الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَدَّمَ بَحْثَ أَحْوَالِ الْإِسْنَادِ عَلَى أَحْوَالِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ وَالْمُسْنَدِ - مَعَ أَنَّ النِّسْبَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنِ الطَّرَفَيْنِ - لِأَنَّ عِلْمَ الْمَعَانِيْ إِنَّمَا يُبْحَثُ فِيْهِ عَنْ أَحْوَالِ اللَّفْظِ الْمَوْصُوْفِ بِكَوْنِهِ مُسْنَداً إِلَيْهِ أَوْ مُسْنَداً، وَهَذَا الْوَصْفُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُسْنَدْ
* * *
13 - إِنْ قَصَدَ الْمُخْبِرُ نَفْسَ الْحُكْمِ
…
فَسَمِّ ذَا فَائِدَةً، وَسَمّ
14 - إِنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ بِالْعِلْمِ بِهِ
…
لَازِمَهَا، وَلِلْمَقَامِ انْتَبِه
أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ إِلَى الْآخَرِ لَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمَا مُسْنَداً إِلَيْهِ وَالْآخَرُ مُسْنَداً. وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى النِّسْبَةِ إِنَّمَا هُوَ ذَاتُ الطَّرَفَيْنِ، وَلَا بَحْثَ لَنَا عَنْهَا» اِنْتَهَى.
إِنْ قَصَدَ الْمُخْبِرُ: أَيْ مَنْ يَكُونُ بِصَدَدِ الْإِخْبَارِ وَالْإِعْلَامِ، لَا مَنْ يَتَلَفَّظُ بِالْجُمْلَةِ الْخَبَرِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ كَثِيْراً مَّا تُوْرَدُ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ لِأَغْرَاضٍ أُخَرَ سِوَى إِفَادَةِ الْحُكْمِ أَوْ لَازِمِهِ؛ كَأَنْ تُوْرَدَ الْجُمْلَةُ الْخَبَرِيَّةُ:
1 -
لِإِظْهَارِ التَّحَسُّرِ عَلَى خَيْبَةِ الرَّجَاءِ وَعَكْسِ التَّقْدِيْرِ وَالتَّحَزُّنِ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ امْرَأَةِ عِمْرَانَ: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36]؛ إِظْهَاراً لِلتَّحَسُّرِ عَلَى خَيْبَةِ رَجَائِهَا وَعَكْسِ تَقْدِيْرِهَا، وَالتَّحَزُّنِ إِلَى رَبِّهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَرْجُوْ وَتُقَدِّرُ أَنْ تَلِدَ ذَكَراً.
2 -
أَوْ إِظْهَارِ الضَّعْفِ وَالتَّخَشُّعِ: كَمَا فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى [حِكَايَةً](1) عَنْ زَكَرِيَّا: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مريم: 4].
3 -
أَوْ لِاذِّكَارِ مَا بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ الْعَظِيْمِ: كَمَا فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
…
الآية} [النّساء: 95]؛ لِيَأْنَفَ
(1) سقط من صل.
الْقَاعِدُ، وَيَرْتَفِعَ بِنَفْسِهِ عَنِ انْحِطَاطِ مَنْزِلَتِهِ. ومِثْلُهُ:{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزّمر: 9]؛ تَحْرِيْكاً لِحَمِيَّةِ الْجَاهِلِ.
وَأَمْثَالُ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، فَمِثْلُ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِخْبَارٍ.
فَإِنْ قَصَدَ الْمُخْبِرُ بِخَبَرِهِ
وَمِثَالُ الْخَبَرِ الْمَقْصُوْدِ بِهِ نَفْسُ الْحُكْمِ: (زَيْدٌ قَائِمٌ) لِمَنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ قَائِمٌ.
فَسَمِّ ذَا: أَيْ سَمِّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِيْ يُقْصَدُ بِالْخَبَرِ إِفَادَتُهُ
فَائِدَةً: أَيْ فَائِدَةَ الْخَبَرِ
وَسَمِّ إِنْ قَصَدَ: الْمُخْبِرُ بِخَبَرِهِ
الْإِعْلَامَ: أَيْ إِعْلَامَ الْمُخَاطَبِ
بِالْعِلْمِ بِهِ: أَيْ [بِالْعِلْمِ](3) بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ عَالِمٌ بِالْحُكْمِ؛ كَقَوْلِكَ: (حَفِظْتَ التَّوْرَاةَ) لِمَنْ حَفِظَهَا
لَازِمَهَا: أَيْ لَازِمَ فَائِدَةِ الْخَبَرِ
قَالَ فِي الْمُطَوَّلِ (4): «لِمَا ذُكِرَ فِي الْمِفْتَاحِ (5): (أَنَّ الْأُوْلَى بِدُوْنِ
(1) انظر: المطوّل ص 180.
(2)
سقط من جز.
(3)
كلمةٌ لا يطلبها السّياق.
(4)
ص 181.
(5)
ص 254.
الثَّانِيَةِ تَمْتَنِعُ، وَهِيَ بِدُوْنِ الْأُوْلَى لَا تَمْتَنِعُ، كَمَا هُوَ حُكْمُ اللَّازِمِ الْمَجْهُوْلِ الْمُسَاوَاةِ).
أَيِ: اللَّازِمِ الْأَعَمِّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ أَوِ الِاعْتِقَادِ، فَإِنَّ الْمَلْزُوْمَ بِدُوْنِهِ يَمْتَنِعُ، وَهُوَ بِدُوْنِ الْمَلْزُومِ (1) لَا يَمْتَنِعُ؛ تَحْقِيْقاً لِمَعْنَى الْعُمُوْمِ.
فَعَلَى هَذَا، فَائِدَةُ الْخَبَرِ: هِيَ الْحُكْمُ، وَلَازِمُهَا: كَوْنُ الْمُخْبِرِ عَالِماً بِهِ.
وَمَعْنَى اللُّزُوْمِ: أَنَّهُ كُلَّمَا أَفَادَ الْحُكْمَ أَفَادَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، كَمَا فِيْ (حَفِظْتَ التَّوْرَاةَ)».
فَإِنَّ الْمَفْهُوْمَ مِنْ كَلَامِ الْقَزْوِيْنِيِّ فِي التَّلْخِيْصِ (5) وَالْإِيْضَاحِ (6) - وَأَقَرَّهُ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ [فِيْ شَرْحَيْه (7) عَلَى ذَلِكَ - اشْتِرَاطُ الْقَصْدِ فِي فَائِدَةِ الْخَبَرِ،
(1) ب: اللّازم، تحريف.
(2)
انظر: شرح منظومة ابن الشِّحنة للحمويّ، ورقة 10.
(3)
في ورقة 10: «هذا» تحريف.
(4)
أي: عبارة النّاظم.
(5)
ص 20.
(6)
1/ 165 - 66.
(7)
انظر: المطوّل ص 181، والمختصر ص 22.