الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزندقة
1 -
معنى الزندقة في اللغة:
قال الخليل: "الزنديق ألاّ يؤمن بالآخرة وبالربوبية"1.
وقال الجوهري:" الزنديق من الثنوية، وهو معرب، والجمع الزنادقة، والهاء عوض من الياء المحذوفة، وأصله الزناديق، وقد تزندق والاسم الزندقة"2.
وفي لسان العرب: "الزنديق القائل ببقاء الدهر، فارسي معرب، وهو بالفارسية زند كراي، يقول بدوام بقاء الدهر، والزندقة الضيق وقيل الزنديق منه لأنه ضيق على نفسه"3.
فلفظ الزندقة إذاً فارسي معرب، وهو يعني إنكار الربوبية، والقول ببقاء الدهر.
2 -
معنى الزندقة في الاصطلاح:
لفظ الزندقة لا يوجد في القرآن، كما لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لفظ أعجمي معرب أخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام، وعرب، وقد تكلم به السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك، فأما الزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر، فالمراد به عندهم المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر4، وإن كان مع ذلك يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن، وسواء كان في باطنه يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أو وثنياً، وسواء كان معطلاً للصانع وللنبوة أو للنبوة فقط أو لنبوة نبينا فقط، فهذا زنديق وهو منافق5.
1 - العين 5/255.
2 -
الصحاح 4/1489.
3 -
لسان العرب10/147.
4 -
انظر: المغني لابن قدامة 2/266، الكافي لابن قدامة 4/159، المبدع لابن مفلح 6/235، الإنصاف للمرداوي 7/352، كشاف القناع للبهوتي 6/177.
5 -
انظر: بغية المرتاد - 339 - 338، الاستغاثة 2/688.
وسئل مالك رحمه الله عن الزندقة فقال: ما كان عليه المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إظهار الإيمان وكتمان الكفر هو الزندقة عندنا اليوم1.
وذكر الخوارزمي في مفاتيح العلوم أن الزنادقة هم المانوية، وكانت المزدكية يسمون بذلك، ومزدك هو الذي ظهر في أيام قباذ، وكان قاضي قضاة المجوس، وزعم أن الأموال والحرم مشتركة، وأظهر كتاباً سماه زند، وهو كتاب المجوس الذي جاء به زرادشت، الذي يزعمون أنه نبيهم، فنسب أصحاب مزدك إلى زند، فقيل زندي، وأعربت الكلمة فقيل للواحد زنديق، وللجماعة زنادقة2.
وقيل: "الزنديق هو الذي لا يتمسك بشريعة، ويقول بدوام الدهر"3.
ويقسم الغزالي الزندقة إلى قسمين:
زندقة مطلقة: وهو أن ينكر أصل المعاد عقلياً وحسياً وينكر الصانع للعالم أصلاً.
زندقة مقيدة: وهي إثبات المعاد بنوع عقلي مع نفي الآلام واللذات الحسية، وإثبات الصانع مع نفي علمه بتفاصيل الأمور. فهي زندقة مقيدة بنوع اعتراف بصدق الأنبياء.
واستدل على هذا التقسيم بحديث موضوع وهو "ستفترق أمتي نيفاً وسبعين فرقة كلهم في الجنة إلا الزنادقة"4.وجعل الزندقة المقيدة هي معنى زنادقة هذه الأمة5.
قال شيخ الإسلام: "أما هذا الحديث فلا أصل له، بل هو موضوع كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ولم يروه أحد من أهل الحديث المعروفين بهذا اللفظ"6.
وتقسيمه المذكور غير صحيح، والتحقيق أن أصل الزنادقة هم من الفرس الثنوية، وظهر الإسلام والزنديق يطلق على من يعتقد ذلك، وأظهر جماعة منهم الإسلام خشية القتل،
1 - انظر: التمهيد لابن عبد البر 10/154، الموطأ 2/736.
2 -
انظر: مفاتيح العلوم ص56.
3 -
المصباح المنير1/256.
4 -
ذكره ابن الجوزي في كتابه الموضوعات1/267 - 268.وقال هذا الحديث لا يصح عن رسول الله. أما الحديث الصحيح فهو في سنن أبي داود كتاب السنة باب شرح السنة4/197، ح 4596، والترمذي في الإيمان باب ما جاء في افتراق هذه الأمة 5/25، ح 2640وابن ماجة في باب افتراق الأمم 2/1321، ح 3991.
5 -
انظر: بغية المرتاد ص336.
6 -
المرجع السابق ص337.
ومن ثم أطلق الاسم على كل من أسر الكفر وأظهر الإسلام، حتى قال مالك: الزندقة ما كان عليه المنافقون، وكذا أطلق جماعة من الفقهاء الشافعية وغيرهم أن الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر1.
فلفظ الزنديق في الاصطلاح يعني المنافق الذي يبطن الكفر، ويظهر الإسلام.
1 - انظر: فتح الباري 12/270 - 271.