الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحكام والإتقان
1 -
معنى الإحكام والإتقان في اللغة:
قال الخليل: "الحكمة مرجعها إلى العدل والعلم والحلم، ويقال أحكمته التجارب، إذا كان حكيماً، وأحكم فلان عني كذا، أي منعه.. وكل شيء منعته من الفساد فقد حكَمته، وحكَّمته وأحكمته"1.
وقال ابن فارس: "الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو المنع. وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم. وسميت حكمة الدابة لأنها تمنعها، يقال حكمت الدابة وأحكمتها. ويقال حكمت السفيه، وأحكمته، إذا أخذت على يديه"2.
وقال الجوهري: "والحكم أيضا الحكمة من العلم. والحكيم العالم، وصاحب الحكمة، والحكيم المتقن للأمور..وأحكمت الشيء فاستحكم، أي صار محكماً"3، والإتقان في اللغة - كما قال الخليل - الإحكام4، وفي اللسان:"وأتقن الشيء أحكمه، وإتقانه إحكامه، والإتقان الإحكام للأشياء"5.
2 -
معنى الإحكام والإتقان في الشرع:
فالإحكام والإتقان معناهما واحد، وهو ضبط الشيء ومنع وقوع الفساد والخلل فيه. وقد ورد الفعل من لفظ الإحكام، والإتقان، في كتاب الله - تعالى - ومن ذلك قوله - تعالى -:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود - 1] وقوله - سبحانه -: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل - 88] . وهو بمعناها في اللغة.
1 - العين 3/67.
2 -
معجم مقاييس اللغة 2/91.
3 -
الصحاح 5/1901.
4 -
انظر: العين 5/129.
5 -
لسان العرب 13/73.
3 -
معنى هذا الدليل في الاصطلاح:
من الآيات الواضحة التي جعلها الله عز وجل دليلاً لعباده على معرفة وحدانيته، انتظام صنعته، وبدائع حكمته في خلق السماوات والأرض، وما أحكم فيها، وخلق الإنسان، والأرواح، وما ركب فيها، قال - تعالى -:{مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور} [الملك - 3]1.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "أفعاله المحكمة المتقنة دلت على علمه، وهذا مما وقع الاتفاق عليه من هؤلاء، فإنهم يسلمون أن الإحكام والإتقان يدل على علم الفاعل، وهذا أمر ضروري عندهم وعند غيرهم، وهو من أعظم الأدلة العقلية التي يجب ثبوت مدلولها، والإحكام والإتقان إنما هو أن يضع كل شيء في محله المناسب، لتحصل به الحكمة المقصودة منه..وحكمة الرب في جميع المخلوقات باهرة، قد بهرت العقلاء، واعترف بها جميع الطوائف، والفلاسفة من أعظم الناس إثباتاً لها، وهم يثبتون العناية والحكمة الغائية، وإن كان فيهم من قصر في أمر الإرادة والعلم، وكذلك المتكلمون كلهم متفقون على إثبات الحكمة في مخلوقاته، وإن كانوا في الإرادة وفعله لغاية متنازعين"2.
ويقول الرازي في شرح هذا الدليل: "وهي الاستدلال بما في العالم من الإحكام والإتقان على علم الفاعل، والذي يدل على علم الفاعل هو بالدلالة على ذاته أولى"3.
فإتقان الخلق وإحكامه من أعظم الأدلة على وجود الله، يتفق في هذا الدليل أهل السنة والفلاسفة والمتكلمون، وهو يدل على علم الفاعل وحكمته، والفلاسفة والمتكلمون يلزمهم الإقرار بثبوت ذلك لله من غير تقصير في مدلول العلم والحكمة، لأنه من لوازم هذا الدليل.
1 - انظر: كتاب التوحيد لابن منده 1/97.
2 -
النبوات ص376 - 377، وانظر: الصواعق المرسلة 4/1567 - 1574، شفاء العليل ص233.
3 -
نقله ابن تيمية في درء التعارض 3/87، وانظر: المطالب العالية 1/233.