الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُبِينٍ} [سبأ: 24](1).
· أَوْ لِلتَّخْيِيْرِ، أَوْ لِلْإِبَاحَةِ؛ نَحْوُ:(لِيَدْخُلِ الدَّارَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو)
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ فِي الْإِبَاحَةِ يَجُوْزُ الْجَمْعُ، بِخِلَافِ التَّخْيِيْرِ. (2)
* * *
34 - وَالْفَصْلُ؛ لِلتَّخْصِيْصِ. وَالتَّقْدِيْمُ
…
فَلِاهْتِمَامٍ يَحْصُلُ التَّقْسِيْمُ
وَالْفَصْلُ: أَيْ تَعْقِيْبُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِضَمِيْرِ الْفَصْلِ. وَإِنَّمَا جُعِلَ مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَرِنُ بِهِ أَوَّلاً، وَلِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى: عِبَارَةٌ عِنْهُ، وَفِي اللَّفْظِ: مُطَابِقٌ لَهُ.
قَالَ الشَّارِحُ - بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا التَّعْلِيْلَ مِنْ عِبَارَةِ التَّفْتَازَانِيِّ (3) وَتَوْضِيْحِهِ لَهَا بِقَوْلِهِ: «إِفْرَاداً وَتَثْنِيَةً وَجَمْعاً وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَضَمِيْرُ الْفَصْلِ فِيْ [نَحْوِ] (4): (زَيْدٌ هُوَ الْقَائِمُ) مَثَلاً مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْنَدِ؛ لِأَنَّ (زَيْداً) مُبْتَدَأٌ، وَ (هُوَ) مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، وَ (الْقَائِمَ) خَبَرُهُ، وَالْمُبْتَدَأَ الثَّانِيَ وَخَبَرَهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ، فَوَقَعَ الْمُبْتَدَأُ الثَّانِي مَعَ خَبَرِهِ مُسْنَداً، فَإِذاً كَيْفَ يَكُوْنُ ضَمِيْرُ الْفَصْلِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ! » (5) اِنْتَهَى.
قُلْتُ: كَأَنَّ الشَّارِحَ ذَهَلَ عَمَّا نَقَلَهُ مِنَ التَّعْلِيْلِ حَتَّى حَكَمَ بِأَنَّ ضَمِيْرَ
(1) والبلاغيّون يُسمّون هذا النّوع بالكلامِ المنصِف، أو التَّجاهُل، أو التَّشكيك، أو استدراج المخاطَب.
(2)
فلو قُلنا: ادرسِ النَّحوَ أو البلاغةَ فهو (للإباحةِ؛ لأنَّه يجوزُ الجمعُ بينَهما)، بخلاف قولِنا: تزوَّجْ هنداً أو أُختَها؛ فهو (للتَّخييرِ؛ لأنّه لا يجوزُ الجمعُ بينَهما).
انظر: الأُزهية ص 112، ورصف المباني ص 131، والجنى الدّاني ص 228، ومغني اللّبيب 1/ 87.
(3)
انظر: المطوّل ص 250، والمختصر ص 45 - 46.
(4)
من ب.
(5)
انظر: شرح منظومة ابن الشِّحنة للحمويّ ورقة 19.
الْفَصْلِ مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْنَدِ فَقَطْ، وَأَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ ضَمِيْرَ الْفَصْلِ فِي الْمِثَالِ الَّذِيْ ذَكَرَهُ مُطَابِقٌ لِلْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الَّذِيْ هُوَ (زَيْدٌ) فِي الْإِفْرَادِ، وَالتَّذْكِيْرِ، وَالتَّعْرِيْفِ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى عِبَارَةٌ عَنْهُ، مُقْتَرِنٌ بِهِ أَوَّلاً، وَكَأَنَّهُ أَيْضاً ذَهَلَ عَنْ قَوْلِ الْمُحَقِّقِ التَّفْتَازَانِيِّ فِي الْمُطَوَّلِ (1):«عَلَى أَنَّ التَّحْقِيْقَ أَنَّ فَائِدَتَهُ تَرْجِعُ إِلَيْهِمَا جَمِيْعاً؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ أَحَدَهُمَا مُخَصَّصاً وَمَقْصُوْراً، وَالْآخَرَ مُخَصَّصاً بِهِ وَمَقْصُوْراً عَلَيْهِ» اِنْتَهَى.
هَذَا، وَعِبَارَةُ التَّفْتَازَانِيِّ تُفِيْدُ: أَنَّ الْفَصْلَ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَالْمُسْنَدِ؛ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فَائِدَتَهُ تَرْجِعُ إِلَيْهِمَا جَمِيْعاً، لَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُسْنَدِ.
إِنْ لَمْ تَعْتَبِرْ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّعْلِيْلِ؛ فَتَأَمَّلْ.
يَكُوْنُ لِلتَّخْصِيْصِ: أَيْ لِتَخْصِيْصِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْمُسْنَدِ؛ يَعْنِيْ لِقَصْرِ الْمُسْنَدِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، لَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا:(زَيْدٌ هُوَ الْقَائِمُ) أَنَّ الْقِيَامَ مَقْصُوْرٌ عَلَى زَيْدٍ لَا يَتَجَاوَزُهُ إِلَى عَمْرٍو، وَلِهَذَا يُقَالُ فِيْ تَأْكِيْدِهِ:(لَا عَمْرٌو). (2)
(1) ص 250.
(2)
وقد يكونُ تعقيب المسند إليه بضمير الفصل لدواعٍ أخرى، منها:
مجرَّدُ التَّأكيدِ: إذا كانَ التَّخصيصُ حاصلاً بدونِه؛ أي: بأنْ يكونَ في الكلامِ ما يُفيدُ قصْرَ المسندِ على المسندِ إليه. نحوُ: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: 58]. انظر: المطوّل ص 252.
قصْرُ المسندِ إليه على المسندِ: نحوُ: (الكَرَمُ هو التَّقوى، والْحَسَبُ هو المالُ) أي: لا كَرَمَ إلَّا التَّقوى، ولا حَسَبَ إلا المالُ. انظر: المطوّل ص 252.
تمييزُ الخبرِ من الصِّفة: كقولِك: (زيدٌ هو العاقلُ)؛ للدَّلالةِ بهذا الضَّميرِ منذُ البدءِ على أنَّ ما بعدَ المسندِ إليه خبرٌ لا صفةٌ؛ إذ يُوْهِمُ إسقاطُ الضَّميرِ أنّ «العاقلُ» وصفٌ لزيدٍ، وأنَّ الخبرَ سيأتي بعدُ. وكقولِك:(الألمعيُّ هو ذو البَصيرةِ النَّافذةِ). انظر: المفصّل في صناعة الإعراب ص 172، والإنصاف 2/ 706، والمفصّل في علوم البلاغة ص 137.