الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ لِمَا انْفَرَدْ: أَيْ قَدْ يَأْتِي الْمُعَرَّفُ بِلَامِ الْحَقِيْقَةِ لِوَاحِدٍ مِنَ الْأَفْرَادِ بِاعْتِبَارِ عَهْدِيَّتِهِ في الذِّهْنِ (1)؛ كَقَوْلِكَ: (اُدْخُلِ السُّوْقَ) حَيْثُ لَا عَهْدَ فِي الْخَارِجِ (2)، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: 13] وَاللهُ أَعْلَمُ. (3)
* * *
27 - وَبِإِضَافَةٍ؛ فَلِاخْتِصَارِ،
…
نَعَمْ وَلِلذَّمِّ، أَوِ احْتِقَار
وَبِإِضَافَةٍ: أَيْ: تَعْرِيْفِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَعَارِفِ.
فَلِاخْتِصَارِ: أَيْ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ أَخْصَرُ طَرِيْقٍ إِلَى إِحْضَارِهِ فِيْ ذِهْنِ
(1) وتُسمّى: لامَ العهد الذِّهني.
(2)
ويلزمُ قيامُ قرينةٍ ما دالّةٍ على أنْ ليس القصدُ إلى الحقيقةِ نفسِها، ففي قولِه تعالى:(وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ)[يوسف: 13] جيء بالمسنَد إليه (الذّئب) مُعرَّفاً، ولكن لم يُقصَد باللّام هنا الحقيقةُ، بقرينةِ (أنْ يأكلَه) ففِعلُ الأكلِ دلَّ على أنَّ المقصودَ ذئبٌ من الذئابِ لا حقيقةُ مفهومِ الذِّئابِ؛ لأنَّ الحقيقةَ مفهومٌ عقليٌّ لا وجودَ له في الخارج، فلا يحصلُ منه الأكلُ.
(3)
يمكنُ إيجازُ ضروبِ اللّام بالآتي:
تؤدّي لامُ التّعريف غرضين بلاغيّين:
الإشارة إلى فردٍ من أفرادِ الحقيقةِ معهودٍ بين المتكلِّم والمخاطب، وتُسمَّى لامَ العهد الخارجيّ:(الصّريح، والكنائيّ، والعِلميّ- بنوعيه الحضوريّ وغير الحضوريّ).
الإشارة إلى الحقيقة نفسِها عندَما يدلُّ مدخولُها على الحقيقة والماهيّة، وتُسمَّى لامَ الحقيقة:(الجنس أو الحقيقة، والعهد الذّهنيّ، والاستغراق- بنوعيه الحقيقيّ والعُرفيّ).
السَّامِعِ؛ كَقَوْلِهِ: [الطّويل]
هَوَايَ مَعَ الرَّكْبِ الْيَمَانِيْنَ مُصْعِدٌ
…
جَنِيْبٌ، وَجُثْمَانِيْ بِمَكَّةَ مُوْثَقُ (1)
فَلَفْظُ: (هَوَايَ) أَخْصَرُ مِنْ: (الَّذِيْ أَهْوَاهُ).
نَعَمْ وَلِلذَّمِّ: أَيْ وَقَدْ يَكُوْنُ تَعْرِيْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ لِلذَّمِّ؛ نَحْوُ: (عُلَمَاءُ الْبَلَدِ فَعَلُوْا كَذَا)(2).
أَوِ احْتِقَارِ: أَيْ أَوْ يَكُوْنُ تَعْرِيْفُهُ بِالْإِضَافَةِ لِاحْتِقَارِ:
· الْمُضَافِ؛ نَحْوُ: (وَلَدُ الْحَجَّامِ حَاضِرٌ).
· أَوِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ؛ نَحْوُ: (ضَارِبُ زَيْدٍ حَاضِرٌ).
· أَوْ غَيْرِهِمَا؛ نَحْوُ: (وَلَدُ الْحَجَّامِ جَلِيْسُ زَيْدٍ). (3)
- وَقَدْ يَكُوْنُ تَعْرِيْفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْإِضَافَةِ لِتَضَمُّنِهَا تَعْظِيْماً لِشَأْنِ:
(1) لجَعْفَر بن عُلْبَة الحارِثيّ في ديوان اللُّصوص في العصرَين الجاهليّ والإسلاميّ 1/ 188، والحماسة البصريّة 3/ 1062، ومعاهد التّنصيص 1/ 120، وبلا نسبة في مفتاح العلوم ص 280، والمصباح ص 108، والإيضاح 2/ 34، وإيجاز الطّراز ص 131.
أطلَق المصدرَ: (هَوَايَ) وأرادَ اسمَ المفعولِ: (مَهْوِيِّي). مُصْعِدٌ: مُبْعِدٌ ذاهبٌ في الأرضِ. جَنِيْبٌ: مجنوبٌ؛ إذِ الفارسُ يَجْنُبُ فرساً إلى جانبِ فرسِه في السِّباقِ، فإذا فتَرَ المركوبُ تحوَّلَ إلى المجنوبِ. [اللّسان: جنب].
وكانَ - إذ يُنشِدُ هذا البيتَ معَ ما بعدَهُ - حَبيساً في مكّةَ؛ لقَتْلِه رجلاً من بني عُقَيْل، فوفدَتْ عليه محبوبتُه معَ قومِها، ولمَّا رحلَتْ ورآها مُبتعِدةً، معَ رَكْبِها القاصدين اليمنَ، سالَتْ روحُه شِعْراً؛ وغيرُ خافٍ أنَّه مقامُ اختصارٍ؛ لكونِه في السِّجنِ، وحبيبُه على رحيل.
(2)
وجهُ الذِّمِّ الذي عناه العمريُّ في هذه العبارة ليس ظاهراً، والعبارة تحتملُ تفسيرات.
(3)
(زيدٍ) ههنا - وإنْ كانَ مضافاً إليه - لكنّه غيرُ المسندِ إليه المضافِ، وغيرُ ما أُضيفَ إليه المسندُ إليهِ، وهو المرادُ بقولِه:(أو غيرهما).
· الْمُضَافِ إِلَيْهِ؛ نَحْوُ: (عَبْدِيْ حَضَرَ).
· أَوِ الْمُضَافِ (1) نَحْوُ: (عَبْدُ الْخَلِيْفَةِ رَكِبَ).
· أَوْ غَيْرِهِمَا نَحْوُ: (عَبْدُ السُّلْطَانِ عِنْدِيْ).
قَالَ فِي الْمُطَوَّلِ (2):
- وَقَدْ تَكُوْنُ الْإِضَافَةُ لِإِغْنَائِهَا عَنْ تَفْصِيْلٍ:
· مُتَعَذِّرٍ؛ نَحْوُ: (اِتَّفَقَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى كَذَا).
· أَوْ مُتَعَسِّرٍ؛ نَحْوُ: (أَهْلُ الْبَلَدِ فَعَلُوْا كَذَا).
- أَوْ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ التَّفْصِيْلِ مَانِعٌ:
· كَتَقْدِيْمِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ؛ نَحْوُ: (حَضَرَ الْيَوْمَ عُلَمَاءُ الْبَلَدِ).
- وَكَالتَّصْرِيْحِ بِذَمِّهِمْ وَإِهَانَتِهِمْ؛ نَحْوُ: (عُلَمَاءُ الْبَلَدِ فَعَلُوْا كَذَا)(3).
- وَكَسَآمَةِ السَّامِعِ أَوِ الْمُخَاطَبِ؛ نَحْوُ: (حَضَرَ أَهْلُ السُّوْقِ).
- أَوْ لِتَضَمُّنِ الْإِضَافَةِ تَحْرِيْضاً عَلَى إِكْرَامٍ أَوْ إِذْلَالٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ نَحْوُ: (صَدِيْقُكَ أَوْ عَدُوُّكَ بِالْبَابِ)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233]، فَإِنَّهُ لَمَّا نُهِيَتِ الْمَرْأةُ عَنِ الْمُضَارَّةِ أُضِيْفَ الْوَلَدُ إِلَيْهَا اسْتِعْطَافاً لَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا الْوَالِدُ.
- أَوْ لِتَضَمُّنِهَا اسْتِهْزَاءً أَوْ تَهَكُّماً؛ نَحْوُ: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27].
(1) جز: أو المضاف إليه، خطأ.
(2)
ص 233 - 234.
(3)
لأنَّ تعدادَ أسماء هؤلاء العلماء الذين فعلوا فعلاً سيّئاً ذمٌّ صريحٌ لهم؛ ينشأُ عنه حِقدُهم على المتكلِّم، ونفورُهم منه، وفيه التَّشهيرُ بأشخاص العلماء.