الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّزق
1 -
معنى الرَّزق في اللغة:
قال ابن فارس: "الراء والزاء والقاف، أصيل واحد، يدل على عطاء لوقت، ثم يحمل عليه غير الموقوت، فالرزق عطاء الله - جل ثناؤه -، ويقال رزقه الله رَزْقاً، والاسم الرِّزْق، والرِّزْق بلغة أزد شنوءة الشكر، من قوله - جل ثناؤه -: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة - 82] "1.
والرِّزق: ما ينتفع به، والجمع الأرزاق، والرَّزق العطاء2. قال الخليل:"رَزَق الله يرزق العباد، رِزْقاً اعتمدوا عليه، وهو الاسم أخرج على المصدر، وقيل: رَزْق"3.
فالرَّزق بفتح الراء هو المصدر الحقيقي، والرِّزق الاسم، ويجوز أن يوضع موضع المصدر4.
فالرَّزق هو المصدر الذي يقع موقع الصفة، والرِّزق هو اسم المفعول ويجوز أن يوضع موضع المصدر، ومدار لفظ الرزق في اللغة على العطاء أو ماينتفع به.
1 - معجم مقاييس اللغة 2/388.
2 -
انظر: لسان العرب 10/115، القاموس المحيط 1144.
3 -
العين 5/89.
4 -
انظر: لسان العرب 10/115.
2 -
معنى الرزق في الشرع:
ورد لفظ الرزق كثيراً في كتاب الله، كما ورد الفعل منه بتصريفاته، ومنها قوله - تعالى -:{كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} [البقرة - 60]، وقوله:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [فاطر - 3] .
كما ورد لفظ الرزق في السنة المطهرة، وورد الفعل منه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، إنه يشرك به، ويجعل له الولد، ثم هو يعافيهم، ويرزقهم"1.
ومعنى الرزق في الكتاب والسنة هو بمعناه الوارد في اللغة، يقول الحافظ أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة:"وإن الله يرزق كل حي مخلوق، رزق الغذاء الذي به قوام الحياة، وهو ما يضمن الله لمن أبقاه من خلقه، وهو الذي رزقه من حلال أو حرام"2.
ويقول الإمام أبو حنيفة رحمه الله في بيانه لصفات الله: "وأما الفعلية؛ فالتخليق، والترزيق، والإنشاء.."3.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك كونه خالقاً، ورازقاً، ومحسناً، وعادلاً، فإن هذه أفعال فعلها بمشيئته وقدرته"4.
وقال ابن القيم رحمه الله في النونية:
وكذلك الرزاق من أسمائه
…
والرزق من أفعاله نوعان
رزق على يد عبده ورسوله
…
نوعان أيضا ذان معروفان
رزق القلوب العلم والإيمان
…
والرزق المعد لهذه الأبدان
هذا هو الرزق الحلال وربنا
…
رزاقه والفضل للمنان
والثاني سوق القوت للأعضاء فـ
…
ـي تلك المجاري سوقه بوزان
1 - أخرجه مسلم في كتاب القيامة وصفة الجنة والنار، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل 4/2160، ح 2804. وبنحوه البخاري في الأدب، باب الصبر على الأذى 4/109 - 110، ح 6099، وفي كتاب التوحيد باب قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات - 58] 4/379، ح 7378.
2 -
كتاب اعتقاد أهل السنة ص 52.
3 -
شرح الفقه الأكبر ص35.
4 -
مجموع الفتاوى 6/229.
هذا يكون من الحلال كما
…
يكون من الحرام كلاهما رزقان
والله رازقه بهذا الاعتبار
…
وليس بالإطلاق دون بيان1
ولفظ الرزق يقع على الصفة التي هي المصدر، كما يقع على متعلقها الذي هو مسمى المفعول، وهو الشيء المرزوق، كلفظ الخلق يقع تارة على الفعل، وعلى المخلوق أخرى2.
والرزق من حيث اسم المفعول فيه إجمال: فقد يراد بلفظ الرزق ماينتفع به الحيوان، وإن لم يكن هناك إباحة، ولا تمليك، فيدخل فيه الحرام، كما في قوله - تعالى -:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود - 6] .
وقد يراد بالرزق ما أباحه الله أو ملكه، فلا يدخل الحرام في مسمى هذا الرزق، كما في قوله - تعالى -:{وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً} [النحل - 75] وأمثال ذلك.
والعبد قد يأكل الحلال والحرام فهو رزق بالاعتبار الأول، لا بالاعتبار الثاني، وما اكتسبه ولم ينتفع به، هو رزق بالاعتبار الثاني دون الأول. ولأجل هذا الإجمال في لفظ الرزق، منع الأئمة من إطلاق ذلك نفياً وإثباتاً3.
فالرزق الذي هو المصدر صفة فعلية من صفات الرب - سبحانه -، قائمة بذاته، متعلقة بقدرته ومشيئته، وهي إعطاء الله - تعالى - خلقه ما ينتفعون به.
1 - الكافية الشافية 2/234.
2 -
انظر: مجموعة الرسائل 5/322.
3 -
انظر: المرجع السابق 5/326، مجموع الفتاوى 8/541، وانظر أيضا: لوائح الأنوار 1/335 - 336، الحجة في بيان المحجة 1/137.
3 -
معنى الرزق عند المتكلمين:
قال الجويني في بيان معنى الرازق: "خالق الرزق، ومبدع الإمتاع به "1، وفي الأسماء والصفات للبيهقي:"ومعناه - أي الرازق - المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواما إلا به، والمنعم عليهم بإيصال حاجاتهم من ذلك إليهم "2.
وقال الراغب:" والرزاق يقال لخالق الرزق ومعطيه، والمسبب له، وهو الله - تعالى -"3، وهو من الصفات الفعلية عند المتكلمين، يقول ابن بطال4:"فالرزق فعل من أفعاله - تعالى - فهو من صفات فعله، لأن رازقاً يقتضي مرزوقاً، والله سبحانه وتعالى كان ولا مرزوق، وكل مالم يكن ثم كان فهو محدث، والله - سبحانه - موصوف بأنه الرازق، ووصف نفسه بذلك قبل خلق الخلق؛ بمعنى أنه سيرزق إذا خلق المرزوقين"5. فالأشاعرة يجعلون الرزق مخلوقاً منفصلاً غير قائم بذات الرب.
ويقول ملا علي قاري: "وأما الترزيق فهو إحداث رزق الشيء، وجعله قوتاً له"6. والماتريدية كما سبق يحيلون جميع الأفعال إلى صفة التكوين.
وما سبق أن ذكرته من مواقف المتكلمين في لفظ الإحياء، والإماتة، ينطبق على لفظ الرزق أيضاً، لأنه من الصفات الفعلية، وقد سبق أن بينت موقف المتكلمين من صفات الفعل، وذكرت الرد عليهم7.
وأما لفظ الرزق من حيث هو مفعول، فقد خالف في ذلك المعتزلة حيث قالوا: إن الحرام ليس برزق8. ومما يرد به هذا القول أن لفظ الرزق، من حيث اسم المفعول فيه إجمال، فقد يراد بلفظ الرزق ما أباحه الله أو ملكه، فلا يدخل الحرام في مسمى هذا
1 - الإرشاد ص149.
2 -
الأسماء والصفات ص87.
3 -
المفردات للراغب ص351، وانظر: بصائر ذوي التمييز 3/67، الكليات ص473.
4 -
ابن بطال شارح صحيح البخاري، العلامة أبو الحسن علي بن خلف بن بطال البكري، القرطبي، ثم البلنسي، ويعرف بابن اللجام، كان من أهل العلم والمعرفة عني بالحديث العناية التامة شرح الصحيح في عدة أسفار، توفي سنة تسع وأربعين وأربع مئة. انظر: سير أعلام النبلاء 18/47، تذكرة الحفاظ 3/112.
5 -
فتح الباري 13/373.
6 -
شرح الفقه الأكبر ص35.
7 -
انظر الرد ص149 - 152 من البحث.
8 -
انظر: شرح الأصول الخمسة ص784، المغني 11/27، لوائح الأنوار 1/335.
الرزق كما في قوله - تعالى -: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً} [النحل - 75] وأمثال ذلك، وقد يراد بالرزق ما ينتفع به الحيوان، وإن لم يكن هناك إباحة ولا تمليك فيدخل فيه الحرام، كما في قوله - تعالى -:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود - 6]1.
1 - انظر: مجموعة الرسائل 5/326، مجموع الفتاوى 8/541، لوائح الأنوار 1/335 - 336.