الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْمَ الْفُلَانِيَّ). وَاللهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (1).
* * *
25 - وَبِإِشَارَةٍ؛ لِذِيْ فَهْمٍ بَطِيْ
…
فِي الْقُرْبِ والبُعْدِ أَوِ التَّوَسُّط
وَبِإِشَارَةٍ: أَيْ وَإِمَّا تَعْرِيْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِإِيْرَادِهِ اسْمَ إِشَارَةٍ؛ لِلتَّعْرِيْضِ بِغَبَاوَةِ السَّامِعِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَا يُدْرِكُ غَيْرَ الْمَحْسُوْسِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ:
لِذِيْ فَهْمٍ بَطِيْ: فَلَا يَتَمَيَّزُ عِنْدَه شَيْءٌ إِلَّا بِالْحِسِّ، كَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:[الطويل]
أُولَئِكَ آبَائِيْ، فَجِئْنِيْ بِمِثْلِهِمْ
…
إِذَا جَمَعَتْنَا - يَا جَرِيْرُ - الْمَجَامِعُ (2)
أَوْ بَيَانِ حَالِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ
(1) وقد يُورَد المسندُ إليه اسمَ موصولٍ لدواعٍ أخرى:
لتمكين الخبر في ذهن السّامع وتشويقِه إليه، لغرابة الصِّلة؛ كقول أبي العلاء المعرّي:[الخفيف]
والَّذي حارَتِ البرِيَّةُ فيه
…
حَيَوانٌ مُستحدَثٌ من جمَاد
للحثّ على التّعظيم، أو التّحقير، أو التّرحُّم، أو نحو ذلك؛ كقولنا:«جاءك مَن أكرمَكَ، أو أهانك، أو سُبِيَ أولادُه ونُهِبَ مالُه» .
للتَّهكُّم؛ كقوله تعالى: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6].
لتنبيهِ المخاطَب على خطأ غيرِه؛ كقول الشّاعر: [الكامل]
إنَّ التي زَعَمَتْ فُؤَادَكَ مَلَّها
…
خُلِقَتْ هواكَ كما خُلقتَ هوًى لها
لإخفاءِ الأمرِ عَنْ غير المخاطبِ:
كقولك: (يا أبي! سآخذُ ما جاد به الأميرُ؛ لأقتنيَ حاجتي من الكتب).
انظر: مفتاح العلوم ص 275، والمطوّل ص 222، والمفصّل في علوم البلاغة العربيّة ص 115.
(2)
له في ديوانه ص 517، ومفتاح العلوم ص 277، ونضرة الإغريض ص 297، وإيجاز الطّراز ص 128، ومعاهد التّنصيص 1/ 119.
فِي الْقُرْبِ: نَحْوُ: (هَذَا زَيْدٌ).
والبُعْدِ: نَحْوُ: (ذَلِكَ زَيْدٌ).
أَوِ التَّوَسُّطِ: نَحْوُ: (ذَاكَ زَيْدٌ).
وَأَخَّرَ ذِكْرَ التَّوَسُّطِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الطَّرَفَيْنِ، وَرُبَّمَا جُعِلَ:
- الْقُرْبُ ذَرِيْعَةً إِلَى التَّحْقِيْرِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: 41].
- وَرُبَّمَا جُعِلَ الْبُعْدُ ذَرِيْعَةً إِلَى التَّعْظِيْمِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1 - 2]؛ ذَهَاباً إِلَى بُعْدِ دَرَجَتِهِ، وَنَحْوُهُ:{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72].
- وَقَدْ يُجْعَلُ ذَرِيْعَةً إِلَى التَّحْقِيْرِ؛ كَمَا يُقَالُ: (ذَلِكَ اللَّعِيْنُ فَعَلَ كَذَا).
- وَقَدْ يَكُوْنُ تَعْرِيْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ؛ لِلتَّنْبِيْهِ، عِنْدَ تَعْقِيْبِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِأَوْصَافٍ، عَلَى أَنَّهُ - أَيِ: الْمُشَارَ إِلَيْهِ - جَدِيْرٌ بِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنْ أَجْلِهَا؛ أَيْ: حَقِيْقٌ بِذَلِكَ؛ لِأَجْلِ الْأَوْصَافِ الَّتِيْ ذُكِرَتْ بَعْدَ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، نَحْوُ:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]، فَإِنَّهُ عَقَّبَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ - وَهُوَ {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} - بِأَوْصَافٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْإِيْمَانِ بِالْغَيْبِ، وَإِقْامِ الصَّلَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. ثُمَّ عَرَّفَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ؛ تَنْبِيْهاً عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ أَحِقَّاءُ بِمَا يَرِدُ بَعْدَ (أُولَئِكَ)؛ وَهُوَ كَوْنُهُمْ عَلَى هُدًى عَاجِلاً، وَالْفَوْزِ بِالْفَلَاحِ آجِلاً؛ مِنْ أَجْلِ اتِّصَافِهِمْ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُوْرَةِ.
- وَقَدْ يَكُوْنُ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ مُعَرَّفاً بِالْإِشَارَةِ؛ لِتَمْيِيْزِهِ أَكْمَلَ تَمْيِيْزٍ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ؛ كَقَوْلِهِ: [البسيط]