الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكهانة
1 -
معنى الكهانة في اللغة:
الكاهن معروف كَهَنَ له يَكْهُنُ كِهَانة1، وتَكَهن تَكُهنا، قضى له بالغيب، والكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار. والكاهن أيضاً في كلام العرب الذي يقوم بأمر الرجل، ويسعى في حاجته، والقيام بأسبابه وأمر حُزانته. والعرب تسمي كل من يتعاطى علماً دقيقاً كاهناً، ومنهم من كان يسمي المنجم، والطبيب، كاهناً2.
2 -
معنى الكهانة في الشرع:
ورد في القرآن الكريم قوله - تعالى -: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} [الطور - 29]، وورد في السنة قوله صلى الله عليه وسلم:"من أتى عرافاً، أو كاهناً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد"3.
وفي معنى الكاهن يقول إبراهيم الحربي4 رحمه الله: "الكاهن الذي يخبر بما يكون برأيه وظنه"5.
وقال الخطابي رحمه الله: "الكاهِنُ هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن"6.
1 - انظر: العين 3/379، الصحاح 6/2191.
2 -
انظر: لسان العرب13/262 - 263، القاموس ص1585.
3 -
أخرجه أحمد 2/429، والبيهقي 8/135، والحاكم 1/8 وقال: صحيح على شرطهما جميعا، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/1031، ح 5939.
4 -
هو الشيخ الإمام الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحربي صاحب التصانيف، توفي سنة خمس وثمانين ومئتين وكانت جنازته مشهودة. انظر: سير أعلام النبلاء 13/356 - 370.
5 -
غريب الحديث للحربي 2/594.
6 -
معالم السنن للخطابي 4/211، وانظر: المفردات للراغب ص728.
وقال ابن الأثير: "الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار"1. وقال ابن قدامة: "الكاهن الذي له رئي من الجن تأتيه بالأخبار"2.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في معنى الكهانة أنها: "الإخبار ببعض الغائبات عن الجن"3.
وقال ابن حجر رحمه الله: "والكهانة بفتح الكاف ويجوز كسرها، ادعاء علم الغيب، كالإخبار بما سيقع في الأرض، مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه استراق الجن السمع من كلام الملائكة، فيلقيه في أذن الكاهن. والكاهن لفظ يطلق على العراف، والذي يضرب بالحصى، والمنجم، ويطلق على من يقوم بأمر آخر، ويسعى في قضاء حوائجه"4.
ويقول القاضي عياض رحمه الله مبيناً أنواع الكهانة: "كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب أحدها: يكون للإنسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه من السماء، وهذا القسم باطل من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض، وما خفي عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده..
الثالث: المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله - تعالى - فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفته بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك بالزجر، والطرق، والنجوم، وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة، وقد أكذبهم الشرع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم والله أعلم "5. والطرق الذي هو من أضرب الكهانة هو الضرب بالحصا، وقيل هو الخط في الرمل6.
1 - النهاية4/214.
2 -
المغني 12/305، وانظر: الكافي 4/166، الإنصاف للمرداوي 10/351.
3 -
النبوات ص 13، المطبعة السلفية.
4 -
فتح الباري10/227.
5 -
شرح النووي على صحيح مسلم 14/223، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني 7/368.
6 -
انظر: النهاية لابن الأثير 3/121، سنن أبي داود 4/16، العين 5/98، لسان العرب 10/215.
فالكاهن إذاً لفظ عام، يدخل فيه كل من يدعي علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن في مستقبل الزمان، من طريق الجن أو غيرهم، ويدخل في ذلك العراف، والمنجم، والذي يضرب بالحصى أو يخط في الأرض، وقد يختص العراف بمن يدعي معرفة الأمور الماضية، والكاهن من يدعي علم الغيب من حيث معرفة الكوائن في مستقبل الزمان.
3 -
حكم الكهانة:
سبق ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً أو كاهناً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" 1، وهذا الحديث يبين بجلاء حكم الكهانة وأنها محرمة، فإذا كان قد أطلق الكفر على من يأتي الكاهن ويصدقه، فالكاهن نفسه أولى بذلك الحكم. وقد اختلف الفقهاء في الكاهن، والعراف، هل يلحقون بالسحرة الذين يقتلون أم يعزرون فقط، على قولين: أحدهما أنه لا يكفر بذلك، ولا يقتل بل يعزر، وهو الصحيح من المذهب - كما يقول ابن قدامة -، والوجه الثاني أن حكمهم حكم السحرة الذين يقتلون2.
1 - انظر تخريجه ص428من البحث.
2 -
انظر في حكم الكاهن: المغني 9/35 - 37، الفروع 6/168، الإنصاف10/351 - 352، حاشية ابن عابدين 4/240.