الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن
الْإِيْجَازُ وَالْإِطْنَابُ
وَسَكَتَ عَنِ الْمُسَاوَاةِ:
71 - تَوْفِيَةُ الْمَقْصُوْدِ بِالنَّاقِصِ مِنْ
…
[لَفْظٍ] لَهُ الْإِيْجَازُ، وَالْإِطْنَابُ إِنْ
72 - بِزَائِدٍ عَنْهُ، وَضَرْبَا الْأَوَّلِ:
…
قِصَرٌ، وَحَذْفُ جُمْلَةٍ أَوْ جُمَل
- لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ فِيْ حَدِّ الْإِيْجَازِ وَالْإِطْنَابِ؛ كَمَا يَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ.
- وَأَيْضاً لِقِلَّةِ الْأَبْحَاثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُسَاوَاةِ لَمْ يَذْكُرْهَا.
فَنَقُوْلُ: الْمَقْبُوْلُ مِنْ طُرُقِ التَّعْبِيْرِ عَنِ الْمُرَادِ:
1 -
تَأْدِيَةُ أَصْلِهِ بِلَفْظٍ مُسَاوٍ لَهُ. أَيِ: لِأَصْلِ الْمُرَادِ.
2 -
أَوْ بِلَفْظٍ نَاقِصٍ عَنْهُ، وَافٍ.
3 -
أَوْ بِلَفْظٍ زَائِدٍ عَلِيْهِ؛ لِفَائِدَةٍ.
- فَالْمُسَاوَاةُ: أَنْ يَكُوْنَ اللَّفْظُ بِمِقْدَارِ أَصْلِ الْمُرَادِ.
- وَالْإِيْجَازُ: أَنْ يَكُوْنَ نَاقِصاً عَنْهُ، (وَافِياً بِهِ).
- وَالْإِطْنَابُ: أَنْ يَكُوْنَ زَائِداً عَلَيْهِ؛ (لِفَائِدَةٍ)(1).
فَالْمُسَاوَاةُ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43]، وَقَوْلِهِ:[الطّويل]
فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِيْ هُوَ مُدْرِكِيْ
…
وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَىْ عَنْكَ وَاسِعُ (2)
أَيْ: مَوْضِعُ الْبُعْدِ عَنْكَ ذُوْ سَعَةٍ، وَشَبَّهَهُ فِيْ حَالِ سُخْطِهِ وَهَوْلِهِ بِاللَّيْلِ.
وَأَشَارَ النَّاظِمُ إِلَى تَعْرِيْفِ كُلٍّ مِنَ الْإِيْجَازِ وَالْإِطْنَابِ بِقَوْلِهِ:
تَوْفِيَةُ الْمَقْصُوْدِ بِالنَّاقِصِ مِنْ
…
لَفْظٍ لَهُ الْإِيْجَازُ وَالْإِطْنَابُ
إِنْ بِزَائِدٍ عَنْهُ
فَالْإِيْجَازُ: التَّعْبِيْرُ عَنِ الْمَقْصُوْدِ بِلَفْظٍ نَاقِصٍ عَنْهُ، وَافِياً بِهِ.
وَالْإِطْنَابُ: التَّعْبِيْرُ عَنِ الْمَقْصُوْدِ بِلَفْظٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ؛ لِفَائِدَةٍ.
وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا: (لِفَائِدَةٍ) عَنِ التَّطْوِيْلِ وَالْحَشْوِ، فَكَانَ عَلَى النَّاظِمِ أَنْ
(1) زيادة اللَّفظِ على المعنى أو نقصانه عنه أمرٌ نسبيٌّ، يُعرَفُ بالقياس إلى المُتعارف من كلام أوساط النَّاس الذين لم يرتقوا إلى مرتبة البلاغة ولم ينحطّوا إلى درك الفهاهة، أو يُعرَفُ بالنَّظر إلى مقتضى الحال والمقام، وهذا أجود.
(2)
للنّابغة يمدحُ أبا قابوس في ديوانه ص 52، وعيار الشّعر ص 34 - 79، وأخبار أبي تمّام ص 19، والصّناعتين ص 75 - 236 - 248، وإعجاز الباقلّانيّ ص 75، والإعجاز والإيجاز ص 176، والعمدة 2/ 880 - 1013، وأسرار البلاغة ص 28 - 140 - 244 - 247 - 248 - 252، والجمان في تشبيهات القرآن ص 133 - 267، والبديع في نقد الشّعر ص 255، والمثل السّائر 3/ 188، وتحرير التّحبير ص 486، وخزانة الحمويّ 3/ 35، وبلا نسبة في نقد النّثر ص 59 - 86، ونضرة الإغريض ص 156.
يَقُوْلَ - بَعْدَ (بِزَائِدٍ عَنْهُ) -: (لِفَائِدَةٍ)(1).
وَإِنْ أَرَدْتَ إِيْضَاحَ ذَلِكَ فَرَاجِعِ الْمُطَوَّلَاتِ (2).
وَلَمَّا كَانَ الْإِيْجَازُ مُنْقَسِماً إِلَى قِسْمَيْنِ أَشَارَ إِلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ:
وَضَرْبَا الْأَوَّلِ: أَيِ الْإِيْجَازِ؛ أَحَدُهُمَا
قِصَرٌ: أَيْ إِيْجَازُ قِصَرٍ: وَهُوَ مَا لَيْسَ بِحَذْفٍ؛ نَحْوُ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]؛ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَثِيْرٌ، وَلَفْظَهُ قَلِيْلٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى قَتَلَ قُتِلَ كَانَ ذَلِكَ دَاعِياً عَلَى أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى الْقَتْلِ، فَارْتَفَعَ بِالْقَتْلِ - الَّذِيْ هُوَ قِصَاصٌ - كَثِيْرٌ مِنْ قَتْلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَكَانَ ارْتِفَاعُ الْقَتْلِ حَيَاةً لَهُمْ، مَعَ أَنَّهُ لَا حَذْفَ فِيْهِ لِشَيْءٍ مِمَّا يُؤَدَّى بِهِ أَصْلُ الْمُرَادِ.
وَ: الثَّانِي
حَذْفُ: أَيْ إِيْجَازُ حَذْفٍ
جُمْلَةٍ: وَالْمُرَادُ بِهَا الْكَلَامُ الْمُسْتَقِلُّ الَّذِيْ لَا يَكُوْنُ جُزْءاً مِنْ كَلَامٍ آخَرَ، وَهِيَ إِمَّا:
1 -
مُسَبَّبةٌ عَنْ سَبَبٍ مَذْكُوْرٍ: نَحْوُ: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ} [الأنفال: 8]؛ فَهَذَا سَبَبٌ مَذْكُوْرٌ حُذِفَ مُسَبَّبُهُ: أَيْ: فَعَلَ مَا فَعَلَ.
(1) الزيادةُ في اللَّفظِ إن كانت لفائدةٍ فهي (الإطناب)، وإن كانت غيرَ متعيّنة فهي (التَّطويل)؛ نحو:(فِعلُه عدلٌ وإنصافٌ) فالعدل والإنصافُ بمعنًى ولا يمكنُ تعيينُ الزّائد. وإن كان بالإمكان تعيينُها فهي (الحشو)؛ نحو: (زرتُكَ اليومَ وفي الأمسِ قبلَه) فكلمةُ (أمس) زيادة متعيّنة من غير فائدة، ولكنّ الحشو ضربان: مُفسِدٌ للمعنى وغير مُفسِد. وأمّا الإيجاز فشرطُ قبولِه تأديةُ المعنى دون إنقاص، فإن كان ثمّةَ انتقاصٌ من أصل المرادِ سُمِّي (إخلالاً) لا إيجازاً.
(2)
انظر: مفتاح العلوم ص 387 - 395، والإيضاح 3/ 169 - 244، والمطوّل ص 479 - 505.