابن المدينيِّ
(1)"العلل" لابن أبي حاتم: (1/ 19 - رقم: 23).
(2)
"الأم": (1/ 19).
(3)
"المعجم الكبير": (8/ 334 - رقم: 8252).
(4)
"معالم السنن": (1/ 131 - 132).
(5)
"الاستذكار": (1/ 291 - رقم: 38) الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.
وابن معينٍ، فتناظروا في مسِّ الذَكر، فقال ابن معين: يتوضأ منه. وتقلَد ابن المدينيَّ قول الكوفيين وقال به، فاحتجَ ابن معينٍ بحديث بُسرة، واحتجَّ ابن المديني بحديث قيس بن طلق، وقال ليحيى: كيف تتقلَّد إسناد بُسرة، ومروان أرسل شرطيّاً حتَّى ردَ جوابها إليه؟! فقال يحيى: ثمَّ لم يقنع ذلك عروة، حتَّى أتاها فسألها وشافهته بالحديث. ثم قال يحيى: ولقد أكثر النَّاس في قيس وأنَّه لا يحتجُ بحديثه. فقال أحمد: كلا الأمرين على ما قلتما. فقال يحيى: مالك (1) عن نافع عن ابن عمر: يتوضأ من مسِّ الذَكر. فقال عليٌّ: كان ابن مسعود يقول: لا يتوضَّأ منه، وإنَّما هو بضعة من جسدك. فقال:[يحيى](2): هذا عمن؟ فقال عليٌّ: عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر فاختلفا فابن مسعود أولى أن يتبع.
فقال [له أحمد بن حنبل](3): نعم، ولكن أبو قيس الأودي لا يحتجُ بحديثه.
فقال عليٌ: حدَثني أبو نعيم ثنا مسعر عن عمير بن سعيد عن عمَّار قال: ما أبالي مسسته أو أنفي. فقال يحيى: بين عمير وعمَّار مفازة!
وروي عن ابن المديني ما يدلُ على أنه رجع إلى حديث بُسرة.
وقال صاعقة: قال عليُ بن المديني: اجتمع سفيان وابن جريج فتذاكرا مسَّ الذَّكر، فقال ابن جريج: يتوضَّأ منه، فقال سفيان: لا يتوضَّأ منه، أرأيت لو أمسك بيده منيّاً ما كان عليه؟ قال ابن جريج: يغسل يده. فقال: أيُّهما أكثر المنيّ أو مسُّ الذَّكر؟! فقال: ما ألقاها على لسانك إلا الشَّيطان (4) O.
(1) في مطبوعة "السنن الكبرى": (عن مالك).
(2، 3) زيادة من مطبوعة "السنن الكبرى" و" التعليقة على العلل " للمنقح: (ص: 94).
(4)
"السنن الكبرى": (1/ 136) باختصار يسير.
وقد أوردها الحافظ ابن عبد الهادي في تعليقته على "العلل" لابن أبي حاتم: (ص: 93 - 94) ثم قال: (وهذه الحكاية بعيدة من الصحة من وجوه عديدة، وقد تفرد بها عبد الله بن يحيى السرخسي وهو متهم) ا. هـ
قال المؤلف: وللخصم ثلاثة أحاديث:
304 -
الحديث الأوَّل: قال أحمد: ثنا حمَّاد بن خالد ثنا أيُّوب بن عتبة اليماميُ عن قيس بن طلق عن أبيه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن مسِّ الذكر، فقال: يا رسول الله، أيتوضأ أحدنا من مسِّ ذكره؟ فقال:"هل هو إلا بضعةٌ منك؟! "(1).
ورواه ابن عَدي عن محمَّد بن يحيى بن سليمان عن عاصم بن عليًّ عن أيُّوب بن عتبة (2).
305 -
طريقٌ ثانٍ: قال أحمد: ثنا موسى بن داود ثنا محمَّد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله رجلٌ فقال: مسست ذكري- أو: الرَّجل يمسُّ ذكره في الصَلاة عليه الوضوء؟ - قال: "لا، إنَّما هو منك"(3).
306 -
طريقٌ ثالثٌ: قال ابن عَديٍّ: ثنا محمَّد بن خريم الدمشقيُ ثنا هشام بن عمَّار ثنا سعيد بن يحيى ثنا عبد الحميد بن جعفر عن أيُّوب بن محمَّد العجليَّ عن قيس بن طلق- أو: طلق بن قيس- الحنفيَّ عن أبيه أَنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسِّ فرجه، فقال:"إنَّما هو بضعةٌ منك"(4).
307 -
طريقٌ رابعٌ: أنا محمد بن أبي طاهر البزَّار أنا أبو يعلى محمَّد بن الحسين أنا عليُ بن عمر بن شاذان أنا حامد بن بلال ثنا محمَّد بن عبد الله البخاريَّ ثنا عيسى بن موسى غنجاز عن [غياث](5) بن إبراهيم عن محمَّد بن جابر
(1)"المسند": (4/ 22) مع اختلاف في اللفظ.
(2)
"الكامل": (1/ 352 - رقم: 182) بهذا اللفظ.
(3)
"المسند": (4/ 23).
(4)
"الكامل": (1/ 352 - رقم: 182).
(5)
في الأصل و (ب): (عتاب) خطأ، والتصويب من "التحقيق".
الحنفيَّ عن قيس بن طلق عن أبيه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسِّ الذَكر، فقال:" إنَّما هو بضعةٌ منك ".
308 -
طريقٌ خامسٌ: قال الترمذيُ: ثنا هنَّاد ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق بن عليٍّ عن أبيه عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَنه قال: " وهل هو إلا مضغةٌ منك- أو: بضعةٌ منه- "(1).
309 -
الحديث الثَاني: قال ابن عَدِي: أنا أبو يعلى ثنا كامل بن طلحة ثنا حمَّاد بن سلمة (2) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّما هو حِذية (3) منك ". يعني مسَّ الذَّكر (4).
310 -
الحديث الثَالث: قال الدَارَقُطْنيُ: أنا محمَّد بن أحمد بن عمرو أنا أحمد بن محمَّد بن رشدين ثنا سعيد بن عفير ثنا الفضل بن المختار عن الصَّلت ابن دينار (5) عن عصمة بن مالك الخطميَّ- وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَ رجلاً قال: يا رسول الله، إني احتككت في الصَلاة فأصابت يدي فرجي؟
فقال النَبيُ صلى الله عليه وسلم: "وأنا أفعل ذلك"(6).
هذه الأحاديث الثَّلاثة ضعاف:
أمَّا الأوَل: ففي طريقه الأوَل: أيُّوب بن عتبة، قال يحيى بن معينٍ:
(1)"الجامع": (1/ 127 - رقم: 85).
(2)
في "التحقيق": (زيد) خطأ.
(3)
في " النهاية ": (1/ 357 - ح ذ ا): (أي قطعة، قيل هي بالكسر: ما قطع من اللحم طولاً) ا. هـ
(4)
"الكامل": (2/ 135 - رقم: 335).
(5)
قوله: (عن الصلت بن دينار) وهم، صوابه:(عن عبيد الله بن موهب) كما أشار إليه ابن عبد الهادي في هامش النسخة وكما سيأتي في كلامه أيضاً.
(6)
"سنن الدارقطني": (1/ 149).
ليس بشيءٍ (1). وقال النَسائيُ: مضطرب الحديث (2).
وأمَا الثَاني: ففيه محمَّد بن جابر، قال يحيى: ليس بشيءٍ (3). وقال الفلَاّس: متروك الحديث (4). وقال ابن حِبَان: كان يُلحق في كتبه ما ليس من حديثه، ويسرق ما ذُوكر به فيحدث به (5).
وفي الطَريق الثَالث: العجليُ، وقد ضعَّفه يحيى بن معينٍ (6)؛ وفيه: عبد الحميد، قال الثَوريَّ: هو ضعيفٌ (7).
وفي الطَريق الرابع: غياث بن إبراهيم، قال أحمد (8) والبخاريَّ (9) والدَارَقُطْنِيُ: هو متروكٌ. وقال يحيى: كان كذَّاباً (10). وقال ابن حِبَان: يضع الحديث (11).
(1)"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 87 - رنم: 3275).
(2)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 48 - رقم: 24).
(3)
"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 91 - رقم: 3303)؛ وبرواية الدارمي: (ص: 202 - رقم: 742).
(4)
"الكامل" لابن عدي: (6/ 148 - رقم: 1646).
(5)
"المجروحون": (2/ 270).
(6)
"التاريخ" برواية الدارمي: (ص: 179 - رقم: 645).
(7)
"العلل" لعبد الله بن أحمد: (2/ 489 - رقم: 3223)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم:(6/ 10 - رقم: 46).
وفي هامش الأصل: (حـ: عبد الحميد صدوق، روى له مسلم، والثوري إنما تكلم فيه لأجل القدر) ا. هـ
انظر: "رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 440 - رقم: 987).
(8)
"الجرح والتعديل": لابن أدما حاتم: (7/ 57 - رقم: 327).
(9)
"التاريخ الكبير": (7/ 109 - رقم: 488)، "التاريخ الأوسط":(2/ 169)، "الضعفاء الصغير":(ص: 473 - رقم: 294) وفيها: (تركوه).
(10)
"التاريخ" برواية الدوري: (3/ 468 - رقم: 2298)، " معرفة الرجال " برواية ابن محرز:(1/ 55 - رقم: 44).
(11)
"المجروحون": (2/ 200 - 201).
وقد سبق ذكر محمَّد بن جابر.
وأمَا قيس بن طلق: فقد ضعَّفه أحمد (1) ويحيى (2)، وقال أبو حاتم الرَازيَّ وأبو زرعة: قيسٌ لا تقوم به حجَّة (3).
وقد ادَّعى أصحابنا- على تقدير صحَّة هذا الحديث- أنَه منسوخٌ، وقالوا: لأنَّه كان في أوَّل الهجرة، وأحاديثنا متأخرة، إذ من جملة رواتها أبو هريرة وإسلامه متأخر.
311 -
قال الدَارَقُطْنيُ: ثنا إسماعيل بن يونس ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا محمَّد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يؤسسون مسجد المدينة، وهم ينقلون الحجارة، فقلت: يا رسول الله، ألا ننقل كما ينقلون؟ قال:" لا، ولكن اخلط لهم الطَّين يا أخا اليمامة فأنت أعلم به ". قال: فجعلت أخلطه وينقلونه (4).
وأمَّا حديثهم الثَاني: ففيه القاسم، قال ابن حِبَان: كان يروي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المعضلات (5).
(1)"الميزان" للذهبي: (3/ 397 - رقم: 6916).
(2)
قال الذهبي في "الميزان": (3/ 397 - رقم: 6916) في ترجمة قيس: (ضعفه أحمد ويحيى في إحدى الروايتين عنه، وفي رواية عثمان بن سعيد عنه: ثقة) ا. هـ
وجاء تضعيف يحيى لقيس في الحكاية المشهورة له مع أحمد وابن المديني في هذه المسألة- وقد سبقت-.
وقال ابن عبد الهادي في تعليقته على "العلل" لابن أبي حاتم: (ص: 92) - بعد أن ذكر ما نقل من كلام يحيى في قيس-: (في صحته عنه نظر، ورواية عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى في توثيق قيس أصح) ا. هـ
وانظر: "التاريخ" لابن معين برواية الدارمي: (ص: 144 - رقم: 486).
(3)
"العلل" لابن أبي حاتم: (1/ 48 - رقم: 111).
(4)
"سنن الدارقطني": (1/ 148 - 149).
(5)
"المجروحون": (2/ 211 - 212).
وفيه جعفر بن الزبير، قال شعبة: كان يكذب (1). وقال البخاريَّ (2) والنَّسائيُّ (3) والدَارَقُطني (4): متروكٌ.
وأمَّا الحديث الثَّالث: ففيه الصَّلت، كان شعبة يتكلَّم فيه (5)، وقال أحمد (6) والفلاّس (7) والدارَقُطنِي (8): ليس بالقويِّ. وفي رواية عن أحمد قال: ترك النَّاس حديثه (9).
وفيه الفضل بن المختار، قال ابن عَدِيٍّ: له أحاديث منكرة (10). وقال أبو حاتم الرَّازيُّ: هو مجهولٌ، وأحاديثه منكرةٌ، يحدث بالأباطيل (11).
(1)"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (1/ 182 - رقم: 227)؛ "الكامل" لابن عدي: (2/ 134 - رقم: 335).
(2)
"الضعفاء الصغير": (ص: 417 - رقم: 46).
(3)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 76 - رقم: 108).
(4)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 169 - رقم: 143).
(5)
" التاريخ الأوسط " للبخاري: (2/ 102).
(6)
لم نقف على هذه العبارة، ولكن قال فيه ما هو أعظم منها ففي "العلل" برواية عبد الله:(3/ 7 - رقم: 3900): (متروك الحديث).
(7)
لم نقف عليه أيضاً، ولكن في " الجرح وللتعديل " لابن أبي حاتم:(4/ 438 - رقم: 1919) عنه: (متروك الحديث، يكثر الغلط)، وانظر التعليق التالي.
(8)
"الميزان" للذهبي: (2/ 318 - رقم: 3906)، وفي "الضعفاء والمتروكون" للدارقطني:(متروك).
في هامش الأصل: (حـ: قال الفلاس: الصلت كثير الغلط متروك الحديث. وقال الدارقطني: متروك) ا. هـ
(9)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 310 - رقم: 2380).
(10)
لم نقف عليه في ترجمته من مطبوعة "الكامل": (6/ 14 - رقم: 1561) فقد تكون سقطت من المطبوعة، وقد تكون في موضع آخر من "للكامل".
وذكر هذه الكلمة عن ابن عدي: الذهبي في "الميزان": (3/ 358 - رقم: 6750).
(11)
"الجرح والتعديل": (7/ 69 - رقم: 391).
ز: وروى حديث قيس بن طلق عن أبيه: أبو داود (1) وابن ماجه (2) والنَّسائيُّ (3) وأبو حاتم ابن حِبَان (4).
وقال التّرمذيُّ: هو أحسن شيءٍ روي في هذا الباب (5).
وقال الشَّافعيُّ: قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وثبته (6).
وقال الطَّحاويُّ: حديث ملازم مستقيم الإسناد (7) غير مضطرب في إسناده ولا في متنه، فهو أولى عندنا مما رويناه أولاً من الآثار المضطربة في أسانيدها، ولقد حدَّثني ابن أبي عمران قال: سمعت عبَّاس بن عبد العظيم العنبريُّ يقول: سمعت عليَّ بن المدينيٌ يقول: حديث ملازم هذا أحسن من حديث بسرة (8).
وروى حديث أبي أمامة: ابن ماجه في "سننه"(9).
وحديث عصمة بن مالك: يرويه الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عنه- لا عن الصَّلت-، ولو نقله المؤلّف من كتاب الدَّارَقُطنيٌ ولم يتصرَّف فيه لم يقع له الوهم فيه، والله أعلم.
(1)"سنن أبي داود": (1/ 236 - رقم: 184 - 185).
(2)
"سنن ابن ماجه": (1/ 163 - رقم: 483).
(3)
"سنن النسائي": (1/ 101 - رقم: 165).
(4)
"الإحسان" لابن بلبان: (3/ 402 - 404 - رقم: 1119 - 1121).
(5)
"الجامع": (1/ 128 - رقم: 85).
(6)
"سنن البيهقي": (1/ 135)؛ "المعرفة" للبيهقي: (1/ 232 - رقم: 203).
(7)
في مطبوعة " شرح معاني الآثار ": (صحيح مستقيم الإسناد).
(8)
" شرح معاني الآثار ": (1/ 76).
(9)
"سنن ابن ماجه": (1/ 163 - رقم: 484).