الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِنْشَاءِ عَجَزَ (1)، فَقَالَ ابْنُ الخَشَّابِ (2):«هُوَ رَجُلُ مَقَامَاتٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ كِتَابَهُ حِكَايَةٌ تَجْرِيْ عَلَى حَسَبِ إِرَادَتِهِ، وَمَعَانِيَهُ تَتْبَعُ مَا اخْتَارَهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ المَصْنُوْعَةِ، فَأَيْنَ هَذَا عَنْ كِتَابٍ أُمِرَ بِهِ فِي قَضِيَّة» (3).
وَمَا أَحْسَنَ مَا قِيْلَ فِي التَّرْجِيْحِ بَيْنَ الصَّاحِبِ (4) وَالصَّابِئِ (5): إِنَّ الصَّاحِبَ كَانَ يَكْتُبُ كَمَا يُرِيْدُ، وَالصَّابِئَ كَمَا يُؤْمَرُ، وَبَيْنَ الْحَالَتَيْنِ [بَوْنٌ](6) بَعِيْدٌ. (7)
وَلِهَذَا قَالَ قَاضِيْ (قُمْ)(8) حِيْنَ كَتَبَ إِلَيْهِ الصَّاحِبُ: «أَيُّهَا الْقَاضِيْ بِقُمْ: قَدْ عَزَلْنَاكَ فَقُمْ» : (مَا عَزَلَتْنِيْ إِلَّا هَذِهِ السَّجْعَةُ)» اِنْتَهَى.
* * *
92 - وَالْمَعْنَوِيُّ؛ وَهْوَ كَالتَّسْهِيْمِ،
…
وَالْجَمْعِ، وَالتَّفْرِيْقِ، وَالتَّقْسِيْم
وَ: أَمَّا
الْمَعْنَوِيُّ: مِنْ وُجُوْهِ تَحْسِيْنِ الْكَلَامِ؛ فَأَشَارَ إِلَى كَثِيْرٍ مِنْهَا، فَقَالَ:
وَهْوَ: أَيِ الْمَعْنَوِيُّ
كَالتَّسْهِيْمِ: وَعَبَّرَ عَنْهُ الْقَزْوِيْنِيُّ بِالْإِرْصَادِ - وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: نَصْبُ الرَّقِيْبِ فِي الطَّرِيْقِ - قَالَ: «وَيُسَمِّيْهِ بَعْضُهُم: التَّسْهِيْمَ» (9)، وَبُرْدٌ مُسَهَّمٌ: فِيْهِ خُطُوْطٌ مُسْتَوِيَةٌ.
(1) قوله: (رُتِّبَ): أي جُعِلَ من أهل ديوان الإنشاء.
(2)
صاحب «نقد المقامات الحريريّة» ، ت 567 هـ. انظر: الأعلام 4/ 67.
(3)
انظر: المثل السّائر 1/ 40.
(4)
ابن عبّاد ت 385 هـ. انظر: الأعلام 1/ 316.
(5)
أبو إسحاق ت 384 هـ. انظر: الأعلام 1/ 78.
(6)
سقط من صل، د.
(7)
انظر: معاهد التّنصيص 2/ 65.
(8)
قم: بلدة ببلاد فارس.
(9)
انظر: التّلخيص ص 96، ومعجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها ص 57.
- وَالْفَقْرَةُ فِي النَّثْرِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ مِنَ النَّظْمِ؛ كَقَوْلِهِ: (هُوَ يَطْبَعُ الْأَسْجَاعَ بِجَوَاهِرِ لَفْظِهِ، وَيَقْرَعُ الْأَسْمَاعَ بِزَوَاجِرِ وَعْظِهِ):
- كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت: 40](1).
- وَأَمَّا فِي الْبَيْتِ:
- فَكَقَوْلِ زُهَيْرٍ (2): [الطّويل]
سَئِمْتُ تَكَالِيْفَ الْحَيَاةِ، وَمَنْ يَعِشْ
…
ثَمَانِيْنَ حَوْلاً - لَا أَبَا لَكَ - يَسْأَمِ (3)
· وَقَوْلِ الْآخَرِ: [الوافر]
إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ أَمْراً فَدَعْهُ
…
وَجَاوِزْهُ إِلَى مَا تَسْتَطِيْعُ (4)
(1) في النُّسَخ: «وكقولِه تعالى
…
»، ولكنْ حذفْنا الواوَ؛ لأنَّ المثالَ النّثريَّ جيء به لبيان معنى الفقرة، لا تمثيلاً للإرصاد؛ كما تُوْهِمُ الواوُ، والله تعالى أعلم.
(2)
ت 13 ق هـ. انظر: الأعلام 3/ 52.
(3)
له في ديوانه ص 29، وعيار الشّعر ص 82، والوساطة ص 399، والأمالي الشّجريّة 2/ 128، والجامع الكبير ص 120، والمثل السّائر 3/ 47، والإيضاح 6/ 25، ومعاهد التّنصيص 2/ 112.
(4)
لعَمْرو بن مَعْدي كَرِب الزُّبيديّ في ديوانه ص 145، والأصمعيّات ص 175، ومَن اسمُه عَمرو من الشُّعراء ص 143، والصِّناعتين ص 387، وإعجاز الباقلّانيّ ص 94، والإعجاز والإيجاز ص 187، والإيضاح 6/ 26، ومعاهد التّنصيص 2/ 236، وخزانة البغداديّ 8/ 85 - 187، 11/ 119. وبلا نسبة في الخصائص 1/ 363، ومفتاح العلوم ص 643، ونضرة الإغريض ص 48، وأنوار الرّبيع 1/ 96. وفي النّسختين: ب، د: شيئاً، وهي رواية الدّيوان.
وَالْجَمْعِ: وَهُو أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ - اِثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ - فِيْ حُكْمٍ (1).
فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
وَالثَّانِيْ: كَقَوْلِ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ (2): [الرّجز]
إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ
…
مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ (3)
وَمِنْهُ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ وُهَيْبٍ (4): [البسيط]
ثَلَاثَةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا
…
: شَمْسُ الضُّحَى، وَأَبُوْ إِسْحَاقَ، وَالْقَمَرُ (5)
وَالتَّفْرِيْقِ: وَهُوَ إِيْقَاعُ تَبَايُنٍ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فِي الْمَدْحِ أَوْ غَيْرِهِ (6).
(1) انظر: معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوُّرها ص 446، والتَّلخيص ص 99، والمطوَّل ص 656.
(2)
ت 211 هـ. انظر: الأعلام 1/ 321.
(3)
في ديوانه من الأرجوزة ذات الأمثال ص 448، وجاء:
علمتَ يا مجاشِعُ بنَ مَسْعَدَهْ
…
أنَّ الشبابَ والفراغَ والجِدَهْ
مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مفسده
وأورد صاحب الأغاني البيت برواية الدّيوان 4/ 22، وأخرى بروايتنا - بسقوط الشّطر: علمت يا مجاشع .. - 4/ 40. وله في شرح الكافية البديعيّة ص 166، وخزانة الحمويّ 4/ 31، معاهد التّنصيص 2/ 283، وبلا نسبة في مفتاح العلوم ص 535، والمصباح 245، والإيضاح 6/ 45، والطّراز 3/ 78، وشرح عقود الجمان ص 118، والقول البديع ص 139، ونفحات الأزهار ص 148. الجِدَة: الثَّروة.
(4)
ت 225 هـ. انظر: الأعلام 7/ 134.
(5)
لمحمّد بن وُهَيب في «شعراء عباسيّون» (سامرّائيّ) 1/ 76، والعمدة 2/ 813، وتحرير التّحبير ص 191، والإيضاح 6/ 45، وخزانة الحمويّ 4/ 218، ومعاهد التّنصيص 2/ 215 - 1/ 284، ونفحات الأزهار ص 286، وأنوار الرّبيع 6/ 125. وبلا نسبة في مفتاح العلوم ص 324، ومنهاج البُلغاء ص 47، وإيجاز الطِّراز ص 256 - 443.
(6)
انظر: معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوُّرها ص 397، والتَّلخيص 99، والمطوّل 657، وأنوار الرّبيع 4/ 259.
- كَقَوْلِهِ: [الخفيف]
مَا نَوَالُ الْغَمَامِ يَوْمَ رَبِيْعٍ
…
كَنَوَالِ الْأَمِيْرِ يَوْمَ سَخَاء
فَنَوَالُ الْأَمِيْرِ بَدْرَةُ عَيْنٍ
…
وَنَوَالُ الْغَمَامِ قَطْرَةُ مَاءِ (1)
فَأَوْقَعَ التَّبَايُنَ بَيْنَ نَوَالَيْنِ (2). وَالْبَدْرَةُ: عَشْرَةُ آلَاف دِرْهَمٍ.
- وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ: [المنسرح]
مَنْ قَاسَ جَدْوَاكَ بِالْغَمَامِ فَمَا
…
أَنْصَفَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ شَيْئَيْن
أَنْتَ إِذَا جُدْتَ ضَاحِكاً أَبَداً
…
وَهْوَ إِذَا جَادَ دَامِعَ الْعَيْنِ (3)
وَالتَّقْسِيْمِ: وَهُوَ ذِكْرُ مُتَعَدِّدٍ، ثُمَّ إِضَافَةُ مَا لِكُلٍّ إِلَيْهِ عَلَى التَّعْيِيْنِ (4)؛ كَقَوْلِ أَبِيْ تَمَّامٍ:[الطّويل]
فَمَا هُوَ إِلَّا الْوَحْيُ، أَوْ حَدُّ مُرْهَفٍ
…
تُمِيْلُ ظُبَاهُ أَخْدَعَيْ كُلِّ مَائِل
(1) للوطواط في كتابه حدائق السِّحر ص 178، والمطوَّل ص 657، ومعاهد التّنصيص 2/ 300، وأنوار الرّبيع 4/ 259 - 268، وبلا نسبة في نهاية الإيجاز ص 178، ومفتاح العلوم ص 535، والمصباح ص 244، ونهاية الأرب 7/ 127، والإيضاح 6/ 46، وإيجاز الطّراز ص 448، وشرح الكافية البديعيّة ص 167 - 168، وخزانة الحمويّ 2/ 478 - 480، والقول البديع ص 139، ونفحات الأزهار ص 137 - 138.
(2)
يقول الوطواط: «فمنذ بداية البيت فرّقتُ بين نوال الغمام ونوال الأمير، ثم عدتُ فشرحتُ هذا التّفريق» انظر: حدائق السِّحر ص 178.
(3)
للوَأْواء الدِّمَشْقيّ في ديوانه ص 222 - 223، والإعجاز والإيجاز ص 263، ومَن غاب عنه المُطرِب ص 166، ونهاية الأَرَب 3/ 206، ومعاهد التَّنصيص 2/ 301. ويُنسب لابن هندو في حدائق السِّحر ص 148، ونهاية الأرب 7/ 39، ونفحات الأزهار، وبلا نسبة في الإيضاح 6/ 46، وخزانة الحمويّ 2/ 478. ولعلّ سبب اضطراب النّسبة أنّ كلا الشّاعرين كنيتُه: «أبو الفرج» .
(4)
وبهذا القيد «على التَّعيين» يتميَّزُ من اللَّفّ والنَّشر.