الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزّخرف: 9](1).
- وَمِنَ التَّعْرِيْضِ بِغَبَاوَةِ السَّامِعِ؛ نَحْوُ: (مُحَمَّدٌ نبِيُّنَا) فِيْ جَوَابِ مَنْ قَالَ: (مَنْ نَبِيُّكُمْ؟ )
وَقَوْلِهُ تَعَالَى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] بَعْدَ قَوْلِهِ: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 62].
- وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ يَكُوْنُ ذِكْرُ الْمُسْنَدِ لِلتَّعْيِيْنِ؛ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ:
أَوْ يُفِيْدُنَا تَعْيِيْنَه: مِنْ كَوْنِهِ اسْماً فَيُفِيْدُ الثُّبُوْتَ، أَوْ فِعْلاً فَيُفِيْدُ التَّجَدُّدَ، وَقَالَ فِي الْمُطَوَّلِ:«أَوْ أَنْ يَدُلَّ (2) عَلَى قَصْدِ التَّعَجُّبِ مِنَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ؛ كَقَوْلِكَ: (زَيْدٌ يُقَاوِمُ الْأَسَدَ) عِنْدَ قِيَامِ الْقَرَائِنِ؛ كَـ: (سَلَّ سَيْفَهُ)، وَ (تَلَطَّخَ ثَوْبُهُ) وَنَحْوِ ذَلِكَ» اِنْتَهَى (3).
* * *
38 - وَكَوْنُهُ فِعْلاً؛ فَلِلتَّقَيُّدِ
…
بِالْوَقْتِ مَعْ إِفَادَةِ التَّجَدُّد
وَكَوْنُهُ: أَيِ الْمُسْنَدُ
فِعْلاً فَلِلتَّقَيُّدِ: أَيْ تَقَيُّدِ الْمُسْنَدِ
(1) هذه الآيةُ الكريمةُ استشهد بها السَّعدُ التَّفتازانيُّ على ذِكر المسنَد لضعف التّعويل على القرينة، وتبعه العمريُّ، وأرى أنَّ ذكرَ المسندِ هنا لغرضِ التَّمكين والتّأكيد أَظْهَرُ، ولو مثَّلَ بجملة مثل:(عقلٌ في السَّماء وحَظٌّ مع الجوزاء) لكان أسطعَ دلالةً على مُرادِه؛ فقد ذُكِرَ المسنَدُ (مع الجوزاء)؛ لأنَّه لو حُذِف لَما دلَّ عليه الكلامُ السّابقِ، فقد يكونُ الحظُّ عاثراً، والله أعلم.
(2)
ذِكْرُ المسنَد.
(3)
ص 308. وفيه (التّعجيب) بدل (العجيب)، وكذا في الإيضاح، وأصلُ العبارة للسّكّاكيّ في مفتاح العلوم.
بِالْوَقْتِ: أَيْ بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ؛ أَعْنِيْ:
- الْمَاضِيَ: وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِيْ قَبْلَ زَمَانِ تَكَلُّمِكَ.
- وَالْمُسْتَقْبَلَ: وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِيْ يُتَرَقَّبُ وُجُوْدُهُ بَعْدَ هَذَا الزَّمَانِ.
- وَالْحَالَ: وَهُوَ أَجْزَاءٌ مِنْ أَوَاخِرِ الْمَاضِيْ وَأَوَائِلِ الْمُسْتَقْبَلِ مُتَعَاقِبَةً مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ وَتَرَاخٍ؛ كَمَا يُقَالُ: (زَيْدٌ يُصَلِّيْ) وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ صَلَاتِهِ مَاضٍ، وَبَعْضَهَا بَاقٍ، فَجَعَلُوا الصَّلَاةَ الْوَاقِعَةَ فِي الْآنَاتِ (1) الْكَثِيْرَةِ الْمُتَعَاقِبَةِ وَاقِعَةً فِي الْحَالِ.
وَكَوْنُ الْمُسْنَدِ فِعْلاً فَلِلتَّقَيُّدِ بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَخْصَرِ وَجْهٍ بِخِلَافِ الِاسْمِ؛ نَحْوُ: (زَيْدٌ قَائِمٌ أَمْسِ، أَوِ الْآنَ، أَوْ غَداً)؛ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى انْضِمَامِ قَرِيْنَةٍ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَأَحَدُ الْأَزْمِنَةِ جُزْءُ مَفْهُوْمِهِ، فَهُوَ بِصِيْغَتِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
مَعْ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ: الَّذِيْ هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الزَّمَانِ الَّذِيْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُوْمِ الْفِعْلِ، وَتَجَدُّدُ الْجُزْءِ وَحُدُوْثُهُ يَقْتَضِيْ تَجَدُّدَ الْكُلِّ وَحُدُوْثَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّمَانَ غَيْرُ قَارِّ الذَّاتِ؛ لَا تَجْتَمِعُ أَجْزَاؤُهُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ؛ كَقَوْلِ طَرِيْفِ (2) بْنِ تَمِيْمٍ (3):[الكامل]
أَوَكُلَّمَا وَرَدَتْ عُكَاظَ قَبِيْلَةٌ
…
بَعَثُوْا إِلَيَّ عَرِيْفَهُمْ يَتَوَسَّمُ (4)
أَيْ: يَصْدُرُ عَنْهُ تَوَسُّمُ الْوُجُوْهِ شَيْئاً فَشَيْئاً، وَلَحْظَةً فَلَحْظَةً.
(1) د: الأوقات.
(2)
صل، د: ظريف، تصحيف.
(3)
شاعر جاهليّ تميميّ مقلّ، مجهول سنة الوفاة. انظر: الأعلام 3/ 226.
(4)
له في الأصمعيّات ص 127، وسيبويه 4/ 7، والدِّيباج ص 149، والبيان والتّبيين 3/ 101، ومعاهد التّنصيص 1/ 204، وبلا نسبة في دلائل الإعجاز ص 176، والإيضاح 2/ 113.
فَالشَّاهِدُ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ التَّفْتَازَانِيُّ (1) فِيْ «يَتَوَسَّمُ» ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَشِّيْنَ عَلَى الْمُخْتَصَرِ:«وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُوْنَ فِيْ «وَرَدَتْ» وَفِيْ قَوْلِهِ: «بَعَثُوْا» ؛ إِذْ لَا امْتِنَاعَ فِيْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ الْمُسْنَدُ فِعْلاً لَا بُدَّ وَأَنْ يُفِيْدَ ذَلِكَ» اِنْتَهَى (2).
وَقَوْلُ الشَّارِحِ (3): «وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: (مَعْ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ) عَنِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ؛ نَحْوُ: (زَيْدٌ كَرِيْمٌ)؛ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَلُ إِلَّا بِمَعْنَى الْمَاضِيْ، فَتَكُوْنُ مُقَيَّدَةً بِأَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَخْصَرِ وَجْهٍ، مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفِعْلٍ» غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَإِنَّ الصِّفَةَ الْمُشَبَّهَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَاضِيْ دَائِماً، وَإِنَّمَا عَمَلُهَا مُقَيَّدٌ؛ بِكَوْنِهَا بِمَعْنَى الْمَاضِي الْمُسْتَمِرِّ إِلَى زَمَنِ الْحَالِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْحَالِ.
بَلْ صَرَّحَ ابْنُ هِشَامٍ (4): بِأَنَّهَا لِلزَّمَنِ الْحَاضِرِ الدَّائِمِ دُوْنَ الْمَاضِي الْمُنْقَطِعِ وَالْمُسْتَقْبَلِ، فَعَلَى هَذَا تَقَيَّدَتْ بِالْحَالِ لَا بِالْمَاضِيْ، فَانْتَفَى التَّقَيِيْدُ الَّذِيْ ذَكَرَهُ، وَخَرَجَتْ بِقَوْلِهِ:(وَكَوْنُهِ فِعْلاً).
وَأَيْضاً قَدْ ذَكَرَ النَّاظِمُ (أَنَّ كَوْنَ الْمُسْنَدِ فِعْلاً لِلتَّقْيِيْدِ بِالْوَقْتِ)، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُتَقَيِّدٌ بِالْوَقْتِ أَنْ يَكُوْنَ فِعْلاً، فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ مِنْ أَصْلِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
/وَأَيْضاً قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ (5) فِي الْكَافِيَةِ (6) فِي الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ: «وَتَعْمَلُ عَمَلَ فِعْلِهَا مُطْلَقاً»
(1) في المطوّل ص 313، والمختصر ص 65.
(2)
لمّا أقِفْ على مصدر الاقتباس.
(3)
انظر: شرح منظومة ابن الشّحنة للحمويّ ورقة 22.
(4)
ت 761 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 66 - 67. انظر: أوضح المسالك 3/ 347.
(5)
ت 646 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 128 - 129.
(6)
انظر: الكافية 2/ 206.