الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العارف
1 -
معنى العارف في اللغة:
قال الأزهري: "عرف يعرف عرفاناً ومعرفة، وأمر عارف معروف عريف. قلت: لم أسمع أمر عارف أي معروف لغير الليث، والذي حصلناه للأئمة: رجل عارف أي صبور، قال أبو عبيد وغيره: يقال نزلت به مصيبة فوجد صبوراً عارفاً..ونفس عروف صبور إذا حُمِلت على أمر احتملته..والعرف والعارفة والمعروف واحد، وهو كل ما تعرفه النفس من الخير، وتَبْسأ به، وتطمئن إليه"1. ورجل عروفة بالأمور أي عارف بها، والهاء للمبالغة2. والعرفان العلم3.
2 -
معنى العارف في اصطلاح الصوفية:
جاء في معجم الكلمات الصوفية: "العارف هو من أشهده الله ذاته، وصفاته، وأسماءه، وأفعاله، فالمعرفة حال تحدث من شهوده"4.
وفي الكليات: "والعارف هو المستغرق في معرفة الله، ومحبته"5.
ومنهم من يفرق بين المعرفة والعلم فيقول:" المعرفة ما شاهدته حساً، والعلم ما شاهدته خبراً، أي بخبر الأنبياء عليهم السلام"6.
وبناء على قول الصوفية وأهل الوحدة بالفناء، صار العارف عندهم "الفاني عن حظوظه
1 - تهذيب اللغة 2/344.
2 -
انظر: الصحاح 4/1402، معجم مقاييس اللغة 4/282.
3 -
انظر: لسان العرب 9/236، وانظر البحث ص227.
4 -
معجم الكلمات الصوفية ص55، وانظر: المعجم الصوفي ص167.
5 -
الكليات ص490.
6 -
كشاف اصطلاحات الفنون 2/996.
في شهود قيوميته، لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة"1.
وقد آل بهم استغراقهم في توحيد الربوبية، والوقوف عند المشيئة العامة الشاملة إلى اطراح الأسباب، حتى قال قائلهم: العارف لايعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً؛ لاستبصاره بسر الله في القدر2.
3 -
موقف أهل السنة من لفظ العارف:
لم يرد العارف بهذا اللفظ في كتاب الله، وورد الفعل عرف بتصريفاته وبعض اشتقاقاته، نحو قوله - تعالى -:{وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد - 30]، وقوله - تعالى -:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة - 146] ، وورد الفعل عرف بتصريفاته في السنة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"تطعم الطعام، وتقرأ السلام، على من عرفت، وعلى من لم تعرف"3. واختار الله لنفسه لفظ العلم، ولم يصف نفسه بالمعرفة. وليس للفظ العارف مكانة دينية، أو أهمية خاصة، بل الذي يتردد عند أهل السنة هو لفظ العلم والعالم.
والصوفية يرجحون لفظ العارف على العالم، وكثير منهم - كما يقول ابن القيم4 - لا يرفع بالعلم رأساً، ويعده قاطعاً وحجاباً دون المعرفة. وهذا باطل، فالله عز وجل امتدح أهل العلم، في أكثر من آية، ومنه قوله:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر - 9] ، والآيات والأحاديث في فضل العلم والعلماء كثيرة، ليس هذا محل التفصيل فيها.
وأما العارف في اصطلاح الصوفية فهو في الحقيقة ضلال وانحراف، إذ ليس بعارف من آل به الأمر إلى ترك الأسباب، وعدم التمييز بين المعروف والمنكر، والحق والباطل، بل هو خروج عن العلم والدين.
1 - الاستغاثة 1/355.
2 -
انظر: طريق الهجرتين ص495.
3 -
أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان باب السلام للمعرفة وغير المعرفة 5/2302، ح 5882.
4 -
انظر: المدارج 3/335.