الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ الْفَصِيْحُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ: مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى فَصَاحَةِ كَلِمَاتِهِ؛ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَزْوِيْنِيُّ حَيْثُ قَالَ:
أَيْ: مَعَ فَصَاحَةِ كَلِمَاتِهِ؛ فَهُوَ (2) حَالٌ مِنَ الْهَاءِ فِيْ (خُلُوْصِهِ)، كَمَا قَرَّرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ فِيْ شَرْحَيْهِ (3).
* * *
7 - مَا كَانَ مِنْ تَنَافُرٍ سَلِيْمَا
…
وَلَمْ يَكُنْ تَأْلِيْفُهُ سَقِيْمَا
مَا كَانَ مِنْ [تَنَافُرٍ](4) سَلِيْمَا:
- والتَّنَافُرُ: أَنْ تَكُوْنَ الْكَلِمَاتُ ثَقِيْلَةً عَلَى اللِّسَانِ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا فَصِيْحَةً بِانْفِرَادِهَا:
1 -
وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَنَاهٍ فِي الثِّقَلِ؛ كَقَوْلِهِ: [الرّجز]
وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكَانٍ قَفْرِ
…
وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ (5)
(1) انظر: الإيضاح ص 28.
(2)
أي: الظَّرْف.
(3)
انظر: المطوّل ص 144، والمختصر ص 10.
(4)
صل: طمس.
(5)
أنشده الجاحظ غيرَ مَعْزُوٍّ في البيان والتّبيين 1/ 65 وسمّى هذا التّنافرَ: «الاستكراهَ» ، وزعم أنّ أحداً لا يستطيعُ أنْ يُنْشِدَ هذا البيتَ ثلاثَ مرّاتٍ في نَسَقٍ واحد، فلا يَتَتَعْتَعُ ولا يَتَلَجْلَجُ. وكذا مُغفَل النّسبة في إعجاز الباقلّانيّ ص 269، والعمدة 1/ 419، وثلاث رسائل في إعجاز القرآن (الرّمّانيّ) ص 87، وسرّ الفصاحة ص 132، ودلائل الإعجاز ص 57، والبديع في نقد الشّعر ص 234، ونهاية الإيجاز ص 56، والبرهان الكاشف ص 78 - 200، والإيضاح 1/ 30، وإيجاز الطّراز ص 83، وشرح الكافية البديعيّة ص 311، وخزانة الحمويّ 1/ 377، ومعاهد التّنصيص 1/ 34.
وَالشَّاهِدُ فِي الشَّطْرِ الثَّانِي.
ذُكِرَ فِيْ عَجَائِبِ الْمَخْلُوْقَاتِ (1): «أَنَّ نَوْعاً مِنَ الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ: الْهَاتِفُ، صَاحَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ (2)، فَمَاتَ، فَقَالَ ذَلِكَ الْجِنِّيُّ هَذَا الْبَيْتَ» .
2 -
وَمِنْهُ مَا هُوَ دُوْنَ ذَلِكَ؛ كَمَا فِيْ قَوْلِ أَبِيْ تَمَّامٍ (3): [الطّويل]
كَرِيْمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ وَالْوَرَى
…
مَعِيْ، وَإِذَا مَا لُمْتُهُ لُمْتُهُ وَحْدِيْ (4)
وَالشَّاهِدُ فِي الْمِصْرَاعِ الأَوَّلِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْشَأَ الثِّقَلِ: فِي الْأَوَّلِ: نَفْسُ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَاتِ.
وَفِي الثَّانِي: تَكْرِيْرُ حُرُوْفٍ مِنْهَا؛ وَهُوَ فِي تَكْرِيْرِ (أَمْدَحْهُ) دُوْنَ مُجَرَّدِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَاءِ وَالْهَاءِ؛ لِوُقُوْعِهِ فِي التَّنْزِيْلِ؛ مِثْلُ: {فَسَبِّحْهُ} [ق: 40] فَتَأَمَّلْ.
وَلَمْ يَكُنْ تَأْلِيْفُهُ سَقِيْمَا: أَيْ: ضَعِيْفاً.
· وَالضَّعْفُ: أَنْ يَكُوْنَ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ الْقَانُوْنِ النَّحْوِيِّ الْمَشْهُوْرِ
(1) لم أُصب البيتَ أو خبرَه في المطبوع الَّذي وقفت عليه من عجائب المخلوقات.
(2)
ت نحو 36 ق هـ. انظر: الأعلام 2/ 172.
(3)
ت 231 هـ. انظر: الأعلام 2/ 165.
(4)
له في ديوانه 2/ 116، وأخبار أبي تمّام ص 204، وإعجاز الباقلّانيّ ص 226، والعمدة 2/ 1040، وسرّ الفصاحة ص 138، ودلائل الإعجاز ص 58، وإيجاز الطّراز ص 83، وكفاية الطّالب ص 219، والبرهان الكاشف ص 78، وبديع القرآن ص 428، وإيجاز الطّراز ص 83.
بَيْنَ الْجُمْهُوْرِ (1). كَالْإِضْمَارِ قَبْلَ الذِّكْرِ لَفْظاً وَمَعْنًى؛ نَحْوُ: (ضَرَبَ غُلَامُهُ زَيْداً)، فَإِنَّ رُجُوْعَ الضَّمِيْرِ إِلَى الْمَفْعُوْلِ الْمُتَأَخِّرِ لَفْظاً مُمْتَنِعٌ عِنْدَ الْجُمْهُوْرِ (2)؛ لِئَلَّا يَلْزَمَ رُجُوْعُهُ إِلَى مَا هُوَ مُتَأَخِّرٌ لَفْظاً [وَرُتْبَةً]. (3)
وَأَمَّا نَحْوُ: [البسيط]
جَزَى بَنُوهُ أَبَا الْغَيْلَانِ عَنْ كِبَرٍ
…
وَحُسْنِ فِعْلٍ كَمَا جُوْزِيْ سِنِمَّارُ (4)
وَقَوْلِهِ: [الطّويل]
أَلَا لَيْتَ شِعْرِيْ هَلْ يَلُوْمَنَّ قَوْمُهُ
…
زُهَيْراً عَلَى مَا جَرَّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ؟ (5)
فَشَاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرَهُ التَّفْتَازَانِيُّ (6)، رحمه الله.
فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ أَجَازَ الْأَخْفَشُ (7) وَابْنُ جِنِّيٍّ (8) مِثْلَ هَذِهِ الصُّوْرَةِ؛ أَعْنِيْ: (ضَرَبَ غُلَامُهُ زَيْداً)(9)، وَاسْتَشْهَدَا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:[الطّويل]
(1) ردَّ هذا الشَّرطَ ابنُ الأثير بزعْمِ أنّ الإعراب - غالباً - لا يتوقَّفُ عليه فَهْمُ المعنى، وأنّ الجهل بالنَّحو لا يقدح بفصاحة أو بلاغة. انظر: المثل السّائر 1/ 41 - 49. وردَّ عليه الصّفديّ في نصرة الثّائر ص 68.
(2)
انظر: المقتضب 2/ 69 - 4/ 102، والأصول 2/ 238، والإنصاف 1/ 72، وهمع الهوامع 1/ 226.
(3)
ب: ومعنى. وقد يطلقون «المعنى» على «الرُّتبة» . انظر: الخصائص 1/ 295.
(4)
لسَلِيْط بن سَعْد في خزانة البغداديّ 1/ 280 - 293 - 294، وبلا نسبة في ابن عقيل 1/ 497، والمطوّل ص 145، وتاج العروس (سنمر).
(5)
لأبي جُنْدُب في ديوان الهذليّين 3/ 87، وبلا نسبة في شرح الكافية الشَّافية 2/ 586، وخزانة البغداديّ 1/ 280 - 291 - 293.
(6)
انظر: المطوَّل ص 145 - 146.
(7)
ت 215 هـ. انظر: بغية الوعاة 1/ 570 - 571.
(8)
ت 392 هـ. انظر: بغية الوعاة 2/ 126.
(9)
تُعزى الإجازة للأخفش: في مغني اللَّبيب: 2/ 635. وهمع الهوامع 1/ 230. وأجازها صاحب الخصائص 1/ 294 - 295. وكذا ابن مالك في شرح الكافية الشَّافية 2/ 586.