الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - وَكَوْنِهِ مُخَالِفَ الْقِيَاسِ
…
ثُمَّ الْفَصِيْحُ مِنْ كَلَامِ النَّاس
· وَمُخَالَفَةُ الْقِيَاسِ (1): أَنْ تَكُوْنَ الْكَلِمَةُ عَلَى خِلَافِ الْقَانُوْنِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ تَتَبُّعِ لُغَةِ الْعَرَبِ - أَعْنِيْ: مُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِهِمِ الْمَوْضُوْعَةَ وَمَا هُوَ فِيْ حُكْمِهَا - كَوُجُوْبِ الْإِعْلَالِ فِيْ نَحْوِ: (قَامَ)، وَالْإِدْغَامِ فِيْ نَحْوِ:(مَدَّ)، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ عِلْمُ التَّصْرِيْفِ.
وَأَمَّا نَحْوُ: (أَبَى يَأْبَى (2) - وَعَوِرَ - وَاسْتَحْوَذَ- وَقَطِطَ شَعْرُهُ - وَآلٍ - وَمَاءٍ) (3) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاذِّ الثَّابِتَةِ فِي اللُّغَةِ فَلَيْسَتْ مِنَ
(1) في عبارة القزوينيّ: «مخالفة القياس» الإيضاح 1/ 21 نظرٌ؛ إذ لو اشترط عدم مخالَفة الوضع اللُّغويّ لَكان أحسن، وكان السّبكيّ تعقّبه بقوله:«وقد يَرِدُ على المصنِّف ما خالَف القياسَ وكَثُرَ استعمالُه، فورد في القرآن، فإنّه فصيح مثل: استحْوَذ» عروس الأفراح 1/ 187، وكذا للسّعد استدراك في المطوّل ص 143 وأثبته العمريّ ههنا.
وكان ابن سنان استفاض في الكلام على هذا الشّرط وفصّل فيه القول؛ فأدخل فيه كلَّ ما يُنْكِرُهُ أهلُ اللُّغةِ، ويردُّه علماءُ النَّحو من التَّصرُّف الفاسد في الكلمة، وإن رأى أنْ ليس له كبير تأثير في فصاحة الكلمة. انظر: سرّ الفصاحة ص 96 حتّى 111.
(2)
د: أبي يأبي، تحريف.
(3)
الجامعُ لهذه الأمثلة أنّها بخلافِ القياسِ، وهاكَ التَّعليقَ على كلِّ واحدة:
…
=
(أَبَى - يَأْبَى): شذَّ من فَعَلَ المعتلِّ اللّامِ، وجاء مضارعُه على يَفْعَل. والقياس:(يأبي). انظر: سيبويه 4/ 105، والممتع في التّصريف 1/ 178 - 2/ 531.
(عَوِرَ): الواوُ والياءُ إذا انفتحَ ما قبلَهما، ثم تحرّكَتا، تُقلبان ألفاً. مثلُ:(قَوِل = قال). وشذّتْ (عَوِرَ) وبقيتْ على أصلِها. انظر: اللُّباب 2/ 305، وأوضح المسالك 4/ 374.
(استحْوَذ): الواجب أن تُنقَل الفتحةُ من حرف العلّة إلى السّاكن قبله، ويُقلبُ حرفُ العلّة ألفاً. لكنْ خرجَ الفعلُ على أصله، والقياسُ:(استحاذ). انظر: الخصائص 1/ 119، والممتع في التّصريف 2/ 482.
(قَطِطَ شَعْرُه): أي: جَعُدَ. وهو من الكلمات النَّادرة جدّاً في إظهار تضعيفها من هذا الوزن، والقياسُ إدغامُه:(قَطَّ). انظر: أدب الكاتب ص 608، وتهذيب إصلاح المنطق ص 504، اللّسان:(قطط).
(آل): سَبَقَ حديثُه في شرحِ قولِ النَّاظمِ "وآلِهِ وسَلَّمَا".
(ماء): أصلُها «مَوَه» وقلبُوا الواوَ ألِفاً لتحرُّكِها وانفتاحِ ما قبلَها، كما قدَّمنا في عَوِرَ. انظر: اللُّباب 2/ 305.
الْمُخَالَفَةِ فِيْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ ثَبَتَتْ عَنِ الْوَاضِعِ، فَهِيَ فِيْ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَاةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ كَذَا، إِلَّا فِيْ هَذِهِ الصُّوَرِ.
بَلِ الْمُخَالَفَةُ: (مَا لَا يَكُوْنُ عَلَى وَفْقِ مَا ثَبَتَ عَنِ الْوَاضِعِ)؛ نَحْوُ: (الْأَجْلَلِ) - بِفَكِّ الْإِدْغَامِ - فِيْ قَوْلِهِ: [الرّجز]
الْحَمْدُ لِلهِ الْعَلِيِّ الْأَجْلَلِ
…
. . . . . . . . . . . . . (1)
[وَالْقِيَاسُ: الْأَجَلِّ](2).
قَالَ فِي الْإِيْضَاحِ: (3)«ثُمَّ عَلَامَةُ كَوْنِ الْكَلِمَةِ فَصِيْحَةً: أَنْ يَكُوْنَ اسْتِعْمَالُ الْعَرَبِ الْمَوْثُوْقِ بِعَرَبِيَّتِهِم لَهَا كَثِيْراً، أَوْ أَكْثَرَ مِنِ اسْتِعْمَالِهِمْ مَا بِمَعْنَاهَا» اِنْتَهَى. (4)
(1) لأبي النَّجْم العِجْلِيّ (الفضل بن قُدامة) في ديوانه ص 337، ومعاهد التّنصيص 1/ 18، وخزانة البغداديّ 2/ 390، وبلا نسبة في المقتضب 1/ 142 - 253، والأصول 3/ 442، والموشّح ص 130، والخصائص 3/ 89 - 95، ونَضْرة الإغريض ص 275، والإيضاح 1/ 26، وإيجاز الطّراز ص 81، وما يحتمل الشِّعر من الضَّرورة ص 64. وأتى برواية:«الحمدُ للهِ الوَهُوبِ المُجزِلِ» في سيبويه 4/ 214 بلا عزو، وكذا لأبي النَّجم في العمدة 1/ 289 ولا شاهدَ. وإظهارُ التّضعيف والعود به إلى الأصل ضرورة شعريّة، ويمنعونه في النّثر. انظر: سيبويه 1/ 29 - 3/ 535.
(2)
ليس في ب.
(3)
ص 27. وهي من عبارة السّكّاكيّ في مفتاح العلوم ص 526.
(4)
وذكر البلاغيّون من عيوب فصاحة المفردة - أيضاً - أموراً منها:
الكراهة في السَّمْع: كلفظة «الجِرِشَّى: بمعنى النَّفْس» في قول المتنبّي مادحاً سيف الدّولة: [المتقارب]
مُبارَكُ الِاسمِ أغرُّ اللَّقَبْ
…
كريمُ الجِرِشَّى شريفُ النَّسَبْ
انظر: سرّ الفصاحة ص 76، وهذا الشّرط فيه نظر عند القزوينيّ في الإيضاح 1/ 27، ودفعَه السّعد من أربعة وجوه في المطوّل ص 144. والمسألة في المثل السّائر 1/ 91.
الابتذال: كقول أبي تمّام: [البسيط]
جَلَّيْتَ والموتُ مُبْدٍ حُرَّ صفحتِهِ
…
وقد تَفَرْعَنَ في أفعالِه الأَجَلُ
فإنّ «تَفَرْعَنَ» مشتقٌّ من اسم «فِرْعَوْن» ، وهو من ألفاظ العامّة، وعادتُهم أن يقولوا:(تَفَرْعَنَ فلانٌ) إذا وصفوه بالجبريّة. انظر: الموازنة ق 1 ج 1 ص 238، وسرّ الفصاحة ص 90.