الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَشَرْطُهُمَا - أَيْ: شَرْطُ هَاتَيْنِ الْكِنَايَتَيْنِ - الِاخْتِصَاصُ بِالْمَكْنِيِّ عَنْهُ؛ لِيَحْصُلَ الِانْتِقَالُ مِنَ الْخَاصِّ إِلَى الْعَامِّ.
وَلَمَّا كَانَ بَحْثُ الْكِنَايَةِ لَطِيْفاً، وَمَعْنَاهُ دَقِيْقاً أَمَرَ الْمَاتِنُ بِالِاجْتِهَادِ فِيْ مَعْرِفَتِهِ، فَقَالَ:
اجْتَهِدْ أَنْ تَعْرِفَهْ (1):
تَتِمَّةٌ
قَالَ الْقَزْوِيْنِيُّ (2): «أَطْبَقَ الْبُلَغَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ وَالْكِنَايَةَ أَبْلَغُ مِنَ الْحَقِيْقَةِ وَالتَّصْرِيْحِ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِيْهِمَا (3) مِنَ الْمَلْزُوْمِ إِلَى اللَّازِمِ؛ فَهُوَ كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ» . (4)
قَالَ الشَّارِحُ التَّفْتَازَانِيُّ (5): «فَإِنَّ وُجُوْدَ الْمَلْزُوْمِ يَقْتَضِيْ وُجُوْدَ اللَّازِمِ؛ لِامْتِنَاعِ انْفِكَاكِ الْمَلْزُوْمِ مِنَ اللَّازِمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِيْ بَيَانِ اللُّزُوْمِ فِيْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ» .
وَأَطْبَقُوْا أَيْضاً عَلَى «أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ - التَّحْقِيْقِيَّةَ وَالتَّمْثِيْلِيَّةَ - أَبْلَغُ مِنَ التَّشْبِيْهِ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الْمَجَازِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنَ الْحَقِيْقَةِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الِاسْتِعَارَةَ بِالتَّحْقِيْقِيَّةِ وَالتَّمْثِيْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيْلِيَّةَ وَالْمَكْنِيَّ عَنْهَا
(1) أعادَ العمريُّ رحمه اللهُ تعالى الضَّميرَ في (تعرفه) على مبحث الكناية عامّةً، ولا ضيرَ أنْ تكونَ عائدةً على القسم الثّالث (الكناية عن موصوف).
(2)
في التّلخيص ص 93.
(3)
المجاز والكناية.
(4)
ولعبد القاهر في هذه المسألة رأيٌ جليلٌ؛ يُنظَر في دلائل الإعجاز ص 70 - 73.
(5)
في المطوّل ص 638.
لَيْسَتَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ». وَاللهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (1).
وَقَدْ تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى الْفَنِّ الثَّانِيْ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، وَنَسْأَلُهُ إِتْمَامَ الْكَلَامِ عَلَى الْفَنِّ الثَّالِثِ مَعَ حُسْنِ الْخِتَامِ.
* * *
(1) وتنقسمُ الكنايةُ - تبعاً للوسائط - إلى أربعةِ أقسام:
التَّعريض: إطلاقُ الكلامِ والإشارةُ به إلى معنًى آخرَ يُفهَمُ من السِّياقِ؛ نحو قولِك لمَن تجاوَزَ حَدَّه: (رَحِمَ اللهُ امرأً عرفَ حدَّه فوقفَ عندَه).
التَّلويح: كنايةٌ كثرَت فيها الوسائطُ بينَ اللّازم والملزوم؛ نحو: (أولئك قومٌ يُوقدون نارَهم في الوادي) كنايةً عن بُخلِهم، فقد انتقل من الإيقاد في الوادي المنخفض، إلى إخفاء النِّيران، ومنه إلى عدم رغبتهم في اهتداء ضيوفِهم إليها، ومنه إلى بُخلِهم.
الرَّمْز: كنايةٌ قلَّت وسائطُها معَ خفاءِ اللُّزوم؛ نحو: (غليظ الكَبِد) كنايةً عن القسوة، و (عريض القَفا) كنايةً عن البلاهة، وفهمُ هذا يتوقَّفُ على معرفةِ ما يعتقدُه العربُ في هذه الأشياء.
الإيماء أو الإشارة: كنايةٌ قلَّت وسائطُها معَ وضوحِ اللُّزومِ؛ نحو: (تعجبُني فلانةٌ؛ لا يسقطُ قناعُها، ولا تتلفَّتُ وهي تمشي) كنايةً عن حيائِها وخَفَرِها وتصاوُنِها.
انظر: التَّلخيص ص 93، والمطوّل ص 636، وعلوم البلاغة للمراغي ص 257. ومعجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها ص 379، وص 415، وص 498، وص 216.