الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرابعة: تجنب الألفاظ المجملة، والتفصيل فيها
.
1 -
صورة القاعدة:
أن أهل السنة والجماعة يمنعون إطلاق العبارات المحدثة، المجملة، المتشابهة، نفياً وإثباتاً، فلا يثبتون اللفظ ولا ينفونه إلا بعد الاستفسار والتفصيل، فإذا تبين المعنى أثبت حقه، ونفي باطله1. فيوقف اللفظ ويفسر المعنى2.
2 -
فقه القاعدة:
لما كان أهل السنة يحرصون على الألفاظ الشرعية في مسائل العقيدة، جاءت ألفاظهم خالية من الإيهام والإجمال، ولما بدأ المبتدعة يظهرون ألفاظاً مشتبهة يلتبس فيها الحق بالباطل بسبب ما فيها من الإجمال، كان موقف أهل السنة حازماً جداً، حيث امتنعوا عن إطلاق تلك الألفاظ نفياً وإثباتاً، إلا بعد الاستفسار والتفصيل، لكي يثبت المعنى الحق وينفى المعنى الباطل، يقول شيخ الإسلام رحمه الله:"ولهذا يوجد كثيراً في كلام السلف والأئمة النهي عن إطلاق موارد النزاع بالنفي والإثبات، وليس ذلك لخلو النقيضين عن الحق، ولا قصور أو تقصير في بيان الحق، ولكن لأن تلك العبارة من الألفاظ المجملة، المتشابهة، المشتملة على حق وباطل، ففي إثباتها إثبات حق وباطل، وفي نفيها نفي حق وباطل، فيمنعمن كلا الإطلاقين"1.
ويقول رحمه الله: "وما تنازع فيه الأمة من الألفاظ المجملة كلفظ المتحيز والجهة والجسم والجوهر والعرض وأمثال ذلك، فليس على أحد أن يقبل مسمى اسم من هذه الأسماء، لا في النفي ولا في الإثبات، حتى يتبين له معناه، فإن كان المتكلم بذلك أراد معنى صحيحاً، موافقاً لقول المعصوم كان ما أراده حقاً، وإن كان أراد به معنى مخالفاً لقول المعصوم كان ما أراده باطلاً.
1 - انظر: درء التعارض 1/76.
2 -
انظر: التدمرية ص 65، 66.
1 -
درء التعارض 1/76.
ثم يبقى النظر في إطلاق ذلك اللفظ ونفيه، وهي مسألة فقهية، فقد يكون المعنى صحيحاً ويمتنع من إطلاق اللفظ لما فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعاً ولكن المعنى الذي أراده المتكلم باطل"1.
وهذه قاعدة متبعة عند سلف الأمة، قال شيخ الإسلام رحمه الله:"والمقصود هنا أن أئمة السنة كأحمد بن حنبل وغيره، كانوا إذا ذكر لهم أهل البدع الألفاظ المجملة كلفظ الجسم والجوهر والحيز ونحوها؛ لم يوافقوهم لا على إطلاق الإثبات، ولا على إطلاق النفي"1، ويقول عن نفسه:"وما يذكر من الألفاظ المجملة فإني أبينه وأفصله"2.
وهذه الألفاظ المجملة التي تلبس على الناس في عقيدتهم، كانت سبب ذم السلف لعلم الكلام، إذ لم يذموه لمجرد الاصطلاحات المولدة فيه، بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه الألفاظ والعبارات فيها من الباطل المذموم في الأدلة والأحكام ما يجب النهي عنه، فهي مشتملة على معانٍ مجملة في النفي والإثبات4. وهذا يؤدي إلى الالتباس وعدم بيان الحق، فأكثر اختلاف الناس سببه هذه الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهة.
1 - درء التعارض 1/296 - 297، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1/100.
1 -
بيان تلبيس الجهمية 1/522 وانظر 1/22، 47، 54 من المرجع نفسه.
2 -
التسعينية ضمن الفتاوى الكبرى 5/26.
4 -
انظر: درء التعارض 1/44، 232.