الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ال
تمهيد:
1 -
تعريف التوحيد وبيان أنواعه.
2 -
تعريف الألفاظ وبيان أنواعها.
3 -
تعريف المصطلحات وبيان أنواعها.
4 -
الموسوعات العلمية: أهميتها، وبيان أنواعها.
1 -
تعريف التوحيد وبيان أنواعه:
أولاً: تعريف التوحيد في اللغة.
ثانياً: تعريف التوحيد في الاصطلاح:
1 -
تعريف التوحيد عند أهل السنة وبيان أنواعه.
2 -
تعريف التوحيد عند الفلاسفة.
3 -
تعريف التوحيد عند أهل الوحدة.
4 -
تعريف التوحيد عند المتكلمين.
5 -
تعريف التوحيد عند الصوفية.
أولاً: تعريف التوحيد في اللغة.
كلمة التوحيد في اللغة ترجع إلى لفظة "وحد"، وفروع هذه الكلمة تدور على معنى الانفراد وانقطاع المثل والنظير، ففي معنى الانفراد يقول الخليل بن أحمد1: "الوَحَد المنفرد، رج
لٌ وَحَد، وثورٌ وَحَدٌ..والرجل الوحيد ذو الوحدة؛ وهو المنفرد لا أنيس معه، وقد وَحُدَ يَوْحدُ وحاَدَةً وَوَحْدةً ووَحَداً"2.
وفي معنى الانفراد وعدم المثيل يقول ابن فارس3:"الواو والحاء والدال أصل واحد يدل على الانفراد، من ذلك الوحدة، وهو واحد قبيلته إذا لم يكن فيهم مثله"4.
وفي الصحاح: "فلان واحد دهره أي لا نظير له، وفلان أوحد أهل زمانه"5، ومن كلام العرب "هو نسيج وحده" وهو الرجل المصيب في الرأي 6. وفي لسان العرب "ورجلٌ متقدم في بأس أو علم أو غير ذلك كأنه لا مثل له فهو وحده لذلك"7.
_________
1 -
الإمام صاحب العربية، ومنشىء علم العروض، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري أحد الأعلام، وكان رأساً في لسان العرب، ديناً ورعاً قانعاً متواضعاً كبير الشأن، يقال إنه دعا الله أن يرزقه علماً لا يسبق إليه ففتح له بالعروض، وله كتاب العين في اللغة، ولد سنة مئة، ومات سنة خمس وسبعين ومائة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 7/429 - 430، كشف الظنون لحاجي خليفة 2/1441، 1467.
2 -
كتاب العين للخليل بن أحمد 3/280 - 281، وانظر: تهذيب اللغة للأزهري 5/192 - 193، جمهرة اللغة لابن دريد 2/126 - 127، الصحاح للجوهري 2/548، معجم مقاييس اللغة لابن فارس 6/90 - 91، لسان العرب لابن منظور 3/448 - 449.
3 -
الإمام العلامة اللغوي المحدث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، اللغوي، صاحب كتاب المجمل ومعجم مقاييس اللغة، قال الذهبي:"وكان من رؤوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث"، مات بالري سنة خمس وتسعين وثلاث مئة. انظر: سير أعلام النبلاء 17/103 - 105، بغية الوعاة للسيوطي 1/352.
4 -
معجم مقاييس اللغة 6/90.
5 -
الصحاح 2/548، وانظر: لسان العرب 3/447، 451 - 452، القاموس المحيط للفيروز آبادي ص414، تهذيب اللغة 5/195.
6 -
انظر: العين 3/281، تهذيب اللغة 5/198، الصحاح 2/548، معجم مقاييس اللغة 6/90 - 91، لسان العرب 3/449.
7 -
لسان العرب 3/447، وانظر: القاموس المحيط ص414.
والواحد أول العدد، يقول الخليل بن أحمد:"والواحد أول عدد من الحساب، والوُحدان جماعة الواحد"1. والرجل الوَحِد والوَحَد والوَحْد: الذي لا يعرف له أصل2. ووحده توحيداً: جعله واحداً3.
وجاء في كلام العرب: الجلوس والقعود واحدٌ، وأصحابي وأصحابك واحد4.
ومن المعاني الباطلة التي أضيفت للفظ الواحد قولهم:"الواحد هو الذي لا يتجزأ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام"5.
وجاء هذا المعنى في المفردات للراغب حيث يقول: "الواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له ألبتة، ثم يطلق على كل موجود حتى إنه ما من عدد إلا ويصح أن يوصف به، فيقال عشرة واحدة، ومائة واحدة، وألف واحد، فالواحد لفظ مشترك يستعمل على ستة أوجه: الأول: ما كان واحداً في الجنس، أو في النوع كقولنا: الإنسان والفرس واحد في الجنس، وزيد وعمرو واحد في النوع. الثاني: ما كان واحداً بالاتصال؛ إما من حيث الخلقة كقولك: شخص واحد؛ وإما من حيث الصناعة؛ كقولك: حرفة واحدة.
الثالث: ما كان واحداً لعدم نظيره؛ إما في الخلقة كقولك الشمس واحدة؛ وإما في دعوى
الفضيلة كقولك: فلان واحد دهره، وكقولك: نسيج وحده.
الرابع: ما كان واحداً لامتناع التجزي فيه؛ إما لصغره كالهباء؛ وإما لصلابته كالألماس.
1 - العين 3/281، وانظر: تهذيب اللغة 5/193، الصحاح 2/548، لسان العرب 3/446 - 447، القاموس المحيط ص 414.
2 -
انظر: العين 3/280، لسان العرب 3/450، القاموس المحيط ص 414.
3 -
انظر: القاموس المحيط ص 414.
4 -
انظر: العين 3/281، تهذيب اللغة 5/193، لسان العرب 3/447.
5 -
لسان العرب 3/451، وانظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 857، وبصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي 5/170 - 171.
الخامس: للمبدأ؛ إما لمبدأ العدد كقولك: واحد، اثنان؛ وإما لمبدأ الخط كقولك: النقطة الواحدة. والوحدة في كلها عارضة، وإذا وصف الله - تعالى - بالواحد فمعناه هو الذي لا يصح عليه التجزي ولا التكثر"1.
وتعريف الواحد بأنه الشيء الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام ليس له أصل في لغة العرب، ولم يأت في كلام الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكره المتقدمون من أهل اللغة؛ كالخليل بن أحمد، والأزهري2، وابن دريد3، وغيرهم، ثم المثال الذي ذكره الراغب4 على أنه لا يقبل الانقسام هو مما يقبل الانقسام، مما يدل على بطلان هذا المعنى.
وقد تأثر بعض أهل اللغة بشيء من علم الكلام فدخل كتبهم من ذلك ما ليس له أصل في لغة العرب5.
وباستعراض المعاني السابقة للفظ الواحد نجد أكثرها يدل على معنى الانفراد وانقطاع المثيل والنظير.
1 - المفردات للراغب الأصفهاني ص 857، ونقله عنه الفيروز آبادي في بصائر ذوي التمييز 5/170 - 171.
2 -
محمد بن أحمد بن الأزهر الهروي أبو منصور، أحد الأئمة في اللغة والأدب، عني بالفقه فاشتهر به أولاً، ثم غلب عليه التبحر في العربية، فرحل في طلبها، وقصد القبائل وتوسع في أخبارهم، من كتبه "تهذيب اللغة" و"تفسير القرآن"،توفي سنة 370هـ. انظر: بغية الوعاة للسيوطي1/19، الأعلام للزركلي 5/311.
3 -
ابن دريد العلامة، شيخ الأدب، أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي، البصري، صاحب التصانيف، كان آية من الآيات في قوة الحفظ، توفي في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة، وله ثمان وتسعون سنة. انظر: سير أعلام النبلاء15/96 - 97.
4 -
الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني، المعروف بالراغب، أديب من أذكياء المتكلمين، من كتبه "الذريعة إلى مكارم الشريعة"، و"المفردات في غريب القرآن"، توفي سنة 502هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 18/120، بغية الوعاة للسيوطي2/297، الأعلام للزركلي2/255.
5 -
انظر: بغية المرتاد لابن تيمية ص235 - 236، الصاحبي لابن فارس ص64.
ثانياً: تعريف التوحيد في الاصطلاح.
1 -
تعريف التوحيد عند أهل السنة:
لقد تبين فيما تقدم أن كلمة التوحيد في اللغة تدل على الانفراد، وانقطاع النظير والمثيل، بل قد جاء في كتب أهل اللغة المتقدمين أن التوحيد يعني الإيمان بالله وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد الشرعي الذي جاء في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه بنى أهل السنة تعريفهم للتوحيد، وبيانهم لأنواعه.
أولاً - التوحيد في القرآن:
لم تأت كلمة التوحيد بهذه اللفظة في كتاب الله، وإنما جاء فروع هذه الكلمة مثل:"واحد"، و"أحد"، و"وحده"، وهي تعني توحيد الله، الذي عليه مدار كتاب الله عز وجل.
وإذا تأملت الآيات عن الله عز وجل في توحيده –سبحانه - تجدها تشمل إفراده بالعبادة، وإثبات الأسماء والصفات له، وإفراده بالربوبية والخلق والتصرف.
ففي إفراده بالعبادة قال - تعالى -: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة –133] وقال - تعالى -: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة - 73] وقال - تعالى -: {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل –51] . يقول الإمام الطبري1 رحمه الله: "إلهاً واحداً أي نخلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئاً، ولا نتخذ دونه رباً"2.
1 - محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر، المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن بغداد، وتوفي بها سنة 310 للهجرة، من كتبه "أخبار الرسل والملوك"،وتفسيره "جامع البيان". انظر: شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 2/260، الأعلام 6/69.
2 -
جامع البيان في تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري 1/562، وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/192.
وفي إثبات الأسماء والصفات لله - تعالى -؛ يقول–سبحانه -: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة–163] وقوله–تعالى -: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص –1 - 4] .
وفي إفراده بالخلق والربوبية والنفع والضر يقول - تعالى -: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد - 16] وقال - تعالى -: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} [الصافات - 4 - 5] . وعلى هذه المعانيالثلاثة كانت آيات التوحيد في كتاب الله –تعالى -.
ثانياً - التوحيد في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم:
لقد كان مدلول كلمة التوحيد وفروعها في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته، هو شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وتعني أيضا عبادة الله وحده. ومن الشواهد على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن:"إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله - تعالى -" 1، ثم جاء تفسير التوحيد في روايات أخرى تعددت ألفاظها، ومنها قوله:"أدعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" 2، وفي رواية:"فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل"3.وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله" 4، وفي رواية: "من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله.." 5، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام على خمسة. على أن يوحد الله.." 6، وجاء في رواية أخرى: "على أن يعبد الله ويكفر بما دونه.." 7،وفي رواية: "على خمس شهادة أن لا إله إلا الله.." 8، فهذه الروايات يفسر بعضها بعضاً، وهي تدل على أن التوحيد يعني شهادة أن لاإله إلا الله، ويعني عبادة الله وحده.
1 - أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى 4/378، ح7372.
2 -
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة 1/430، ح 1395، ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام 1/50، ح 29.
3 -
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة 1/450 - 451، ح 1458، ومسلم في كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام 1/51، ح 31.
4 -
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة - 5] 1/24، ح 25، ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.. 1/53، ح 37.
5 -
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله.. 1/53، ح 38.
6 -
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام 1/45، ح 19.
7 -
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام 1/45، ح 20.
8 -
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم1/20، ح 8، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام 1/45، ح 21.
وهذا المعنى فهمه جابر رضي الله عنه، وعبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال:"فأهل بالتوحيد، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"1.
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث وفد عبد القيس: "آمركم بالإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.." 2، وعن عطاء رحمه الله في قوله –تعالى -:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ} [المائدة - 5] قال: "الإيمان التوحيد"3.
وقال ابن عباس رضي الله عنه في معنى قوله –تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [البقرة - 21] قال "وحدوا"4، وقال رضي الله عنه:"كل عبادة في القرآن فهو التوحيد"5، وفسر رضي الله عنه قوله - تعالى -:{وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال–39] بقوله: "يخلص له التوحيد"6، فالدين عنده هو التوحيد.
ونخلص من هذا إلى أن معنى التوحيد في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته هو شهادة أن لا إله إلا الله، وإفراد الله بالعبادة، والإيمان به وحده دون شريك في العبادة أو الربوبية أو الأسماء والصفات.
1 - أخرجه مسلم في كتاب الحج باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/886 - 887، ح 1218.
2 -
أخرجه بهذا اللفظ البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله - تعالى -: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات - 96] 4/418، ح 7556.
3 -
جامع البيان للطبري 6/109.
4 -
الدر المنثور للسيوطي 1/85، وانظر: حقيقة التوحيد للدكتور العلياني ص 55.
5 -
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 18/193، وانظر: زاد المسير لابن الجوزي 1/14، 4/75، البحر الرايق لابن نجيم 1/291.
6 -
زاد المسير 1/200، وانظر: جامع البيان9/249.
وقد بنى أهل السنة تعريفهم للتوحيد على المعاني السابقة، يقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله في بيان معنى أن الله واحد بأنه "لا شريك له"1.
ويقول الإمام الدارمي2 رحمه الله: "وتفسير التوحيد عند الأمة، وصوابه، قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له"3.
وإمام الشافعية أبو العباس بن سريج4 يقول: "توحيد أهل العلم وجماعة المسلمين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"5.
ويقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسير قوله–تعالى -: {إِلَهاً وَاحِداً} [البقرة - 133] : "أي نخلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئاً، ولا نتخذ دونه رباً"6.
ويقول الإمام الطحاوي7 رحمه الله في بيان التوحيد: "نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له ولا شيء مثله ولاشيء يعجزه"8.
1 - شرح الفقه الأكبر لملا علي قاري ص 22.
2 -
هو الإمام عثمان بن سعيد بن خالد الدارمي السجستاني، أبو سعيد محدث هراة ولد سنة 200هـ، وتوفي سنة 280 هـ، وهو صاحب المسند الكبير والتصانيف الكثيرة، ومنها:"رد الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي"، انظر: سير أعلام النبلاء 13/319، الأعلام 4/205.
3 -
رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي للإمام الدارمي ص6.
4 -
هو الإمام شيخ الإسلام، فقيه العراقيين، أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، القاضي الشافعي، صاحب المصنفات، وناشر مذهب الإمام الشافعي، قال الشيخ أبو إسحاق "كان ابن سريج يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني"، أخذ عنه الفقه خلق من الأئمة، ولي قضاء شيراز، وتوفي سنة 306هـ ببغداد. انظر: السير14/201 - 204، طبقات الشافعية للسبكي2/89 - 91.
5 -
الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم التيمي 1/96 - 97، بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية 1/487، التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/206، إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 4/191.
6 -
جامع البيان 1/562.
7 -
هو الإمام العلامة الحافظ الكبير محدث الديار المصرية وفقيهها، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك، الأزدي، الحجري، المصري، الطحاوي، الحنفي، صاحب التصانيف، من أهل قرية طحا بمصر، إليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة بمصر، ولد سنة239هجرية، وتوفي سنة 321 هجرية، من مصنفاته معاني الآثار، وأحكام القرآن، انظر: السير 15/27 - 33، الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي 2/102 - 105، طبقات الفقهاء للشيرازي 2/148.
8 -
متن العقيدة الطحاوية للإمام الطحاوي ص6.
كما يبين الإمام الآجري1 رحمه الله أن التوحيد هو قول لا إله إلا الله محمداً رسول الله موقناً من قلبه2.
وعلى هذا المعنى كان كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن التوحيد، فقال عن التوحيد إنه:"شهادة أن لا إله إلا الله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له"3. ويقول عن توحيد الرسل إنه "يتضمن إثبات الإلهية لله وحده، بأن يشهد أن لا إله إلا هو، ولا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالي إلا له، ولا يعادي إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله، وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات"4.
ويقول رحمه الله: "حقيقة التوحيد أن نعبد الله وحده، فلا يدعى إلا هو ولا يخشى إلا هو، ولا يتقى إلا هو ولا يتوكل إلا عليه، ولا يكون الدين إلا له، لا لأحد من الخلق"5.
ويعرف الإمام ابن القيم رحمه الله التوحيد بقوله: "توحيد الرسل إثبات صفات الكمال لله على وجه التفصيل، وعبادته وحده لا شريك له، فلا يجعل له نداً في قصد ولا حب ولا خوف ولا رجاء ولا لفظ ولا حلف ولا نذر، بل يرفع العبد الأنداد له من قلبه وقصده ولسانه وعبادته"6.
ويلاحظ أن التعريفات السابقة تدور على محور واحد، هو تعريف التوحيد بأنه شهادة أن لا إله إلا الله، وإفراده - سبحانه - بالعبادة، وبعض التعريفات فيها تفصيل إثبات أسماء الله
1 - هو الإمام الحافظ محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر الآجري فقيه شافعي محدث، نسبته إلى آجر من قرى بغداد، له تصانيف كثيرة منها: التفرد والعزلة، والشريعة، توفي سنة 360هجرية، انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان 4/292، الأعلام6/97.
2 -
انظر: الشريعة للآجري ص101.
3 -
التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/208، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1/478، مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 3/364، مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية1/44.
4 -
درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 1/224، وانظر: الصفدية لابن تيمية 2/228.
5 -
منهاج السنة النبوية لابن تيمية 3/490.
6 -
الروح لابن قيم الجوزية ص 386، وانظر: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن قيم الجوزية 3/933، مدارج السالكين إلى منازل إياك نعبد وإياك نستعين لابن قيم الجوزية 3/459.
وصفاته وربوبيته. وقد كان التركيز على توحيد الله بالعبادة والألوهية؛ لأنه يتضمن إثبات أسماء الله وصفاته وإثبات ربوبيته. ولأن العبادة هي الغاية من خلق الإنس والجن، فمن وحد الله بأسمائه وصفاته وربوبيته ولم يعبده لم يكن موحداً، ومن عبده ولكن ألحد في أسمائه وصفاته لم يكن موحداً.
وعليه فيمكن تعريف التوحيد بأنه إفراد الله بالربوبية وماله من الأسماء والصفات، والإخلاص له في الألوهية والعبادة. وهذا التعريف يشمل التعريفات السابقة، ويتضمن أنواع التوحيد، وهو ما سنتحدث عنه في الصفحات التالية.
2 -
أنواع التوحيد:
ذكرت فيما سبق أن آيات كتاب الله عز وجل في التوحيد تدور على ثلاثة معان هي:
إفراده - سبحانه - بالعبادة، وإفراده بالربوبية والخلق والتصرف، وإثبات صفات الكمال له، وعلى هذا بنى أهل السنة تقسيمهم للتوحيد.
فيشير الإمام الطبري إلى هذه المعاني بقوله: "إلهاً واحداً، أي نخلص له العبادة، ونوحد له الربوبية، فلا نشرك به شيئاً، ولا نتخذ دونه رباً"1.
وألمح الإمام أبو يوسف2 رحمه الله إلى أنواع التوحيد في قوله: "وإنما دل الله عز وجل خلقه بخلقه؛ ليعرفوا أن لهم رباً يعبدوه ويطيعوه ويوحدوه، ليعلموا أنه مكونهم لا هم كانوا، ثم تسمى فقال: أنا الرحمن، وأنا الرحيم، وأنا الخالق، وأنا القادر، وأنا المالك، أي هذا الذي كونكم يسمى المالك، القادر، الله، الرحمن، الرحيم، بها يوصف"3.
أولاً: تقسيم التوحيد إلى نوعين:
وهذا هو الذي يكثر في كتب أهل السنة، فيقسمون التوحيد إلى نوعين، عبروا عنهما بأكثر من صيغة، فمن ذلك تقسيمه إلى التوحيد القولي العلمي، والتوحيد العملي الإرادي،
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "التوحيد الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب هو توحيد الإلهية، وهو أن يعبد الله وحده لا شريك له، وهو متضمن لشيئين:
أحدهما: القول العلمي، وهو إثبات صفات الكمال له، وتنزيهه عن النقائص، وتنزيهه عن أن يماثله أحد في شيء من صفاته، فلا يوصف بنقص بحال، ولا يماثله أحد في شيء من الكمال..والتوحيد العملي الإرادي أن لا يعبد إلا إياه، فلا يدعو إلا إياه ولا يتوكل إلا عليه،
1 - جامع البيان 1/562.
2 -
هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي الإمام المجتهد المحدث، كبير القضاة، صحب أبا حنيفة سبع عشرة سنة، وتفقه عليه، وهو أنبل تلامذته وأعلمهم توفي سنة 182 هجرية. انظر: سير أعلام النبلاء 8/535 - 539.
3 -
كتاب التوحيد لابن مندة 3/305.
ولا يخاف إلا إياه، ولا يرجو إلا إياه، ويكون الدين كله لله. وهذا التوحيد يتضمن أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، لا شريك له في الملك"1.
وشيخ الإسلام هنا بيّن أن التوحيد يتضمن أمرين:
1 -
التوحيد القولي العلمي.
2 -
التوحيد العملي الإرادي.
وهذا التقسيم ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله حيث قال: "التوحيد نوعان: نوع في العلم والاعتقاد، ونوع في الإرادة والقصد، ويسمى الأول: التوحيد العلمي. والثاني: التوحيد القصدي الإرادي. لتعلق الأول بالأخبار والمعرفة، والثاني بالقصد والإرادة"2.
وعرف هذين النوعين بقوله: "والتوحيد العلمي أساسه إثبات صفات الكمال للرب - تعالى -، ومباينته لخلقه، وتنزيهه عن العيوب والنقائص والتمثيل.
والتوحيد العملي أساسه تجريد القصد، بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والإنابة، والاستعانة، والعبودية بالقلب، واللسان، والجوارح، لله وحده"3.
والقسم الأول وهو التوحيد القولي العلمي، يعبر عنه أهل السنة أحياناً بتوحيد الصفات، وتوحيد الأسماء والصفات، والقسم الثاني وهو التوحيد في القصد والإرادة والعمل، يعبرون عنه بتوحيد العبادة، وتوحيد الألوهية4.
وتارة يعبرون عن هذين النوعين بتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "المقصود هنا بيان حال العبد المحض لله الذي يعبده ويستعينه، فيعمل له ويستعينه ويحقق قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة - 5] توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية،
1 - الصفدية 2/228 - 229، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1/479.
2 -
مدارج السالكين 1/24 - 25، وانظر: بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية 1/146.
3 -
الصواعق المرسلة 2/402 - 403، وانظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن قيم الجوزية ص85، مدارج السالكين 3/445 - 446، 449.
4 -
انظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص 4 - 5، شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم ص273، الحق الواضح المبين لابن سعدي، ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن سعدي 3/212.
وإن كانت الإلهية تتضمن الربوبية والربوبية تستلزم الإلهية"1.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله عند شرحه لقوله - تعالى -: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة - 5] :" وقد اشتملت هذه الكلمة على نوعي التوحيد وهما: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية"2.
وتارة يعبرون عنهما بتوحيد الإثبات والمعرفة، وتوحيد القصد والطلب، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في بيان أنواع التوحيد:"وهو نوعان: توحيد في المعرفة الإثبات، وتوحيد في المطلب والقصد"3.
فتوحيد الإثبات والمعرفة يتضمن معرفة الله، بإثبات أسماء الله وصفاته، من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف.
وتوحيد القصد والطلب يعني إفراد الله - تعالى - بسائر أنواع العبادة، فلا يقصد ولا يطلب إلا هو - سبحانه -.
1 - مجموع الفتاوى 10/283 - 284، 331، وانظر: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية 2/710، مجموعة الرسائل والمسائل 1/42 - 43، بيان تلبيس الجهمية 2/454.
2 -
الصلاة وحكم تاركها لابن القيم ص 98، وانظر: التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص 272، بدائع الفوائد 4/132، زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 4/177، 203، شفاء العليل ص228، بصائر ذوي التمييز 5/172، تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي 9/276.
3 -
مدارج السالكين 3/449، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز 1/42.
ثانياً: تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أنواع:
وهذا التقسيم لا يختلف عن التقسيم السابق، وإنما هو اصطلاح آخر، حيث يذكر أهل السنة أنواعاً ثلاثة للتوحيد وهي: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وهذا الأخير يسمونه أحياناً التوحيد العلمي الاعتقادي.
يقول الإمام ابن القيم في كتابه مدارج السالكين: "فصل في اشتمال هذه السورة على أنواع التوحيد الثلاثة، التي اتفق عليها الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم -"1، ثم ذكر تقسيم التوحيد إلى نوعين؛ نوع في العلم والاعتقاد، ونوع في الإرادة والقصد، وبين اشتمال هذين النوعين على أنواع ثلاثة؛ هي: توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية2.
وقال أيضا في بيان أنواع التوحيد: "الأول توحيد الربوبية، الثاني توحيد الإلهية، الثالث التوحيد العلمي الاعتقادي"3.
ويقول شارح الطحاوية: "التوحيد يتضمن ثلاثة أنواع: أحدها الكلام في الصفات، والثاني توحيد الربوبية، وبيان أن الله وحده خالق كل شيء، والثالث توحيد الإلهية وهو استحقاقه سبحانه وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له"4.
1 - مدارج السالكين 1/24 - 25.
2 -
انظر: المرجع السابق 1/24 - 25، 28.
3 -
زاد المعاد 4/200.
4 -
شرح العقيدة الطحاوية ص 76، وانظر: لوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/128 - 129، لوائح الأنوار السنية للسفاريني 1/257، تيسير العزيز الحميد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ص32 - 36، فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 1/80 - 83، معارج القبول للحكمي 1/57، الحق الواضح المبين للسعدي 3/212.
1 -
تعريف توحيد الألوهية:
لما كان الإله هو الذي يؤله ويعبد1، فإن توحيد الألوهية هو إفراد الله بجميع أنواع العبادة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله:" إثبات الإلهية لله وحده بأن يشهد أن لا إله إلا هو، ولا يعبد إلا إياه، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يوالي إلا له، ولا يعادي إلا فيه، ولا يعمل إلا لأجله"2.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "وتوحيد الإلهية المتضمن أنه وحده الإله المعبود المحبوب، الذي لا تصلح العبادة والذل والخضوع والحب إلا له"3.
وقيل في تعريفه أيضاً: "هو إفراده تعالى بالعبادة، والتأله له، والخضوع، والذل، والحب، والافتقار، والتوجه إليه - تعالى -"4.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:"وسمي توحيداً فعلياً لأنه متضمن لأفعال القلوب والجوارح، فهو توحيد الله بأفعال العبيد"5.
ومن الممكن هنا ذكر تعريف التوحيد العملي، أو توحيد القصد والطلب، أو التوحيد الإرادي الطلبي، لأنها تسمية لهذا النوع من أنواع التوحيد، وقد سبق بيانها6.
1 - انظر: العين 4/90 - 91، معجم مقاييس اللغة 1/127، لسان العرب13/468 - 469، القاموس المحيط ص1603.
2 -
درء التعارض 1/224.
3 -
بدائع الفوائد 4/132.
4 -
لوامع الأنوار البهية 1/129، وانظر: لوائح الأنوار السنية 1/257، شرح العقيدة الطحاوية 1/29، بصائر ذوي التمييز 5/172، تيسير العزيز الحميد ص36، فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 1/80.
5 -
الحق الواضح المبين ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ ابن سعدي 3/212.
6 -
انظر: ص21 - 22 من البحث.
2 -
تعريف توحيد الربوبية:
تعريف توحيد الربوبية ينبني على معنى الرب، والرب هو السيد والمصلح والمالك والمربي1، ويعرّف شيخ الإسلام رحمه الله توحيد الربوبية بأنه يعني:"أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه "2.
وفي موضع آخر يقول: "توحيد الربوبية وهو الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه"3.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "توحيد الربوبية المتضمن أنه وحده الرب، الخالق، الفاطر"4.
ويقول الإمام ابن أبي العز رحمه الله: "وأما الثاني وهو توحيد الربوبية، كالإقرار بأنه خالق كل شيء، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال"5.وفي تعريفات المتأخرين من أهل العلم مزيد تفصيل، ومن ذلك تعريفهم توحيد الربوبية: بأنه الإقرار بأن الله - تعالى - رب كل شيء، ومالكه، وخالقه، ورازقه، وأنه المحيي المميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، القادر على ما يشاء، ليس له في ذلك شريك، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر6.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تعريف توحيد الربوبية: "وهو إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة؛ في الخلق، والملك، والتدبير"7، فالخلق يدخل فيه الإبداع والإيجاد والإنشاء وفق تقدير سابق، والملك والتدبير يدخل فيها تصرفه - سبحانه - في خلقه، من إحياء، وإماتة، ورزق، إلى غير ذلك من تدبيره لمخلوقاته، كما يتضمن غناه - سبحانه - عنهم وفقرهم إليه، وهذه صفات الرب.
1 - انظر: معجم مقاييس اللغة 2/381 - 382، الصحاح 1/130 - 132، لسان العرب 1/401 - 403.
2 -
الاستقامة لابن تيمية 1/179.
3 -
منهاج السنة 3/289، وانظر: مجموع الفتاوى 11/50، 10/331، درء التعارض 1/225.
4 -
بدائع الفوائد 4/132.
5 -
شرح العقيدة الطحاوية 1/25.
6 -
انظر: لوامع الأنوار البهية 1/128، لوائح الأنوار 1/257، تيسير العزيز الحميد ص33، فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 1/80.
7 -
شرح العقيدة الواسطية 1/21.
3 -
تعريف توحيد الأسماء والصفات:
يقول شيخ الإسلام رحمه الله في تعريف توحيد الصفات: "فأما الأول وهو التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله نفياً وإثباتاً، فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفى عنه ما نفاه عن نفسه، وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه - مع ما أثبته من الصفات – من غير إلحاد، لا في أسمائه ولا في آياته"1.
وبهذا يتبين معنى التوحيد عند أهل السنة، ويتضح عنايتهم بشرحه وتفصيل أنواعه، وذلك لأهميته، إذ لأجله أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، ليعرف خلقه عليه - سبحانه -، ويأمرهم بتوحيده، ويحذرهم من الشرك في عبادته، أو أسمائه وصفاته.
1 - الرسالة التدمرية ص 6 - 7، وانظر: لوامع الأنوار 1/129، لوائح الأنوار1/257، تيسير العزيز الحميد ص 34 - 35.
2 -
تعريف التوحيد عند الفلاسفة 1:
إن مما يبين معنى التوحيد عند الفلاسفة هو تعريفهم للواحد أو الوحدة، حيث يتضح من خلالها حقيقة التوحيد الذي بنوه على معنى الواحد عندهم.
ولننظر في تعريف ابن سينا2للواحد فهو يقول:"فقد ظهر لنا أن للكل مبدأ واجب الوجود، غير داخل في جنس3، أو واقع تحت حد4، أو برهان5،بريئا عنالكم6، والكيف7، والماهية8، والأين9،والمتى10، والحركة11، لا ند له، ولا شريك، ولا ضد له، وأنه واحد من
1 - الفلسفة كلمة يونانية أصلها "فيلوسوفيا" وتفسيرها محبة الحكمة، وقيل معناها التشبه بأفعال الله حسب طاقة الإنسان، والفلاسفة - كما يقول ابن القيم رحمه الله في عرف كثير من الناس صار مختصاً بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا لما يقتضيه العقل في زعمه، وهي في عرف المتأخرين: اسم لأتباع أرسطو وهم المشاؤون خاصة، الذين هذب ابن سينا طريقتهم وبسطها، ومن مقولاتهم القول بقدم العالم، وإنكار علم الرب وإنكار بعث الأجساد، والملائكة عندهم هي العقول، وقد ذكر الغزالي أصناف الفلاسفة وهم الدهرية والطبيعيون والإلهيون، وقال عنهم: وهم على كثرة أصنافهم يلزمهم سمة الكفر والإلحاد، كما كفر أتباعهم من المنتسبين إلى الإسلام. انظر: الملل والنحل للشهرستاني 2/58، 158، وما بعدها، إغاثة اللهفان لابن القيم 2/256 - 261، المعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/160 - 162، المنقذ من الضلال للغزالي ص19 - 20، رسالة الحدود والرسوم للكندي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي عند العرب للدكتور عبد الأمير الأعسم ص197.
2 -
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، ألف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات، من كتبه الشفا، والقانون، وأخبر ابن سينا عن نفسه أن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية الملاحدة، وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس. وقد أخذ علومه عن الملاحدة المنتسبين للإسلام كالإسماعيلية، توفي سنة 428للهجرة. انظر: الرد على المنطقيين لابن تيمية ص 141 - 143، الأعلام2/261 - 262.
3 -
الجنس هو كلي يحمل على أشياء مختلفة الذوات والحقائق في جواب ماهو. انظر: النجاة لابن سينا 1/15،معيار العلم للغزالي ص 77.
4 -
الحد يعرفه ابن سينا بأنه القول الدال على ماهية الشيء، أي كمال وجوده الذاتي. انظر: الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي للأعسم ص 239، وسيأتي تفصيل معنى الحد ص114من البحث وما بعدها.
5 -
البرهان عبارة عن قياس يقيني المادة. انظر: النجاة 1/83، المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي ص 90.
6 -
الكم: عبارة عما يفيد التقدير والتجزئة لذاته. انظر: معيار العلم ص307، المبين ص 110.
7 -
الكيف: عبارة عن هيئة قارة للجوهر لا يوجب تعقلها تعقل أمر خارج عنها وعن حاملها، ولا يوجب قسمة ولا نسبة في أجزائها وأجزاء حاملها. انظر: معيار العلم ص309، المبين ص 111.
8 -
الماهية: ماهية الشيء ما به يجاب عن السؤال بما هو؟ ويفسره بما به الشيء هو هو. انظر: شرح المقاصد للتفتازاني 1 /399، وسيأتي شرح هذا اللفظ ص196 من البحث وما بعدها.
9 -
الأين: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى مكانه. انظر: معيار العلم ص312، المبين ص 112.
10 -
المتى: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى زمانه، انظر: معيار العلم ص313، المبين ص 112.
11 -
الحركة: عبارة عن كمال أول بالقوة، من جهة ماهو بالقوة، أو هو خروج من القوة إلى الفعل لا في آن واحد. انظر: معيار العلم ص293.
جميع الوجوه، لأنه غير منقسم، لا في الأجزاء بالفرض والوهم، كالمتصل، ولا في العقل بأن تكون ذاته مركبة من معان عقلية متغايرة يتحد بها جملته وأنه واحد من حيث هو غير مشارك ألبته في وجوده الذي له، فهو بهذه الوجوه فرد، وهو واحد لأنه تام الوجود، ما بقي له شيء ينتظر حتى يتم وقد كان هذا أحد وجوه الواحد، وليس الواحد فيه إلا على الوجه السلبي"1.
ويقول عن وحدانية الله: "فهو واحد من جهة تمامية وجوده، وواحد من جهة أن حده له، وواحد من جهة أنه لا ينقسم لا بالكم، ولا بالمباديء المقومة له، وواحد من جهة أن لكل شيء وحدة تخصه، وبها كمال حقيقته الذاتية"2.
ويقول ابن رشد3 عن الواحد: "هو الذي لا يتجزأ إما في الكمية، وإما في الصورة4 والكيفية"5.
1 - النجاة لابن سينا 2/108، وانظر: الفارابي في حدوده ورسومه للدكتور جعفر آل ياسين ص 639.
2 -
النجاة لابن سينا 2/84.
3 -
هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي، ولد سنة 520هجرية، واشتغل بالفلسفة، وكانت له عناية بكتب أرسطو فشرح الكثير منها، من ذلك "شرح مابعد الطبيعة" أو "تفسير ما بعد الطبيعة" لأرسطو، ومن كتبه "تهافت التهافت"، "فصل المقال في مابين الشريعة والحكمة من الاتصال" وهو الكتاب الذي حاول فيه أن يقرب بين الدين والفلسفة، توفي سنة 594هـ، وقيل 595هـ. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون 2/257، السير21/307، شذرات الذهب 4/320.
4 -
الصورة: عبارة عن أحد جزئي الجسم وهو حال في الجزء الآخر منه. انظر: المبين ص 109، وعند ابن سينا الصورة اسم مشترك يقال على معان: الأول: النوع وهو المقول على كثيرين في جواب ماهو. والثاني: أنها كل موجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه كيف كان. الثالث: أنه الموجود في الشيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه ولأجله وجد الشيء مثل العلوم والفضائل للإنسان. الرابع: أنه الموجود في شيء آخر لا كجزء منه ولا يصح وجوده مفارقا له ولكن وجود ما هو فيه بالفعل خاصا به، مثل صورة النار في هيولى النار. الخامس: أنه الموجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه مفارقا له ويصح قوام ما فيه دونه إلا أن النوع الطبيعي يحصل به كصورة الإنسانية والحيوانية في الجسم الطبيعي الموضوع له. وربما قيل إنه صورة للكمال المفارق مثل النفس فحده أنه جزء غير جسماني مفارق يتم به وبجزء جسماني نوع طبيعي. انظر: الحدود لابن سينا ص 243 - 244، معيار العلم ص 286 - 287.
5 -
تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد ص 547.
ويلاحظ على تعريفهم للواحد كثرة المصطلحات الغريبة، فكل كلمة في تعريفهم تحتاج إلى تعريف، ويلاحظ بعد معنى تلك الألفاظ عن ما هو معروف في لغة العرب، بل بعضها ليس من لغة العرب.
فهذه العبارات المجملة، المشتبهة، حقيقتها كما يقول ابن القيم رحمه الله:"هو إنكار ماهية الرب الزائدة على وجوده، وإنكار صفات كماله، وأنه لا سمع له، ولا بصر، ولا قدرة ولا حياة، ولا إرادة ولا كلام ولا وجه، ولا يدين، وليس فيه معنيان متميز أحدهما عن الآخر البتة، قالوا: لأنه لو كان كذلك لكان مركباً، وكان جسماً مؤلفاً، ولم يكن واحداً من كل وجه، فجعلوه من جنس الجوهر الفرد1، الذي لا يحس، ولا يرى، ولا يتميز منه جانب عن جانب، بل الجوهر الفرد يمكن وجوده"2. فهم يريدون نفي صفات الله، بل تعطيل وجوده، ولذلك نجد أنهم يقولون إن الصفات ترجع إلى الذات، لا إلى معنى غيرها زائد عليها، وأن علمه هو إرادته، وهو بعينه أيضاً رضاه3. يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله معلقاً على تعريف ابن سينا لوحدانية الله: "ومقصود هذه العبارات أنه ليس لله صفة ولا له قدرة"4.
ويقول الغزالي5: "وما ذكروه يشتمل على نفي الصفات، ونفي الكثرة فيها، وذلك مما يخالفون فيه"6.
1 - الجوهر الفرد هو جوهر لا يقبل التجزي، وهو الذي يسمونه الجزء الذي لا يتجزأ. انظر: المبين ص109 - 110، وانظر البحث ص257.
2 -
الصواعق المرسلة 3/929، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1 /464 - 465، مدارج السالكين 3/447، مجموع الفتاوى 6/516 - 517.
3 -
انظر في ذلك: التعليقات للفارابي ص 37، الحدائق في المطالب الفلسفية العويصة للبطليوسي ص 102.
4 -
بيان تلبيس الجهمية 1/465، وانظر: الرد على المنطقيين ص 214.
5 -
هو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد فيلسوف أصولي متصوف، له نحو مئتا مصنف منها إحياء علوم الدين، تهافت الفلاسفة، توفي سنة 505 هـ، وكتب الكثيرون في سيرته، انظر: وفيات الأعيان 4/216، شذرات الذهب 4/10، الأعلام 7/23.
6 -
معيار العلم ص 275.
ويفصل الإمام ابن تيمية الكلام في موضع آخر فيقول: "فإن كان لفظ الأحد والواحد يمنع تعدد المعاني المفهومة الثبوتية بالكلية - كما يزعم ابن سينا وذويه1من مرتدة العرب المتبعين لمرتدة الصابئة، أنه إذا كان واحداً من كل وجه، فليس فيه تعدد من جهة الصفة، ولا من جهة القدر، ويعبر عن ذلك بأنه ليس فيه أجزاء حد، ولا أجزاء كم، - لزم أن يكون الوجوب والوجود والإبداع معنى واحد، وهو معلوم الفساد بالبديهة، وإن كان هو في نفسه مقسماً بالأحد والواحد، مع ثبوت هذه المعاني المتعددة، علم أن هذا الاسم لا يوجب نفي الصفات؛ بل هو - سبحانه - أحد واحد لا شبيه له ولا شريك، وليس كمثله شيء بوجه من الوجوه، وكذلك هو أيضا ذات، وهو قائم بنفسه باتفاق الخلائق كلهم، وسائر الذوات، وكل ماهو قائم بنفسه، يشاركه في هذا الاسم ومعناه، كما يشاركه في اسم الوجود ومعناه، وهو - سبحانه - يتميز عن سائر الذوات، وسائر ما هو قائم بنفسه، بما هو مختص به؛ من حقيقته التي تميز بها، وانفرد واختص عن غيره، كما تميز بوجوب وجوده، وخصوص تلك الحقيقة ليس هو المعنى العام المفهوم من القيام بالنفس، ومن الذوات، كما إن خصوص وجوب الوجود ليس هو المعنى العام المفهوم من الوجود، فسواء سمى المسمي هذا تعاداً، أو تركيباً، أولم يسمه، هو ثابت في نفس الأمر، لا يمكن دفعه، والحقائق الثابتة، لا تدفع بالعبارات المجملة، المبهمة، وإن شنع بها الجاهلون"2.
كما رد على الفلاسفة الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة، وبين تهافت قولهم وتناقضه، وأن قولهم في معنى الواحد تحكم لا دليل عليه3.
1 - خطأ نحوي والصواب بالرفع "وذووه".
2 -
بيان تلبيس الجهمية 1/500، 501، وانظر: الرد على المنطقيين ص221 - 225.
3 -
انظر: تهافت الفلاسفة للغزالي ص87 - 109.
3 -
تعريف التوحيد عند أهل الوحدة 1:
التوحيد عند أهل الوحدة - كما يقولون في تعريفه -: هو إسقاط الإضافات؛ أي لا تضيف شيئاً من الأشياء إلى غير الحق –سبحانه -، وقيل: هو تنزيه الله عن الحدث، وقيل: إسقاط الحدث وإثبات القدم. وحاصل مراتب التوحيد عندهم: أن يعلم يقيناً بالدليل القاطع، أن الموجود الحقيقي هو الله - سبحانه -، وكل ما سواه معدوم الأصل، وجوده ظل وجود الحق، فيعتقد أن ليس في الوجود فعل، وصفة، وذات، إلا لله حقيقة، وأن يجد ذلك ويشهده2. وهم يُعرفون علم التوحيد بأنه:"علم يعرف به أنه لا وجود لغير الله - تعالى -، وليست الأشياء إلا مظاهره تعالى ومجاليه، والموحدون طائفة لا يرون غير الحق عز شأنه وجل برهانه، ولا يعلمون وجودا لغير الحق - تعالى -، وإن حقيقة الوجود هو الله - سبحانه - "3.
وحقيقة توحيدهم أنه ليس هناك وجودان قديم وحادث، وخالق ومخلوق، وواجب وممكن، بل الوجود عندهم واحد بالعين، والذي يقال له الخلق المشبه هو الحق المنزه، بل الكل من عين واحدة، بل هو العين الواحدة، فوجود الكائنات هو عين وجود الله - تعالى -، ليس وجودها غيره ولاشيء سواه ألبتة4. وتصور مذهب هؤلاء كاف في بيان فساده، ولا يحتاج مع حسن التصور إلى دليل آخر، وإنما تقع الشبهة لأن أكثر الناس لا يفهمون حقيقة قولهم وقصدهم، لما فيه من الألفاظ المجملة والمشتركة5.
وقد رد عليهم شيخ الإسلام رحمه الله وبين حقيقة الاشتباه الذي وقعوا فيه، وأنه من أعظم الضلال الذي وقع فيه بنو آدم، قال رحمه الله: "فمن اشتبه عليهم وجود الخالق
1 - أهل الوحدة هم الذين يقولون بوحدة الوجود، أي أن الوجود واحد فالوجود الواجب للخالق هو الوجود الممكن للمخلوق، كما يقول ذلك ابن عربي، وابن سبعين، وغيرهما من أهل الوحدة، فهم يقولون إن الله لا يوجد مستقلاً عن الأشياء، وهو نفس العالم، والأشياء مظاهر لحقيقته الكلية أو مظاهر لذاته تصدر عنه بالتجلي. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام 2/249، المعجم الفلسفي للحفني ص380.
2 -
انظر: كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي 2/1469. وقد نقل هذا الكلام عن شارح القصيدة الفارضية.
3 -
موسوعة مصطلحات جامع العلوم لأحمد نكري ص295، 972 - 973.
4 -
انظر: الصواعق المرسلة 3/931 - 932، مجموعة الرسائل لابن تيمية 1/80، 4/6 - 7.
5 -
انظر: مجموعة الرسائل لابن تيمية 4/5.
بوجود المخلوقات _حتى ظنوا وجودها وجوده –فهم أعظم الناس ضلالا من جهة الاشتباه، وذلك أن الموجودات تشترك في مسمى "الوجود" فرأوا الوجود واحداً، ولم يفرقوا بين الواحد بالعين، والواحد بالنوع "1وقال رحمه الله عنهم:"فإن هؤلاء حقيقة قولهم تعطيل الصانع، وأنه ليس وراء الأفلاك شيء، فلو عدمت السماوات والأرض، لم يكن ثم شيء موجود"2.
فقول أهل الوحدة في التوحيد ظاهر الفساد، بل توحيدهم هو محض الشرك.
1 - التدمرية ص108.
2 -
الصفدية 1/244، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1/212 - 213.
4 -
تعريف التوحيد عند المتكلمين 1:
يعرف القاضي عبد الجبار2التوحيد في اصطلاح المتكلمين فيقول: "أما في اصطلاح المتكلمين فهو العلم بأن الله - تعالى - واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفياً وإثباتاً على الحد الذي يستحقه، والإقرار به"3.
ويقول الرازي4 في تعريف التوحيد: "هو عبارة عن الحكم بأن الشيء واحد، وعن العلم بأن الشيء واحد، يقال: وحدته إذا وصفته بالوحدانية"5.
وفي التعريفات للجرجاني6: "التوحيد ثلاثة أشياء: معرفة الله - تعالى - بالربوبية، والإقرار له بالوحدانية، ونفي الأنداد عنه جملة"7.
1 - المتكلمون نسبة إلى علم الكلام وهو - كما يعرفونه - "علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المنحرفين في الاعتقادات"، وفي سبب تسميته بهذا الاسم يذكر المتكلمون عدة أقوال منها: أنهم يعنونون للمسائل بقولهم الكلام في كذا، وقيل لأن أشهر مباحثه الكلامية صفة الكلام، وقيل لكثرة الكلام فيه مع المخالفين والرد عليهم. ويدخل تحت مصطلح المتكلمين كثير من الفرق التي اتخذت المنهج الكلامي طريقاَ لها في باب الاعتقاد؛ كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرها، وقد ذم السلف والأئمة أهل الكلام المحدث المخالف للكتاب والسنة إذ كان فيه من الباطل في الأدلة والأحكام ما أوجب تكذيب بعض ما أخبر به الرسول. انظر: شرح المقاصد للتفتازاني1/164، مقدمة ابن خلدون ص400، المدخل إلى دراسة علم الكلام للدكتور حسن الشافعي ص13 - 21، 27 - 28، العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص72، درء التعارض1/232، بيان تلبيس الجهمية1/101.
2 -
هو أبو الحسن القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسدبادي، ولد سنة 325 هجرية، وعاش في بغداد إلى أن عينه الصاحب بن عباد قاضياً بالري سنة 367 هجرية، شافعي المذهب، ويعد بوجه عام آخر علماء المعتزلة النابهين، توفي بالري سنة 415 هجرية، من مؤلفاته تنزيه القرآن عن المطاعن، وشرح الأصول الخمسة. انظر: المنية والأمل لابن المرتضى ص 93، طبقات الشافعية للسبكي 5/97.
3 -
شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 128.
4 -
محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي البكري المعروف بالفخر الرازي، من أئمة الأشاعرة المتأخرين، له مصنفات كثيرة منها: المطالب العالية، الأربعين، أساس التقديس، ويذكر عنه أنه ندم قبل وفاته على اشتغاله بعلم الكلام، ورجع إلى طريقة السلف، توفي سنة 606هجرية. انظر: شذرات الذهب 5/21، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/79.
5 -
المطالب العالية للرازي 3/262، وانظر: شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 315 - 316.
6 -
هو علي بن محمد بن علي، المعروف بالشريف الجرجاني، فيلسوف من أئمة المتكلمين، ومن كبار العلماء بالعربية، من مؤلفاته: التعريفات، شرح مواقف الآيجي، توفي سنة 816 هجرية، انظر: الأعلام 5/7.
7 -
التعريفات للجرجاني ص 99.
وفي شرح المقاصد للتفتازاني1: "حقيقة التوحيد اعتقاد عدم الشريك في الألوهية، وخواصها، ولا نزاع لأهل الإسلام في أن تدبير العالم، وخلق الأجسام، واستحقاق العبادة، وقدم ما يقوم بنفسه كلها من الخواص"2.
والواحد والأحد عند المتكلمين صفة سلبية يريدون بها ثلاثة معان:
1 -
أن الله واحد في ذاته لا قسيم له.
2 -
واحد في صفاته لا شبيه له.
3 -
واحد في أفعاله لا شريك له.
يقول الرازي في المطالب العالية:"اعلم أنه - تعالى - واحد في ذاته، وواحد في صفاته، وواحد في أفعاله، أما أنه واحد في ذاته، فلأن ذاته منزهة عن جهات التركيبات، لا من التركيبات المقدارية الحسية كما في الجسم، ولا من التركيبات العقلية كما في النوع المركب من الجنس والفصل، وأما أنه واحد في صفاته فهو أنه ليس في الوجود موجود آخر يساويه في الوجود بالذات، وفي العلم بكل المعلومات، وفي القدرة على كل الممكنات، وفي الغنى عن كل ما سواه. وأما أنه واحد في أفعاله فهو أنه ليس في الوجود موجود يكون مبدئاً لجميع الممكنات إما بواسطة أو بغير واسطة إلا هو"3.
ويلاحظ من خلال التعريفات السابقة أن توحيد المتكلمين يدور على العلم والإقرار، وأن الوحدانية عندهم صفة سلبية، فهي تنفي عن الله ولكن لا تثبت شيئاً من
1 - هو مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني، سعد الدين، انتهت إليه معرفة علوم البلاغة والمعقول، وألف في أصول الدين على المذهب الأشعري، توفي سنة 791 هجرية، انظر: الدرر الكامنة لابن حجر 4/350، بغية الوعاة 2/285.
2 -
شرح المقاصد للتفتازاني 4/39، وانظر: الإنصاف للباقلاني ص 23، موسوعة مصطلحات دستور العلماء لأحمد نكري ص 33.
3 -
المطالب العالية 3/257 _ 258، وانظر: التفسير الكبير للرازي 4/172، المباحث المشرقية للرازي1/174، شرح أسماء الله الحسنى للزجاج ص 57 - 58، التوحيد لأبي منصور الماتريدي ص20 - 23،119، الإنصاف للباقلاني ص 33 - 34، المغني للقاضي عبد الجبار 4/241 - 242، المختصر في أصول الدين للقاضي عبد الجبار ضمن رسائل العدل والتوحيد1/198، الاعتقاد للبيهقي ص 38 - 39، الأسماء والصفات للبيهقي ص 29 - 30، لمع الأدلة لأبي المعالي الجويني ص 98، الإرشاد لأبي المعالي الجويني ص 52 - 53، قواعد العقائد للغزالي ص172، المضنون به على غير أهله للغزالي ص 56.
الصفات، والمثبتة منهم يثبتون بعض الصفات لا كلها، فهو واحد لا قسيم له ولا شبيه له ولا شريك له - كما يقولون -، ولا يذكرون التوحيد العملي وهو توحيد الألوهية، فهم وإن ذكروا الألوهية أو الإله في تعريفاتهم، فإنما يريدون به القادر على الاختراع1. ويعرف الرازي لفظ الجلالة - الله - فيقول:"الله معناه أنه الذي يستحق العبادة، واستحقاق العبادة لا يكون إلا لمن يكون مستقلاً بالإيجاد والإبداع، وذلك لا يحصل إلا لمن كان موصوفاً بالقدرة التامة والحكمة التامة"2.
وهم لا يريدون باستحقاق العبادة أن يكون معنى الله أو الإله هو المعبود، بل هذا المعنى معترض عليه عندهم ومردود. قال الرازي بعد أن ذكر جملة من الإشكالات التي اعترضوا بها على من جعل لفظ الإله مشتق من التأله وهو التعبد:"هذه الإشكالات إنما تلزم لقولنا الإله هو المعبود، أما إذا قلنا الإله هو الموصوف بصفات لأجلها يستحق أن يكون معبوداً للخلق، زالت الإشكالات..إذا عرفت هذا فنقول: إنه –تعالى - إنما استحق أن يكون معبوداً للخلق لأنه خالقهم ومالكهم، وللمالك أن يأمر وينهى"3.
أما وحدانية الله التي يستدلون لها، ويثبتونها في مؤلفاتهم فهي الوحدانية في الفعل، والتي تعني أنه لا شريك له في أفعاله –سبحانه -، وأشهر أدلتهم في ذلك دليل التمانع4.
1 - انظر: أصول الدين للبغدادي ص123، شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 124 - 125، الملل والنحل للشهرستاني 1/100.
2 -
المطالب العالية 3/260، وانظر: شرح أسماء الله الحسنى ص314.
3 -
شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 125.
4 -
انظر: الإنصاف للباقلاني ص 33 - 34، التمهيد للباقلاني ص 46، شرح الأصول الخمسة ص 285، محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للرازي ص 193، المطالب العالية 2/135، الصحايف الإلهية للسمرقندي ص 311 - 313، شرح المقاصد للتفتازاني 4/34 - 36، المواقف في علم الكلام للآيجي ص 279.
وقد رد أئمة أهل السنة على المتكلمين، وبينوا ما في قولهم في التوحيد من باطل واشتباه وتلبيس، وما فيه من مخالفة للغة التي يزعمون أنهم يوافقونها، وما فيه من مخالفة للعقل والشرع.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "إن ما فسر به هؤلاء اسم الواحد من هذه التفاسير التي لا أصل لها في الكتاب، والسنة، وكلام السلف والأئمة، باطل بلا ريب شرعاً وعقلاً ولغة. أما في اللغة فإن أهل اللغة مطبقون على أن معنى الواحد في اللغة ليس هو الذي لا يتميز جانب منه عن جانب، ولا يرى منه شيء دون شيء، إذ القرآن ونحوه من الكلام العربي متطابق على ما هو معلوم بالاضطرار في لغة العرب وسائر اللغات، أنهم يصفون كثيراً من المخلوقات بأنه واحد ويكون ذلك جسماً..وإذا كان أهل اللغة متفقين على تسمية الجسم الواحد واحداً، امتنع أن يكون في اللغة معنى الواحد: الذي لا ينقسم إذا أريد بذلك أنه ليس بجسم وأنه لا يشار إلى شيء منه دون شيء..بل لا يوجد في اللغة اسم واحد إلا على ذي صفة ومقدار"1.
وقد سبق أن بينت معنى الواحد في اللغة وأن مداره على الانفراد وانقطاع النظير، وأنه لم يأت في اللغة ما يدل على أن الواحد هو الذي لا ينقسم ولا يتجزأ، أما ما دخل بعض كتب اللغة من هذه المعاني الباطلة فما ذلك إلا لتأثر أصحابها بهذه المذاهب الكلامية.
"والأحد بمعنى الواحد"2، وقد ورد إطلاقه على ما هو جسم منقسم قال - تعالى -:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة - 6] وقال - تعالى -: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف - 49]،وقال - تعالى -:{قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً} [يوسف - 36] . وعلى هذا يمتنع أن يكون معنى الواحد: الذي لا ينقسم.
وأما مخالفة قولهم للعقل، فإن الواحد الذي وصفوه أمر لا يعقل، ولا له وجود في الخارج؛ وإنما هو أمر مقدر في الذهن ليس في الخارج شيء موجود لا يكون له صفات، ولا
1 - بيان تلبيس الجهمية1/482 - 483، وانظر: درء تعارض العقل والنقل1/113 - 114، والتسعينية ضمن الفتاوىالكبرى5/203.
2 -
لسان العرب 3/70، وانظر: القاموس المحيط ص338.
قدر، ولا يتميز منه شيء عن شيء؛ بحيث يمكن أن لا يرى ولا يدرك ولا يحاط به، وإن سماه المسمي جسما1.
وأما مخالفة قولهم للشرع فإن معنى الواحد الذي يقولون، ليس هو المعنى الشرعي في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك أن تفسير الصحابة لآيات التوحيدلم يرد فيها هذا المعنى الذي يشيرون إليه، ويشرحونه في كتبهم. يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"ومن المعلوم بالاضطرار أن اسم الواحد في كلام الله لم يقصد به سلب الصفات وسلب إدراكه بالحواس، ولا نفي الحد والقدر ونحو ذلك من المعاني التي ابتدع نفيها الجهمية وأتباعهم، ولا يوجد نفيها في كتاب ولا سنة، ولاعن صاحب ولا أئمة المسلمين"2.
كما خالفوا لغة العرب في تفسيرهم للفظ الإله، حيث نجد في لغة العرب أله إلاهة وألوهية: عبد عبادة، ومنه لفظ الجلالة، وإلاه فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أي: معبود، والتأله التنسك والتعبد، والإلاهة والألُوهة والألوهيّة: العبادة. وقيل: مأخوذ من ألِهَ يأله إلى كذا أي لجأ إليه، لأنه - سبحانه - المفزع الذي يلجأ إليه في كل أمر3. وهذا هو المعنى الشرعي الذي أراده الله - تعالى - في كتابه4، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "وليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع، كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الإلهية هي القدرة على الاختراع، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره، فقد شهد أن لا إله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون..بل الإله الحق هو الذي يستحق أن
1 - انظر: بيان تلبيس الجهمية1/483.
2 -
المرجع السابق 1/484، وانظر: درء تعارض العقل والنقل1/224 - 225.
3 -
انظر: العين 4/90 - 91، معجم مقاييس اللغة 1/127، لسان العرب13/468 - 469، القاموس المحيط ص1603، بصائر ذوي التمييز 2/13 - 14.
4 -
انظر: تفسير الطبري 1/54 - 55، تفسير ابن كثير1/21.
يعبد فهو إله بمعنى مألوه، لا إله بمعنى آلِه، والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له، والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر"1.
وقد ستروا تحت قولهم في التوحيد باطلاً كثيراً، أما قولهم: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له؛ فليس مرادهم بأنه لا ينقسم ولا يتبعض أنه لا ينفصل بعضه عن بعض، وأنه لا يكون إلهين اثنين ونحو هذا، فإن هذا حق لا ريب فيه، وإنما مرادهم بذلك أنه لا يشهد، ولا يرى منه شيء دون شيء، ولا يدرك منه شيء دون شيء، ولا يعلم منه شيء دون شيء، ولا يمكن أن يشار منه إلى شيء دون شيء، بحيث أنه ليس له في نفسه حقيقة عندهم قائمة بنفسها، يمكنه هو أن يشير منها إلى شيء دون شيء، فهذا ونحوه هو المراد عندهم بكونه لا ينقسم، ويسمون ذلك نفي التجسيم2.
وأما قولهم واحد في صفاته لا شبيه له: فهذه الكلمة –كما يقول شيخ الإسلام - أقرب إلى الإسلام، لكن أجملوها فجعلوا نفي الصفات أو بعضها داخلا في نفي التشبيه3.
وأما قولهم واحد في أفعاله لا شريك له: فهذا معنى صحيح، وهو حق، وهو أجود ما اعتصموا به من الإسلام في أصولهم، حيث اعترفوا فيه بأن الله خالق كل شيء، ومربيه ومدبره –مع خلاف المعتزلة4 في خلق أفعال العباد - 5، ولكنهم جعلوا هذا النوع هو الغاية وأطالوا في تقريره وشرحه، مع أن المشركين كانوا يقرون به وهم مع ذلك مشركون، ومن
1 - التدمرية ص185 - 186، وانظر: درء التعارض 1/226، 9/377، اقتضاء الصراط المستقيم 2/855.
2 -
انظر: التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/203 - 204، بيان تلبيس الجهمية 1/474 - 475، التدمرية ص184 - 185، مجموع الفتاوى 17/449 - 450.
3 -
انظر: التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/204، التدمرية ص182 - 183، الصواعق المرسلة 3/1111.
4 -
المعتزلة ويلقبون بالقدرية، ويسمون أنفسهم أصحاب العدل والتوحيد، ولعل الراجح في تسميتهم بالمعتزلة لاعتزال رئيسهم واصل ابن عطاء حلقة الحسن البصري، وهم يقولون بالأصول الخمسة وهي:"التوحيد" وستروا تحته نفي الصفات والقول بخلق القرآن، و"العدل" وستروا تحته القول بخلق الإنسان لأفعاله، و"المنزلة بين المنزلتين" وستروا تحتها تكفير مرتكب الكبيرة، و"إنفاذ الوعد والوعيد" وستروا تحته تخليد مرتكب الكبيرة في النار، و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وستروا تحته وجوب الخروج على الإمام الجائر. انظر عن المعتزلة: الملل والنحل للشهرستاني1/43 - 44، المعتزلة وأصولهم الخمسة لعواد المعتق.
5 -
انظر: التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/207، التدمرية ص180 - 181.
هنا يتضح أن الحق الذي لديهم في التوحيد ليس هو الغاية التي جاء بها الرسول، بل التوحيد الذي أمَرَ به أمْرٌ يتضمن الحق الذي في كلامهم، وزيادة أخرى، فكلامهم فيه لبس الحق بالباطل وكتم للحق1.
وبذلك نتبين حقيقة التوحيد عند المتكلمين، والمعاني الباطلة التي اشتمل عليها تفسيرهم للتوحيد.
1 - انظر: درء التعارض 1/226، مدارج السالكين1/74.
5 -
تعريف التوحيد عند الصوفية 1:
التوحيد عند الصوفية هو مشاهدة الوحدانية بطريق الكشف بواسطة نور الحق، وأعلى من ذلك أن لا يرى في الوجود إلا واحداً فلا يرى نفسه2. وقالوا أيضا في تعريف التوحيد:"المراد بالتوحيد ظهور صفة الوحدانية للعبد حتى ينمحق كله فيها؛ ولا يبقى له أثر إلا مجرد التصديق القلبي بأن ذلك حق"3.
وفي معجم ألفاظ الصوفية: "التوحيد عند الصوفية هو شهادة المؤمن يقيناً، أن الله - تعالى - هو الأول في كل شيء، وأقرب من كل شيء، وهو المعطي المانع لا معطي ولا مانع ولا ضار ولا نافع إلا هو"4.
وقالوا أيضا في تعريف التوحيد أنه: "الفناء عن رسوم الصفات في الحضرة الواحدية، وشهود الحق بأسمائه وصفاته لا غير. وفي الحقائق: الفناء في الذات مع بقاء رسم الخفي المستور بنور الحق المشعر بالإثنينية المثبت للخلة"5.
ومن خلال التعريفات السابقة يتبين لنا أن غاية توحيد الصوفية هو شهود توحيد الربوبية والفناء فيه، ومن المعلوم أن الإقرار بتوحيد الربوبية لم يخرج مشركي العرب عن شركهم، قال - تعالى -:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان - 25] وذلك لأنهم لم يقوموا بلازمه وهو توحيد الألوهية وإفراد الله بالعبادة. يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "فكذلك طوائف من أهل التصوف المنتسبين إلى
1 - الصوفية: نسبتهم أقرب ما تكون إلى الصوف وهو اللباس الذي كانوا يرتدونه لتزهدهم، وكان أول طريقهم هو الزهد في الحياة الدنيا، وانتهى بهم المطاف إلى طريق الفسق والوجد والفناء والاتحاد والحلول وغير ذلك، وهي بدعة دخيلة على الإسلام، وملاعب للوثنية يمارس فيها البدع والخرافات. وقد تشعبت إلى طرق عدة لكل طريقة منها شيخ له منهج مختلف في الأدعية والبدع يتبعه عليها مجموعة من المريدين. انظر عنهم: رسالة الصوفية الفقراء لشيخ الإسلام ابن تيمية ضمن مجموع الفتاوى 11/5 - 24، 25 - 26، التصوف لإحسان إلهي ظهير.
2 -
انظر: إحياء علوم الدين للغزالي 4/240.
3 -
رسالة التوحيد للنابلسي النقشبندي ص 43.
4 -
معجم ألفاظ الصوفية للدكتور الشرقاوي ص92.
5 -
اصطلاحات الصوفية للقاشاني ص220، وانظر: معجم كلمات الصوفية لأحمد النقشبندي ص197، المعجم الصوفي للحفني ص60.
المعرفة والتحقيق والتوحيد غاية ما عندهم من التوحيد هو شهود هذا التوحيد، وهو أن يشهد أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، لاسيما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، ودخل في فناء توحيد الربوبية. فهذا عندهم هو الغاية التي لا غاية وراءها، ومعلوم أن هذا هو تحقيق ما أقر به المشركون من التوحيد، ولا يصير الرجل بمجرد هذا التوحيد مسلماً، فضلاً عن أن يكون ولياً لله أو من سادات الأولياء"1.
فالصوفية إذاً غايتهم في التوحيد هو إثبات الربوبية، والاستغراق في ذلك، وليس هذا ما بعث لأجله الرسل، وخلق لأجله الخلق.
وبمقارنة معنى التوحيد عند أهل السنة المعتمد على كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، بتعريف الطوائف الأخرى من فلاسفة ومتكلمين واتحادية وصوفية، يتبين لنا بعد هذه الطوائف عن ما جاء في القرآن والسنة في معنى التوحيد، بل مخالفتهم له.
1 - التدمرية ص186 - 187، وانظر في بيان فساد توحيدهم: مجموع الفتاوى 10/219، 13/198 - 199، مدارج السالكين 1/152 - 153، 158 - 160، 169، 244، 327، 519، 3/397، طريق الهجرتين لابن القيم ص55،98، عدة الصابرين لابن القيم ص35.
2 -
تعريف الألفاظ وبيان أنواعها.
أولاً: تعريف اللفظ في اللغة:
اللفظ في اللغة يأتي بمعنى الكلام، والرمي، قال الخليل:"اللّفْظُ: الكلام، ما يلُفَظُ بشيء إلا حفظ عليه، واللفظ أن ترمي بشيء كان في فيك، والفعل لَفَظ يلفِظ لفظاً، والأرض تلفظ الميت أي ترمي به، والبحر يلفظ الشيء يرمي به إلى الساحل، والدنيا لافظة ترمي بمن فيها إلى الآخرة"1.
ولَفَظَ بالشيء يَلفِظ لفظاً: تكلم. وفي التنزيل العزيز: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق –18] ، ولفظت بالكلام وتلفظت به أي تكلمت به2.
ولَفَظَ فلان: مات3. واللفظ: واحد الألفاظ، وهو في الأصل مصدر4.
وجاء وقد لَفَظَ لجامه أي جاء وهو مجهود من العطش والإعياء5.
فاللفظ في اللغة يأتي بمعنى رمي الشيء، كما يأتي بمعنى الكلام، وهو الذي يخص هذا المبحث.
1 - العين 8/161، وانظر: معجم مقاييس اللغة 5/259، أساس البلاغة للزمخشري ص411، لسان العرب 7/461، القاموس المحيط ص902،تاج العروس 20/274 - 275.
2 -
انظر: لسان العرب 7/461 - 462، القاموس المحيط ص 902، تاج العروس 20/274 - 275.
3 -
انظر: لسان العرب 7/461 - 462، القاموس المحيط ص902، تاج العروس 20/274، أساس البلاغة ص411.
4 -
انظر: لسان العرب 7/461، تاج العروس 20/276.
5 -
انظر: لسان العرب 7/461، القاموس المحيط ص902، تاج العروس 20/275، أساس البلاغة ص411.
ثانياً: تعريف اللفظ في الاصطلاح:
اللفظ المراد هنا هو الذي معناه في اللغة الكلام، وهو ينقسم من حيث الإفراد والتركيب إلى لفظ مفرد ولفظ مركب، وسأتحدث هنا عن اللفظ المفرد، أما اللفظ المركب فهو معتمد على اللفظ المفرد وسيأتي بيانه عند ذكر أنواع اللفظ1.
وأما تعريف اللفظ المفرد عند أهل المنطق والأصول، فيعرف ابن سينا اللفظ فيقول:"اللفظ المفرد هو الذي يدل على معنى، ولا جزء من أجزائه يدل بالذات على جزء من أجزاء ذلك المعنى"2.
ويقول الغزالي عن اللفظ المفرد: "هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة على شيء أصلا، حين هو جزؤه"3.
ويعرفه الآمدي4 بقوله: "ما دل بالوضع على معنى، ولا جزء له يدل على شيءأصلا"5.
ويعرفه التفتازاني فيقول: "اللفظ ما يتألف من المقاطع"6.
وقال الطوفي7 في تعريف اللفظ: "اللفظ صوت معتمد على بعض مخارج الحروف"8.
1 - انظر ص48 من البحث.
2 -
النجاة لابن سينا 1/11.
3 -
معيار العلم ص49.
4 -
أبو الحسن علي بن أبي علي محمد بن سالم الثعلبي، وقيل التغلبي ثم الحموي ثم الدمشقي المعروف بالآمدي، له شهرة في الأصول والمنطق والجدل، من مؤلفاته الإحكام في أصول الأحكام، أبكار الأفكار، توفي سنة 631هجرية. انظر: وفيات الأعيان 3/293، البداية والنهاية لابن كثير 13/151، شذرات الذهب 5/144.
5 -
الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1/35.
6 -
شرح المقاصد للتفتازاني 2/284. والمقطع عنده حرف مع حركة أو حرف متحرك مع ساكن بعده.
7 -
هو نجم الدين أبو الربيع سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي، فقيه أصولي، ولد سنة 657هجرية، من مؤلفاته شرح مختصر الروضة، الذريعة إلى معرفة أسرار الشريعة، الانتصارات الإسلامية في دفع شبه النصرانية، توفي سنة سبعمائة وعشر. انظر: الدرر الكامنة 2/366 - 370، كشف الظنون 1/919، 827، 174.
8 -
شرح مختصر الروضة 1/540، وانظر: الكليات لأبي البقاء العكبري ص 795.
ويلاحظ تقارب التعريفات الثلاثة الأولى، ويختلف عنها تعريف التفتازاني والطوفي حيث يدخل في تعريفهما ما دل على معنى، وما لا يدل على معنى من الألفاظ. وتابعهما على ذلك جماعة من المتأخرين1، وهؤلاء قد بنوا ذلك على أن في اللغة ألفاظاً مهملة وألفاظاً مستعملة، والذي يترجح أن اللفظ هو ما دل على معنى، أما ما لا يدل على معنى فهو ليس من اللغة المخاطب بها، بل ذكره العرب في الأبنية المهملة2.
أما النحاة وبعض أهل اللغة فيستعملون "الكلمة" بدل اللفظ، ويعبرون بهما عن بعض، وكلامهم يدور على الكلم والكلام، وانقسامه إلى حرف واسم وفعل، وهذا أحد التقسيمات التي ذكرها أهل الأصول والمنطق عند تقسيمهم للألفاظ.
ويفهم من تعريفهم للاسم والحرف والفعل؛ وهي أقسام الكلمة، أن الكلم عند النحاة هو ما دل على معنى وضع له، إما أن يستقل بالدلالة بنفسه أو بغيره3.
فمن تعريفهم للكلمة قولهم: "الكلمة لفظ وضع لمعنى مفرد"4. وقال بعض أهل اللغة: "الكلام حروف دالة على معنى"5.
وقد رد ابن تيمية على النحاة ومن وافقهم في إطلاقهم الكلمة على المفرد، وبين بالأدلة الصحيحة أنها لم تأت في لغة العرب إلاّ مطلقة على جملة؛ اسميةً كانت أم فعلية6.
1 - انظر: التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص 623، الكليات لأبي البقاء العكبري ص 795، موسوعة مصطلحات دستور العلماء لأحمد نكري ص 771، كشاف اصطلاحات العلوم والفنون للتهانوي 2/1296 - 1297.
2 -
انظر: الصاحبي لابن فارس ص 82.
3 -
انظر: المرجع السابق ص81 - 83، الأشباه والنظائر للسيوطي2/6 - 7 بتصرف.
4 -
شرح مختصر الروضة 1/540.
5 -
الصاحبي ص 81.
6 -
انظر: مجموعة الرسائل لابن تيمية 3/416 - 417.
ثالثاً: أنواع الألفاظ:
اهتم أهل اللغة وأهل الأصول والمنطق بدراسة اللفظ وبيان أنواعه ودلالاته تفصيلاً؛ وذلك لأن اللفظ تتركب منه لغة التخاطب، ولا يتم فهم المراد إلاّ بعد معرفة اللفظ ونوعه وما قد يحتمله من معان، وأصل علم اللغة والمنطق والأصول قائم على الألفاظ؛ لذا كانت عنايتهم بها كبيرة، كما اهتم أهل سائر العلوم بمعرفة أنواع الألفاظ، ودلالاتها، لما يترتب على الجهل بذلك من حصول الاشتباه والغموض، وعدم معرفة مراد المتكلم بكلامه.
وقد قسم أهل اللغة والأصول والمنطق الألفاظ عدة تقسيمات، ومنها:
1 -
تقسيم الألفاظ من حيث دلالتها على المعاني:
الألفاظ تدل على المعاني من ثلاثة أوجه متباينة:
الوجه الأول: الدلالة من حيث المطابقة، كالاسم الموضوع بإزاء الشيء؛ وذلك كدلالة لفظ "الحائط" على "الحائط".
الوجه الثاني: أن تكون بطريق التضمن، وذلك كدلالة لفظ "البيت" على "الحائط".
الوجه الثالث: الدلالة بطريق الالتزام، والاستتباع، كدلالة لفظ "السقف"، على "الحائط"، فإنه مستتبع له، استتباع الرفيق اللازم الخارج عن ذاته1.
والمعتبر في التعريفات دلالة "المطابقة" و"التضمن"2.
2 -
تقسيم الألفاظ بالنظر إلى عموم المعنى وخصوصه:
ينقسم اللفظ بالنظر إلى عموم المعنى وخصوصه إلى جزئي وكلي.
الجزئي: هو ما يمنع نفس تصور معناه، عن وقوع الشركة في مفهومه كقولك:"زيد" و"هذه الشجرة" و"هذا الفرس"3.
1 - انظر: معيار العلم ص43 - 44، المبين ص69.
2 -
انظر: معيار العلم ص44.
3 -
انظر: معيار العلم ص44، النجاة 1/12، الإحكام للآمدي 1/40، المبين للآمدي ص72.
الكلي: هو الذي لا يمنع مفهومه أن يشترك في معناه كثيرون، كقولك "الإنسان" و"الفرس"1.
3 -
تقسيم الألفاظ بالنظر إلى نسبتها إلى المعاني:
أقسام الألفاظ بالنظر إلى نسبتها إلى المعاني هي: متباينة، ومشتركة، ومترادفة، ومشككة، ومتواطئة، ومتشابهة2.
- الألفاظ المتباينة: ألفاظ مختلفة تدل على معان مختلفة بالحد والحقيقة، كالفرس والذهب3.
- اللفظ المشترك: هو اللفظ الواحد الذي يطلق على موجودات مختلفة بالحد والحقيقة؛ إطلاقاً متساوياً، كالعين: تطلق على العين الباصرة وينبوع الماء وقرص الشمس4.
- الألفاظ المترادفة: هي الألفاظ المختلفة في الصيغة، المتواردة على مسمى واحد، كالليث والأسد5.
- اللفظ المشكك: هو الكلي الذي لم يتساو صدقه على أفراده، بل كان حصوله في بعضها أولى، أو أقدم، أو أشد من البعض الآخر، كالوجود فإنه في الواجب أولى وأقدم مما في الممكن6.
- اللفظ المتواطىء: هو الكلي الذي يكون حصول معناه وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السوية، كالإنسان على زيد وعمرو7.
1 - انظر: النجاة 1/12، معيار العلم ص45، الإحكام 1/39، المبين ص72، الألفاظ المستعملة في المنطق للفارابي ص58 - 59.
2 -
انظر: معيار العلم ص 55، محك النظر للغزالي ص 18 - 19.
3 -
انظر: معيار العلم ص53، محك النظر ص 18، الإحكام 1/41، روضة الناظر لابن قدامة 1/53، المبين ص72، التعريفات للجرجاني ص252، مجموع الفتاوى لابن تيمية 20/427.
4 -
انظر: معيار العلم ص53، محك النظر ص 19، الإحكام 1/41، روضة الناظر 1/53، المبين ص71، التعريفات ص269، مجموع الفتاوى 20/427.
5 -
انظر: محك النظر ص18، معيار العلم ص52 - 53، الإحكام 1/41، روضة الناظر 1/53، المبين ص71، التعريفات ص252، مجموع الفتاوى20/427.
6 -
انظر: التعريفات ص270، معيار العلم ص53، الإحكام 1/39، المبين ص71، المعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/378.
7 -
انظر: التعريفات ص252، معيار العلم ص52، محك النظر ص18، المبين ص70 - 71، الإحكام 1/39، مجموع الفتاوى 20/427، روضة الناظر 1/53.
- الألفاظ المتشابهة: اللفظ يطلق على شيئين معناهما ليس واحداً، ولكن بينهما مشابهة في المعنى؛ كالإنسان على صورة متشكلة من الطين بصورة إنسان وعلى الإنسان الحقيقي1.
4 -
تقسيم اللفظ من حيث إفراده وتركيبه:
ينقسم اللفظ إلى مفرد ومركب، والمركب ينقسم إلى مركب تام ومركب ناقص.
- اللفظ المفرد: هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة على شيء أصلاً، حين هو جزؤه، كقولك "عيسى" فإن جزأي "عيسى" وهما "عي" و"سى" لا يراد بشيء منهما الدلالة على شيء أصلاً حين هو جزؤه2.
- المركب التام: هو الذي كل لفظة منه تدل على معنى، والمجموع يدل دلالة تامة بحيث يصح السكوت عليه، كقولك: زيد يمشي3.
- المركب الناقص: هو الذي كل لفظة منه تدل على معنى، والمجموع لا يدل دلالة تامة، فلا يصح السكوت عليه، كقولك: في الدار4.
5 -
تقسيم اللفظ بالنظر إلى معانيه:
ينقسم اللفظ الذي له معان متعددة إلى ثلاثة أقسام:
لفظ مستعار، ولفظ منقول، ولفظ مشترك5.
- اللفظ المستعار: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له للمشابهة6.
وقيل: هو أن يكون الاسم دالاً على ذات الشيء بالوضع، ولكن يلقب به في بعض الأحوال
1 - انظر: معيار العلم ص 53.
2 -
انظر: المرجع السابق ص49، النجاة 1/11، الإحكام 1/35، التوقيف ص 668، المعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/288.
3 -
انظر: معيار العلم ص49، التعريفات ص264، النجاة 1/11، التوقيف ص650.
4 -
انظر: معيار العلم ص50، التعريفات ص264.
5 -
انظر: معيار العلم ص56، وسبق تعريف اللفظ المشترك في الصفحة السابقة.
6 -
انظر: الكليات ص 100.
– لا على الدوام - شيء آخر، لمناسبته للأول على وجه من وجوه المناسبات من غير أن يجعل
ذاتياً للثاني وثابتاً عليه1، مثاله لفظ الأم فإنه موضوع للوالدة ويستعار للأرض يقال: إنها أم البشر2.
- اللفظ المنقول: هو أن ينقل الاسم عن موضوعه، إلى معنى آخر، ويجعل اسماً له، ثابتاً دائماً، ويستعمل أيضاً في الأول فيصير مشتركاً بينهما كاسم الصلاة والحج3.
6 -
تقسيم اللفظ المفرد في نفسه:
اللفظ إما اسم أو فعل أو حرف.
- الاسم: لفظ مفرد يدل على معنى من غير أن يدل على زمان وجود ذلك المعنى. ثم منه ماهو محصل كـ "زيد"، ومنه ماهو غير محصل، كما إذا اقترن به حرف سلب، فقيل "لا إنسان"4.
- الفعل: لفظ مفرد يدل على معنى وعلى الزمان الذي ذلك المعنى موجود فيه لموضوع ما، غير معين كقولنا "قام"5.
- وأما الحرف: وهو الأداة، فهو ما لا يدل على معنى إلا باقترانه بغيره، مثل "من" و"على"6.
7 -
تقسيم اللفظ من حيث مصدره:
وتقسيم اللفظ هنا خاص بألفاظ العقيدة حيث يقسم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ألفاظ العقيدة إلى نوعين:
1 - انظر: معيار العلم ص56، التعريفات ص42.
2 -
انظر: معيار العلم ص56.
3 -
انظر: المرجع السابق ص56، الصاحبي ص77 - 81، التعريفات ص289، المزهر 1/294 - 300، الكليات ص866.
4 -
انظر: النجاة 1/18 - 19، معيار العلم ص51 - 52.
5 -
انظر: النجاة 1/18 - 19، معيار العلم ص51 - 52.
6 -
انظر: النجاة 1/19، معيار العلم ص51 - 52.
- نوع جاء به الكتاب والسنة فيجب على كل مؤمن أن يقر بموجب ذلك، فيثبت ما أثبته الله ورسوله، وينفي ما نفاه الله ورسوله1.
- النوع الثاني هي الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة، ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها، فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره. ثم التعبير عن تلك المعاني إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها، أو بين مراده بها؛ بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي2.
هذا هو مجمل التقسيمات للألفاظ التي ذكرها العلماء في مؤلفاتهم، والإلمام بها بين الأهمية لفهم مراد المتحدث.
1 - انظر: مجموعة الرسائل 3/424، الرسالة التدمرية ص 65، درء التعارض 1/241.
2 -
انظر: مجموعة الرسائل 3/424، الرسالة التدمرية ص65 - 66، درء التعارض 1/241 - 242.
3 -
تعريف المصطلحات وبيان أنواعها.
أولاً: تعريف المصطلح:
أورد الزبيدي1لفظ "اصطلاح" في مادة صلح من كتابه تاج العروس وبيّن أن معناه: "اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص"2.
ومن الاشتقاق: صالحه مصالحةً وصِلاحاً واصطَلَحا واصّالَحا3. فالاصطلاح من اصطلح وترجع إلى معنى الاتفاق والمصالحة على أمر معين.
وقد تحدثت كتب التعريفات عن المصطلح والاصطلاح ومما جاء في بيان معناه:
يقول الجرجاني: "الاصطلاح: إخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر لمناسبة بينهما"4.
وقال أيضاً: "الاصطلاح عبارة عن اتفاق قام على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه الأول"5.وقيل: "الاصطلاح إخراج الشيء عن معنى لغوي إلى معنى آخر لبيان المراد"6.
وهذه التعريفات متقاربة. وقيل: "الاصطلاح اتفاق طائفة على وضع اللفظ بإزاء المعنى"7.
وقيل: "الاصطلاح لفظ معين بين قوم معينين"8.
وقيل: "الاصطلاح اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص"9.
1 - هو محمد بن محمد بن محمد، أبو الفيض، الحسيني، الزبيدي، الملقب بمرتضى، لغوي، نحوي، محدث، أصولي، مؤرخ، أصله من واسط في العراق، ومولده في الهند، ومنشؤه في زبيد باليمن، من مؤلفاته تاج العروس في شرح القاموس، إتحاف السادة المتقين، توفي سنة 1205هجرية. انظر: هدية العارفين 2/347، معجم المؤلفين 11/282، الأعلام 7/297.
2 -
تاج العروس 6/551.
3 -
انظر: لسان العرب 2/517، القاموس ص293، تاج العروس 6/549.
4 -
التعريفات ص 50، وانظر: كشاف اصطلاحات الفنون ص 822.
5 -
التعريفات ص 50.
6 -
المرجع السابق ص 50، وانظر: الكليات ص 129.
7 -
التعريفات ص 50.
8 -
المرجع السابق ص50.
9 -
تاج العروس 6/551.
ويلاحظ أن التعريفات الثلاثة الأولى تجعل المصطلح ما أخرج من معناه اللغوي إلى معنى آخر. أما التعريفات الأخيرة فلا تذكر ذلك بل تجعل المصطلح اتفاق طائفة على وضع لفظ معين لمعنى، وهذا أعم من التعريفات الأولى، وهو أولى؛ لأن المصطلح ليس بالضرورة أن يكون مخرجاً من معنى لآخر، بل ربما يكون موضوعاً لهذا المعنى فقط، كما أن من خصائص المصطلح هو اتفاق جماعة من المختصين عليه، وهو ما أكدته التعريفات السابقة، وعلى هذا جاءت بعض تعريفات المعاصرين للمصطلح، ومنها قول أحد الباحثين المعاصرين:
"المصطلح كلمة - مفردة أو مركبة –تدل على معان كثيرة، متجانسة ومتكاملة فيما بينها، إذا أطلقت دلت تلقائياً على مكوناتها المعرفية، أو الفنية، بحسب حقول العلم والأدب والفكر التي تنتسب إليها. ومن خصائص هذا الاطلاق: الاتفاق بين كل أو جل المختصين في حقل المصطلح المعني، فالمصطلح ذو طبيعة جماعية"1.
ومما جاء في المعاجم المتأخرة أن "الاصطلاح لفظ، أو شيء، اتفقت طائفة مخصوصة على وضعه"2.
ويعرف الدكتور بكر أبو زيد الاصطلاح بأنه: "اللفظ المختار للدلالة على شيء معلوم ليتميز به عما سواه"3.
وينقص هذا التعريف الإشارة إلى اتفاق جماعة على اختيار ذلك اللفظ للمعنى. هذا بالنسبة للاصطلاحات اللفظية، أما المصطلح عموما فيمكن أن يقال في تعريفه: أنه لفظ أو رمز اختاره طائفة مخصوصة للدلالة على شيء معلوم ليتميز به عما سواه.
وينبغي الإشارة إلى أن هذه الألفاظ الاصطلاحية منها" ما لا تثبت دلالته على وتيرة واحدة، بل يعتريها الاستبدال والسعة والضيق، بحيث تتسع مدلولاتها أو تضيق وتختص بمعنى ما، لكن هذا التغير في نطاق مقاييس اللغة والشرع، وهذا التطور أيضا في الألفاظ المتلقاة
1 - تطور مصطلح التخييل في نظرية النقد الأدبي عند السجلماسي للدكتور علال الغازي ص285، بحث ضمن مجلة كلية الآداب، فاس.
2 -
المعجم العربي الأساسي ص 744.
3 -
فقه النوازل للدكتور بكر أبو زيد 1/123.
بنص من الشارع غير وارد، ولهذا حصل التفريق في ألقابها فيقال فيما ورد به نص "حقيقته الشرعية" ولا يقال "حقيقته الاصطلاحية" والله أعلم1.
ثانياً: الفرق بين المصطلح واللفظ:
بعد تعريف المصطلح واللفظ يتضح الفرق بينهما، فإن بينهما عموم وخصوص، فكل مصطلح لفظي هو لفظ، وليس كل لفظ هو مصطلح، فاللفظ أعم والمصطلح أخص.
1 - فقه النوازل 1/124.
ثالثاً: بيان أنواع المصطلحات:
تتنوع المصطلحات بتنوع الفن الذي تندرج فيه تلك المصطلحات، فنجد أن هناك مصطلحات فقهية، ومصطلحات حديثية، ومصطلحات في التاريخ، ومصطلحات في الأدب، ومصطلحات في علم البلاغة، ومصطلحات فلسفية، ومصطلحات في الطب، ومصطلحات في الهندسة، ومصطلحات حربية، ومصطلحات في الكيمياء، والفيزياء، والقانون، وعلم الحيوان، وعلم النبات، وعلم الرياضيات، وهناك مصطلحات سياسية، ومصطلحات اقتصادية، وجغرافية، وجيولوجية، وغيرها من العلوم فلكل فن مصطلحات تعارف عليها أصحاب ذلك الفن.
كما تتنوع المصطلحات بتنوع المذهب العقدي الذي تنتمي إليه تلك المصطلحات فهناك مصطلحات كلامية، ومصطلحات صوفية، ومصطلحات للشيعة الإمامية، ومصطلحات فلسفية.
وهناك من قسم المصطلحات إلى:
"أولاً: مصطلح الرمز بالحرف، كما هو لدى المحدثين في ألفاظ التصحيح والتضعيف، والعزو والتخريج، ومن قبلهم لدى علماء الجبر والكيمياء والهندسة ونحوها.
ثانياً: مصطلح الأرقام لدى من ذكر في النوع قبله ولدى المؤرخين والأخباريين في حروف أبي جاد.
ثالثاً: المواضعات اللفظية صناعة: مفردة كلفظ الصلاة والزكاة ونحوهما، أو مركبة مثل بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم"1.
ويضاف قسم رابع: وهو الرمز بالشكل والرسم كما هو لدى علماء الرياضيات.
هذه أنواع المصطلحات بإيجاز، وأهمية الإلمام بها ظاهرة، لكي لا نحمل المصطلح على غير مراد واضعيه.
1 - فقه النوازل 1/142.
4 -
الموسوعات العلمية: أهميتها وبيان أنواعها.
أولاً: أهمية الموسوعات العلمية:
تطلق الموسوعة، أو دائرة المعارف، أو المَعْلَمة، على المؤلف الشامل لجميع معلومات علم أو أكثر، معروضة من خلال عناوين متعارف عليها، بترتيب معين، لا يحتاج معه إلى خبرة وممارسة، مكتوبة بأسلوب مبسط1.
وتتبين لنا أهمية الموسوعة العلمية من وجوه عدة منها:
أولاً: أنها تحوي أطراف الفن الواحد المنثورة في مئات الكتب بين دفتي كتاب واحد، وإن تعددت أجزاؤه.
ثانياً: تسهل الموسوعة على المختصين وغيرهم الرجوع لمعرفة ما يريدون من مصطلحات وألفاظ في أقل وقت.
ثالثاً: الموسوعات تعتبر مفاتيح العلوم لأنها تحوي المصطلحات المهمة في كل فن.
رابعاً: العمل الموسوعي مرآة فكر الأمة وهو "مرحلة لاحقة لنضج فكرها، واتساع معارفها، واكتمال لغتها"2.
1 - انظر: الموسوعة الفقهية إعداد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، المقدمة 1/53.
2 -
مقدمة الموسوعة العربية العالمية 1/15، بقلم د. راشد المبارك.
ثانياً: أنواع الموسوعات:
تنقسم الموسوعات العلمية إلى قسمين1:
"1" موسوعات عامة تجمع المصطلحات المستخدمة في كافة العلوم أو في أكثر هذه العلوم دون تمييز.
"2" موسوعات خاصة يفرد كل منها لمصطلحات علم واحد، أو مجموعة قليلة من علوم متقاربة. وتتنوع هذه الموسوعات بتنوع العلم الذي تفرد فيه.
1 -
الموسوعات العامة:
من أمثلة الموسوعات العامة في المصطلح العلمي ما يلي:
1 -
مفاتيح العلوم: لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب الخوارزمي المتوفى عام 387هـ2، وقد جمع فيه مصطلحات الفقه وأصوله، والكلام، والنحو، والكتابة، والإدارة، والشعر، والعروض، والأخبار، والفلسفة، والمنطق، والطب، والعدد، والهندسة، والنجوم، والموسيقى، والحيل والكيمياء.
2 -
التعريفات، لأبي الحسن علي بن محمد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي المتوفى عام 816هـ3، وهو كتاب شامل للمصطلحات الكلامية والفلسفية واللغوية والفقهية والأصولية، ومصطلحات علم الحديث ومصطلحات الصوفية مع التعريف ببعض الفرق والمذاهب، وهو مرتب على حروف الهجاء دون رد الكلمات إلى أصولها اللغوية.
3 -
التوقيف على مهمات التعاريف، لعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بنزين العابدين، الحدادي، المناوي، القاهري، الشافعي، المتوفى عام 1031هـ4. وهو كتاب شامل لمصطلحات أصول الدين والتصوف والمنطق وعلوم اللغة وعلوم القرآن والحديث والطب وغيرها، وهو مرتب على حروف الهجاء دون رد الكلمات إلى أصولها اللغوية.
1 - انظر: مقدمة المبين للآمدي ص11، تقديم د. حسن محمود الشافعي.
2 -
انظر: كشف الظنون 2/1756.
3 -
سبق التعريف به ص34 من البحث.
4 -
انظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي 2/412 - 416.
ومثل هذه الكتب كتاب الكليات، لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفوي الحنفي، المتوفى عام 1094 هـ1، وكشاف اصطلاحات العلوم والفنون لمحمد بن علي بن القاضي محمد حامد بن محمد صابر الفاروقي الحنفي الهندي التهانوي المتوفى عام 1191هـ2، وجامع العلوم في اصطلاحات الفنون الملقب "دستور العلماء" للقاضي عبد النبي بن عبد الرسول بن أبي محمد الكجراتي الأحمد نكري الهندي المتوفى عام 1130هـ3.
2 -
الموسوعات الخاصة:
وهي التي تكون متخصصة في فن واحد ومن أمثلتها:
- الحدود والرسوم لابن سينا.
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني.
- اصطلاحات الصوفية لكمال الدين عبد الرزاق القاشاني.
- المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي.
- تعريفات ابن عرفة المالكي في الفقه وأصوله.
- الموسوعة الفقهية التي اعتنت بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
- موسوعة المصطلحات الاقتصادية.
- معجم العلوم الطبية تأليف محمد شرف4.
ومن الموسوعات التي صدرت حديثا على سبيل المثال؛ موسوعة مصطلحات الفلسفة عند العرب للدكتور جيرار جهامي، وموسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي، وموسوعة مصطلحات الإمام فخر الدين الرازي وكلاهما للدكتور سميح دغيم.
1 - انظر: معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 3/31.
2 -
انظر: الأعلام للزركلي 6/295.
3 -
انظر: مقدمة موسوعة مصطلحات جامع العلوم، تقديم د. رفيق العجم.
4 -
انظر للمزيد من الأمثلة من المعاجم المختلفة "دليل الباحث الناشيء في المصطلح" إعداد معهد الدراسات المصطلحية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس، المغرب.