الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَوْلُهُ: (لَهُ حَاجِبٌ) أَيْ: مَانِعٌ عَظِيْمٌ، وَقَوْلُهُ:(وَلَيْسَ لَهُ عَنْ طَالِبِ الْعُرْفِ حَاجِبُ) أَيْ: مَانِعٌ حَقِيْرٌ، فَكَيْفَ [بِالْمَانِعِ](1) الْعَظِيْمِ؟
وَالْإِفْرَادِ: أَيْ قَدْ يَكُوْنُ مُنَكَّراً؛ لِلْقَصْدِ إِلَى فَرْدٍ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِنْسِ، نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20] أَيْ: فَرْدٌ مِنْ أَشْخَاصِ الرِّجَالِ.
وَالتَّكْثِيْرِ: كَقَوْلِهِمْ: (إِنَّ لَهُ لَإِبِلاً، وَإِنَّ لَهُ لَغَنَماً) أَيْ: كَثِيْرَةً
* * *
29 - وَضِدِّهِ. وَالْوَصْفُ؛ لِلتَّبْيِيْنِ،
…
وَالْمَدْحِ، وَالتَّخْصِيْصِ، وَالتَّعْيِيْن
وَضِدِّهِ: أَيْ ضِدِّ التَّكْثِيْرِ، وَهُوَ التَّقْلِيْلُ؛ نَحْوُ قَوْلِهِ/ تَعَالَى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72]، أَيْ: وَشَيْءٌ مَّا مِنْ رِضْوَانِهِ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (2)؛ لِأَنَّ رِضَاهُ سَبَبُ كُلِّ سَعَادَةٍ وَفَلَاحٍ.
قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ (3): «وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْظِيْمِ وَالتَّكْثِيْرِ أَنَّ التَّعْظِيْمَ: بِحَسَبِ ارْتِفَاعِ الشَّأْنِ
وَعُلُوِّ الطَّبَقَةِ، وَالتَّكْثِيْرَ: بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّاتِ وَالْمَقَادِيْرِ؛ تَحْقِيْقاً كَمَا فِي الْإِبِلِ، أَوْ تَقْدِيْراً كَمَا فِي الرِّضْوَانِ. وَكَذَا التَّحْقِيْرُ وَالتَّقْلِيْلُ» اِنْتَهَى.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (وَكَذَا التَّحْقِيْرُ وَالتَّقْلِيْلُ) أَيْ أَنَّ التَّحْقِيْرَ: يُسْتَعْمَلُ فِي انْحِطَاطِ الشَّأْنِ، وَالتَّقْلِيْلَ: بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّاتِ.
(1) من ب.
(2)
أي: أكبرُ من الجِنانِ ونَعيمِها. {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التّوبة: 72].
(3)
ص 41، وكذا في المطوّل ص 235.
قَالَ فِي التَّلْخِيْصِ (1): «وَقَدْ جَاءَ التَّنْكِيْرُ لِلتَّعْظِيْمِ وَالتَّكْثِيْرِ (2)؛ نَحْوُ: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} [فاطر: 4]، أَيْ: ذَوُوْ عَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَذَوُوْ آيَاتٍ عِظَامٍ» .
قَالَ فِي الْمُطَوَّلِ (3): «وَيَجِيْءُ - أَيِ: التَّنْكِيْرُ - لِلتَّحْقِيْرِ وَالتَّقْلِيْلِ أَيْضاً؛ نَحْوُ: (أَعْطَانِيْ شَيْئاً) أَيْ: حَقِيْراً قَلِيْلاً. فَالتَّعْظِيْمُ وَالتَّكْثِيْرُ (4) قَدْ يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ، وَكَذا التَّحْقِيْرُ وَالتَّقْلِيْلُ.
- وَقَدْ يُنَكَّرُ الْمُسْنَدُ [إِلَيْهِ](5) لِعَدَمِ عِلْمِ الْمُتَكَلِّمِ بِجِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ التَّعْرِيْفِ حَقِيْقَةً (6) أَوْ تَجَاهُلاً (7).
- أَوْ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ التَّعْرِيْفِ مَانِعٌ؛ كَقَوْلِهِ: [الوافر]
إِذَا سَئِمَتْ مُهَنَّدَهُ يَمِيْنٌ
…
لِطُوْلِ الْحَمْلِ بَدَّلَهُ شِمَالَا (8)
لَمْ يَقُلْ: (يَمِيْنُهُ)؛ احْتِرَازاً عَنِ التَّصْرِيْحِ بِنِسْبَةِ السَّآمَةِ إِلَى يَمِيْنِ
(1) ص 29.
(2)
صل: التّكثير للتّعظيم والتّنكير، تحريف مُضلّ.
(3)
ص 235.
(4)
صل: التّنكير، خطأ.
(5)
سقط من صل.
(6)
كقول الأمّ لابنِها: (حينَ بحثتُ عنك قُرْبَ مدرستِك، وأخبرني ولَدٌ أنّه رآكَ في الحديقةِ! ) وهي لا تعرِفُ الولدَ.
(7)
لدواعٍ تتعلَّقُ بالحالِ، مثلُ قَصْدِ إخفائِه عن السَّامع:
للخوفِ عليه؛ كما تقول لصاحبِك: (قالَ لي رجلٌ: إنّك اتَّهمتَني).
أو للخوفِ منه: (إنّ رجلاً وَشَى بك لدى السُّلطانِ).
أو لئلّا ينصرِفَ انتباهُه نحوَ المسندِ إليه، وغيرُه أهمُّ؛ كقولك لصديقِك:(أخبرَني قومٌ بأنَّنا قد نتعرَّضُ لهجومٍ مُفاجئٍ).
أو لتأتّي إنكارِه لدى الحاجة.
أو كراهةِ المتكلِّم أو المخاطَب لتعيينِه.
(8)
بلا نسبة في المطوّل ص 235.
الْمَمْدُوْحِ» اِنْتَهَى كَلَامُهُ. (1)
وَالْوَصْفُ: أَيْ وَصْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ - وَقَدَّمَ مِنَ التَّوَابِعِ ذِكْرَ الْوَصْفِ؛ لِكَثْرَةِ وُقُوْعِهِ وَاعْتِبَارَاتِهِ - يَكُوْنُ:
لِلتَّبْيِيْنِ: أَيْ مُبَيِّناً لِلْمُسْنَدِ إِلَيْهِ كَاشِفاً عَنْ مَعْنَاهُ؛ كَقَوْلِكَ: (الْجِسْمُ الطَّوِيْلُ الْعَرِيْضُ الْعَمِيْقُ يَحْتَاجُ إِلَى فَرَاغٍ يَشْغَلُهُ) فَإِنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ مِمَّا يُوَضِّحُ الْجِسْمَ، وَيَقَعُ تَعْرِيْفاً لَهُ.
وَالْمَدْحِ: أَيْ قَدْ يَكُوْنُ الْوَصْفُ لِلْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ أَوِ التَّرَحُّمِ؛ نَحْوُ: (جَاءَ زَيْدٌ العَالِمُ، أَوِ الْجَاهِلُ، أَوِ الْمِسْكِيْنُ) حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْمَوْصُوْفُ قَبْلَ ذِكْرِ الْوَصْفِ (2)، وَإِلَّا لَكَانَ الْوَصْفُ مُخَصِّصاً.
وَالتَّخْصِيْصِ: أَيْ قَدْ يَكُوْنُ الْوَصْفُ لِتَخْصِيْصِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ؛ أَيْ مُقَلِّلاً اشْتِرَاكَهُ أَوْ رَافِعاً احْتِمَالَهُ.
قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ (3): «وَفِيْ عُرْفِ النُّحَاةِ التَّخْصِيْصُ: عِبَارَةٌ عَنْ تَقْلِيْلِ الِاشْتِرَاكِ فِي النَّكِرَاتِ، وَالتَّوْضِيْحُ: عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الِاحْتِمَالِ فِي الْمَعَارِفِ؛ نَحْوُ: (زَيْدٌ التَّاجِرُ عِنْدَنَا)، فَإِنَّ وَصْفَهُ بِالتَّاجِرِ يَرْفَعُ احْتِمَالَ التَّاجِرِ وَغَيْرِهِ» (4).
(1) ولتنكير المسند إليه دواعٍ أُخرى، منها: قَصْدُ بيانِ نوعيّتِه غيرِ المعهودةِ: كقوله:
{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7]. أي: نوعٌ خاصٌّ من الغِشَاوةِ والأغطيةِ غيرُ ما يتعارفُه النَّاسُ، وهو: غشاوةُ التَّعامي عن آياتِ الله تعالى.
(2)
والتَّعَيُّنُ:
إمَّا بألّا يكونَ له شريكٌ في ذلك الاسم.
أو بأنْ يكونَ المخاطَبُ يعرفُه بعينِه قبل ذِكْر الوصف. انظر: المطوّل ص 239.
(3)
ص 42.
(4)
انظر: أسرار العربيّة ص 265. وفيه أنّ غرَضَ الوصفِ في المعرفةِ: التَّخصيصُ، وفي النَّكرةِ: التَّفصيلُ.