الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثنوية
1 -
معنى الثنوية في اللغة:
قال الخليل: "ثنَّيْتُ الشيء تثنية جعلته اثنين، وثَنَى رجله عن دابته ضم ساقه إلى فخذه فنزل عن دابته، وثنيّت الرجل فأنا ثانيه، وأنت أحد الرجلين لا يتكلم به إلا كذلك.. لا يقال ثنيت فلاناً أي صرت ثانيه كراهية الالتباس، وتقول صرت له ثانياً، أو معه ثانياً"1.
والثني ضم واحد إلى واحد، وكذا التثنية2. فالتثنية هي ضم واحد لآخر ليكونا اثنين.
وقد ورد في كتاب الله لفظ اثنين واثنتين واثنان ونحوها قال - تعالى -: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة - 40] . وورد في السنة مثل ذلك ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان"3.
2 -
معنى الثنوية في الاصطلاح:
الثنوية من المجوس قالوا بإلهين اثنين هما النور والظلمة، وقالوا بأزلية النور واختلفوا في أزلية الظلمة، يقول شيخ الإسلام في تعريف هذه الفرقة:"الثنوية من المجوس ونحوهم يقولون إن العالم صادر عن أصلين؛ النور والظلمة، والنور عندهم هو إله الخير المحمود، والظلمة هي الإله الشرير المذموم"4.
وقال في تفصيل قولهم: "وأما المجوس الثنوية فهم أشهر الناس قولاً بإلهين، لكن القوم متفقون على أن الإله الخير المحمود هو النور الفاعل للخيرات، وأما الظلمة التي هي فاعل الشرور فلهم
1 - العين 8/242، وانظر: الصحاح 6/2295، لسان العرب14/115.
2 -
انظر: المغرب ص70.
3 -
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان 3/1342؛ 1717وبنحوه البخاري في كتاب الأحكام، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان 6/2616، ح 6739.
4 -
الجواب الصحيح 1/351، وانظر: مجموع الفتاوى 3/97.
فيها قولان: أحدهما: أنه محدث حدث عن فكرة رديئة من النور، وعلى هذا فتكون الظلمة مفعولاً للنور. لكنهم جهال أرادوا تنزيه الرب عن فعل شر معين فجعلوه فاعلاً لأصل الشر، ووصفوه بالفكرة الرديئة التي هي من أعظم النقائص، وجعلوها سبباً لحدوث أصل الشر. والقول الآخر قولهم إن الظلمة قديمة كالنور، فهؤلاء أثبتوا قديمين، لكن لم يجعلوهما متماثلين ولا مشتركين في الفعل، بل يمدحون أحدهما ويذمون الآخر"1.
ويرى جماعة من النظار كالباقلاني، والجويني، والقاضي عبد الجبار، والشهرستاني، وابن الجوزي؛ أن الثنوية تختلف عن المجوس، لقول الثنوية بقدم الأصلين النور والظلمة، وقول المجوس بقدم النور وحدوث الظلمة. يقول الشهرستاني:"الثنوية هؤلاء هم أصحاب الاثنين الأزليين، يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، بخلاف المجوس فإنهم قالوا بحدوث الظلام، وذكروا سبب حدوثه"2.
ويقول ابن الجوزي: "الثنوية وهم قوم قالوا صانع العالم اثنان؛ ففاعل الخير نور، وفاعل الشر ظلمة، وهما قديمان لم يزالا ولن يزالا قويين، حساسين، سميعين، بصيرين، وهما مختلفان في النفس والصورة، متضادان في الفعل والتدبير"3.
وقد افترقت الثنوية إلى عدة فرق ذكر بعضها الرازي حيث يقول: "الثنوية وهم أربع فرق الفرقة الأولى: المانوية أتباع ماني..قال إن للعالم أصلين نور وظلمة وكلاهما قديمان.
الثانية: الديصانية وهم يقولون بالنور والظلمة أيضاً، والفرق بينهم وبين المانوية أنهم يقولون: إن النور والظلمة حيان والديصانية يقولون إن النور حي والظلمة ميتة.
الثالثة: المرقونية وهم يثبتون متوسطاً بين النور والظلمة، ويسمون ذلك المتوسط المعدل.
الرابعة: المزدكية أتباع مزدك بن نامدان ادعى النبوة وأظهر دين الإباحة"4.
1 - درء التعارض 9/346.
2 -
الملل والنحل 1/244، وانظر: التمهيد ص68، الشامل للجويني ص118، المغني للقاضي عبد الجبار 5/10، تلبيس إبليس ص59.
3 -
تلبيس إبليس ص59.
4 -
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص104 - 107، وانظر: الملل والنحل 1/244 - 254.
واعتقاد الثنوية بوجود إلهين للعالم مذهب ظاهر الفساد، ترفضه الفطرة والعقل الصحيح، ولا يستحق صرف الوقت في نقضه. يقول القاضي عبد الجبار:"اعلم أن كثيراً من المذاهب يستغنى بذكر تفصيله عن التشاغل بذكر نقضه وإفساده؛ لتناقضه في نفسه وكونه غير مبني على الأدلة والحجاج وعلى أصول مقررة، ولكون كثير منه غير معقول، ومذاهب الثنوية من هذا القبيل "1.
1 - المغني للقاضي عبد الجبار 5/9، وانظر في الرد على الثنوية التمهيد للباقلاني ص68 - 75، الشامل ص129 - 130.