الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستسقاء بالأنواء
1 -
معنى الاستسقاء بالأنواء في اللغة:
أ - معنى الاستسقاء في اللغة:
قال الخليل بن أحمد: "السقيا اسم السقي، والسقاء القربة للماء واللبن، والسقاية الموضع يتخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها.. والاستقاء الأخذ من النهر والبئر"1.
وقال الجوهري: "وسقاه الله الغيث وأسقاه..السقي على فعيل السحابة العظيمة القطر، الشديدة الوقع"2. فالاستسقاء في اللغة طلب السقيا.
ب - معنى الأنواء في اللغة:
قال الخليل بن أحمد: "النوء مهموز من أنواء النجوم، وذلك إذا سقط نجم بالغداة فغاب مع طلوع الفجر، وطلع في حياله نجم في تلك الساعة، على رأس أربعة عشر منزلاً من منازل القمر، سمي بذلك السقوط والطلوع نوءاً من أنواء المطر والحر والبرد، وذلك من قولك ناء ينوء.. والشيء إذا مال إلى السقوط، تقول ناء ينوء نوءاً، بوزن ناع، وإذا نهض في تثاقل يقال ناء ينوء به نوءاً إذا أطاقه"3.
وقال الجوهري: "قال أبو عبيد: ولم نسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها، وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مطرنا بنوء كذا. والجمع أنواء ونوآن أيضاً"4.
فالنوء يطلق على النجم وعلى السقوط والنهوض في تثاقل.
والاستسقاء بالأنواء في اللغة يعني طلب أو نسبة السقيا إلى النجوم بسقوطها وطلوعها.
1 - العين 5/189 - 190، وانظر: معجم مقاييس اللغة 3/84 - 85.
2 -
الصحاح 6/2379، وانظر: معجم مقاييس اللغة 3/84 - 85.
3 -
العين 8/391، وانظر: الصحاح 1/78 - 79، لسان العرب1/175 - 176.
4 -
الصحاح 1/79.
2 -
معنى الاستسقاء بالأنواء في الشرع:
لفظ الاستسقاء بالأنواء بهذا التركيب لم يرد في كتاب الله، ولكن ورد في السنة لفظ الاستسقاء بالنجوم، والاستسقاء بالأنواء، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن، الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" 1، كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال:"خلال من خلال الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة - ونسي الثالثة - قال سفيان: ويقولون إنها الاستسقاء بالأنواء"2.
قال في تيسير العزيز الحميد في معنى الاستسقاء بالأنواء: "والمراد نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء جمع نوء وهي منازل القمر"3.
فالاستسقاء بالأنواء هو نسبة السقيا ومجيء المطر إلى أنواء النجوم، وذلك إذا سقط نجم بالغداة فغاب مع طلوع الفجر، وطلع في حياله نجم في تلك الساعة، على رأس أربعة عشر منزلاً من منازل القمر4.
3 -
حكم الاستسقاء بالأنواء:
الاستسقاء بالأنواء، وهو الاستسقاء بالنجوم، نوعان:
أحدهما: أن يعتقد أن المنزل للمطر هو النجم، فهذا كفر ظاهر، إذ لا خالق إلا الله، وما كان المشركون هكذا، بل كانوا يعلمون أن الله هو المنزل للمطر، كما قال - تعالى -:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت - 63] ، وليس هذا معنى الحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا لا يزال في أمته، ومن اعتقد أن النجم ينزل المطر فهو كافر.
1 - أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب التشديد في النياحة 2/644، ح 934.
2 -
أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب القسامة في الجاهلية 3/54، ح 3850.
3 -
تيسير العزيز الحميد ص457، 459 - 460.
4 -
انظر: العين 8/391، الصحاح 1/79، اللسان 1/175 - 176، التمهيد 16/287.
الثاني: أن ينسب إنزال المطر إلى النجم مع اعتقاده أن الله - تعالى - هو الفاعل لذلك المنزل له، إلا أنه سبحانه وتعالى أجرى العادة بوجود المطر عند ظهور ذلك النجم، وفيه خلاف في مذهب الإمام أحمد في تحريمه وكراهته، وصرح أصحاب الشافعي بجوازه، والصحيح أنه محرم لأنه من الشرك الخفي، وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه من أمر الجاهلية، ونفاه، وأبطله، وهو الذي كان يزعم المشركون، ولم يزل موجوداً في هذه الأمة إلى اليوم1.
ويدل على ذلك ما ورد في الصحيحين عن زيد بن خالد قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"2. وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين، ينزل الله الغيث فيقولون: الكوكب كذا وكذا"، وفي رواية: "بكوكب كذا وكذا" 3.
1 - انظر: التمهيد لابن عبد البر 16/286، تيسير العزيز الحميد ص460، شرح النووي على صحيح مسلم 2/60 - 62.
2 -
سبق تخريجه ص150.
3 -
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 1/84، ح 72.